أعلنت حكومة مدريد رسميا عن تعليق برنامج تدريس اللغة والثقافة المغربية اعتبارا من العام الدراسي المقبل، مشيرة إلى أن الاتفاقية الحالية “تفتقر إلى الضمانات الكافية لتشغيلها السليم”.
وتبرر حكومة مدريد قرارها بإلغاء الاتفاقية، بغياب الرقابة الكافية على كفاءة المعلمين المنتدبين من المغرب ومدى إتقانهم للغة الإسبانية، بالإضافة إلى عدم وضوح المعايير التي يتم بموجبها اختيارهم. كما تشكو الوزارة من عدم توفر معلومات دقيقة حول المناهج التعليمية التي يتم تدريسها، وعدم دمجها للغات الرسمية للبلاد بيما فيها اللغة الأمازيغية، مما يثير تساؤلات حول محتوى البرنامج وتوافقه مع مبادئ الاندماج في النظام التعليمي الإسباني.
وتعد هذه الخطوة، التي تم إبلاغها لوزارة التربية والتعليم، بمثابة إنهاء لاتفاق ثنائي بين إسبانيا والمغرب، والذي كان يسمح بتعيين معلمين مغاربة لتدريس اللغة والثقافة المغربية في مدريد.
وتبرر وزارة التعليم الإسبانية القرار بعدم وجود رقابة على المعلمين الذين يتم إرسالهم من المغرب، وهو ما وصفه حزب فوكس، ب “التجزئة”.
وصرحت رئيسة حزب الشعب، إيزابيل دياز أيوسو، بأن البرنامج يعاني من “أوجه قصور خطيرة في الرقابة والمعلومات”، أي انه لا يضم جميع جوانب اللغة والثقافة المغربية، وفيها إقصاء للقيم الكونية التي تزخر بها الثقافة الامازيغية.
ووفقا لوزارة التربية والتعليم بإقليم مدريد، التي يرأسها إميليو فيسيانا، لا تتوفر بيانات حول التأهيل التربوي أو إتقان اللغة الإسبانية للمعلمين المغاربة، ويقتصر اختيارهم على كونهم موظفين عموميين في المملكة المغربية.
كما أعربت وزارة التربية والتعليم الإسبانية عن قلقها بشأن ما إذا كانت وزارة التربية والتعليم المغربية تفحص الممارسات التعليمية لهؤلاء المعلمين أو تتحقق من كفاءتهم وفقًا “لدليل الممارسة الجيدة للمعلمين”، منتقدة “عدم وجود ضمانات تخص اندماج الطلاب بشكل صحيح في النظام التعليمي الإسباني”.
وتعتبر فوكس الآن أن هذا القرار هو تحقيق لأحد أولوياتها في قضايا التعليم والهجرة.
تداعيات دبلوماسية واجتماعية
يندرج برنامج اللغة والثقافة المغربية ضمن اتفاقيات التعاون الثقافي بين إسبانيا والمغرب منذ سنوات. ويهدف إلى تسهيل الحفاظ على اللغة والثقافة الأم للطلاب من أصول مغربية، دون أن يتعارض ذلك مع اندماجهم في النظام الإسباني، لكن هذه المناهج تقصي جانبا مهمة من الثقافة المغربية، ولغة رسمية للبلاد، والمتمثلة في اللغة الامازيغية، التي تم ترسيمها سنة 2011 في الدستور المغربي، ولم يتم إدراجها في مقررات تدريس أبناء المهاجرين، رغم أن نسبة كبيرة منهم ذوي أصول أمازيغية، وهذا بحد ذاته، سيعيق اندماجهم داخل المجتمع الاسباني.
وقد يكون لإعلان حكومة مدريد تداعيات على المستوى الدبلوماسي والاجتماعي، حيث تستضيف مدريد واحدة من أكبر الجاليات المغربية في إسبانيا، وقد يولد القرار توترات بين الوزارة والمنظمات التي تدافع عن تعليم متعدد الثقافات.
يمثل قرار مدريد سابقة سياسية في إدارة برامج التعاون الثقافي في المجال التعليمي، بينما ينتظر آلاف الطلاب والأسر المتأثرة إجابات واضحة حول البديل التعليمي الذي سيكون متاحا لهم في الدورة القادمة وسيتابعون خطوات مدريد. وفي سياق الاستقطاب المتزايد، يضيف هذا الإلغاء نقطة خلاف جديدة حول التوازن بين الاندماج والهوية والرقابة المؤسسية في المدارس العامة، من جهة وتعديل البرامج وإدماج اللغات الرسمية للبلاد وبنيتها الثقافية والهوياتية ككل من جهة أخرى.