مكانة الترجمة من وإلى الأمازيغية ودورها في تعزيز الهوية الثقافية المغربية

عبد الواحد بومصر -الرباط –

تعد الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية أداة أساسية للحفاظ على الإرث الهوياتي والثقافي الأمازيغي ، كما انها أداة حيوية لإنقاذ هذا الإرث في أبعاده المتعددة (لغة وثقافة وتاريخا,,,,) من مختلف العناصر المهددة له عبر تعزيز حضور تجلياته في مختلف مناحي المجتمع. كما إنها -الترجمة- وباعتبارها عملية تسامح لغوي تتيح تحقيق التوازن في سوق اللغات المتداولة، وتساهم في نقل المعرفة لتكون متاحة لحاملي هذا اللسان والثقافة المرتبطة بها إذ إنها توفر إمكانية الانفتاح عليه من قبل دوائر أوسع من المهتمين داخل المغرب وخارجه.

ومن خلال فعل الترجمة، يتم ربط الأجيال المختلفة بتراثها الثقافي، كما تجعل الأمازيغية لغة قادرة على استيعاب مختلف متطلبات الحياة المعاصرة خصوصا في ظل التطور العلمي الحالي.

تلعب الترجمة دورًا استراتيجيًا في إحياء اللغة الأمازيغية وتوسيع نطاق استخدامها في مجالات متعددة مثل التعليم، والإعلام والأدب والتكنولوجيا. فمن خلال ترجمة الأعمال الأدبية والعلمية إلى الأمازيغية على سبيل المثال، يتم تعزيز حضورها في الفضاء المعرفي في شموليته، مما يساهم في توسيع قاعدة الناطقين بها وتطوير مصطلحاتها في مختلف التخصصات. كما أنها تساهم في خلق موارد لغوية جديدة تساعد في تنمية الحوامل البيداغوجية الميسرة لعمليات التعليم والتعلم المتصلة بالأمازيغية.. وتطوير مناهجها.

إلى جانب دورها الوظيفي ، تتيح الترجمة من الأمازيغية إلى اللغات الأخرى مثل العربية، الفرنسية، والإنجليزية نشر الهوية والثقافة الأمازيغيتين على نطاق عالمي.

فترجمة الأدب الأمازيغي، والشعر، والتاريخ أو حتى المادة العلمية التي انتجتها المعرفة الجمعية للشعب الامازيغي بصورها المنطوقة او المنقوشة او المكتوبة إلى لغات أجنبية تُعرف العالم بهذا التراث الغني، كما أن هذه الترجمات لها دورها البارز في التعريف بالقيم الجمالية والفكرية للحضارة الأمازيغية وربطها بالأكاديميين والباحثين وأيضا المؤسسات الوطنية العاملة في هذا الميدان، مما يعزز الوعي بالهوية الوطنية ويمنحها بعدًا دوليًا.

تلعب الترجمة دورًا حيويًا في إدماج الأمازيغية في وسائل الإعلام، حيث يتم دبلجة الأفلام والمسلسلات، وترجمة الأخبار والمقالات الأدبية والعلمية من وإلى هذه اللغة، مما يتيح للناطقين بها متابعة مستجدات العالم بلغتهم الأم.

رغم الدور المحوري الذي تلعبه الترجمة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة، أبرزها نقص الموارد البشرية المتخصصة بشكل مهني في الترجمة من وإلى الأمازيغية، إضافة إلى قلة القواميس الموحدة للمصطلحات العلمية والتقنية، ما يعوق تطورها في بعض المجالات. ومع ذلك، تسعى المؤسسات المهتمة باللغة الأمازيغية إلى تجاوز هذه العراقيل عبر إعداد قواميس رقمية، وتوفير تكوين أكاديمي للمترجمين، كما أنها تعمل على تعميق البحث اللغوي في مسالك الدراسات الأمازيغية بالجامعات المغربية.

لتعزيز دور الترجمة في دعم وتطوير الأمازيغية، من الضروري الاستثمار في تكوين المترجمين وتطوير برامج أكاديمية متخصصة، إلى جانب رقمنة المحتوى الأمازيغي لتسهيل الوصول إليه من قبل المهتمين وعموم الباحثين. كما أن التعاون بين المؤسسات الثقافية واللغوية سيسهم في وضع استراتيجيات فعالة لتعزيز حضور الأمازيغية في مختلف المجالات وذلك تفعيلا لمقتضيات الدستور المغربي.

تمثل الترجمة من وإلى الأمازيغية جسرًا متينًا يربط الماضي بالحاضر، ويسهم في تطوير الهوية الثقافية الأمازيغية في عالم يتجه نحو العولمة. إن دعم الترجمة والعمل على تطويرها ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لضمان استمرارية هذه اللغة العريقة وتعزيز حضورها الفاعل في مختلف الميادين الأدبية، العلمية، والتكنولوجية، فهل نحن مستعدون حقا لمواجهة هذا التحدي والعمل على ترسيخ مكانة اللغة والثقافة الأمازيغيتين في المستقبل؟

اقرأ أيضا

التجمع العالمي الأمازيغي يندد بتدنيس العلم الأمازيغي في ليبيا ويحذر من خطورة هذا الفعل المُدان

عبر التجمع العالمي الأمازيغي عن قلقه واستيائه من قيام بعض الأفراد بارتداء زي وزارة الداخلية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *