في خطوة تصعيدية هي الأحدث من نوعها بجماعة تلمي بإقليم تنغير، التي شهدت محطات إحتجاجية عديدة في السنوات القليلة الماضية، خرجت مسيرة إحتجاجية مشياً على الأقدام بحر هذا الأسبوع من أعماق المغرب العميق، و تحت سفوح قمم جبال الأطلس الكبير الشرقي و في عز أيام البرد و الصقيع ، من قرى الجماعة الترابية تلمي إلى مقر عمالة إقليم تنغير، تنديدا بما اعتبره المحتجون “حيفا” في حق التجار بسبب استخلاص جبايات و تدوين مخالفات اعتبرت غير قانونية في حقهم من قبل ممثلي السلطة المحلية، في يوم الخميس الذي يصادف السوق الأسبوعي بجماعة تلمي ، الأمر الذي دفع ساكنة دواوير أيت احديدو لمقاطعة السوق الأسبوعي و الذي يعتبر عصب الإقتصاد المحلي، خاصة و أن الكثير من الدواوير المحيطة بالجماعة و بعض رحل المنطقة الذين يحجون كل خميس إلى تبونشيفت للتبضع و مزاولة أنشطة تجارية متنوعة، جعلت من هذا السوق الأسبوعي مناسبة إقتصادية لا محيدة عنها ..
هذا و حسب مصادر من عين المكان فقد ناهز عدد المشاركين في المسيرة الإحتجاجية أزيد من 500 مشارك رفعوا خلالها شعارات قوية تنادي بإنصاف هذه المنطقة المنسية و التي تقض مضجع ساكنتها مظاهر العزلة و الإقصاء، خاصة و أن مشروع بداية الأشغال في الطريق الجهوية رقم 704 الرابطة بين جماعة تلمي و إغرم نوكدال بإقليم ميدلت، مازال يعرف تعثرا كبيرا رغم الوعود الكثيرة التي قدمت للساكنة ..
إضافة إلى تدني مستوى الخدمات الإجتماعية ، التي يشكل قطاع التعليم والصحة أحد أهم مرتكزاتها كما طالب المحتجون بضرورة بناء مستشفى محلي يخفف من الضغط الكبير على الخدمات الصحية و توفير الأطر الطبية اللازمة لهذا المطلب.
من جهة أخرى تعالت الأصوات المطالبة ، بإلغاء ما بات يعرف بالتصاميم المعمارية في ظل غياب البنيات التحتية اللازمة لذلك ، كما طالب المحتجون برفع المنع المفروض على حفر الآبار بجماعة تلمي خاصة وأن المنطقة تعاني شح متزايد في الموارد المائية ..
يذكر أن دواوير جماعة تلمي تشهد إنقاعات متكررة للمسالك الطرقية، بسبب تساقط الثلوج خلال فصل الشتاء ، وخطر الفياضات و السيول الجارفة صيفاً نتيجة غياب سدود ثلية تجنب هذه المنطقة الجبلية الوعرة، ويلات العزلة و هشاشة البنية التحية المتدنية في واقع حالها، مما يزيد من معاناة ساكنة دواوير جماعة تلمي كل سنة، بالإضافة إلى غياب إستراتيجية واضحة المعالم تجيب عن إنشغالات الساكنة.
هذا و حسب مصادرنا من عين المكان فقد قطع المحتجون إلى حدود هذه اللحظة أزيد من 40 كلم مشيا على الاقدام ، رغبة منهم في إيصال مطالبهم و إسماع صوتهم للجهات الوصية بإقليم تنغير، كما تجدر الإشارة أن المصادر ذاتها أكدت أنه بالرغم من دخول رئيس الجماعة الترابية تلمي احساين آعنوز على الخط من خلال وعود قدمها للمحتجين ، إلا أنهم أصرو على الأتجاه مشيئا على الأقدام صوب عمالة إقليم تنغير .
هذا وتطرح مطالب ساكنة دواوير جماعة تلمي أكثر من علامة إستفهام أمام الجهات الوصية، في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة برفع التهميش والإقصاء على ساكنة المناطق الجبلية، وتزداد حدتها مع كل مناسبة تصضح فيها حناجر مواطني هذا المغرب العميق، الذي يتطلع أبنائه لمستقبل مشرق تشرق معه شمس الكرامة والعدالة الاجتماعية، في مغرب يُطل على عشرينيات القرن الواحد والعشرين بتقدم ملحوظ في مدن وحواضر المغرب الرسمي ، و تخلف صادم في قرى ومداشر المغرب العميق.
■سليمان عطو