إن التركيز على منطقة سوس ماسة ( المحددة جغرافيا بالأطلس الصغير الغربي ) ليس اعتباطيا ، وانما مقصود قصدا ، فهو عرض سياسي بمقاربة اقتصادية لساكنة منطقة ستحتل مستقبلا موقعا جيو-استراتيجيا في سياق دولة الجهات ، ليس فقط كبوابة او جسر نحو افريقيا ، ولكن كمستقر للاستثمار والتنمية المجالية بالمعنى العميق لجبر الضرر الترابي ، صار يمتلك أولوية ظلت دائما حكرا لأقاليم المغرب الشمالية والصحراوية بخلفية المواطنة الامتيازية ، وذلك لأسباب سوسيوتاريخية وسياسية .
والمطلوب ليس الإطناب في تفسير الخطاب او تأويله ، وإنما المطلوب هو تفاعل الأحزاب عبر منتخبيها وخبرائها ببسط موقع قدم من أجل المساهمة تشاركيا في صنع خريطة بديلة عن خريطة الفقر والخصاص الإجتماعي البنيوي ، يمتد وقعها التنموي ، عرضانيا ، من الساحل الأطلسي غربا ، الى الشريط الحدودي في الشرق ، مساهمة حقيقية بهندسة جديدة للاقتصاد السياسي ، حتى لا نجتر مصطلح النموذج التنموي ، بابتذال وعبثية ، وهي فرصة تاريخية ينبغي أن تلعب فيها الدولة دورا استراتيجيا من اجل رد الاعتبار للطبقة الوسطى كحاملة لمشعل الحرية والاعتدال ومطلب المسؤولية الاجتماعية ، وحاضنةلمطالب التغيير والإصلاح ، سواء في هويتها واختياراتها الوسيطة ، وقائدة لطموحات الفئات الهشة ومؤطرة لكفاحاتها.
وكخلاصة ما جاء في الخطاب إعلان عن عرض سياسي و بمثابة مدخل لتفاعل رجال المال و الاقتصاد ، الوطنيين قبل الأجانب ، قبل الحقوقيين والسياسيين ، مما يستدعي إطلاق مبادرات واقعية وخالصة من الديماغوجيا الانتخابوية ، فلا يكفي الزعم بوفرة الخيرات و الثروات المعدنية بأقاليم تزنيت وطاطا وتارودانت وايفني ، دون ربط العرض بهدف تيسير مبرر الولوج الى منطقة واد نون وما تحتها ، وإذ نتمنى لهذا التمرين ؛ كتحدي ورهان ينقذ الوطن من توجسات ” ما بعد الدولة ” ؛ كامل النجاح ، بعيدا عن ايديولوجيا وهم التوزيع العادل للثروة والسلطة دون تضحيات وثمن ؛ نقر بالزامية التعامل بجدية مع نوايا محرر الخطاب الظاهرة ، ولنوجهها ايجابيا ، ولنعتبرها التزاما من الدولة في شخص رئيسها ، مع ملاحظة ومعاينة أن صوت الجغرافيا ، بتمثل دور المواصلات في فك العزلة ، فاق صيت الذاكرة والأمجاد ، التي لم يعد ينفع فيها التواصل التاريخي باستقلال عن القطائع الضرورية .
مصطفى المنوزي
رئيس المختبر المدني للعدالة الاجتماعية.