عُرض مساء أمس الثلاثاء، 04 أبريل 2017، الفيلم الوثائقي الأمازيغي “أنعاق”، الذي يحالج ظاهرة الهجرة بالريف، لمخرجه محمد بوزيه وقاسم أشهبون، وذلك في إطار فعاليات اليوم التكريمي الذي نظمه مجلس الجالية المغربية بالخارج تكريما للجيل الأول من مغاربة العالم.
ويعد فيلم أنعاق فيلما تكريميا لرواد الهجرة للجيل الأول، ويعرض لأول مرة في المغرب ليسهم في الحفاظ على ذاكرتهم كمرحلة هامة في تاريخ المغرب المعاصر وإلى ذلك يهدف الشريط الذي أنجزته جمعية، حوار بهولندا وشاربيي للإنتاج، إلى الاعتراف بمساهمة هذا الجيل في تنمية منطقتهم (الريف) وبلدهم الأم إلى جانب بلدان الاستقبال.
وفي تصريح لمخرج الفيلم الوثائقي، محمد بوزيا صحافي وأستاذ بهولندا، قال بأن الفيلم الذي يحكي حول بداية الهجرة المغربية للجزائر وبعد ذلك إلى أوروبا، “جاء بمبادرة مني ومن الصديق قاسم أشهبون من أجل تعريف الشباب بموضوع الهجرة نحو الشرق التي يتحدث عنها الجيل الأول”.
وأضاف بوزيا “حاولنا أن نعطي صورة حول الأوضاع آنذاك في المغرب وفي بلدان المهجر، واخترنا أن يتم ذلك بواسطة فيلم وثائقي حتى يصل لأكبر عدد من الناس”.
هذا الفيلم الوثائقي، الذي يسافر في بدايات الهجرة المغربية في 64 دقيقة، يتضمن الوثائقي تمثيلية وتصريحات لمجموعة من المواطنين والمواطنات الذين عايشوا تلك الفترة من تاريخ الريف المعاصر، والذي صور أغلب مشاهده ببلدة أزلاف بقبيلة أيت توزين الريفية.
ويدور الفيلم حول مسار المغربي محمد الدرري، الذي لم يكن عمره يتجاوز 15 عاماً عندما قام والده بإرساله عام 1930 إلى الجزائر من أجل إعالة الأسرة، وهي قصة هجرة تعتبر نموذجاً لآلاف الريفيين الذين كانوا يعبرون الحدود المغربية الجزائرية كل عام من أجل العمل في ضيعات المعمرين الفرنسيين في الجزائر.
ويقول تقديم للفيلم الوثائقي “أنعاق” أنه عكس ما هو شائع، فبداية الهجرة المغربية من الريف لم تنطلق مع الهجرة إلى أوروبا أوائل ستينيات القرن الماضي، بل إنها تعود بجذورها أبعد من ذلك بكثير، فقد كان من بين نتائج الاستعمار الإسباني على الريف إحداث تغييرات في البنية الاقتصادية للمنطقة، دفعت الكثيرين من السكان إلى هجرة أراضيهم الفلاحية الفقيرة للبحث عن فرص معيشية جديدة.
ويشير صاحب الفيلم أن العديد من المغاربة من شمال المغرب ومن سوس خاضوا تجربة هجرتهم لأول مرة إلى الجزائر التي كانت مستعمرة فرنسية منذ 1830، فبسبب الطلب المتزايد على العمالة الأجنبية في المزارع العصرية، كان الآلاف من الفلاحين بالخصوص يقطعون مئات الكيلومترات مشياً على الأقدام حتى مغنية وسيدي بلعباس ووهران للعمل كعمال موسميين.
ومنذ أوائل أربعينيات القرن الماضي وبسبب سنوات الجفاف الرهيبة التي ضربت الريف ستقوم آلاف العائلات بالهجرة إلى الجزائر وتستقر هناك.
ومع استقلال الجزائر سنة 1962 وعودة المعمرين الفرنسيين إلى بلدهم، ستتوقف الهجرة المغربية إلى هذا البلد الجار وخاصة بعد اندلاع حرب الرمال سنة 1963 بين المغرب والجزائر بسبب الخلاف الحدودي في منطقة فكيك.
وستعرف الهجرة المغربية إلى الجزائر منعطفاً عندما قام النظام الجزائري في سنة 1975 وإثر المسيرة الخضراء بطرد أزيد من 45 ألف مغربي تعسفياً كرد فعل على استرجاع المغرب لصحرائه ليتسبب بذلك في مأساة إنسانية مازال ندوبها تنزف إلى الآن.
وعرف اللقاء أيضا تقديم كتاب “تاريخ المغاربة بهولندا: حضور وذاكرة”، لمؤلفه عبد اللطيف المعروفي، المكلف بمهمة في مجلس الجالية المغربية بالخارج.
وفي كلمته أعرب المعروفي على أن الهجرة هي من بين الأفعال المؤسسة للمجتمع والثقافة المغربية وأن تاريخ المغرب بالأساس هو تاريخ هجرات لعب فيه المهاجرون دور التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
ليتحدث بعدها عن كتابه في إجابة عن ثلاث أسئلة تتمحور بالأساس حول لماذا كتاب حول تاريخ المهاجرين المغاربة بهولندا؟ وما هي المنهجية التي اعتمدها لإنجاز هذا الكتاب؟ وما هي مضامينه؟ ليقر أن الحضور المغربي في هولندا يعود إلى القرن 16 وبداية القرن 17 حيث وثق في كتابه المراحل التاريخية الرئيسية لهذه الهجرة ويقظم قصصا إنسانية وأرشيفات وصورا حصرية ونصوصا حية تؤرخ لمسلسل استقرار وتجدر المغاربة بهولندا.
كما تم بموازاة ذلك عرض مجموعة من الصور تعكس واقع الجيل الأول من المهاجرين المغاربة بهوولندا، وذلك تكريما لهذا الجيل.
كمال الوسطاني