ليبيا: شبح فوضى التقسيم والحدود والسيادة

بقلم: ابراهيم ن موسى

اثناء مشاركتي في لقاء القاهرة، ديسمبر 2016، التي جمع أكثر من 30 من الساسة والفعاليات الليبية، بضيافة الحكومة المصرية ورعاية سيادة الفريق محمود حجازي ومعالي وزير الخارجية سامح شكري لتناول وبحث والمساعدة وتسهيل حل عقدة وانسداد الاتفاق السياسي الليبي،

– وشعوراً واحساساً بالمسئولية، كانت لي في اللقاء مداخلة محورها وملخصها: ان هناك احاديث وتخوفات لدى بعض الليبيين، من احتمال وجود اطماع مصرية في ليبيا، سببها بعض الأحاديث الإعلامية.
– وكان ان تدخل سيادة الفريق محمود حجازي موضحا ومؤكدًا عدم صحة ذلك، وان مصر يهمها وحريصة على سيادة ليبيا ووحدة ليبيا واستقرارها وأمنها، وان مصر وليبيا ترابطهما اواصر اخوية وجوارية متينة ومتجذرة- (الحديث ليس حرفياً لانه من الذاكرة، مع حفظ المعنى.)

لاننا كلنا نتابع موجعين وقلقين الاحداث الجسيمة التي تمر بها منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط، والتي لم تبتدئ من احداث الربيع الجارف 2011، بل تصعّدت منذ ذلك. فالعراق وسوريا واليمن عاشت وتعيش هجمة الارهاب والحرب المرافقة. ففي العراق اقليم كردستان يقترح استفتاء حول الاستقلال في سبتمبر من هذه السنة. وفِي اليمن برز تيار يدعو لعودة اليمن الجنوبي الذي كان اتحد مع شمال اليمن في 1990. واحداث الحرب في سوريا وتعدد الاطراف الدولية المتدخلة ومناطق نفوذها تقول ان سوريا الجديدة لن تكون كما كانت قبيل الاحداث في 2011، والحرب والمفاوضات المتواصلة ستحدد المستقبل ضمن مستقبل كل المنطقة الغير معروف تضاريسها النهائية إلى الان، والتي لن تكون كما نعرفها اليوم.

وبكل احترام لمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الاخرى، بل فقط استدلالاً واسترشاداً، في المدة الاخيرة برزت للإعلام مسألة جزيرتي تيران وصنافير بين مصر والسعودية، والتي توضح تعقيدات المسائل الحدودية.

التمهيد السابق، وفِي ضو الحالة الليبية المعروفة، ومن ضمنها تشتت الوحدة السياسية (ليس وحدة الوطن ولا وحدة الدولة ولا وحدة السيادة)، فهناك بعض الأسئلة الافتراضية او الاستباقية او المعرفية، منها:

  • هل وحدة ليبيا معرضة للانقسام او الانفصال؟
  • هل كل حدود ليبيا المعروفة متفق ومعترف بها دولياً ومع دول الجوار؟
  • هل هناك مطالب من دول الجوار باعادة ترسيم والاتفاق على خطوط حدود جديدة؟
  • هل خريطة ليبيا الموروثة من فترة الإستعمار الايطالي، فالادراتين البريطانية والفرنسية، والاستقلال، والمرحلة الملكية، فالحقبة القذافية محددة الخطوط بصورة حاسمة وغير مثيرة للجدل السياسي والقانوني.

جزء من التساؤلات يعود لخلفية مسألة قطاع “اوزو” والذي كان سيكون ليبياً ضمن الاتفاقية الايطالية الفرنسية، ولكن اندلاع الحرب العالمية الثانية وعدم مصادقة برلماني إيطاليا وفرنسا، جعل محكمة العدل الدولية بعد 60 سنة تحكم بتبعية القطاع لتشاد، بعد مواجهات وحرب خلال سبيعنيات وثمانينيات القرن الماضي.

الخرائط ما قبل الفترة الاستعمارية، اي خلال الحكم العثماني وما قبله، عندما كانت “ليبيا” تابعة لإمبراطوريات خارجية، وقبل سيادة مفهوم الدولة القومية في المنطقة، الخرائط يوجد بها تغييرات وتختلف عن الخطوط الحدودية المعروفة اليوم والموروثة عن الاستعمار، والمعترف بها من الامم المتحدة ودول العالم.

ولكن قد تبرز مطالب بالنظر لوجود وانتشار قبائل متوزعة بين حدود الدول، وقد تطالب او تسعى بعض القبائل باعادة توحيد وجودها او حتى في نوع من الكيان الذاتي. لان بعضها امتلكت مساحات وتمتلك السلاح في جنوبنا.

التخوف- في رأيّ مصدره الجنوب الليبي، بالنظر الى قلة عدد السكان لدرجة الفراغ السكاني، وزحف الهجرات والاستيطان لدرجة الاخلال الديمغرافي، والمدفوع بالنزاعات الاهلية والجفاف والعوز لتتجه جماعةً وجموعاً شمالاً، ويزيد من حدية وخطورة الامر بعض التسريبات والاختبارات بشأن امكانية واحتمالية توطين المهجرين في ليبيا.

اننا في مرحلة سؤال وجودي نؤجله تعامياً وتغافلاً مقابل كسب مساحات نفوذ متبخرة من بعض مدننا المتسابقة وقبائلنا المتنافسة واعياننا التقليديين ونخبنا الروتينية. وهذا يقودنا إلى أهمية التعاون الواضح مع دول الجوار الشمالية والجنوبية لارتباطنا المصيري المشترك في اطار القانون والعلاقات والمصالح الدولية.

الشأن ليبي ليبي، تعايشاً وتخاصماً، محبةً وتنافراً، ولن يجدي استسهال إلقاء اللوم والتهم على غيرنا، حين نعجز، قصوراً او عمداً، عن معرفة وتقصي مصالحنا. كما يجب علينا ان نطمئن جيراننا ومحيطنا بان لا تكون ارضنا قاعدة للارهاب وحاضنة للتطرف ومصدراً للمشاكل وملجأ للإجرام. لان الاستقرار شأن من أولويات الدول وعلاقاتها، ولا توجد دول تسمح بزعزعة استقرارها الداخلي من جوارها.

حفظ الله الليبيين وليبيا، وكل دول وشعوب المنطقة، وكل الناس. وارجو ان يكون التناول موضوعياً وطنياً يراعي حساسية الامر ووطنيته.

..و”يما” في السياسة من مفاجأت يحترس منها مهرة الساسة الوطنيين..

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *