بحلول 9 يناير من كل سنة نستحضر فاجعة رحيل أحد أعمدة الفن الأمازيغي والثقافة الأمازيغية بشكل عام، إنه المناضل والفنان المبدع ومايسترو فرقة صاغرو باند ومؤسسها الفقيد مبارك أولعربي والمعروف اختصارا عند محبيه بـ “نبا”.
رحل “نبا” بعد مرض عضال ألزمه الفراش ولم ينفع معه العلاج فأجهز عليه في شهور معدودة بعد تنقله بين المستشفى العسكري وابن سينا بالرباط، وسبب موته مازال لغزا محيرا لأقربائه وأصدقائه ومعجبيه في المغرب وخارجه كيف لا وشهرته تجاوزت الحدود في وقت قياسي جدا، دون أن أنسى كلمته الشهيرة وهو على فراش الموت “من يريد موتي بهذه الطريقة؟؟؟؟؟ السؤال محير فعلا.
غنى المرحوم مبارك أولعربي ومعه مجموعة “صاغرو باند” للحرية، والبطالة، وهمومه الشعب، كما غنى للحب، وللعدالة. اقترنت أغاني المجموعة بهموم الإنسان التي تجسد، في أبهى صورها، وضعية الإنسان البسيط المقهور المغلوب على أمره بفعل الظلم والإستبداد الذي يعاني منه. كما تتبدى، من خلال أغانيه، إرادة هذا الإنسان وعزمه الذي لا يقهر من أجل الدفاع عن حقوقه ونضاله ضد الظلم والإستبداد،
انخرط “نبا” في كل هذه الهموم من خلال الكلمة الملتزمة واللحن الهادف سواء في الدفاع عن القضية الأمازيغية أو عن القضايا الإنسانية بشكل عام، حيث تنوعت أغانيه وحاولت ملامسة مواضيع مختلفة إذ غنى للحرية، والبطالة، والحب، وهموم الشعب دون أن ينسى قضيته الأولى ألا وهي الأمازيغية، التي رضع من ثدييها معنى الحرية والكرامة،
مبارك اولعربي (نبا) في سطور ..
ولد نبا أو مبارك اولعربي سنة 1982 بقرية “أمّلّعب” بإمتغرن إقليم الراشيدية، أو إغرم ن السوق سابقا، ودرس بنفس البلدة تم بمدينة الراشيدية وانتقل بعدها إلى جامعة مكناس حيث حصل على الإجازة في العلوم السياسة سنة 2003 وبعدها إجازة ثانية في الدراسات الفرنسية سنة 2006. ويعتبر “نبا” فنانا متعدد المواهب، حيث أنه يعزف على القيثارة والساكسوفون والعود والناي، كما أنه فنان تشكيلي يتقن فن “البورتريه” ورسم الطبيعة، بالإضافة لقرضه الشعر بكل من الأمازيغية والفرنسية والإنجليزية.
إسم مجموعة “صاغرو باند” ..
“صاغرو باند”، اسم جبل الشموخ والمقاومة جبل صاغرو الذي يعتبر آخر معاقل المقاومة بالمغرب وهذا هو الإسم الذي اختاره لمجموعته كما اختارت مجموعة “نبا” الأغنية الملتزمة كوسيلة لأداء رسالتها الفنية وأداة لخلخلة تلك النظرات الإحتقارية البائدة المتخلفة التي تختزل التراث الأمازيغي في البهرجة والفلكلرة.
إصدارات المجموعة ..
أصدرت صاغرو باند ألبومها الأول سنة 2006 المعنون بـ”موحى” وتضمن 6 أغاني، وشاركت في عدة مهرجانات محلية ووطنية سنة 2008، ثم أصدرت ألبومها الثاني “تيليللي” (الحرية) وهو الألبوم الذي أوصل “نبا” إلى العالمية حيت شارك في عدة مهرجانات دولية، وفي سنة 2009 أصدر ألبومه الثالث “أوْسي إ تالا” (ساعدني على البكاء) وضم 8 أغاني أبرزها وأشهرها -رسالة إلى أوباما- على منوال رسالة معطوب لونيس للرئيس الجزائري “سيدي الرئيس”. بعد ذلك وفي سنة 2010 أصدر ألبومه الرابع “نو بورْدور لايْنْزْ” (بلا حدود)، وتضمن أغاني أمازيغية وإنجليزية من أهمها – نْكْراتاغ سْ تْكْراوْلا – (هيا بنا إلى الثورة).
حاز “نبا” في نفس السنة على جائزة أحسن مغني أمازيغي. وفي يوليوز 2010 شارك في مهرجان دولي بسويسرا، وبعد رجوعه بأيام دخل إلى المستشفى بشكل مفاجئ تم تدهورت صحته تدريجيا، ليستيقظ عشاقه ومحبوه بشكل مفاجئ على فاجعة موته يوم 9 يناير 2011. دفن “نبا” بمسقط رأسه وهو لم يتجاوز بعد سن 28 من عمره،
سئل مبارك ذات يوم عن ماذا يريد أن يوصله في أغنيته الشهيرة “لأوباما”، فكان جوابه بدون تردد ..
“رسالة مفتوحة إلى أوباما” هذا هو عنوان الأغنية وإن شئت التدقيق أكثر فهي رسالة مفتوحة إلى المنتظم الدولي. هي دعوة إن شئت الوضوح أكثر إلى تدويل القضية الأمازيغية. لقد سئمنا مخاطبة المسؤولين محليا، جهويا ووطنيا، الواقع دائما يسير من سيء إلى أسوا. وأضاف لقد حان الوقت لكي نشارك العالم ويشاركنا مشاكلنا وويلاتنا التي لا تعد ولا تحصى.
رحل الفقيد “نبا” كجثة لكن أغانيه الحماسية وأفكاره حية لا تموت ..
وبهذه المناسبة الأليمة أجدد الرحمة على هذا الفنان الرسام الكاتب الكبير، تعددت المواهب والإسم واحد إنه “نبا” العظيم والصبر والسلون لأهله وعشاقه ومحبيه وإن لله وإنه إليه راجعون.
منتصر إثري