مقال رأي: في ضرورة العمل السياسي الحزبي الأمازيغي

بقلم: عبد الواحد حنو

أتذكر في ندوة نظمتها جمعية أريف إثمازيغث بالمركب الثقافي بالناظور، أطرها كل من الأستاذين محمد بودهن و أحمد عصيد، عندما طرح أحد الحاضرين سؤالا يتعلق بالتنظيم السياسي الذي يجمع إيمازيغن، أجابه عصيد بأنه من المستحيل أن نجمع الحركة الأمازيغية في تنظيم واحد.

جواب الأستاذ أحمد عصيد آنذاك لم يكن منبعثا من فراغ، وإنما هي خلاصة وصل إليها عبر تجاربه و تراكمه النضالي، وعبر أبحاثه التي جعلته يخلص إلى أن الحركة الأمازيغية نسق تعمل من داخله تيارات تختلف من حيث طبيعة و مناهج العمل، ولكن يبقى هدفها واحد هو خدمة القضية الأمازيغية في شموليتها، و التي هي قضية أكبر من أن يدعي تيار من التيارات أنه يمتلك الوسائل التمثيلية المشروعة لوحده دون غيره لخدمتها.

إلا أنه وفي ظل هذه التيارات المكونة للحركة الأمازيغية، وجب التطرق إلى أن نشطاء هذه الأخيرة ومناضليها تركوا المعترك الحزبي فارغا تتصارع فيه إيديولوجيات تختلف في التوجهات و المرامي، وتجتمع في العروبة و العداء التاريخي للقضية الامازيغية التي كانوا يربطونها عادة بالنعرات العرقية و بالعمالة للمستعمر وبإحياء الظهير البربري الذي يسعى حسب زعمهم إلى تمزيق البلد الواحد، رغم ما نعرفه وما بينته العديد من الدراسات على زيف التأويلات المغرضة لهذا الظهير.

هذا التوجس والحذر و النفور من تأسيس إيمازيغن لحزب يجابهون به من منطلقهم السياسات التي تسعى إلى إقبار قضيتهم، و يدافعون عبره عن آرائهم تجاه عدة قضايا بنظرة مخالفة لما تراه الأحزاب الآخرى الحاملة لأيديولوجيات أخرى، يعود إلى ترسخات و تمثلات في ذهنية بعض نشطاء القضية الأمازيغية، وبالخصوص في الأوساط الشبابية التي يغمرها الحماس و الاندفاع، حيث ترتعب وتتوجس من العمل الحزبي الذي تراه لصيقا بالعمالة والخيانة، ورديفا للارتماء في حضن المخزن. لذلك، سرعان ما يوضع الداعون إلى تأسيس الحزب الأمازيغي في مرمى التقاذفات والاتهامات، دون بذل الجهد لمعرفة الدواعي التي جعلت العديد من المناضلين يخطون هذه الخطوة بعد رؤيتهم إلى أن ترك الساحة فارغة للخصوم لن تجدي نفعا، وأن تأسيس حزب أو ربما أحزاب تحمل هموم القضية الامازيغية أضحت ضرورة ملحة في هذه المرحلة التي تتوفر فيها الحركة الأمازيغية على قاعدة مهمة من الجماهير ومن طاقات يلتهمها الصمت أمام غياب البدائل التي تتيح لها المشاركة و الادلاء بآرائها.

إن الصورة التي يختزلها جانب من الوعي الأمازيغي على أن أي خطوة في سبيل تأسيس الحزب هو ارتماء بين مخالب الغول، لا تعدوا أن تكون نظرة من ثقب ضيق لا يتراءى عبرها غير التخوف من شيء اسمه الاحتواء. في الوقت الذي من المفروض أن نتفحص ونتمعن في كيفية التأثيرعلى بعض العقليات المرئية و اللامرئية كذلك للمخزن، والتي يتم السكوت عنها سياسيا لأنها تخدم إيديولوجيات المؤسسة الملكية المبنية على العروبة و احتكار المجال الديني لتبرير سلطتها المطلقة. كما تخدم كذلك إيديولوجيات و توجهات المشاركين في اللعبة السياسية، سواء كانوا من الأحزاب المعروفة تاريخيا بعدائها للأمازيغية، أو ذات التوجه الإسلامي، أو أحزاب اليسار العروبي، والتي تلونت مع بروز الخطاب الأمازيغي لتزين مواقفها بشكل محتشم…

لا يمكن بطبيعة الحال أن نبخس دور الحركات الراديكالية التي لها منظور مخالف. ولا يصح القول بأن العمل الحزبي هو الحل السحري للإشكال التنظيمي للحركة الأمازيغية، بقدر ما أن العمل الحزبي عجلة من عجلات الحركة الأمازيغية التي تسير بتياراتها المختلفة نحو نفس الهدف.

شاهد أيضاً

سيدي وساي: تأويلات ممكنة لتاريخ مشهد ساحلي مشهور (الجزء الخامس والأخير)

– الضروف العامة لقيام ثورة بوحلايس أول ملاحظة نريد تسجيلها فيما يتعلق بثروة بوحلايس، انها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *