معركة لهري: عنوان لرفض السلطة الخارجية

يعتبر يوم 13 نونبر ذكرى معركة لهري التي خاضتها قبائل زيان الأمازيغية بالقسم الشمالي ومن جبال الأطلس المتوسط ضد الاحتلال الفرنسي وذلك سنة 1914م، على مقربة من قرية لهري (على بعد 10 كيلومتر من مدينة خنيفرة)، وكانت هذه المعركة جزء من حرب قبائل زيان المتواصلة من أجل استعادة الحرية والتخلص من التبعية الاستعمارية، ليتسنى للزيانيين ممارسة سياستهم القبلية التي بلغت أوجها على مستوى التنظيم والتشريع والتنفيذ وتفوقت في ما يخص مراعاة الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والأنساق الثقافية للمنطقة؛ كما سبق أن فصل في ذلك Lieutenant Robert Aspinion في كتابهContribution a l’étude du droit coutumier Berbère Marocain .

انتصر الزيانيين بقيادة محمد بن حمو الزياني على القوات الفرنسية بقيادة الضابط “لبيردو Laverdure” والذي قتل خلال هذه المعركة، بعد أن أقامت مراكز عسكرية بالمنطقة -ظنا منها أن الاحتلال كان سهلا-، واجهت قبائل زيان الاحتلال بإمكانيات بسيطة متجاوزة فرق القوة والعتاد، حيث استغل أهل زيان درايتهم الجغرافية لهزم فرنسا التي كانت دولة استعمارية بامتياز وكان لها وزن سياسي وعسكري، كما تمكن أهل زيان من التكتل وتجاوز النزاعات الداخلية، ورغم مجموعة من العراقيل والخيانات من بينها رغبة بعض “المخازنيين” (أمثال؛ باحسين وشقيقه عمر) في قتل حمو الزياني، إلا أن هدف التحرير كان أكبر وصمد إلى أن تحقق.

تكللت المعركة بفقدان فرنسا لـ 33 ضابطا من أصل 43 بمعدل 68,75%، وخمسة جرحى بنسبة 12,5% ونفس النسبة فقط بقيت سالمة، بالإضافة إلى عدد القتلى والجرحى الكبير الذي سجل في صفوف الجنود الفرنسيين، ما مكن المقاومون من غنيمة كل البنادق والرشاشات والمدفعيات… التي بقيت في ميدان المعركة.

اكتست معركة لهري أهمية بالغة وشكلت صدمة لقوى الاحتلال، وهي المعركة التي وصفها كيوم بالكارثة؛ حيث قال أن الجيش الفرنسي لم يسبق له أن تعرض لهزيمة بمقاس هزيمة لهري في كل شمال إفريقيا قبل هذا التاريخ، كما جاء في مصدر: كيوم أوغسطين، البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المركزي (1912-1933)، ترجمة محمد العروصي، بني ملال، 2016، ص.161.

يمكن اعتبار انتصار الزيانيين في معركة لهري؛ إرادة أمازيغية مرتبطة بحب الأرض والحرية ورسوخ هوية النضال والمقاومة في بنية تشكيل مبادئ الأمازيغ وأساس حياتهم العامة، تبرز ضد أي عنصر خارجي؛ يهدد هياكلهم الاجتماعية أو أنساقهم الثقافية أو وحدتهم القبلية أو هويتهم السياسية أو كل هذه العناصر المكونة للإنسان الأمازيغي مجتمعة.

نادية بودرة

اقرأ أيضا

ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك

نظمت شعبة الفلسفة، بالتعاون مع مجتمع الخطاب وتكامل المعارف وماستر الفلسفة المعاصرة: مفاهيم نظرية وعملية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *