بعد مرور مايقرب من عقد ونصف على ترسيم اللغة الأمازيغية، وبعد ثلاث سنوات من اعتماد مجلس النواب الترجمة الفورية إلى اللغة الأمازيغية، ما يزال نطاق استعمال اللغة الأمازيغية من طرف البرلمانيين،خلال انعقاد الجلسات العامة ضيقا، رغم توفر آليات الترجمة.
الحديث هنا، عن البرلمانيين الناطقين بالأمازيغية الذين يواصلون استخدام العربية الفصحى أو الدارجة المغربية سواء خلال الجلسات العامة المخصصة للأسئلة الشفوية أو داخل اللجان، أو خلال تنظيم أنشطة أخرى مثل الأيام الدراسية أو الندوات والمنتديات.. وهو ما يطرح السؤال حول السبب في امتناع هؤلاء البرلمانيين عن طرح أسئلتهم بلغتهم الأم التي هي الأمازيغية.
قبل اعتماد آليات الترجمة بالبرلمان، ظل بعض النواب البرلمانيين ينتقدون عدم تمكنهم من التحدث بالأمازيغية بفعل غياب الترجمة، وكان البعض منهم يلجأ إلى طرح أسئلتهم بالأمازيغية، للتعبير عن موقفهم الرافض لاستعمال لغة وحيدة داخل القبة، ودعوتهم إلى ضرورة احترام اللغة الدستورية الأخرى التي هي الأمازيغية خلال الجلسات البرلمانية. لكن بعد اعتماد الترجمة بالأمازيغية، يلاحظ أن الكثير من البرلمانيين الناطقين بالأمازيغية يفضلون طرح الأسئلة والتعقيب على أجوبة الوزراء باللغة العربية، وهو أمر غير مفهوم، و يشير إلى نوع من الاستلاب “اللغوي” لدى هؤلاء البرلمانيين. ولاشك أن التعود على استخدام اللغة العربية لسنوات طويلة يعتبر من الأسباب التي تفسر استمرار هؤلاء البرلمانيين في طرح الأسئلة الشفوية باللغة العربية عوض استخدام الأمازيغية أثناء قيامهم بمهامهم الرقابية والتشريعية.
وكان رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، أكد في افتتاج الدورة التشريعية الثانية للبرلمان سنة 2022، أن الترجمة الفورية إلى اللغتين العربية والأمازيغية ستكون في “الجلسات العامة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفوية، والجلسة الشهرية التي يجيب خلالها رئيس الحكومة على أسئلة أعضاء المجلس”.
و وصف العلمي تفعيل خطوة الترجمة الفورية إلى الأمازيغية بـ”اللحظة الوطنية الهامة التي ينبغي تقديرها”، داعيا إلى “مواصلة تفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي ذي الصلة، بكل ما يرمز إليه ذلك في حياتنا الوطنية”.
إن استعمال البرلمانيين الناطقين بالأمازيغية فيه دعم كبير للغة الأمازيغية على مستوى انتشارها والتواصل بها مع الرأي العام الوطني.
يشار إلى أن أول من بادر إلى استعمال الأمازيغية في طرح الأسئلة على الوزراء، كانت هي الفنانة فاطمة تباعمرانت ، وكان ذلك خلال الجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب في 30 أبريل 2012، و التي تم نقلها على القنوات التلفزية العمومية وعبر الإذاعة الوطنية، حيث قامت تبعمرانت بتوجيه سؤال شفوي لوزير التربية الوطنية الراحل محمد الوفا لأول مرة في تاريخ البرلمان باللغة الأمازيغية، مما أثار جدلا واسعا داخل المجلس وحظي بدعم وقبول وإشادة غالبية البرلمانيين.
ولم تتكرر، مع الأسف هذه الواقعة إلا نادرا، بداعي عدم جاهزية البرلمان لتوفير أجهزة الترجمة من الأمازيغية إلى العربية، لكن بعدما صار ذلك ممكنا لم يعد أمام البرلمانيين الناطقين بالأمازيغية من مبرر للاستمرار في استعمال اللغة العربية وتهميش الأمازيغية.