أخبار عاجلة

لماذا لا يطلع وزير العدل بمهامه؟ على هامش احتجاج القضاة ببذلهم

بقلم: عبدالله الشرقاوي

في الوقت الذي يرى فيه نادى قضاة المغرب أنه لا يوجد مانع لاحتجاج القضاة ببدلهم الرسمية حتى في الشارع العام وفق ما يجري في أرقى الديمقراطيات، توعد وزير العدل والحريات المصطفى الرميد الذين يمسون بحرمة القضاء، معتبراً أن الأمر بدعة وفتنة وتدنيسا وسلوكا مشينا.

وأكد الوزير، عن سؤال بشأن مطالب القضاة، أن الأمر يتعلق ب “تسخينات انتخابية، لأن من لا يرفع صوته قد يضيع، مما يؤدي إلى إصدار تعابير راديكالية وبيانات ساخنة” . وعقب نادي القضاة، في وقفته الاحتجاجية التي نقلت إلى المركب الاجتماعي للقضاة بعد قرار منعها أمام وزارة العدل والحريات أن القراءة القانونية لوزارة العدل بخصوص الاحتجاج بالبدل الرسمية وفي الشارع العام خاطئة، وأن وزير العدل استغل نفوذه، ويريد أن يجر القضاة إلى مهاترات سياسيوية… كما دخلت على هذا الخط الودادية الحسنية للقضاة التي كانت ضد الاحتجاج بالبدل وفي الشارع العام، مما جعل رئيس نادي القضاة بالمغرب يعتبر أنها أخلفت الموعد مع التاريخ والمستقبل وكانت أداة لوزير العدل، داعيا زملاءه في الوداية إلى الانضمام إليهمكما يحتمل أن جمعية مهنية للقضاة تكون قد ذهبت في منحى الوداديةوالأسئلة المطروحة الآن هي:

هل احتجاج القضاة ببدلهم الرسمية مسألة قانونية ومشروعة، أم هي خارج الشرعية والمشروعية؟ لماذا التجأ وزير العدل والحريات لزميله في الداخلية لمنع الوقفة الاحتجاجية التي كان قضاة النادي يعتزمون القيام بها ببدلهم الرسمية أمام وزارة العدل بالرباط يوم 8 فبراير 2014؟ لماذا تم »تجييش« وعسكرة محيط وزارة العدل وأغلب منافذ الولوج لوسط المدينة إلى درجة عرقلة حركة السير وطرح علامات استفهام وكأننا في بلد عكس الصورة التي يتم تسويقه بها؟ وهذا مؤسف، لكون صورة الحصار تذكرنا بسنوات خلت غير مأسوف عليها كان حزب العدالة والتنمية لم يولد آنذاك؟ هل لهذه الدرجة كانت الجهة المعنية بقرار المنع تزعجها وقفة القضاة ببدلهم في الشارع العام، أم هي مسألة تحدي، أم شيء آخر لا نستطيع فهمه؟ هل قرار المنع هذا يهم الوقفة الاحتجاجية، أم التظاهرة؟ وما هي الآثار القانونية عن عدم قانونية قرار وزارة الداخلية الذي لم يحترم حتى الآجال القانونية للتَّبليغ؟ وأخيرا نوجه أسئلة حكراً إلى وزير العدل من قبيل:

لماذا قرار المنع وليس ترتيب الآثار القانونية عن خرق المقتضيات التي احتججتم بها في ندوتكم الصحفية ليوم الأربعاء الماضي؟ ألا يمكن اعتبار أن القضاة اكتسبوا “حق الوقفة الاحتجاجية بالبدل الرسمية”، لأنهم سبقوا أن نضموا وقفة أمام مقر محكمة النقض بالرباط ولم تعيروا اهتماما ، علما أن جوابكم بتدارك الخطإ أمر غير مقنع، حيث لم يسبق لكم أن أثرتم ذلكلماذا أقمتم الدنيا بشأن وقفة احتجاجية بالبدلة الرسمية أمام وزارتكم ولم تحركوا ساكنا مثلا حول ما ورد من اتهامات صريحة في البيان الناري الذي أصدره نادي القضاة على إثر أشغال المجلس الأعلى للقضاء، الذين أنتم نائب رئيسه ووزير للعدل، وهي الصفة التي تحدثم بها في ندوة يوم الأربعاء 5 فبراير 2014 حول الاحتجاج بالبدلة، لأننا نعتبر أن مَا ورد في البيان أهم من وقفة احتجاجية؟ وقد طرحت عليكم هذا السؤال وأكدتم أن البيان فيه كثير من التجاوزات والافتراءات ومغالطات كثيرة، وأنه لا يمكنكم أن تُعقبوا على أكثر من 20 بيانا للناديإن هذا الجواب يمثل نصف الكأس، وأن اعتماد منطق أنكم لا يمكن أن تُعقِّبوا على البيانات والإجابة على الشكايات لكي لا تضيعوا وقتكم وتستنزفوا مجهوداتكم في ما لا ينفع، هو طرح مردود عليه، خاصة من جهة أنكم رئيس النيابة العامة أوكل لكم القانون التَّحري في الوشايات والشكايات ، ومن جهة ثانية ـ وهذا مهم جدا ـ أن عملية الإصلاح ومحاربة مختلف الفساد تنطلق من اجتثاث منابع الشائعات وتحمل كل شخص، وليس فقط مسؤول، كلام ما يقول وأفعال ما يقترف

إنكم السيد الوزير لو أعطيتم تعليماتكم للنيابة العامة مثلا للتحري في الشكايات وفي كل ما يكتب عبر وسائل الإعلام من اتهامات ونشر الغسيل على عموم المواطنين لساهمتم في تأسيس لبنة أساسية من البناء الديمقراطي والمؤسساتي، وهذا مدخل مهم لإصلاح منظومة العدالة الذي تتحدثون عنه السيد الوزيرإن المرحلة تقتضي السيد الوزير، بكل وضوح وموضوعية ودون مزايدات، إما تفعيل القوانين الجاري بها العمل مهما كلف الأمر، وتدبير القطاع بكل شفافية، بناء على مقاربة تشاركية واستراتيجية تواصلية لاطلاع الرأي العام على مراحل الإصلاح العملي، بما في ذلك معرفة الجهة المعرقلة لعدم النهوض بوضعية العدالة، – وهذا دأب جميع الأطراف وليس فقط وزارة العدل – حيث يكون الرأي العام هو الفيصل أمام حالات التوتر والاحتقان التي يعرفها قطاع العدل، أو الإعلان عن الفشل في القيام بالمهمة وأسباب ذلك، علما أنكم في خلافاتكم مع بعض ممثلي المهن القضائية لا ” تريدون وضع النقط على الحروف”، وهذا إشكال تتحملون مسؤوليته، باعتبار موقعكم، بغض النظر عن بعض الحسابات التي ظل وزراء العدل يتحججون بها ليغادروا مناصبهم دون أي إصلاح، رغم ارتفاع الكلفة المادية لعملية الإصلاح في حد ذاته مع مرور الزمن، وما صرف من أموال عامة عن أطنان توصيات الاصلاح بلا فائدة، دون الحديث عن كلفة الإضرابات بقطاع العدل، وما يكلفه الشنآن بين وزارة العدل ومساعدي القضاء من ضياع للأموال العامة وتعطيل لمصالح المتقاضين، بل تأثير ذلك على حرية المعتقلين كحالة تعليق المساعدة القضائيةإن وزير العدل والحريات مطالب بتحديد موقف واضح بشأن ما يعرفه قطاع العدالة، علما أن عملية الإصلاح لا يجب أن تنتظر قدوم نتائج “الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة”، لأن هناك آليات يمكن الاشتغال بها وقوانين يفترض أن تفعل أولا وقبل كل شيء.

اقرأ أيضا

العدالة الدولية وحقوق الإنسان: بين الواقع السياسي والمحاسبة الجنائية في سوريا

منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، دخل النظام السوري في دوامة من التحديات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *