محمد خلف الله متقاعد يُكرس تقاعده لتدريس اللغة الأمازيغية في تونس

قال في حوار مع «العالم الأمازيغي»: الأمازيغية روح الهوية وقمة الوطنية في بلدان شمال إفريقيا

قال الفاعل الأمازيغي التونسي، محمد خلف الله، إن “الدافع من تقديم حصص بصفة مجانية وتطوعية في مبادئ اللغة والكتابة بحروف التيفيناغ هو المحبة والتعلق بالأمازيغية كهوية وانتماء وحرصا على الحفاظ على لغتنا الأم الحقيقية التي تعرضت للتهميش والإقصاء والإنكار بهدف القضاء عليها”.

وأضاف في حوار مع “العالم الأمازيغي” أن “تعرضت له الأمازيغية دفعه إلى تعلم الكتابة باللغة الأمازيغية”. وقال “إذا أحس الشخص بالانتماء من أعماقه تنشأ عنده الرغبة في التعلم والحرص على ذلك يكون الأمر يسيرا وإذا كان العكس فلن يفلح وسرعان ما يتخلى عن المواصلة”.

ودعا خلف الله إلى “جعل الأمازيغية صنو الوطنية، فلا أمازيغية دون وطن ولا وطن دون هوية، لأن الأمازيغية هي المنطلق والمسار والمصير فلا وجود لنا دونها”.

◊تونس/ حاوره منتصر إثري

* من يكون محمد خلف الله الذي نتابعه في المواقع الاجتماعية يدرس الأمازيغية في تونس؟

** أزول فلاون، من تونس لأهلنا في المغرب عامة وقراء صحيفة «العالم الأمازيغي» خاصة، محمد خلف الله أصيل مدينة قفصة بالجنوب الغربي لتونس، مقيم بتونس العاصمة متحصل على الأستاذية في التاريخ من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، اشتغلت فترة بالتدريس ثم اشتغلت إطارا برئاسة الحكومة إلى غاية التقاعد الذي أكرسه حاليا من أجل الهوية الأمازيغية في تونس.

* حدثنا عن تجربة تدريس الأمازيغية في تونس؟

** من خلال النشاط الميداني في إطار العمل صلب المجتمع المدني والنسيج الجمعوي للتعريف بالأمازيغية ونشر الوعي بها كهوية حضارية وتاريخية أصيلة لعموم الشعب التونسي والاسهام قدر المستطاع في اشعاعها كثقافة ولغة التي حاولت ولا أزال بتقديم حصص بصفة مجانية وتطوعية في مبادئ اللغة والكتابة بحروف التيفيناغ بدافع المحبة والتعلق بالأمازيغية كهوية وانتماء وحرصا على الحفاظ على لغتنا الأم الحقيقية التي تعرضت للتهميش والإقصاء والإنكار بهدف القضاء عليها.

* كيف جاءت فكرة تدريس اللغة الأمازيغية؟

** حرصت وسعيت لتقديم دروس لكل راغب في تعلم الأمازيغية، وهنا أشير إلى مسألة هامة وهي أن إذا أحس الشخص بالانتماء من أعماقه تنشأ عنده الرغبة في التعلم والحرص على ذلك يكون الأمر يسيرا وإذا كان العكس فلن يفلح وسرعان ما يتخلى عن المواصلة، وهذا ما لاحظته عمليا فالأمازيغية أن أحببتها تكون سهلة التعلم وإن توجست وشعرت بالرهبة منها فلن تتعلمها قط.

* هل وجدتم تجاوبا وتفاعلا مع المبادرة ؟

** كان هناك تجاوب معها متفاوت حسب المتعلمين وعدهم، فمنهم من يستجيب ويتقدم للأمام و منهم من ينقطع ويتخلى عن المتابعة وقد سبقت الإشارة للسبب، إضافة إلى محدودية الامكانيات المادية و حتى انعدامها، كغياب فضاءات ملائمة للتدريس وعدم انتظام سير الحصص نظرا الطابع الغير رسمي وانعدام التكوين البيداغوجي الملائم نظرا لمواصلة الدولة التونسية تجاهل الأمازيغية وعدم الاعتراف بها كلغة. ومع ذلك جلبت هذه المبادرة انتباه بعض وسائل الإعلام التي سعت للتعرف عليها من خلال دعوتها لي للحديث حولها.

* وكيف تمكنتم من تعلم الكتابة والقراءة بتيفيناغ ؟

** ما تعرضت له الأمازيغية دفعني إلى تعلم الكتابة بالتيفيناغ من خلال متابعة القناة الأمازيغية المغربية وقناة ليبيا ابرارن قبل قصف مقرها في العاصمة الليبية طرابلس، مع النصيب القليل الذي أعرفه من اللغة الأمازيغية، وبعد تجربة تعلم اللغة في نطاق نشاط الجمعيات الأمازيغية خاصة في الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية التي كنت منتميا وعضوا فيها.

* دعنا نفتح ملف الحراك الأمازيغي في تونس كيف تنظرون إليه من وجهة نظركم؟

** شخصيا أرى أن الحراك الأمازيغي الحديث العهد في تونس يتسم بخاصيتين تميزانه عن نظراءه في منطقتنا، الأولى طابعه الثقافي السلمي صلب المجتمع المدني والثانية وجود هام وفاعل للعنصر النسوي وبعده الوطني الشامل.

* ما هي التحديات والاكراهات والعقبات التي تواجه الحراك الأمازيغي؟

** عرف الحراك الأمازيغي التونسي منذ انطلاقه بعد سقوط الدكتاتورية حيوية و نشاط في بداياته رغم قلة الخبرة و الإمكانيات، لكن شهد بعدها تراجعا نتيجة غياب التنسيق و انتظامه بين النشطاء بسبب الاختلاف في جهات النظر و الحساسيات مما سبب تشتتا ضارا و قد انعكس سلبا ببروز من ينادون بتجاوز الطابع الثقافي الجمعوي للحراك والانتقال به إلى السياسة، و قد قعت محاولات تأسيس أحزاب أمازيغية لم يتم الترخيص لها مثل حركة أكال التي لم تنجح في فرض وجودها ميدانيا وكسب أنصار و تكوين قاعدة شعبية، وهذا حسب رأيي المتواضع مرده غياب مرجعية فكرية أمازيغية في تونس رغم كون الأمازيغية هويتنا و نعيشها، إلا أن الأغلبية الساحقة للتونسيين غير واعين بها و هو ما يتطلب العمل على محاولة تقريب مفهوم الأمازيغية بطريقة سلسة مبسطة لأذهان الناس رغم دقة المسألة لكون الأمازيغية محيط شاسع يعسر سبر اغواره لتعدد جوانبها من هوية و لغة و حضارة و تاريخ و فلسفة حياة، فكل جانب منها يتطلب بحوثا و دراسات معمقة إضافة إلى ما تثيره من حساسيات و ما لفق لها من تهم نتيجة الجهل بحقيقتها و هو ما يستوجب عملا فكريا متواصلا لرفع الالتباس وتوضيح الرؤيا بسبب غشاوة اقحام المقدس في الموضوع و الخلط المتعمد بين الهوية و الدين.

* هل هناك تأثير للحراك الأمازيغي في مختلف بلدان شمال إفريقيا على الوضع في تونس؟

** سمحت وسائل الاتصال و شبكات التواصل الاجتماعي بوجود علاقات خلقت تقاربا و تفاعلا أغلبه إيجابي بين الفاعلين في الحراك الأمازيغي التونسي و اخواتهم في بقية بلدان تامزغا ( شمال إفريقيا ) وتعززت العلاقات بين الجميع أكثر لما انتقلت من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، لكن خصوصية الوضع التونسي بقلة عدد الناطقين بالأمازيغية و قلة أكثر للواعين و المعنيين بالشأن بالأمازيغي جعل من الحراك في تونس يتخذ مسارا ثقافيا مدنيا كما سبقت الإشارة إلى ذلك بخلاف الحركات الأمازيغية لدى جيراننا التي برز الطابع السياسي جليا فيها و هذا يجعل تأثيرها محدودا.

* المعروف أن أغلب حاملي مشعل الأمازيغية في تونس اليوم من النساء لماذا في رأيكم؟

** أشرت في حديثي عن مميزات الحراك الأمازيغي في تونسي إلى الوجود الهام و الفاعل للعنصر النسوي فيه وهذا يعود إلى وضعية المرأة في تونس القانونية و الاجتماعية المتسمة بحرية و إرادة و مشاركة فاعلة أكثر في المجتمع أكثر من أخواتها في المنطقة، وهذا نتيجة إرثها الأمازيغي حتى قبل صدور مجلة الاحوال الشخصية في عهد الزعيم الراحل مؤسس دولة الاستقلال الحبيب بورقيبة و قبله مناداة الزعيم النقابي الراحل الطاهر الحداد بتحرير المرأة و قبلهما أروى القيروانية و الصداق القيرواني، فنحن الأمازيغ مجتمع امومي في الأصل محوره المرأة باعتبارها حارسة القيم و التقاليد و منشئة الاجيال و ما يما ديهيا و تبن هينان و أم ملال الصنهاجية و زينب النفزاوية و غيرهن إلا أسماء بارزة لعبت دورا في تاريخنا و مجتمعنا و حفيداتها اليوم يواصلن السير على خطاهن.

* رسالتكم عبر «العالم الأمازيغي» إلى الأمازيغ هنا في تونس وباقي بلدان «تامزغا»؟

** خير ما اختم به الحوار أتوجه عبر صحيفة العالم الأمازيغي بنداء بجعل الأمازيغية صنو الوطنية فلا أمازيغية دون وطن ولا وطن دون هوية، لأن الأمازيغية هي المنطلق والمسار والمصير فلا وجود لنا دونها، لأنها بكل وضوح هي روح الهوية وقمة الوطنية في البلاد الشمال إفريقية، فلنضع الأمازيغية فوق كل اعتبار ونتكاتف ونتضامن لصون بلداننا ونلم شملنا في تامزغا الأمازيغية الموحدة.

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *