صدر للكاتب والباحث الجزائري، سليم سوهالي، كتاب جديد يحمل عنوان (لمحة حول الثقافة والفنون الغنائية الأمازيغية: الأوراس، ورقلة والقبائل) عن دار (أنزار للنشر والتوزيع)، يمثل عصارة عمل وبحث استمر سنوات طويلة؛ بهدف المساهمة في إعادة تأثيث تراثنا، وتثمين ثقافتنا الشعبية الناطقة بالأمازيغية.
وفي هذا السياق، قال الباحث سليم سوهالي لـ “المساء الجزائرية”، إن البحث في الفنون الغنائية يتطلب منا معرفة جيدة بالتاريخ والأحداث والظروف التي تحيط بالموضوع، ويتطلب أيضا استعمال القدرات الحديثة لكشف وإبراز تراث غني مدفون تحت ركام خلّفته أسباب سياسية وثقافية واجتماعية. وأضاف أن فقدان ما تبقّى من فنون الأمازيغية، أضحى شيئا وشيكا، مما يستلزم منا المبادرة والشروع في رسم طريق نحو إنقاذ ما بقي من معالم التراث الأمازيغي على وجه العموم، والذي تمتد جذوره عبر أزمنة غابرة، هذا التراث الذي يستحق نفض الغبار عنه وإعطاءه مكانته اللائقة، وتحفيز كل الباحثين للخوض في هذا الميدان الثري.
واختار الأستاذ في بحثه هذا، منطقة الأوراس والقبائل وورقلة، مشيرا إلى أن القارئ الكريم سيلاحظ أن الجانب التاريخي طغى على هذا البحث، بغرض وضع متصفح هذا الكتاب في صورة عن الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي لسكان هذه المناطق عبر مختلف الفترات من تاريخنا؛ فكل تلك الأوضاع أثرت، بشكل مباشر وغير مباشر، على الإنتاج الفني وممارسته في الحياة اليومية.
وأضاف أن بعد لمحة تاريخية عن بلاد تامزغا في كل الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية وعلاقة ذلك بالقوى المحيطة والتأثيرات المتبادلة بين الشعوب آنذاك، تم التركيز على الجزائر، وبالأخص المناطق الكبرى كالأوراس والقبائل وورقلة.
وبالمقابل، خُصص حيز أكبر من الاهتمام بالأغنية الأمازيغية بهذه المناطق إبان الفترة القديمة؛ إذ كانت الأقل تدوينا والمهددة بالاندثار، فتم التطرق لمميزاتها وخصائصها وعناصر أدائها والعوامل المؤثرة فيها، بدون إغفال ميدان الشعر المتداول بكل أشكاله في تلك الفترة، وبتسليط الضوء على نصوص وأنواع الغناء، يضيف المتحدث.
وفي الأخير، قال سوهالي في حواره مع “المساء” إنه يتمنى أن يكون هذا العمل بمثابة لبنة أخرى تضاف إلى العدد القليل من الدراسات الفنية التي تمت في هذا المجال، رغم ما تستحقه ثقافتنا من إسهاب كبير، وغوص عميق في عوالم هذا الإرث الحضاري، الذي حق لنا أن نفخر ونتشبث به بكل قوانا لنحافظ على روح هذا الشعب المتجذر في هذه الأرض. “ولأن سلاح المثقف والكاتب في وجه النسيان واللامبالاة هو الكتابة والتدوين، آمل أن تكون هذه الدراسة منحت حياة جديدة للكثير من الفنون المنقرضة من حياتنا، وأعادت لها النبض مجددا”.