لماذا لم ننجح في القطع مع الماضي؟

صحيح أن الدولة لا تستطيع بحكم طبيعتها فهي لا تؤمن إلا بالتغير وفق ما يضمن الاستمرارية، لكن الأحزاب تؤمن فقط بالتحديث في إطار التكيف الضامن للمصالح والإستقرار، لذلك تراخت في تفعيل الشق السياسي من توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، كتسوية فضلى (أعز ما يطلب) خلال العهد الجديد، والتي كان على الفاعلين السياسيين استثمار ايجابياتها كفرصة سانحة لإرساء ضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، المرتبطة بمطلب دمقرطة التنمية والثروة.

حقا أن للدولة نماذجها التنموية ومقاربتها الخصوصية، وللأحزاب السياسية مسؤولية عظمى في عدم توجيه خيارات الدولة وفق مشروع مجتمعي يتوافق واستراتيجية البناء الدمقراطي للدولة الاجتماعية المنشودة!

عن أي أحزاب نتحدث ونعني؟

طبعا ما هو متوفر وممكن هو التعبيرات الإصلاحية والسلمية والواقعية والتي لا تتجلى إلا في الطبقات الوسطى. فهل المطلب يروم إنعاش هذه الطبقة كضرورة؟

إن الطبقة الوسطى فقدت موقعها الاعتباري بسبب إملاءات المؤسسات المالية الدولية التي نصحت الحكومات بتقليص كتلة الأجور وتقليص الإنفاق الاجتماعي في قطاع التعليم والشغل والصحة، ليكون السؤال هل بالتركيز على التكوين المهني وحده دون تأهيل التعليم العالي، سوف نرد الاعتبار لمطلب الارتقاء الاجتماعي كحق للوطن، حيث لا كفاءات دون تعليم عال عصري و حديث يخرج أطر وكفاءات لفائدة الدولة.

في حين ينتهي دور التكوين المهني في تخريج اليد العاملة المهنية التي يتطلبها سوق الشغل والرأسمال والاستثمار الأجنبي، دون امكانية تعويض الأطر العليا في مهامها المجتمعية والتربوية والعلمية، سواء في القطاع العام أو المهن الحرة (الطب والهندسة والمحاماة) ، كعامل للاستقرار وانتاج الفكر والمبادرات والمساهمة في تدبير الشأن العام؟

من هنا فاذا كان مصير الطبقة الوسطى يهم الأحزاب كحاضنة لها؛ فإن للدولة نماذجها التنموية، وللأحزاب السياسية مسؤولية عظمى في عدم توجيه خيارات الدولة وفق مشروع مجتمعي يتوافق واستراتيجية البناء الدمقراطي لمسؤولية الدولة الاجتماعية، والتي لا يمكن الرهان فيها على النزعة الأريستوقراطية العمالية أو الحقوقية والإعلامية على السواء.

اقرأ أيضا

قراءة وتحليل لقرار مجلس الأمن رقم 2756 حول الصحراء المغربية

قبل أن نبدأ في التفصيل وشرح مقتضيات القرار 2756، يبقى جليا بنا أن نقف على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *