بعد مرور 25 عاما على عقد المؤتمر العالمي المعني بالمرأة في بيجين، والذي شكل حجر زاوية في الدفع قدما باتجاه المساواة في الحقوق، بيّن تقرير جديد للأمم المتحدة أن العنف ضد المرأة والفتاة ليس فقط أمرا شائعا ولكنه مقبول أيضا على نطاق واسع.
وأكد التقرير المعنون ب “عصر جديد للفتيات” والمكون من 40 صفحة، والذي اعدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الخطة الدولية غير الحكومية، بأن هناك عدة مكاسب كبيرة تحققت في مجال تعليم الفتيات، إلا أنه لم يتحقق سوى القليل في مجال خلق بيئة أكثر مساواة وأقل عنفا من أجلهنّ،
وحذرت مديرة منظمة يونيسف، هنرييتا فور، من أن حكومات العالم تعهدت بالالتزام إزاء المرأة والفتاة، ولكنها لم تفِ سوى بجزء من وعودها. مضيفة “بينما حشد العالم الإرادة السياسية لإرسال العديد من الفتيات إلى المدرسة، فقد قصّر وبشكل مخجل في تزويدهنّ بالمهارات والدعم الذي يحتجنه من أجل تشكيل مصائرهنّ والعيش بأمان وكرامة.”
وسلط التقرير، الذي صدر قبل الدورة الرابعة والستين للجنة وضع المرأة، والتي ستعقد في الأسبوع المقبل، الضوء على عام 2016، حيث شكلت النساء والفتيات 70% من ضحايا الاتجار في العالم، ومعظمها كانت تتعلق بالاستغلال الجنسي، وعلاوة على ذلك، فإن واحدة من بين كل 20 فتاة بين أعمار 15 و19، تعرّضت للاغتصاب.
وقد تم إطلاق التقرير تزامنا مع حملة “جيل المساواة” التي تقودها هيئة الأمم المتحدة للمرأة وتستضيفها كل من المكسيك وفرنسا، وتسعى الحملة إلى تنشيط حوار عالمي للعمل والمحاسبة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، ولإحياء مرور 25 عاما على إعلان ومنهاج عمل بيجين.
وقالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو-نوكا، إنه منذ عام 1995 في بيجين، عندما ظهر أول تركيز على قضايا “الفتاة الطفلة” سمعنا من فتيات يطالبن بحقوقهن وينادين بالمساءلة؛ وأضافت “لكن العالم لم يصل إلى مستوى توقعاتهنّ في إشرافٍ مسؤول عن هذا الكوكب، وحياة من غير عنف، وآمال في استقلال اقتصادي.”
ويغطي تقرير “عصر جديد للفتيات” الممارسات التي تلحق الأذى بالفتيات، مثل زواج الأطفال والختان، وهذه الممارسات تعيق وتدمر حياة وإمكانيات ملايين الفتيات حول العالم.
وبحسب التقرير، كل عام تتزوج 12 مليون طفلة وتتعرض أربعة ملايين فتاة لخطر الختان.
وأضافت مديرة هيئة الأمم المتحدة للمرأة “طالما يتحتم على النساء والفتيات أن يستخدمن الوقت والطاقة في الأعمال المنزلية أكثر بثلاثة أضعاف عما يستخدمه الرجال، فإن الحصول على فرص متساوية لانتقال الفتيات من المدرسة إلى وظائف آمنة سيكون بعيد المنال.”
ولاحظ التقرير أنه خلال العشرين سنة الماضية، انخفض عدد الفتيات اللاتي لا يذهبن إلى المدرسة بنحو 79 مليون فتاة، وخلال العقد الماضي، فقد ازداد عدد الفتيات اللاتي يحصلن على التعليم الثانوي أكثر من الأولاد، إلا أن التقرير ذكر سلبيات تتعلق بتغذية الفتيات وصحتهن.
فعلى سبيل المثال، حوّلت العولمة النظم الغذائية التقليدية إلى طعام معالّج وغير صحي إضافة إلى الابتكار في أساليب تسويق عدوانية تستهدف الأطفال ما أدّى إلى زيادة الاستهلاك إضافة إلى المشروبات المشبعة بالسكر.
وقالت مديرة يونيسف: “إن توفير التعليم لا يكفي، يجب تغيير عادات الناس وتصرفاتهم إزاء الفتيات.”
وفي هذه الأثناء تتنامى الشواغل بشأن الضعف في الصحة العقلية والتي تفاقمها الاستخدامات المفرطة للتكنولوجيا الرقمية، وكشف التقرير النقاب عن أن الانتحار هو ثاني أسباب الوفاة بين الفتيات اليافعات، أما السبب الأول للوفاة، فيتعلق بمضاعفات الولادات والأمومة.
كما أوضح التقرير أن نحو 970 ألف فتاة يافعة بين 10 و19 عاما لديهن نقص المناعة المكتسب أو الإيدز، أي أنهن يشكلن ثلاثا من بين كل أربع حالات جديدة تصيب اليافعين، مقارنة بنحو 740 ألف فتاة عام 1995.
وأضافت هنرييتا فور أن المساواة الحقيقية ستتحقق عندما تشعر الفتيات بأنهن في مأمن من العنف ولديهن حرية في ممارسة حقوقهن وقدرة على التمتع بفرص متساوية في الحياة.