لماذا الهجوم على الأمازيغ؟ 

بقلم: فريد العتيقي

إن الإجابة على سؤال (لماذا الهجوم على الأمازيغ؟)، يفرض علينا، ان نوضح ولو قليلاً من يكونون الأمازيغ!؟ سؤال ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ عليه ﺣﺘﻰ ﻧﻔﻬﻢ حقيقة الهجوم على الأمازيغ، ﻭﺣﺘﻰ ﻧﻔﻬﻢ كذلك ﻛﻴﻒ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﻭﺗﻐﻴﻴﺐ الأمازيغ عن ﺣﻀﺎﺭتهم ﻭﺛﻘﺎفتهم ،وتنسيبها لإنفسهم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ “ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﻴﻦ” لشمال افريقيا، ﻭﻣﺨﺮﺟﻲ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻼﻝ إلى النور.

لذا فالأمازيغ عزيزي القارئ هم اناس عاشوا ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﻮﻃﻨﻬﻢ الأصلي، حيث ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻱ ﺷﻌﺐ ﺳﻜﻦ هذه الرقعة الجغرافية قبلهم، ﻭﻣﻊ غزو الإسلام السياسي لشمال إفريقيا، تم تعريب مجموعة من ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻎ، بإستثناء ﺃﻣﺎﺯﻳﻎ ﺟﺰﺭ ﺍﻟﻜﻨﺎﺭﻱ الذين ارتبطوا بإسبانيا ،وأمازيغ أزواد الذين حاولوا الحفاظ على لغتهم وثقافتهم الأم، ومن هذا المنطلق فالهجوم على الأمازيغ فهو هجوم تاريخي بدأ بالغزو العروبي ﻟﻤﺼﺮ ﻋﺎﻡ 641 ﻡ، ﺛﻢ ﺑﺮﻗﺔ ﻋﺎﻡ 669 ﻡ، ﺛﻢ لطرابلس ﻭﻓﺰﺍﻥ.. إلا أن ﻣﺮﺣﻠﺔ الهجوم المنظم ﺑﺪﺃ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻻﻃﻠﺴﻲ ﻏﺮﺑﺎ، ﺛﻢ ﺗﺒﻌﻪ ﺣﺴﺎﻥ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺛﻢ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ، ﻭﺍﻻﺧﻴﺮﺍﻥ ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﺍﺳﺘﻜﻤﻼ الهجوم على ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻻﻧﺪﻟﺲ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ هذا الهجوم بطرق وأشكال مختلفة (ماديا/رمزيا) إلى أن ﺟﺎﺀ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺗﺸﻜﻠﺖ ﺑﻌﺪﻫﺎ الأنظمة العروبية على أرض الأمازيغ ﺑﻤﺴﻤﺎﻫﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻟﻜﻦ ﻇﻠﺖ الأمازيغية صامدة ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ ﻭﻟﻢ ﺗﻨﻔﻊ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ احتوائها بالرغم من سياسات ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺿﺪ الأمازيغ ﻭﺗﻬﻤﻴﺸﻬﻢ ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻭﻫﻮﻳﺘﻬﻢ.

وهنا لابد أن نفهم لماذا الهجوم على الأمازيغ في القرن الواحد والعشرين؟ بكل بساطة بكون قضيتهم أي ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ولدت كرد ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ المتبني ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺩﻭﻝ “الإحتقلال” ﻓﻲ تمازغا، ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻗﺎﻡ الأمازيغ بنهج سياسة لإبراز وفرض ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﻬﻢ الثقافية ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻋﺒﺮ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻭﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ بتأسيس حركة ثقافية بالجامعات، والجمعيات والمنظمات بالشارع السياسي، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻨﻬﺎ “ﺧﻠﻖ ﻭﻋﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﺄﺯﻣﺔ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ”، وبغض النظر عن المرجعيات والأسس الفكرية التي اعتمدها الأمازيغ في وضع خضاب سياسي امازيغي ،جعلت من هذا الأخير يتميز بنوع من العلمية والعقلانية ينتقد ويكسر جل الأطروحات العروبية السائدة بشمال افريقيا، حيث ﺷﻜﻠﺖ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ الحقيقية ﻟﺐ اسبداد الأنظمة المخزنية و العسكرية من جهة ﻭﻫﺪﻑ الإسلام السياسي ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻭﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ من جهة أخرى، ﻣﻤﺎ ﻳﻔﺮﺽ على الأنظمة العروبية مواجهة امتداد الخطاب الأمازيغي بطريقة مباشرة كمحاولة احتواء القضية الأمازيغية وتشويهها ،اعتقال مناضلي القضية، تجاهل مطالب الحركة الأمازيغية… وبطريقة غير مباشرة بإختراق وصنع تيارات سياسية ودفعها لمواجهة (حرب بالوكالة) كل من يحمل الخطاب الأمازيغي أو له علاقة بالأمازيغية وخصوصا في الجامعات، لهذا على عاتق الأمازيغ وهنا اقصد الإنسان الحامل للخطاب الأمازيغي ﻭﺿﻊ ﺣﻠﻮﻝ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻭﻧﺎﺟﻌﺔ لتجاوز وتجنب الوقوع في الحروب بالوكالة التي تضعها الأنظمة العروبية لتكسير الأمازيغية، وليس مجرد ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﺴﻜﻨﺎﺕ ﻗﺪ ﺗﺨﻤﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ التفكير في استراتيجيات جديدة ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ، ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮﺩ نشر بيانات وﺭﻓﻊ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ و ﻭﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺳﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻂ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في دول المجاورة، لإعطاء الهوية الأمازيغية ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ القوانين الدولية من خلال ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ اللغوي والحق في ﺗﺪﺭﻳﺲ تاريخ الأمازيغ ﻭﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻬﻢ.

كما ان الهجوم على ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻳﺠﺐ ﺍﻥ ﻻ يجعلنا ﻧﺘﻮﻗﻒ عنده ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﻘﻤﻮﻋﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﻮﺩ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ الحاكمة ﻭالتي ﺍﺗﺨﺬت ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﻗﻤﻌﺖ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ تمازغا ﻭﺻﺒﻐﺖ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺑﻬﻮﻳﺔ ﺍﻗﺼﺎﺋﻴﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻭﺍﻟﺘﻼﻗﺢ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ، فمجتماتنا الأمازيغية ﺷﺄنها ﺷﺄﻥ ﻛﻞ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﻣﻌﺒﺮ ﻟﻐﺎﺕ ﻭﺛﻘﺎﻓﺎﺕ ﺷﻬﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ الثقافي ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻱ كالأكراد ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ، وﺍﻷﻓﺎﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻣﺼﺮ.. وما علينا ان نفهمه كأمازيغ ويفهمه من يهجم علينا أن ﺃﺧﻄﺮ ﺍﻟﻜﻮﺍﺭﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻭ ﺗﺼﻮﺭ ﻓﻜﺮﻱ ﻋﺒﺮ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻲ، ﺃﻱ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻠﻞ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻥ نبني نظرتنا للقضايا التي تهمنا، ﻭﺃﻥ ﻧﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻨﻴﺎﺕ إلى ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻬﻮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ، ﻟﻨﺼﻨﻊ ﺍﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻣﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻐﺪ.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *