محاكمة نشطاء حراك الريف بين القانوني والسياسي

بقلم: محمد المو / محامي بهيئة الرباط

اثارت حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها الدولة مؤخرا في صفوف نشطاء الحراك الشعبي الريفي موجة واسعة من الانتقادات الحقوقية همت بالاساس الخروقات المواكبة لهذه الحملة الامنية التي اتسمت بغياب ابسط معايير المحاكمة العادلة وفقا لما هو متعارف عليه في الصكوك الدولية لحقوق الانسان الامر الذي جعل الجميع يدق ناقوس الخطر ويشهر في وجه الدولة التاريخ الاسود للمحاكمات السياسية التي طبعت مشهد العدالة ببلادنا ابان سنوات الرصاص .وكان هذا التاريخ ينتفظ من حرزه ليعيد نفسه من جديد بنفس الادوات ونفس الصيغ والاليات وان اختلفت الازمنة والعقليات ليبقى العنوان البارز لوصف هذا المشهد المؤلم هو العودة الى عهد وسيناريو المحاكمات السياسية .حيث يسلط صياط السياسة على منطق القانون و كالعادة يراد للقضاء ان يكون في المحك للفصل بين مصالح ترى الدولة انها مشروعة من جهة وبين امال وطموحات افراد في التغيير السلمي لسياسات الدولة تجاه منطقة الريف في اطار رفع لائحة مطالب في وجه الدولة .

فاذا كان القانون الجنائى هو مجموعة من الأحكام التى تنهى عن القيام بأفعال معينة، وتعاقب على إتيانها. والمحاكمة هى الإجراءات التى يقوم القضاء بموجبها بالفصل فى الإتهام الذى يتم توجيهه لشخص بمخالفة تلك الأحكام. فان طبيعة التهم الموجهة لناشطي حراك الريف والتي يشكل المس بامن الدولة الداخلي عنوانها البارز، كل هذه المعطيات ستقودنا لمحاكمات تعرض فيها مسائل سياسية لان الاعتقال اصلا مبني على دوافع سياسية لاسكات صوت الحراك واقبار تجربة احتجاجية فريدة نوعيا ،فهل سينتصر صوت العدالة ومنطق القانون على الدافع السياسي ويحول كل ذلك دون تحويل مسار المحاكمة من محاكمة قانونية لمحاكمة سياسية؟ ويعنى ذلك بصفة أساسية أن يتم الفصل فى المحاكمة القانونية وفقاً للقانون، بواسطة قضاء محايد سياسيا، رغم ما يمكن أن يقود إليه حكمه من تأثير على مجريات الحياة السياسية؟

الجواب على هذه الاسئلة وغيرها يقودنا الى التعرض لموضوع المحاكمة السياسية ومحاولة تحديد مفهومها وطبيعتها وكذا الحدود الفاصلة بينها وبين المحاكمة القانونية ولن يتاتى لنا ذلك الا بتعزيز مقالنا ببعض النماذج التاريخية لاشهر المحاكمات السياسية في العالم .

المحاكمة السياسية تعني المحاكمة التي تكون فيها المحكمة أداة سياسية، تهدف لتنفيذ سياسة السلطة القائمة. وهذا يعنى أن المحاكمة السياسية ليست محاكمة على الإطلاق، لأنها ليست فصلاً فى خصومة قانونية، تتحدد نتيجتها بما يقدم فيها من بينات، بل هى فصل فى خصومة سياسية تتحدد نتيجتها وفقاً للرغبات السياسية للحكام. المحاكمة السياسية تقوم على تطبيق قانون ينتصر لأهداف سياسية خاصة، أو تطبيق إجراءات خاصة، أو يجريها قضاة ينحازون لعقيدة سياسية محددة ، أو خليط من كل ذلك. وبالتالى فإن ما يميز المحاكمة السياسية عن المحاكمة القانونية، هو أن المحاكمة السياسية، نتتيجتها معروفة سلفاً، لإفتقادها للحياد.

يذكر نيلسون مانديلا في دفاعه الأسطورى المعروف برجل أسود في محكمة بيضاء ” بعد إجراء مشاورات مع المحامي الخاص بي رأيت أن أقوم بتولي الدفاع عن نفسي، مع الإحتفاظ به لإبداء النصح لي. إن هذه الدعوى هي محاكمة لآمال الشعب الأفريقي، ولذلك فقد قررت أن أتولى الدفاع فيها بنفسي .”

وهذا الموقف من مانديلا يكشف عن فهم عميق لطبيعة المحاكمة السياسية، من حيث أن دور المحامي فيها محدود جداً، لأن القاضي غير محايد، ولأن القانون غير منصف، وقد أشار لذلك مانديلا بوضوح عندما ذكر ” إننى أدفع بعدم إختصاص هذه المحكمة بمحاكمتي لسببين: الأول هو أنني لا أجد نفسى ملزماً سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية، أن أطيع قانون أصدره برلمان ليس لي حق التمثيل فيه، ومن الناحية الأخرى فإنني لن أحظى بمحاكمة عادلة، لأنه في مثل هذه المحاكمة السياسية التى تتعارض فيها آمال الشعب الإفريقي، مع مصالح الرجل الأبيض، فإن محاكم البلاد بتكوينها الحالي لا تكون محايدة ومنصفة، لأن الرجل الأبيض في مثل هذه الدعوى هو خصم ذي مصلحة، ومهما كانت درجة إلتزامه بالحياد والأنصاف، فإنه لا يجوز له أن يفصل في دعوى تخصه”.

ويلاحظ هنا أن مانديلا لم يستخدم تعبير الرجل الأبيض بمعنى عنصري، بل بمعنى سياسي، وقد ذكر شرحاً لذلك ” لا بد أن أشير أنني في خطابي لكم الآن سأشير إلى الرجل الأبيض، وأريد أن أؤكد أنني لست عنصرياً، بل أكره العنصرية ،لأنني أعتقد أنها شعور بربري، سواء أتت من رجل ابيض أو اسود، ولكن هذا التعبير مفروض على بطبيعة الظروف التي نعيشها”.

التمييز بين المحاكمة السياسية والمحاكمة القانونية

هناك فروق أساسية تميز بين المحاكمة السياسية، والمحاكمة القانونية، الأول أن المحاكمة القانونية حتى ولو كانت متعلقة بنشاط سياسى، لا تكون متصلة بالمبدأ السياسي للمتهم، أو المدعي عليه، بل بما قام به من أفعال تؤدي إلى مساءلته قانونياً أو مدنياً، وهي مساءلة تطال أي شخص لو قام بذلك الفعل، بغض النظر عن لونه السياسي.

والمسألة الثانية هي أن القانون الذي يطبق في المحاكم القانونية، على نشاط ذي طبيعة سياسية، هو قانون لا يقصد حماية السلطة السياسية القائمة، وإنما يقصد حماية المصالح المشروعة للدولة، والفرق بين الاثنين هو الفرق بين القوانين التي تصدر عن أنظمة ديمقراطية، والقوانين التي تصدر عن أنظمة سلطوية. و نقصد بالحكومة، السلطة السياسية القائمة فى فترة محددة، في حين تعنى الدولة الأجهزة الدائمة التي تمارس بواسطتها الحكومة القائمة فى زمن معين السيادة على الشعب والإقليم. فأجهزة الدولة المختلفة يجب أن تتميز بحياد تجاه الحكومات المتعاقبة من جهة، وتجاه التكوينات السياسية القانونية داخل الوطن من الجهة الأخرى. لذلك فإن القانون يمنع القائمين على أجهزة الدولة كالقضاة وأعضاء القوات المسلحة والخدمة المدنية من ممارسة العمل الحزبى ضماناً لذلك الحياد، فى حين يجيز ذلك للقائمين على أجهزة الحكومة كرئيس الحكومة والوزراء مما يجعل معارضة الحكومة، جزء طبيعى من العمل السياسى، لا أثر له على الدولة، التى تحتفظ بحيادها تجاه الحكومات التى تتعاقب عليها، وبالتالي فليس فى معارضة الحكومة ما يستوجب التجريم، ولكن معارضة أجهزة الدولة ومنعها من أدائها لواجباتها فيها ما يستوجب ذلك.ولذلك فالقاضي في المحاكمة القانونية لا أثر لعقيدته السياسية ، إذا كانت لديه ثمة عقيدة سياسية، على حكمه فقاعدة الفصل فى الخصومة تظل أبداً قانونية وليست سياسية.

محاكمة الملك تشارلس الأول

اول محاكمة، فيما نعلم، لرأس دولة عن الأفعال التي قام بها أثناء توليه المنصب، هي محاكمة الملك تشارلس الأول في يناير عام 1649م. بدأت الأحداث التي أدت إلى سقوط تشارلس الأول حين أحتل الجنود التابعين لكرومويل البرلمان وطردوا 180 عضواً، واعتقلوا خمسة وأربعين أخرين، حتى يضمنوا ولاء البرلمان لما يريدون، وهكذا قام البرلمان الناقص، أو عجز البرلمان RUMP PARLIAMENT كما يطلق عليه في التعبير الدستوري الإنجليزي، بتعيين محكمة خاصة لمحاكمة تشارلس الأول. تمت محاكمة تشارلس الأول بموجب قانون يؤكد خضوع الملك للقانون، ولكن ذلك القانون نفسه لم يكن قانوناً عادلاً، لأنه قانون شُرِّع خصيصاً لمحاكمة شخص واحد، وهو تشارلس الأول، وأول خصائص القانون أنه قاعدة عامة مجردة، فإذا كان القانون يُعني بشخص بعينه، دون غيره من الناس فإنه لايكون قانونا. وهكذا تحققت القاعدة الأولى في المحاكمة السياسية، فقد تمت المحاكمة بموجب قانون غير منصف. تم تعيين ثمانين مفوضا من أعدى أعداء الملك تشارلس لمحاكمته، وهكذا كان على تشارلس الأول أن يواجه قضاة غير محايدين. رفض تشارلس الأول أن يجيب على التهمة لأنه رأى أن المحكمة ليس لديها سلطة شرعية لمحاكمته، وذكر “إذا كان يمكن لسلطة لا تستند على قانون، أن تصدر قوانين، وأن تعدل القوانين الأساسية للمملكة، فلا أدري كيف يمكن لأي شخص فى إنجلترا أن يكون آمنا على حياته، أو على ممتلكاته. أنا لا أحفل بصحيفة الإتهام، ولكنى أسجل هذا الموقف دفاعاً عن حرية شعب انجلترا” لم يكن تشارلس، فى واقع الأمر، يدافع عن شعب إنجلترا، والذى كان قد أذاقه الأمرين حين حكمه حكماً مطلقاً، بدعوى أنه يستمد سلطاته من الله، والذى أصبح خاضعاً لحكامه الجدد، بدعوى أنهم يستمدون سلطاتهم من الأمة، دون أن يكون له أو لهم أى شرعية سوى الغلبة.

قررت المحكمة كما هو متوقع إعدام الملك تشارلس الأول، وإقتيد فوراً إلى ساحة الإعدام حيث تم تنفيذ الحكم بالفأس. وكان علينا أن ننتظرقرناً آخر لنتبين سخافة فكرة المحاكمة السياسية.

محاكمة لويس السادس عشر

ظل الملك لويس السادس عشر محتفظاً بعرشه، بعد استيلاء الثوار على السلطة في فرنسا عقب سقوط الباستيل، حيث كوِّنت “الجمعية الوطنية ” على غرار البرلمان الإنجليزي، وظل الملك يحتفظ ببعض السلطات، أهمها سلطة الإعتراض على القوانين، وعندما استخدم الملك هذه السلطة في رفض إجازة القوانين المعادية للكاثوليكية، تم عزله في أغسطس 1792م، وكان ذلك إيذاناً بقيام حكم الإرهاب الدموي على يد الثوار المتطرفين (اليعاقبة ) بقيادة مكسميليان روبسبيير، (الغير قابل للإفساد) كما كان يطلق عليه أنصاره.

تم تكوين لجنة برلمانية تحت إسم لجنة الشرطة والأمن العام، خُوِّلت سلطة القبض على أي شخص، وقد اقترح روبسيير منحها سلطة الإدانة والحكم على الناس “لأنه بغير ذلك سننتقص من حق الشعب في الانتقام بدون داع” وحالما تم قبول اقتراح روبسير تمت إقامة مقصلة في ساحة الكونكورد، أمام متحف اللوفر، وكانت المحاكم الثورية التي أقيمت عقب ذلك مثلاً صارخا لإنتهاك العدالة، فكان إحتجاج الحضور كفيل بإبدال حكم البراءة إلى حكم بالإدانة، وهكذا بدأت مجازر سبتمبر كما عُرِفت في التاريخ ، حيث كان الإتهام يعني الإدانة، والإدانة تعني الإعدام، وكما يذكر تشارلس ديكنز، فإن شعار الحرية والإخاء والمساواة أو الموت، الذى أطلفته الثورة لم تحقق منه سوى الموت.

التناقض فى فكرة المحاكمة السياسية

في الحمى الثورية التي عقبت انتخاب المؤتمر في 30/9/1792م، ارتفعت الأصوات المطالبة بمحاكمة الملك لويس السادس عشر، وكانت العقبة أمام ذلك، أن الدستور كان يتضمن نصاً يمنح الملك حصانة مطلقة، ولكن الأغلبية لم تكن ترى لذلك النص قيمة، لأن السيادة للأمة، ولها أن تفعل ما تشاء، وبالتالى فقد وجدت المطالبة بمحاكمة الملك شعبية كبيرة، ولكن فكرة المحاكمة العادلة اختفت كلياً. يشرح ميرلان دي تونجفيل، أى محكمة يريد (الآن وقد قررنا إلغاء الملكية، علينا أن نعلن أن الملك المخلوع ليس مواطناً، وأنه يجب أن يخرصريعاً تحت سيف الأمة. يتوجب عليكم أن تكونوا بالنسبة له ممثلو الاتهام، والقضاة في نفس الوقت ). ولكن فقط غلاة اليعاقبة، رأوا سخافة فكرة المحاكمة السياسية، وهو ما دفع سانت جوست لرفض المحاكمة تماماً (أيها المواطنون إذا أردنا محاكمة قانونية، فإن لويس هو الذي سيحاكمنا. بالنسبة لى لا أرى حلاً وسطاً، هذا الرجل إما أن يسود أو يموت. القانون هو علاقة عادلة، ولكن هل يمكن أن تكون هناك علاقة عادلة، بين الأمة والملوك ؟مهما غطت الملكية نفسها بالأوهام، والتقاليد، فإنها تبقي جريمة، يحق لكل شخص أن يقف ضدها. أي ملك هو متمرد على الأمة، ومغتصب لسلطاتها). ولكن روبسبيير بما عًرِف عنه من ذكاء وقاد، أوضح أكثر هذه الفكرة، حين قال مخاطباً النواب “أنه من السخف إجراء محاكمة جنائية للملك، فلويس ليس متهماً، وأنتم لستم بقضاة. أنتم رجال دولة، وممثلو شعب، وليس لكم أن تصدروا حكماً له، أو ضده، بل عليكم أن تأخذوا تدبيراً لحماية الأمة، وأن تمارسوا سلطتها ” لقد كان منطق روبسبيير في هذا أن “الأمة بالفعل قد عزلت الملك، لتآمره عليها، ولكنها لا تستطيع أن تحاكمه، لأن المحاكمة تفترض براءته، وافتراض براءته، يفترض جرم الأمة التي عزلته” وقال مذكراً زملاءه “إن الدستور يمنع ما قمتم به، والذين يطالبون بمحاكمة وفقاً لذلك الدستور، عليهم أن يخروا أمام لويس طالبين العفو منه “وأنهى روبسبيير خطابه قائلاً ” يجب أن يموت لويس، لأن الوطن يجب أن يحيا”.

وبعد نقاش مستفيض لم تجد فكرة روبسبيير قبولا لدى المؤتمر، وفاز الرأي المطالب بمحاكمة الملك، بزعم أنه يجب أن يُوفّر للملك، ما لم يوفره هو لمواطنيه، وهو الحق في أن يُحاكم محاكمة عادلة، ولم يكن فى إمكانهم أن يروا ما رآه روبسبيير، وهو إستحالة توفير محاكمة سياسية عادلة، وكانت المزاعم الكاذبة عن إمكانية محاكمة سياسية عادلة، هى التي سنراها تكتسب قبولاً على يد أنظمة سياسية ثورية، تحت مسمى الشرعية الثورية، مع أنه لا يمكن أن تكون هنالك أى شرعية لمحاكمة غير عادلة. حوكم لويس السادس عشر امام الجمعية الوطنية (البرلمان) بعد صياغة لائحة اتهام بواسطة لجنة من 21 عضوا. طلب لويس أن يُمثل بمحام، وبعد نقاش طويل تمت الموافقة على ذلك. في مرافعته الختامية، أوضح المحامي دي سيز، أن محاكمة لويس السادس عشر تخالف الدستور، لأنه يحاكم على أعمال قام بها أثناء توليه المنصب، مع أن الدستور يمنحه حصانة حتى يتم عزله لأحد الأسباب الواردة في الدستور، ورد على إدعاء الإتهام بأنه طالما أنه لا يوجد قانون يحاكم لويس، فإنه يجب محاكمته بموجب أحكام القانون الطبيعي، بأن القانون الطبيعى يتضمن قواعد المحاكمة العادلة. وقد ختم مرافعته البليغة مخاطباً أعضاء البرلمان قائلاً (أيها المواطنون أنني أبحث عن القضاة بينكم فلا أجد إلا ممثلو اتهام ) كما هو متوقع حوكم لويس بالإعدام.

لقد كان غلاة اليعاقبة أول من رأوا أن المحاكمة ،إما أن تكون قانونية أو لا تكون، وأن المحاكمة السياسية تفتقد أى أساسى قانونى أو منطقى. ولكن ما لم يروه هو أن سيادة الأمة لا تمنح شرعية لعقاب خارج إطار المحاكمة القانونية، وكان على سان جوست و روبسبيير أن يدفعا حياتيهما ثمناً لذلك الخطأ. ففى 27 يوليو 1794 أى فى أقل من عام على إعدام لويس السادس عشر، إقتيد سان جوست و روبسبيير فى معية عشرة من أنصارهما إلى المقصلة التى طالما إقتادوا إليها الآخرين، دون أى محاكمة، حين قرر ممثلو الأمة، فى تطبيق لنظريتهما، أنهما يجب أن يموتا لتحيا الأمة.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *