محامية جزائرية: “النظام يستخدم قصة الراية الأمازيغية لكسر وحدة الشعب الجزائري”

في ظل غياب تصريح رسمي عن التهم الموجهة إليهم فعلا، تضاربت الأنباء بشأن المتظاهرين الـ18 الذين تم إيداعهم الحبس الاحتياطي الأحد الماضي بعد رفعهم الراية الأمازيغية خلال مظاهرات الأسبوع الـ18 للحراك الشعبي الجمعة. ويواجه الموقوفون عقوبة السجن النافذ ما بين سنة وعشر سنوات حسب المحامية فطة سادات التي أسست تجمعا للمحامين عبر مختلف التراب الجزائري للدفاع عنهم.

اختلفت الروايات في وسائل الإعلام الجزائرية والجمعيات الحقوقية عن سبب توقيف 18 متظاهرا الجمعة الماضي في الجزائر العاصمة خلال الجمعة الـ18 للحراك الشعبي المطالب بدولة مدنية ديمقراطية. فبينما أكد البعض أن التوقيف جاء بعد أن رفض المحتجون تسليم الراية الأمازيغية التي كانوا يرفعونها للشرطة، الأمر الذي أدى إلى نشوب مناوشات مع قوات الأمن التي اعتقلتهم. أكدت جهات أخرى، كالمحامية فطة سادات، أن سبب هذه الاعتقالات تعود فقط إلى كونهم كانوا يتظاهرون براية أمازيغية.

هذا، وأمر وكيل الجمهورية لدى محكمتي سيدي محمد وباب الوادي الأحد إيداع 18 شخصا منهم الحبس المؤقت، بتهمة المساس بالوحدة الوطنية عن طريق رفع راية غير الراية الوطنية وإهانة هيئة نظامية أثناء عملها حسب ما بثه التلفزيون العمومي.

وجاءت هذه الاعتقالات على خلفية الخطاب الذي ألقاه القائد الأعلى للجيش أحمد قايد صالح قبل أسبوع حذر فيه من مغبة “مشاركة عناصر خارجية في المسيرات رافعين أعلاما غير العلم الوطني”، مؤكدا أن” تعليمات صارمة أعطيت لقوات الأمن لفرض احترام القوانين ومواجهة الأشخاص الذين يحاولون التلاعب بشعور الجزائريين“.

أمر غير معقول وغير منطقي

وانتقدت العديد من الأحزاب السياسية المعارضة وجمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان عمليات توقيف المتظاهرين بسبب رايات أمازيغية رفعوها، معتبرة هذه الخطوة بـ”غير القانونية” في سابقة لم تشهدها الجزائر في تاريخها.

وقال نور الدين بن يسعد، وهو محامي ومناضل في مجال حقوق الإنسان بالجزائر إن “المتظاهرين الذين تم توقيفهم الجمعة الماضي وجهت لهم تهمة رفع “راية أخرى غير الراية الوطنية والمساس بالوحدة الوطنية“.

من ناحيته، أكد مؤمن خليل، الأمين العام للرابطة الجزائرية المدافعة عن حقوق الإنسان عدم وجود أي نص دستوري يعاقب رفع علم آخر عدا العلم الجزائري، ناهيك عن الراية الأمازيغية التي أصبحت جزءا من الهوية الوطنية كما قال.

وقال في تصريح لجريدة “الوطن” الناطقة بالفرنسية: “حمل ورفع الراية الأمازيغية شيء موجود منذ القدم ومقبول من قبل الجميع. المتابعة القضائية لهؤلاء الشبان بتهمة رفع رايات أمازيغية واتهامهم بالمساس بأمن الدولة، أمر غير معقول وغير منطقي“.

وتساءل: “هل تشكل هذه الخطة مناورة من قبل النظام لكسر وحدة الحراك، أم هو قرار يشبه القرارات التعسفية التي عودنا النظام بأخذها في السابق؟“.

أحكام قد تتراوح ما بين سنة وعشر سنوات

وفي حوار هاتفي مع فرانس24، أكدت المحامية فطة سادات التي تعمل على تشكيل لجنة من المحامين عبر مختلف ولايات الوطن، للدفاع عن الموقوفين أن وكيل الجمهورية اعتمد على المادة 79 من قانون الجزاء الجزائري لتوجيه التهمة والتي تنص على أن “كل من يعمل بأية وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن يعاقب بالحبس لمدة سنة إلى عشر سنوات وبغرامة من 3000 إلى 70.000 دج، مع جواز حرمانه من الحقوق المشار إليها في المادة 14 من هذا القانون”، وعلى سبيل المثال المشاركة في الانتخابات أو الترشح فيها.

وتساءلت سادات “كيف يمكن لرفع راية الأمازيغ، التي تعد من أقدم الرايات في شمال أفريقيا، أن يشكل مساسا بأمن الدولة”، مجيبة أن “النظام الحالي يحاول بكل الأشكال أن يضع حدا للمظاهرات الشعبية التي بدأت في فبراير/شباط الماضي لكي يجدد نفسه ويمكث في الحكم“.

وواصلت “هم الذين يمسون بأمن الدولة. هم الذين يستفزون المواطنين لخلق التفرقة فيما بينهم”. مؤكدة أن أكثر من 20 محاميا وافقوا على الدفاع مجانا عن الشبان الموقوفين حسبها.

وأضافت أن هيئة المحامين التي شكلت قامت بنقض قرار وكيل الجمهورية الاثنين القاضي بإيداع الموقوفين الحبس الاحتياطي وهي الآن في انتظار رد المحكمة.

الجزائر والمغرب يعترفان باللغة الأمازيغية كلغة رسمية

يشكل الأمازيغ جزءا هاما من الشعب الجزائري. وهم السكان الأصليون في شمال أفريقيا. ناضلوا من أجل أن تحترم الأنظمة والحكومات المتعاقبة في بلدان شمال أفريقيا بهويتهم وثقافتهم وتقاليدهم.

واعترفت الجزائر باللغة الأمازيغية لغة وطنية في آذار/مارس 2002، بعد احتجاجات دامية أطلق عليها اسم “الربيع الأسود” أوقعت 126 قتيلا في سنة 2001 في منطقة القبائل، بعدها تم الاعتراف بها بصفتها اللغة الرسمية الثانية في البلاد بعد العربية في تعديل دستوري اعتمد سنة 2016

.المصدر/ فرانس24

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *