تشكل الثقافة اللامادية جوهر الحياة الإنسانية و تسهم في تكريس القيم النبيلة و إشاعة السلم و الرقي بالسلوك الاجتماعي و الحس الإبداعي و تعتبر الحاجة إلى التراث اللامادي والرمزي حاجة ضرورية لدى كل فئات المجتمع ، لذا يلزم أن تكون أنشطة التعريف بها وتناقلها عبرالأجيال منفتحة على كل الشرائح الاجتماعية في الفضاء العمومي ؛ إذ تسهم الثقافة اللامادية في تحقيق النمو المتكامل و المتوازن لشخصيتهم و لذلك تعتبر ممارسة حيوية للرقي بالأفراد و المجتمع على السواء، و ترسيخ التقدم الاجتماعي و الثقافي للبشرية إلى الأمام.
و تعتبر المقاهي الأدبية إحدى الفضاءات التي يمكن أن تضطلع بدور التعريف بالممارسات الثقافية الأمازيغية و تعزيز موقع الثقافة اللامادية في الاجتماع الثقافي والمتداول المعرفي، بوصف المقهى فضاءا عموميا يمكن أن يحتضن الفعل الثقافي المتعلق بالتعريف بمظاهر الثقافة الأمازيغية و التحسيس بأهميتها و أن يحتضن الديناميات التي تروم تحقيق هذا المسعى، فالمقاهي الأدبية يمكن أن تكون رافعة للتنمية الثقافية في المغرب.
استنادا إلى هذه المقدمات و استنادا إلى دراسات وأبحاث متعلقة بوضعية المظاهر الثقافية اللامادية ووضعيتها وسبل استدامة وجودها و الديناميات الثقافية بجهة سوس ماسة ، فإن مشروع ” مقهى البحوث: دينامية التعبيرات الثقافية والممارسات الرمزية الأمازيغية” يروم تعزيز حضور الثقافة في الفضاء العمومي و المجال العام عن طريق برنامج ثقافي يسعى لتنشيط المقاهي الأدبية بجهة سوس ماسة و إقامة أنشطة ثقافية وعلمية متعددة تستعيد للتراث اللامادي الأمازيغي وضعه الاعتباري الملائم في المجتمع، و تلبية احتياجات ثقافية بعينها في ضوء كون الثقافة حاجة أساس لدى كل فئات المجتمع، عن طريق إقامة معارض للكتاب متنقلة وإقامة جلسات مطولة مخصصة للدراسة العلمية والمناقشة الأكاديمية لمظاهر من التراث اللامادي في لقاءات مفتوحة مع الجمهور.
كما يروم هذا المشروع استكشاف جوانب من هذه المظاهر والممارسات بالانطلاق من مواقع قرائية معاصرة ومداخل نظرية دقيقة باستثمار مقاربات العلوم الإنسانية ومناقشتها في المجال العام بتأطير من خبراء و باحثين أكاديميين وفاعلين ثقافيين في الشأن الثقافي، قاموا بدراستها بشكل أكاديمي أو أتخذوها منطلقا للإبداع قصد تحديثها وإستدماجها في سياقات تعبيرية وفنية معاصرة، في السينيما والمسرح والفنون البصرية والكتابة الأدبية والنحت والفيديو.
و انسجاما مع هذه المنطلقات فإن مشروع ” مقهى البحوث: دينامية التعبيرات الثقافية والممارسات الرمزية الأمازيغية ” الذي يستمد تسميته من رهاناته على الدينامية المفتوحة على المستقبل، كمشروع يتضمن برنامجا ثقافيا متنوعا من حيث آلياته ووسائطه و محاوره، للإسهام في ديناميية جهوية تهدف إلى التعريف بالمظاهر الثقافية اللامادية الأمازيغية في مختلف أبعادها و تلبية الحاجيات الثقافية للمجتمع لتشجيعها على الإبداع.