إن أي متتبع للوضع الهيدرولوجي لمنطقة أمغى، سيتضح له أن هذا المجال يعاني من إكراهات مائية نتيجة أسباب متعددة، هذا المجال الذي لازال يعتمد على صبيب وديانه الموسمية في إغناء فرشاته الباطنية ،كواد غريس ،افركلا .. و تكون الحصيلة المائية بفرشات هذا المجال إيجابية مع ارتفاع منسوب هذه الأودية خصوصا بفصل الشتاء الذي يعرف تساقطات مطرية متوسطة.
و تبقى الفصول المائية الجافة الأكثر حضورا ،و لا يمكن الحديث عن التهديدات المائية التي يعرفها أمغى بمعزل عن العالم كله، لأن أسباب التقلبات المناخية مايصاحبها من انعكاسات سلبية على المجالات ، تبقى حاضرة نتيجة الانحباس الحراري الذي يسببه التلوث بشكل عام ، هذه التقلبات التي تأثر بها المغرب و لازال .
إذا استحضرنا جزءا من التاريخ سنستشف أن سنوات 1945,1944 أو ما يسمى بعام البون ،سنوات 95 و 2000 …أن هذه الظاهرة كانت و لازالت بفعل عدة عوامل عالمية و أخرى محلية.
أما بخصوص مجالنا المدروس “أمغى” الذي يمكن تصنيفه كمنطقة صحراوية ذات مناخ صحراوي، يتأثر بالتقلبات المناخية (أمغى)و ما يصاحبها من قلة للتساقطات و ارتفاع لدرجات الحرارة ،
يمكن تلخيص أسباب هيمنة الفصول المائية الجافة و الاجهاد المائي فيه فيما يلي :
● أولا : سوء التدبير الفلاحي
هذه الظاهرة التي يمكن تعريفها بسوء ترشيد المياه في المجال الفلاحي، كيف؟
إن ما وقع بزاكورة من استنزاف حاد للفرشة المائية بفعل مزارع الدلاح يعتبر سوءا للتدبير الفلاحي،لأن الظروف المائية لاتسمح بإقامة تلك المزارع،بحكم أن الدلاح يستهلك كميات هائلة من المخزون المائي للفرشة المائية، و بالتالي فالنتيجة كانت وخيمة جدا،نضوب للفرشة الباطنية و خروج للسكان بمجموعة من المداشر و القرى في احتجاجات مطالبة بتوفير مياه الشرب،
و أمغى في طريقه إلى هذه النتيجة لأن مزارع التمور كثرت و كثر معها استغلال الفرشة الباطنية ،بحيث أن حفر الأبار ارتفع بشكل مخيف ،و ألات الحفر لا تكاد تتوقف عن الحفر ، خصوصا بملعب و توروك.و هذا ما ينذر بكارثة بيئية خطيرة في المستقبل.
رغم الدراسة التي نشرت سنة 2017 من طرف وكالة الحوض المائي،التي صرحت بأن كميات المياه الجوفية بالمنطقة لا تسمح بالقيام بمشاريع فلاحية كمزارع التمور.
● ثانيا : غياب الجهات المسؤولة
إن تدبير المياه بالمغرب خصوصا في المجال القانوني ،مر بعدة مراحل إبتداء من إحداث المخطط الوطني للماء المبني على مجموعة من الركائز و الأليات لتقنين ترشيد و تدبير المياه،و إحداث مؤسسات و وكالات خاصة بتدبير المياه …
و هذا ما غفله الجميع و أصبح السكان يحفرون أبارا أكثر من المتوسط، ساهم في هذا تراخي السلطة المحلية ،بحيث أن كل أشكال الحفر تتم بدون أي رخص قانونية، مع غياب شرطة المياه بأمغى التي أحدثت لحماية الملك العام المائي و مراقبة و تقنين حفر الأبار.
● ثالثا: غياب مشاريع هيدرولوجية
إن أي مجال فلاحي أو شبه فلاحي ،إن لم يتم إحداث مشاريع هيدرولوجيه فيه،يكون مستقبل الفلاحة فيه غير معلوم النتائج ،و يكون سلبيا كحد أقصى من التقديرات، و أمغى لا يملك و لم تحدث فيه للحد الأن أي مشاريع هيدرولوحية تستجيب لحاجيات السكان ،خصوصا بالوادي المسمى تودغى ، فركلا أو توروك، كالسدود التلية أو السدود التحويلة لاستغلال كميات و منسوب مياه هذا الوادي، لأغراض فلاحية بورية أو واحية و إغناء الفرشة المائية .
و هذه من المسؤوليات الملقاة على عاتق الجماعة الترابية ملعب .
● رابعا : غياب الأطر و الكفاءات المحلية عن الشأن المحلي
إن الفئة المثقفة عامة هي المصباح الذي ينير درب أي مجتمع ، و يكون بمثابة جدار حامي له، و غياب هذه الفئة بأمغى عن المشهد يعد من أسباب تأخر عجلة التنمية في هذا القطب، و منها التنمية المائية و البيئية عامة ، بفعل الكفاءات و الأطر تمكنت ساكنة كلميما في الايام المنصرمة بخلق ضغط إعلامي و حقوقي يهدف إلى كبح مشروع استنزافي للفرشة ،و هي نقطة جيدة تحسب لصالح إطاراتها و كفاءاتها.
و هذا ما لا يوجد بأمغى ، غياب هذه الفئة عن المشهد و ترك فئة المعطلين و الشباب المياوم و بعض الرجالات يأخذ زمام الأمور ، يترافع ،ينمي جمعويا،ثقافيا في كل الأصعدة .
و لزاما علي في ظل هذا الإشكال أن أقترح حلولا عملية من أجل وقف هذا النزيف الذي يتعمق يوما بعد يوم ،و يمكن تلخيصها كالتالي:
●إنخراط السكان بشكل مسؤول في التدبير المستدام و العقلاني للهذه المادة الحيوية
● إتحاد جمعيات المجتمع المدني من أجل توعية السكان بهذا الإشكال
● إنخراط أرباب و مالكي الأبار خصوصا بواحة توروك في التدبير المعقلن لهذه المادة،و ذلك بخلق إطار جامع و منظم لهذه المادة.
● تكتل تعاونيات الماء و جمعيات الماء من أجل الترافع و إيصال هذه الاشكالات للجهات المسؤولة .
● إحداث دورية خاصة بشرطة المياه خاصة بأمغى من أجل الوقوف على حالات التنقيب و الحفر غير القانونيين .
● تكتل الأطر بخلق جمعيات حقوقية بالمنطقة تصب في الترافع في مثل هكذا قضايا، مع ابدلعمل إعلاميا و بكل الأصعدة .
● ضرورة إحداث منشأت مائية بكل مراكز أمغى و قراه
و ختاما أقول أن مستقبل أي مجتمع أو مجال رهين بتوفر الموارد المائية فيه ، لأنها أساس و لبنة التنمية في كافة الأصعدة .
بقلم : عماد هاج