أكد المحلل السياسي والكاتب الكوردي، بير رستم، في حوار مع جريدة “العالم الأمازيغي” أن “الأمازيغ والكورد أصحاب قضية ووطن محروم ومقسم بين عدد من الدول الغاصبة”، مشيرا إلى “ضرورة التكاتف وتقديم الدعم للآخر حيث من حق أبناء شعبينا نيل حريته واستقلاله السياسي”. وقال المثقف الكوردي في حوار حصري مع “العالم الأمازيغي”، إن “الأمازيغ يقفون موقفاً مسانداً وداعماً للقضية الكردية وهو موقف يحظى باحترام وتقدير من قبل شعبنا بمختلف تياراتها وأحزابها السياسية”، مبرزا أنه ” موقف طبيعي نظراً لواقع شعبينا حيث التماثل في الكثير من المفاصل الأساسية في الحالتين، كما أن الموقف الكردي عموماً هو موقف أخوي داعم لقضايا الشعب الأمازيغي، كوننا نعاني من سياسات نفسها حيث التهميش والإقصاء والتنكيل والحروب والمجازر ضد شعبينا وبالتالي فمن الطبيعي، بل الواجب أن تتكاتف الشعوب المستضعفة لنيل حريتها أسوةً بشعوب المنطقة والعالم ومنهم الشعبين الكردي والأمازيغي”.
واستطرد:”إنني وجدت عدد من أوجه التشابه، بل التطابق في واقعي القضيتين أو التجربتين، تاريخياً حضارياً وواقعاً سياسياً راهناً”، مشددا على أن “الحوار الفكري والثقافي يشكل أهم الجسور التي يمكن عبرها عبور المسافات والتلاقي مع الآخر، وأعتقد هذا الذي تقومون به هو جزء من مشروع فكري وثقافي يمكن أن يشكل مع روافد أخرى جدولاً معرفياً للتلاقي والحوار والتعاطف خاصةً، وكما نوهنا؛ بأن واقع شعبينا تحت التقسيم والاحتلال المتعدد الأقطاب والثقافات يجعلنا في خندق واحد”.
حاوره/ منتصر إثري
كيف تعرف نفسك لقراء العالم الأمازيغي؟
إنني وقبل البدء بالتعريف عن نفسي للشعب الأمازيغي، دعني أوجه تحية محبة ووفاء لهذه الأمة التي حرمت نتيجة سياسات استعمارية دولية من حقوقها الوطنية وللأسف.. مع كل التمنيات بأن تنال مع كل الشعوب المقهورة ومنهم شعبنا الكردي حقوقها الوطنية خلال المرحلة القادمة وذلك بفضل نضالات وتضحيات أبنائها.. والآن لنأتي لسؤالكم والإجابة عليه، ربما من أصعب الأسئلة بحياة المرء هو أن يقوم بتقديم نفسه للآخرين ورغم ذلك سأحاول قدر الإمكان ومن دون إطالة درءً للملل والدخول في التفاصيل التي تطول الحديث فيه؛ إنني بير رستم تولد 1963م من قرية في أقصى الشمال الغربي من روجآفاي كردستان (الشمال الغربي من سوريا) تسمى “شيخ جقللي” وهي تابعة لإقليم عفرين الذي يحتله تركيا مع الميليشيات الإسلامية الراديكالية منذ آذار الماضي وإنني أقيم حالياً في سويسرا منذ أواخر عام 2013 وذلك بعد أن قضيت معظم حياتي بين بلدتي جنديرس وحلب. درست المراحل الثلاث في مدارس جنديرس إلى أن نلت الثانوية العامة من ثانويتها وذلك في عامي 1981/1982 بعدها التحقت بجامعة حلب كلية الهندسة الميكانيكية .. لكنني وفي السنة الرابعة اضطرت على مغادرة مقاعد الدراسة بسبب بعض الضغوطات وكذلك لاهتماماتي الأدبية وانشغالي بالسياسة.
مارست العمل السياسي منذ شبابي وكنت قد تعرفت على العمل الحزبي منذ طفولتي حيث نشأت في ذاك الوسط الحزبي والسياسي؛ كون الوالد كان عضواً في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وذلك منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي وبالتالي فقد عرفت السياسة والانتماء القومي مبكراً .. تعرضت ونتيجة عملي ونشاطي الأدبي والسياسي للكثير من الضغوطات والملاحقات والاستدعاءات الأمنية وكذلك للتوقيف والسجن ولعدد من المرات وعلى الأخص بعد انتسابي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وانتخابي في المؤتمر العاشر للحزب عام 2007م كعضو احتياط في اللجنة المركزية ثم كعضو أساسي بعد عام 2010م وبالأخص تلك المرحلة التي عملت بها مع قوى “إعلان دمشق” كممثل لـ(البارتي) و”الجبهة الكردية” في الإعلان وذلك عن مدينة حلب وريفها وكذلك لكوني أحد أعضاء المجلس الوطني لقوى إعلان دمشق في تلك المرحلة كانت الأكثر ملاحقةً ومتابعةً من الفروع الأمنية والاستدعاء والتوقيف مما أجبرت عام 2008م لمغادرة البلد والاستقرار في إقليم كردستان لمدة عام ونصف وذلك قبل أن أعتقل وأسجن في عام 2009 ومن ثم المغادرة والاستقرار في سويسرا كما أسلفت سابقاً.
عرفني الوسط الثقافي والأدبي مع بدايات التسعينيات وذلك على الرغم من اهتماماتي الأدبية المبكرة وبدايةً كانت مع القصة القصيرة وباللغة العربية.. إلى أن كان تعارفي في منتصف الثمانينات على مجموعة “كوما خاني” للأدب والثقافة بحلب وحينها بدأت الكتابة باللغة الكردية وقد نشرت أعمالي القصصية في العديد من الدوريات الكردية والكردستانية، داخل وخارج الإقليم الغربي من كردستان (سوريا) .. ومع بدايات النت والمواقع الكردية كان لي حضوري في معظم المواقع الكردية والعربية وخاصةً مع انتقالي من كتابة الأدب إلى المقالة السياسية وذلك منذ بدايات الألفية الجديدة. كنت عضو اللجنة التحضيرية والإشراف على عدد من المهرجانات الشعرية وكذلك ترأست “كوما خاني” للأدب والثقافة في الفترة الأخيرة من نشاطها وأيضاً شاركت في عدد من المؤتمرات الثقافية والسياسية، إن كان داخل أو خارج البلد مثل؛ لبنان، تركيا، إقليم كردستان (العراق) وبالتالي كان لي _وما زال_ حضوري الإعلامي في الكثير من الفضائيات الكردستانية والعربية والإعلام المقروء والمدون على النت والمواقع الكردية وكذلك في العديد من الجرائد والمجلات الكردية والتي تهتم بالثقافة والأدب والقراءات السياسية بشكل أوسع وخاصةً بالمرحلة الثانية من نشاطي الثقافي والفكري. وصدر لي للآن بين كتاب ورقي وإلكتروني وبين الأدب والسياسة والفكر وباللغتين الكردية والعربية، ثلاث وعشرون كتاباً وهناك عدد من المشاريع الثقافية التي أعمل عليها حالياً.
* كيف تنظرون للواقع الكوردي عموماً في خضم كل المتغيرات الجارية في المنطقة؟
“القضية الكردية باتت في واقع أفضل منذ بدء الألفية الجديدة”
أعتقد إن القضية الكردية باتت في واقع أفضل منذ بدء الألفية الجديدة حيث لو قارنا بين واقع شعبنا خلال كل المراحل الماضية، لوجدنا بأنه تعرض لسياسات التهميش والإلحاق والصهر والعدوان وأرتكب في كردستان العديد من المجازر والويلات بحق شعبنا وخاصةً من قبل الحكومات الحديثة التي تشكلت بعد انهيار الدولة العثمانية التي كانت هي الأخرى قد حرمت شعوبنا من الكثير من حقوقها الثقافية اللغوية، لكن لم تكن تسلك كما هذه الحكومات القومية العنصرية سياسة “الأرض المحروقة” مع المكونات المجتمعية المتمايزة ثقافياً لغوياً أو ما يعرف الأثنولغوية، أما تلك الحكومات التي جاءت بعد انهيار الدولة العثمانية من تركيا الكمالية إلى نظام حكومات البعث وبالأخص نظام “صدام حسين” بالعراق، فقد ارتكبت بحق شعبنا أفظع الجرائم والمآسي منها على سبيل الذكر؛ المجازر التي ارتكبت بعد ثورة شيخ سعيد 1925 ومجازر ديرسم 1937 ومؤخراً ضد ثورة شعبنا من قبل الدولة التركية وميليشياتها في عفرين وكذلك جرائم النظام العراقي و”الأنفال” و”هلبجة” عام 1988 والتي راحت فيها بحدود مائتي ألف ضحية من أبناء وبنات شعبنا وذلك تحت رؤية العالم وصمتهم المشين، ناهيكم عن سياسات التمييز العرقي والتغيير الديموغرافي والسجون والاعتقالات والأحكام الجائرة ضد أبناء هذا الشعب في كل من سوريا وإيران، يعني سلسلة طويلة من المجازر والإبادات.. ولذلك وعندما نقارن وضعنا اليوم بما كان عليه فنقول؛ بأن واقعنا أفضل بكثير، بل لا يقارن بما كان عليه منذ سنوات لا تزيد عن عقدين من الزمن وذلك منذ إسقاط نظام صدام عام 2003 وطرح مشروع الشرق الأوسط الجديد.
*وكيف تنظرون للتحولات الجارية والمتسارعة في سورية؟ وما تأثيرها على القضية الكوردية عامة؟
للأسف البلد يعيش ومنذ ثماني سنوات صراعاً دموياً أدت إلى انقسام في البنية الاجتماعية للبلد حيث بات إمكانية العودة والعيش المشترك دون ضمانات دولية وحتى وجود قوة حفظ سلام وخاصةً في السنوات القادمة التي سوف تلي وضع دستور جديد للبلاد، يضمن حرية كل الأطياف والمكونات المجتمعية السورية، شيئاً صعباً إن لم نقل مستحيلاً تحقيقه على الأرض، كون الحرب الدائرة بين أبناء البلد الواحد أدى إلى انقسامات عميقة في البنية الاجتماعية وبشكل شاقولي بحيث بات الاصطفافات وفق الانتماءات المذهبية الطائفية والقومية سمة الواقع السوري وقد ارتكبت المجازر تحت تلك العناوين، مما يجعل من الصعب قبول أي طرف ومكون؛ بأن يسمح للآخر في التحكم بمناطقه –وإن تحقق سيكون بقوة القمع- وبالتالي المزيد من الحروب والصراعات القادمة وترحيل للأزمات ولذلك فإن الحاجة والواقع يفرض وجود أو القبول بواقع سياسي ودستوري جديد يحقق دولة اتحادية لا مركزية ديمقراطية –ولو بمقاييس المشاركة وفق الكوتا السياسية- وهذه بقناعتي لن تتحقق دون وجود قوات حفظ دولية وهذه هي إحدى مطالب شعبنا والإدارة الذاتية في المناطق الكردية وأعتقد بأن الأمور على الأرض تتجه نحو ذلك بحيث تكون مناطق الشمال الشرقي من سوريا تحت حماية القوات الدولية، مما يفرز واقعاً قريباً من واقع إقليم كردستان (العراق) حيث نعلم بأن شعبنا حقق جزء كبير من مشروعه السياسي في ذاك الجزء الكردستاني بعد توفير منطقة آمنة إثر انتفاضة عام 1991 ضد نظام صدام البائد وهكذا وبحكم تشابه واقعيّ سوريا والعراق؛ ديموغرافياً وسياسياً، فأعتقد بأن الحلول كذلك ستكون متشابهة، مما سينعكس لصالح القضية الكردية في روجآفاي –أي غرب- كردستان.
*وفي خضم هذه التغيرات التي تعرفها خارطة الشرق الأوسط، حدثنا قليلا عن موقع الكورد منها؟
الكرد كانوا دائماً جزء من اللعبة الدولية وصفقاتهم مع الحكومات الغاصبة لكردستان حيث وعلى مر الأحقاب والعقود الماضية كانت الحكومات الأوربية عموماً تعقد صفقاتها مع الدول الغاصبة على حساب الكرد وقضاياهم الوطنية، فمنذ الاتفاقيات الدولية المشئومة مثل سايكس بيكو 1916، سيفر 1920، لوزان 1922 والتي قسمت كردستان بين عدد من دول المنطقة –طبعاً كانت معاهدة “قصر شيرين” 17 مايو 1639 قد قسمت جغرافية كردستان بين الدولة الفارسية والإمبراطورية العثمانية- وهكذا فإن جغرافية كردستان لم تهدأ ولم تسلم من شر هذه الدول وصفقاتهم على حساب قضايا شعبنا والتي بالتأكيد جوبهت من قبل أبناءها بالثورات والانتفاضات المتلاحقة ومن قبل الحكومات بالبارود والنار والمجازر المستمرة، مما يمكننا القول؛ بأن الكرد أحد أكثر الشعوب التي قدمت الدماء في سبيل حريته واستقلاله أسوةً بكل الشعوب التي ما زالت تحت الاحتلال كالأخوة الأمازيغ مثالاً وواقعاً حياً ومشابهاً للواقع الكردي والكردستاني، لكن دعونا أن لا نرمي بكل التبعات على عاتق الآخرين من حكومات ودول غاصبة لكردستان أو تلك الدول الغربية والتي جاءت للمنطقة كاستعمار جديد بعد انهيار الدولة العثمانية –رغم مسؤولياتهم الكبيرة عن هكذا واقع كارثي لشعوبنا- حيث لأولئك مشاريعهم وأهدافهم وخاصةً الدول المحتلة لكردستان، فهم بالأخير أعداء للقضية وبالتأكيد لن يساعدوك، بل سيقمعونك ويقمعون أي حركة تمرد ضدهم يهدف لحرية واستقلال من تحت سيطرتهم ونفوذهم، إذاً نحن ككرد وشعوب ما زالت رازحة تحت الاحتلال نتحمل جزءً من هذا الواقع المزري الذي نحن فيه وبقناعتي فإن أهم الأسباب التي أبقتنا لليوم الراهن على ما نحن عليه يمكن أن يختصر بالتالي:
أولاً- واقع التخلف المجتمعي الحضاري وهذه حصيلة الاحتلال والقمع وسياسات المحتلين وبالتالي فقدان شعوبنا لوعي سياسي يؤهله لأن يقود حركة تحرر وطنية قادرة على ترجمة طموحات شعوبنا لأمر واقع على الأرض.
ثانياً- انقسام مجتمعاتنا بين الولاء القبلي العشائري قديماً والحزبية والطائفية حالياً بحيث فقدنا مرة أخرى طبقة سياسية واعية قادرة على قيادة المرحلة والحراك الوطني بحيث ينظر له شريكاً محتملاً للمشاريع والسيناريوهات السياسية التي ترسم لهذه الجغرافيات الوطنية.
ثالثاً- غياب الحنكة السياسية والدبلوماسية وذلك لغياب المثقف العضوي المنتمي للقضية وليس للولاءات الفئوية الطائفية الحزبية نتيجة غياب الوعي الحضاري العميق للقضية وكنتيجة حتمية للعاملين السابقين.
وهكذا فإن شعوبنا -ومنهم شعبنا الكردي وللأسف- كانت مغيبة عن كل المشاريع التي كانت ترسم للمنطقة، لكن ونتيجة تغير سياسات دولية وبالأخص الأمريكية الغربية والحاجة لشرق أوسط جديد وذلك من بعد استنفاذ عصر الدولة الاستبدادية القائمة على مفهوم العسكريتارية والقائد الأوحد وكذلك ونتيجة الخوف من التمدد الإسلامي تحت مشروع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والتي تقوده تركيا وحكومة العدالة والتنمية مؤخراً وأيضاً لوجود مصالح حيوية إستراتيجية للأمريكان بالمنطقة، برز الحاجة إلى لاعب إقليمي جديد لا يحمل فكراً عنصرياً بالمفهومين القومي والديني ويحقق لهم دور الشريك في تحقيق مصالحهم الحيوية وأعتقد بأن الكرد قدموا ذاك النموذج المطلوب وبالتالي باتوا أحد لاعبي السياسة في الشرق بعدما كانوا جزء من صفقات تعقد على حسابهم وحساب قضاياهم الوطنية.
* ما تقييمكم للدور الذي لعبه الكورد في الثورة السورية؟
حاول شعبنا قدر الإمكان أن لا ينخرط في الأعمال العسكرية وأن يحافظ على خصوصيته السياسية وخاصةً بعد عسكرة الثورة السورية والتدخلات الإقليمية بحيث باتت سوريا ساحة صراع إقليمية-دولية وكل طرف يحاول فرض سياساته وأجنداته من خلال أطراف محلية سياسية أو من خلال مجموعات عسكرية ميليشاوية بأن يسوق لسياساته ومشاريعه، لكن ما أثر سلباً إلى درجة كبيرة على قضية شعبنا ودورنا هو واقع الانقسام السياسي للحركة الوطنية الكردية حيث ذهب طرف كردي متمثل في المجلس الوطني الكردي لأن يتحالف مع قوى المعارضة السورية، كجزء من الائتلاف الوطني السوري ولكن من دون أن ينخرط أو يشكل مجاميع عسكرية مثل باقي أطياف المعارضة في حين بقيت أطراف كردية أخرى وعلى رأسهم حزب الاتحاد الديمقراطي مع أحزاب متحالفة معه فيما تعرف بحركة المجتمع الديمقراطي حيث لها مشروع سياسي متمايز عن كل من النظام والمعارضة السورية وهو قدم رؤيته السياسية وفق قراءات فكرية لمنظر المشروع السياسي لما يعرف بالتيار الآبوجي –نسبةً إلى آبو؛ أي عبد الله أوجلان- في الحركة الكردية وذلك من خلال ما يعرف ب”أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية” والآن هناك تجربة الإدارة الذاتية حيث لها جغرافيتها وإداراتها وقواتها العسكرية والأمنية؛ أي كيان سياسي له حضوره في الواقع السوري منذ ما لا يقل عن سبع سنوات بحيث بات يشكل إقليماً سياسياً يدار من قبل الكرد مع باقي مكونات المنطقة من العرب والآشوريين، كما أن هناك طيف سياسي آخر هو بين الطرفين الكرديين المسبوقين الذكر.. وهكذا فإن الكرد كانوا وما زالوا جزء أساسي من الحراك السياسي الوطني الذي يهدف إلى تغيير ديمقراطي حقيقي يحقق لهم مصالحهم الوطنية، لكن وفق خصوصية القراءة السياسية لكل طرف ودون التورط في العنف إلا دفاعاً عن النفس ضد الأطراف المعتدية مثل حالة “داعش” ومزاعمها في الخلافة والدولة الإسلامية حيث كانت كارثة كوباني وتحريرها منها ومؤخراً الجماعات الإسلامية الراديكالية واحتلالها لعفرين وبالتالي يمكننا القول وبالمجمل؛ بقي الدور الكردي ورغم انقساماتنا الحزبية السياسية هو الأكثر عقلانيةً وبعيداً عن الطائفية المذهبية أو المفاهيم الضيقة ذات الصبغة العنصرية أو ما يمكن القول: القراءة الأكثر وطنيةً من باقي الأطياف السورية وذلك لمختلف التيارات الوطنية الكردية.
* كيف تابعتم “الخذلان” الدولي إن جاز التعبير لطموحات الشعب الكوردي في تقرير مصيره؟
هنا دعني أختلف معكم في قضية “خذلان” المجتمع الدولي، ليس من منطلق؛ بأن المجتمع الدولي حقق كل مطالب شعبنا، بل من منطلق ما كنا عليه قبل سنوات وما نحن عليه اليوم حيث بقناعتي حقق شعبنا الكثير من الأهداف وخطى خطوات كبيرة في سبيل الارتقاء بمشروعه السياسي ودعني أختزل بالعبارة التالية؛ لقد كان حلماً لأي قيادي وسياسي كردي أن يجلس يوماً ولو في مقهى –وليس سفارة أو قنصلية بلد- أوربي مع دبلوماسي أمريكي أو أوربي، بل وللعلم؛ فإن الملف الكردي وفي مختلف دول العالم وبالأخص الغاصبة لكردستان، كان يدار من قبل أحد ضباط الأجهزة الأمنية المخابراتية، بينما اليوم فها هم يحاورون قادة العالم وبات الملف الكردي أحد أهم الملفات في منطقة الشرق الأوسط وربما العالم وذلك على صعيد ملفات الشعوب التي ما زالت رازحة تحت الاحتلال وأسمح لي هنا أن أتذكر جزء من التاريخ القريب حيث كنت طالباً جامعياً في بدايات الثمانينيات بالقرن الماضي وكنا كما أغلبية الشباب نعتبر أنفسنا يساريين وكانت لنا علاقات طيبة مع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ونتابع دورياتها وبالأخص مجلتيّ الحرية والهدف وكم كنا نغتبط لأن نجد كلمة كردي ولو في بريد القراء وكان العدد يفتقد من الأسواق، فلاحظ اليوم أين أصبحت القضية الفلسطينية وإلى أين وصلت القضية الكردية.. ولذلك أقول –وفي ذلك أختلف مع الكثير من المحللين الكرد أنفسهم- بأن القضية الكردية حققت وخلال هذه السنوات وبفضل الدعم الغربي وبالأخص الأمريكي، خطوات جد هامة وكبيرة للمشروع السياسي الكردي وبالتالي لا خذلان دولي، لكن وللأسف قياداتنا السياسية لم تقدر قراءة الواقع والأجندات والمصالح الأمريكية خلال فترة الاستفتاء حيث حكومة العبادي كانت تعتبر مقبولة أمريكياً في وجه إيران وجاء الكرد بقضية الاستفتاء مما كان سيجعل الموقف الأمريكي يضعف وقد طالبوا الكرد بالتأجيل، لكن وللأسف أسباب كثيرة حالت دون ذلك ويطول الخوض في التفاصيل.
“القضية الكردية حققت وخلال هذه السنوات وبفضل الدعم الغربي وبالأخص الأمريكي، خطوات جد هامة وكبيرة للمشروع السياسي الكردي”
* وماذا عن الهجوم المستمر للنظام التركي على المناطق الكوردية؟
تعتبر هذه إحدى أعقد المشكلات بالنسبة للملف والقضية الكردية، ليس فقط على مستوى العلاقات الكردية التركية، بل كذلك على المستوى الدولي وبالأخص من جانب الحلفاء مثل الأمريكان الذين يحاولون قدر الإمكان حل المعضلة ودون خسارتهم لأي حليف منهما، لكن وللأسف فإن ذهنية الدولة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية المتحالف مع أكثر تيار قوموي عنصري تركي؛ ألا وهو حزب الأمة التركية، يعرقل كل الجهود السياسية والدبلوماسية أمام الأمريكان حيث تركيا ويمكن القول؛ بأن نتيجة تاريخها مع المكونات القومية والدينية التي تتشكل منها تركيا الحديثة، تعاني من فوبيا الحرية وتحديداً فوبيا كردستان والكرد وحريتهم واستقلالهم السياسي، كوننا جميعاً ندرك بأن تركيا تحتل أكبر جزء جغرافي من كردستان تقدر مساحتها ب 225 ألف كم2 وعدد سكان بحدود عشرون (20) مليون كردي هم تحت الاحتلال التركي ولذلك فإن تركيا تحاول جاهدةً طمس هذه الحقيقة؛ مرة بإنكار وجود الكرد وكردستان، كما صرح مؤخراً رئيسها وذلك عندما قال: “ليس عندنا كردستان ومن يريد كردستان فليذهب إلى العراق”، رغم أن أي عاقل لا يقدر أن ينفي وجود شعب وقضية وبالتالي جغرافية وطنية كردستانية خاضعة للاحتلال التركي ومرات عديدة لجأت وتلجأ الحكومات التركية إلى لغة الحديد والنار في تعاطيها مع قضايا الشعوب عامة والقضية الكردية بالأخص ولكي تسهل على نفسها المشكلة فهي تلجأ إلى الهجوم وكما يقال “خير وسيلة للدفاع هو الهجوم”، رغم إدراك الجميع أن مشكلة تركيا في الداخل مع “كردها” وليس مع كرد سوريا أو العراق أو غيرهما؛ باختصار تركيا تريد تصدير أزمتها الداخلية من خلال تفعيل حروب خارجية رغم أن لا يمكن أن يكون ذاك حلاً لمشكلات تركيا الداخلية وبالتالي لا بد من فتح ذاك الملف والجلوس على طاولة الحوار والبدء بمفاوضات وصولاً لحل سياسي يرضي الطرفين وإلا فإن الأزمة والصراع بين الطرفين سوف يستمر لسنوات وأجيال قادمة وهناك بعض المساعي والمحاولات من قبل الأوربيين والأمريكيين في هذا الجانب مؤخراً؛ فإما تحكيم العقل وأنجاح تلك المساعي أو الذهاب لتجربة البلدان العربية وثورات ربيعها حيث “لا يموت حقٌ وراءه مطالب” وشعبنا يطال بحقه في الحرية.
*ما رأيكم في الفيدرالية التي يتحدث عنها الكورد في شمال سوريا؟
الفيدرالية ليس حديثاً كردياً صرفاً، بل هو مطلب سياسي وحل واقعي في قراءة الكثيرين كرداً وغير كرد، كون واقع مثل الواقع السوري؛ متعدد القوميات والأديان والأطياف، لا يمكن أن يكون هناك توافق سياسي إلا وفق مشروع وطني يجمع عليه السوريين ويحقق للجميع مشاركة سياسية فعالة وهذه لا يمكن تحقيقها من خلال الدولة المركزية البوليسية وقد جربنا خلال نصف قرن تلك التجربة المريرة وكانت حصيلتها الكارثة والمقتلة السورية التي نعاني منها جميعاً، ثم إنها ليست المرة الأولى والفريدة، بل إن معظم دول العالم تعيش تلك التجربة السياسية حيث أعيش في بلد متعدد الثقافات اللغوية الأثنية –أثنولغوي- سويسرا وهي دولة اتحادية فيدرالية ومن أعظم وأهم التجارب الوطنية الديمقراطية، كما أن هناك تجارب ناجحة في المنطقة بصدد الدولة الاتحادية مثل الإمارات العربية المتحدة، بمعنى أن الكرد وكثيرين يريدون ويطالبون بحل سياسي يحقق مشاركة فعلية ومتكافئة من كل أطياف المجتمع السوري وبقناعتي أن مفهوم الدولة الاتحادية الفيدرالية هو الحل الأنجع وأكثر ملائمة لواقع البلد وشعوبها وقومياتها وطوائفها المختلفة.
“الخلاف أعمق من أن يكون بين أطراف وقوى سياسية كردية داخلية حيث الانقسام يتعدى حدود الجغرافيا السياسية للبلد إلى ما هو كردستاني وإقليمي”
*في الشأن الكوردي ـ الكوردي، إلى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار حلاً لإزالة الفجوة بين الكورد فيما بينهما؟
للأسف الخلاف أعمق من أن يكون بين أطراف وقوى سياسية كردية داخلية حيث الانقسام يتعدى حدود الجغرافيا السياسية للبلد إلى ما هو كردستاني وإقليمي وبطريقة أوضح؛ فإننا نقول: بأن أحزابنا وتياراتنا السياسية لها امتداداتها أو بالأحرى لها ولاءاتها لأطراف كردستانية أخرى حيث طرف يخضع لسياسات إقليم كردستان والبارزانية تحديداً وهناك من يخضع لسياسات الأبوجية؛ أي حزب العمال الكردستاني الذي يعتبر حزباً سياسياً يعمل لاستقلال شعبنا في الجزء الكردستاني المحتل من قبل الدولة التركية –أو على الأقل هكذا يفترض- وهكذا فإن الصراع هو صراع سياسي ونفوذي وأي فريق يبسط هيمنته على باقي أجزاء كردستان، كما علينا أن لا ننسى بأن الدول الغاصبة لكردستان هي الأخرى لها يدها في الواقع الراهن والضغط على بعض هذه المجموعات والأطراف السياسية الكردية داخل روجآفا (سوريا)، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فإن المجلس الوطني الكردي جزء من الائتلاف الوطني السوري وهو خاضع تماماً لإملاءات تركيا، بينما الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي يعتبر قريباً –أو امتداداً- للعمال الكردستاني بحسب الفريق الآخر وكلنا يعلم بأن تركيا والعمال الكردستاني في صراع دموي منذ عام 1984 وذلك بعد إعلان الأخير الكفاح المسلح بهدف تحرير شمال كردستان من الاحتلال التركي وبالتالي وفي ظل هكذا صراع، كيف يمكن أن يكون هناك توافق كردي كردي (سوري). بقناعتي دون ضغط وحاجة دولية لذاك التوافق، كما حصل مع كرد إقليم كردستان (العراق) وذلك عندما ضغطت أمريكا على طرفي الصراع الكردي حينذاك؛ أي كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وكانت المصافحة المشهورة -بحضور وزيرة خارجية أمريكا حينها “مادلين أولبرايت”- بين الزعيمين الكرديين؛ مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان سابقاً والراحل جلال طالباني الذي أصبح رئيساً للعراق فيما بعد، لا يمكن القول: بأنه سيتحقق توافق كردي سوري وأعتقد بأن الأمريكان يعملون على هذا المحور مؤخراً حيث عقدت عدد من اللقاءات بين الطرفين بخصوص قضية الحوار والتوافق وإيجاد نوع من آلية الشراكة بينهما وهي ما زالت في طور التبلور والتكوين.
*كيف تنظرون إلى مواقف الأمازيغ من القضية الكوردية؟
يؤسفني القول بأنني لست متابعاً بدرجة كبيرة لهذا الجانب من القضية وذلك لانشغالي الكبير بقضايا شعبي وهذه أعتبرها واحدة على نفسي وأمل أن أرمم هذه الفجوة مستقبلاً وربما تكون هذه فرصة حقيقية لي شخصياً للتقرب أكثر من القضية الأمازيغية والتي أعتبرها واحدة من أهم وأعقد القضايا الوطنية والتي يجب حلها وإنصاف الأخوة الأمازيغ من خلال تحقيق أماني وطموحات هذا الشعب العريق في حياة حرة كريمة وذلك من خلال الآلية السياسية التي يقرها ويتفق عليها الشعب الأمازيغي نفسه وليس وفق مفهوم الدول التي تحتل جغرافية الأمة الأمازيغية، طبعاً إقراري بضعفي في هذا الجانب لا يعني بأنني غير متابع للواقع السياسي للشعب الأمازيغي وما يعاني من تهميش وإنكار للوجود والحقوق، لكنني لست بذاك الإلمام الكبير الذي يجعلني أقول وبوضوح وجلية موقف التيارات السياسية للأخوة الأمازيغ، أما بخصوص المزاج العام والرؤية الكلية، فإنني على دراية تامة ومتابعة لا بأس بها؛ بأن الأخوة الأمازيغ يقفون موقفاً مسانداً وداعماً للقضية الكردية وهو موقف يحظى باحترام وتقدير من قبل شعبنا بمختلف تياراتها وأحزابها السياسية.. وبالمناسبة هو الموقف الطبيعي نظراً لواقع شعبينا حيث التماثل في الكثير من المفاصل الأساسية في الحالتين، كما أن الموقف الكردي عموماً هو موقف أخوي داعم لقضايا الشعب الأمازيغي، كوننا نعاني من سياسات نفسها حيث التهميش والإقصاء والتنكيل والحروب والمجازر ضد شعبينا وبالتالي فمن الطبيعي، بل الواجب أن تتكاتف الشعوب المستضعفة لنيل حريتها أسوةً بشعوب المنطقة والعالم ومنهم الشعبين الكردي والأمازيغي.
“وجدت عددا من أوجه التشابه، بل التطابق في واقعي القضيتين أو التجربتين، تاريخياً حضارياً وواقعاً سياسياً راهناً”
*ما هي أبرز نقاط التلاقي والتشابه بين الكورد والأمازيغ ؟
أشكرك.. هذا السؤال سوف يخفف عبأ السؤال السابق وذلك عندما أوضح للأخوة والأصدقاء الأمازيغ؛ بأنني أحاول وبقدر ما يسمح لي الوقت، بأن أتابع قضايا الشعوب المستضعفة والتي تتشابه مع قضايا شعبي وعلى رأسها القضية الأمازيغية وبالمناسبة يشرفني صداقة كل الأخوة الذي يتواصلون معي عبر صفحات التواصل الاجتماعي والتي باتت منافذ ممكنة للإطلال على حدائق الآخرين.. وبخصوص السؤال ومن خلال متابعتي لكل من قضيتي شعبينا يمكنني القول؛ بأنني وجدت عدد من أوجه التشابه، بل التطابق في واقعي القضيتين أو التجربتين، تاريخياً حضارياً وواقعاً سياسياً راهناً ودعني أعددها في عدد من النقاط ولو بعجالة:
– إن شعبينا تعدادهما بالملايين وما زالا محرومين من كيان وطني سياسي يضم أبنائها.
– بل إننا نخضع كأمازيغ وكرد إلى احتلال متعدد الرؤوس والدول والثقافات حيث الكرد يخضعون لاحتلال تركي، عربي، فارسي وكذلك فإن الأخوة الأمازيغ يخضعون لاحتلال ليبي، تونسي، مغربي، جزائري، موريتاني، نيجيري، مالي .. وآخرين وللأسف؛ أي وكما وصفتها في كتاب لي بعنوان “كردستان مستعبدة دولية”، فهكذا يبدو إن الكرد والأمازيع واقعون تحت الاستعمار أو بالأحرى الاستعباد الدولي، كما قلت قبل قليل.
– كذلك فإننا نشترك -أو على الأقل- الغالبية ونتيجة الغزوات الإسلامية، خضعنا للدين الإسلامي على مذهب أهل السنة والجماعة مع وجود طوائف ومذاهب وأديان أخرى داخل مجتمعينا.
– أيضاً وبخصوص اللغة، فإن واقعنا الثقافي الحضاري يسجل مرة أخرى واقعاً متشابهاً حيث وكما الأمازيغية لغةً تمازج ثقافي بين أكثر من جغرافيا وحضارة بحيث تعتبر لغة أفروأسيوية، فإن الكردية تعتبر هي الأخرى نتاج تداخل وتمازج حضاري هندوأوربي.
– أما من الجانب الاجتماعي؛ فإن مجتمعينا ونتيجة سياسات الحكومات الغاصبة بقي واقعاً اجتماعياً قبلياً رعوياً وزراعياً مؤخراً ولم تتمدن إلا في بعض المناطق وخلال السنوات الأخيرة وذلك نتيجة الثورة التقنية وحاجة المجتمعات والدولة لذاك التمدن الجزئي.
– ثم ما لفت انتباهي هي قضية أخرى قد تبدو للبعض هامشية وثانوية ولكنني أعتبرها إحدى أهم الخاصيات المتعلقة بسلوكيات الإنسان المقهور وأقصد قضية التنفيس عن المشاعر والضغوطات النفسية من خلال سلوك اجتماعي يمكن أن يعتبر ميزة هذه المجتمعات التي تتعرض لسياسات القهر والظلم والاحتلال من قبل الآخرين وتمنع من ممارسة حياتها الطبيعية –شعوباً وأفراداً- وبالتالي فهي تلجأ إلى إيجاد بدائل وسبل تخفف من ذاك الواقع المرير من جهة وكذلك تنقل ثقافة الآباء للأبناء كوسيلة معرفية ثقافية وللتوضيح نقول؛ بأن الكرد ونتيجة واقع الاحتلال الطويل وحرمان الكرد من التعلم ونقل ثقافة الآباء عن طريق التدوين، فقد أبتكر شعبنا الملحمة الغنائية، بل الغناء والرقص عموماً أصبحت ميزة ثقافية كردية، تقرأ من خلاله التاريخ الكردي ومعاركه وحروبه وسير أبطالها وحتى تتعرف من خلال تلك الأغاني على جغرافية كردستان ولهجاتها وثقافاتها وقبائلها.. بمعنى؛ أن الغناء الكردي هو الوعاء الثقافي لمجتمعنا عموماً ويبدو أن قضية الإنشاد والغناء عند الشعب الأمازيغي وكذلك “الضحك” ليس بالمعنى الدارج والساذج، بل بالمعنى الثقافي والتي في جزء منها السخرية من الواقع لدرجة “أصبحت فن القول الشفهي القديم و الكتابة الحديثة سواء لدى الأمازيغيين” هو الآخر يشكل الوعاء الثقافي لهذا الشعب العريق وذلك نتيجة حرمانهم -كما الكرد- من ممارسة ثقافتهم في إطار اللغة التدوينية.
بالمحصلة ما يجمعنا هو الكثير، لكن الأهم بقناعتي إننا أصحاب قضية ووطن محروم ومقسم بين عدد من الدول الغاصبة وعلينا بالتالي التكاتف وتقديم الدعم للآخر حيث من حق أبناء شعبينا نيل حريته واستقلاله السياسي.
“واقعنا الثقافي الحضاري يسجل مرة أخرى واقعاً متشابهاً حيث وكما الأمازيغية لغةً تمازج ثقافي بين أكثر من جغرافيا وحضارة بحيث تعتبر لغة أفروأسيوية، فإن الكردية تعتبر هي الأخرى نتاج تداخل وتمازج حضاري هندوأوربي”
*في نظركم ما هي السبل الممكنة والناجعة لتطوير علاقة الشعبين ؟
بكل تأكيد إن قضية الحوار الفكري والثقافي يشكل أهم الجسور التي يمكن عبرها عبور المسافات والتلاقي مع الآخر وأعتقد هذا الذي تقومون به هو جزء من مشروع فكري وثقافي يمكن أن يشكل مع روافد أخرى جدولاً معرفياً للتلاقي والحوار والتعاطف خاصةً وكما نوهنا؛ بأن واقع شعبينا تحت التقسيم والاحتلال المتعدد الأقطاب والثقافات يجعلنا في خندق واحد وبالتالي فإن الجانب الحسي الشعوري وكذلك الثقافي والأخلاقي يدفع شعبينا لاعتبار الآخر شريكاً في المعاناة ولذلك نأمل من مثقفي الشعبين وكذلك حركاتنا السياسية والتي تعتبر جزء من الوعاء الفكري والثقافي العام لشعوبها، بمد جسور التواصل والالتقاء واعتقد وبحسب إطلاعي هناك الكثير من الفعاليات والمبادرات، لكن ليست بالحجم والدور المطلوب وهنا يمكن لإقليم كردستان أن يلعب دوراً ريادياً لما يملك من إمكانيات وظروف يؤهله إلى لعب دور وساحة لتلاقي نشطاء ومثقفي ومفكري الطرفين، كما أن الإعلام بات سهلاً ومتداولاً بيد الجميع مع صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بحيث تصبح هي الأخرى ساحات للحوار وتبادل الرؤى والأفكار وبالتالي التعرف أكثر على الآخر.
*مساحة حرة للتعبير عن ما تود قوله؟
أعتقد قلت بما فيه الكفاية، لكن بقي أن أشكرك لمبادرتك الكريمة ومن خلالكم أشكر الجريدة وموقع العالم الأمازيغي لإتاحتكم لي هذه الفرصة الطيبة بالإطلال من خلال نافذتكم على العالم الأمازيغي والأخوة والأخوات الكرام وذلك للتعريف بقضية شعبي مع التمنيات أن تكون السنوات القادمة سنوات تلاقي أكثر وفي عالم تسوده الحرية والمحبة بين شعبينا وكل شعوب العالم حيث الحياة الحرة الكريمة وفي أوطان مستقلة ودون حروب ونزاعات بين شعوبها، فإن شعوبنا تستحق حياة أفضل .. تمنياتي مجدداً لشعبينا ولكل شعوب العالم بالحرية ولكم ولكل الأخوة الأمازيغيين محبتي الخالصة.