تضمن العدد الثامن عشر من مجلة “الموروث ” الإماراتية لشهر يونيو الجاري والصادرة عن معهد الشارقة للتراث، مجموعة من الدراسات والمقالات القيمة التي تسلط الضوء على جوانب مهمة من الثقافة والفنون الشعبية المغربية.
وتناولت هذه الدراسات التي أنجزها باحثون مغاربة عدة مواضيع منها على الخصوص “أسطورة «حمو نامير » الأمازيغية بنية التصادي والتضايف” و “تثمين الفنون الشعبية..رقصة دقة السيف بواحات درعة الوسطى نموذجا ” و “مؤسسات التدبير التقليدي للتراث المائي بالمجتمع المغربي حرفة أمزال نموذجا “و”تدريس الثقافة الشعبية في الجامعة المغربية “، و”عادات وتقاليد أهل الحجاز بعيون رحالة مغربي من القرن السابع عشر للميلاد” .
وكتب عبد العزيز المسلم رئيس تحرير المجلة ورئيس معهد الشارقة للتراث في تقديمه للمجلة، إن العدد الجديد “يأتي ليقدم للقارئ مجموعة من الإسهامات العلمية للباحثين في التراث الثقافي كاشفا عن مظاهر متعددة منه، في محاولة لفهمه والنفاد إلى ما ينطوي عليه مـن دلالات متجددة”.
واختار الباحث مبارك أبا عزي أسطورة “حمو نامير” الأمازيغية، ليقاربها مـن منظـور تناصي، عارضا متنها الحكائي وتفاعالاته النصية مـع عدد من الأساطير، كأوديب ونرسيس وسواهما. وقد قادته مقاربته إلى افتراض تعرض متن الأسطورة إلى التغير، بسبب تصرف الرواة وتسرب النص الديني الى نسيج صوغه الشفوي.
ومن جانبها توقفت الباحثة خديجة الزاهير من كلية الاداب والعلوم الانسانية، بجامعة القاضي عياض، بمراكش عند فعاليات فنون الأداء الشعبي في واحات درعة الوسطى المعروفة ب “دقة السيف” وهي واحدة مـن عشرات الألوان الغنائية التي تزخر بها تلك المنطقـة.
وقدمت الباحثة قراءة للرقصة، والتعريف بها ومكوناتها، من آلات أزياء مرتبطة بالواقع الاجتماعي والثقافي للمكان، متوقفة عند تناول ارتباط هذا التراث الغني بمفهوم الهوية، إلى جانب معالجتها قصة الحفاظ على هذا الموروث في ظل تحولات عصر العولمة.
وفي دراسة ثانية، ينتقل الباحثان فاطمة بوزاد من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة وسعيد إدحمان، من جامعة القاضي عياض بمراكش، بالقارئ للوقوف على “حرفة أمزال”التي اعتمدت العرف مبدءا لتنظيم المياه، وتدبير حصصه للمستفيدين منـه في المناطق التي تعاني مـن الندرة، وروعي في القائمين بها الأهلية والاستقامة، وذلك في الفترة السابقة لفرض الحماية على المغرب، حيث شهدت الحرفة تراجعا في ظل انتقال مسألة تدبير تلك الموارد إلى المؤسسات الحديثة.
أما دراسة “تدريس الثقافة الشعبية في الجامعة المغربية ” التي أنجزها الباحث محمد الإدريسي فتهدف إلى فتح النقـاش الاببستيمولوجي حول إشكالية تدريس الثقافة الشعبية في الجامعة من خلال رصـد التداخل الحاصل بين الأنثروبولوجي والسوسيولوجي والأدبي، في إنتاج الممارسة العلمية إزاء ظواهر “الثقافة الشعبية “في المغرب.
وفي دراسة أخرى حول أدب الرحلات، عكف الباحث أحمد الصديقي من جامعة ابن زهر – أكادير، على رحلـة المغربي أبي سالم العيـاشي، ليقدم من خلالها مقاربة لتقاليد وعادات أهل الحجاز خلال القرن الحـادي عشر للهجرة. وقد كشـف الباحث عن قدرة الرحالة على الربط بني العادات الغذائية وتقاليد اللباس والمعتقدات الشـعبية والمناسبات الاجتماعية من جهة ومتطلبات العمران الحضري والمدني على حد سواء، فضلا عن كشفه امتلاك أهـل الحجاز رأسمال قيمي تمثل في قيم التسامح والتعايش.
كما تضمن العدد من المجلة الفصلية دراسات أخرى منها “احتفالية سونه ..دراسة لمظهر من مظاهر الفرجة في منطقة بركان” للباحث محمد الصباني و”استعمال مواد طبيعية في تدبير أمور العيش في المغرب الرماد وروث البقر نموذجا ” للباحث أحمد الوارث، و”الموروث الحضاري لجزيرة كمران اليمنية ” لمحمد أحمد عنب من جامعة الفيوم بمصر و “الشجرة وتجلياتها في الموروث الشعبي العربي” لخالد أبو الليل من جامعة القاهرة .
السلام عليكم. لاشك ان انفتاح المجلة على موضوعات محلية وإقليمية لمزيد من التعميق هو انفتاح على عمومية النتائج المتوصل اليها لان العالم المشرقي هو عالم واحد مهما تعددت الحدود السياسية. فاللغ واحدة والتاريخ مشترك وانماط العيش متشابهة. فالعالم العربي كل لا يقبل التقسيم الا في عيون اهل السياسة وإن مواسم الحج لهي خير شاهد على تبادل المعارف وطرق العيش وانماط التفكير وتبادل الخبرات والعيش المشترك. والمجلة بتطرقها للادب الشعبي المغربي ارادت ان توسع المعرفة باقلام المزاولين او المعايشين او الباحثين المدققين للظاهرة حتى تزداد الفائدة وتقوى اواصر الارتباط بين الاخوة في العالم العربي. ومن خلال تنوع االمواضيع بين ادب الرحلات وادب الاستعمالات الاقليمي لبعض وسائل العيش قد اصابت الهدف وحققت القصد. فجزاكم الله خيرا على هذه الفائدة العميمة الواسعة