مكناس. أساتذة ومهتمون يُناقشون “إكراهات” تدريس الأمازيغية

أجمع عدد من الأساتذة والمهتمين على أنّ ملف تدريس الأمازيغية بالمغرب، يعيش مشاكل كثيرة و”ضبابية” بسبب “الإقصاء الممنهج” الذي يتعرض له ورش تدريس الأمازيغية. والسبب “غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى الدولة المغربية للمصالحة مع الأمازيغية ورد الاعتبار لتدريسها وتعميمها في مناحي الحياة العامة”.

وأكد المؤطرون للندوة الوطنية :”تدريس اللغة الأمازيغية بين إكراهات الواقع و رهانات المستقبل” التي نظمتها “الجمعية الجهوية لمدرسات ومدرسي اللغة الأمازيغية لجهة فاس-مكناس” بتنسيق مع “المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة فاس_ مكناس”، صباح الجمعة 19 أكتوبر الجاري، بمدينة مكناس، أن ملف تدريس الأمازيغية يعيش “مطبات كثيرة”، وأن هناك “زحف على ما تبقى من المكتسبات مما يساهم في إقبار الأمازيغية”.

الراخا: إقصاء الأمازيغية سبب فشل المدرسة العمومية

رجع رئيس التجمع العالمي الامازيغي، رشيد الراخا، سبب فشل التعليم العمومي بالمغرب، إلى “إقصاء” اللغة الأمازيغية “التي هي لغة الأم لجزء كبير من المغاربة”.

وقال الراخا، في مداخلته، إن “الطفل المغربي يجد نفسه يعيش أزمة نفسية حادة عندما يلج المدرسة العمومية”. مؤكدا أن “إقصاء اللغة الأم التي يتعلمها الطفل في البيت، يسبب له “الانفصام الهوياتي والثقافي وبالتالي يدخل في أزمة نفسية بسبب تغيير لسانه قسراً في المدرسة العمومية”.

وأضاف المتحدث في معرض مداخلته، أن:” استمرار إقصاء اللغة الأمازيغية والمحاولات المتكررة لتعريب أبناء المغاربة، خصوصا في المرحلة الابتدائية، يدفعنا لدق ناقوس الخطر إزاء مستقبل الأمازيغية ومستقبل ومكانة الأمازيغية لدى الأجيال القادمة”.

وشدّد رئيس التجمع العالمي الأمازيغي على ضرورة ” فرض اللغة الأمازيغية في المدرسة العمومية ودفع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي لتدريس اللغة الأم للمغاربة في المغرب والخارج”.

كما تطرق الفاعل الأمازيغي إلى “إقصاء اللغة الأمازيغية من اللغات التي تدرس لأبناء الجالية في المهجر. وقال في هذة الصدد:” الدولة تصر على إقصاء تدريس الأمازيغية والتاريخ والحضارة والثقافة الأمازيغية الأصلية لأبناء المهاجرين، مقابل تدريسهم تاريخ السعودية وثقافتها”. حسب تعبيره.

وجدّد الراخا، اتهامه للدولة المغربية بممارسة “العنصرية الممنهجة اتجاه الأمازيغ والأمازيغية”. مذكراً بالتقرير الذي أصدرته المقررة الخاصة بالتمييز العنصري لدى الأمم المتحدة والذي اتهمت فيه المغرب “بممارسة العنصرية الممنهجة اتجاه الأمازيغ والأمازيغية بالمغرب”.

وانتقد الراخا بشدة عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين، قائلا بأنه “سببا مباشرا في ما نعيشه بالمغرب، سواء في التعليم أو في الجهوية “.

أوموش: ملف تدريس الأمازيغية يعيش “ضبابية”

من جانبه، قال الفاعل التربوي، مصطفى أوموش، إن هناك “ضبابية” في ملف تدريس الأمازيغية في المدرسة العمومية. متسائلا ما إن “كانت اللغة الأمازيغية لغة التدريس أم لغة التواصل؟”.

وأضاف أوموش في معرض مداخلته أن ” هناك تناقض بين الرؤية الإستراتيجية لإصلاح المنظومة التعليمية وقانون الإطار. مبرزاً أن “الرؤية الإستراتيجية تتحدث على أن يكون التلميذ في مستوى البكالوريا قادرا على التواصل باللغة الأمازيغية، في حين قانون الإطار يقول أن يكون متقنا للغتين الرسميتين للدولة”.

وزاد المتحدث :” إذا كانت اللغة الأمازيغية رصيدا مشتركاً لجميع المغاربة كما جاء في ديباجة الدستور وفي القوانين التنظيمية للأمازيغية، فيجب التفعيل وتدريس الأمازيغية لجميع المغاربة وبدون استثناء بالخصوص للمغاربة المقيمين بالخارج والمغاربة المسجلين في مدارس البعثات الأجنبية”.

وأضاف الفاعل الأمازيغي أن :” تعميم تدريس الأمازيغية واجب على الدولة وليس اختياريا”. وأفاد أن ” لا القانون التنظيمي ولا قانون الإطار ولا الرؤية الإستراتيجية تحدث عن تدريس الأمازيغية لأبناء الجالية”.

وأكد أوموش بدوره عن غياب إرادة سياسية حقيقية للمصالحة مع الأمازيغية، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة بخصوص الأمازيغية”، موضحا أن “الغلاف الزمني للأمازيغية يجب أن يكون هو نفسه الغلاف الزمني المخصص للعربية”، مضيفاً أن ب”ثلاثة ساعات لا يمكن للتلميذ المغربي أن يكون متقنا لها بعد حصوله على البكالوريا ، كما من المستحيل تعميم اللغة الأمازيغية في ظرف خمس سنوات كما جاء في القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في ظل إيقاع التوظيف المخصص للأمازيغية من طرف الوزارة الوصية”.

أوقا: المعهد أصدر دلائل لتدريس الأمازيغية

بدوره، تحدث الباحث في الديداكتيك والبرامج البيدغوجية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كمال أوقا، عن الإصدارات التي أصدرها المعهد والمتعلقة بملف تدريس الأمازيغية.

وقال أوقا إن”المعهد أصدر دليلا للتدريس على المستوى الابتدائي، وأنه بصدد اعدد دليل منهجي لتدريس الأمازيغية للكبار”، مشيرا إلى أن تدريس الأمازيغية للكبار يحتاج الدلائل”.

وقال المتحدث، إن “اللغة الأمازيغية موحدة من حيث الكتابة وقواعدها”، مبرزا في معرض مداخلته أن ” التنوع الذي يشكل مصدر غناء للأمازيغية موجود في الدلائل التي أصدرها المعهد”.

وقال كمال اوقا، إن :”مجموعة من الأساتذة أعطوا الأهمية لتدريس الأمازيغية”. مضيفا في ذات السياق أنه ” تم إصدار عدد من البحوث في مراكز التكوين”.

وأضاف الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية :” من جملة ما يجب التركيز عليه حاليا هو ما العمل، وكيف يمكن إحقاق الإنصاف وتكافؤ الفرص”.

اوباها: أستاذ الأمازيغية يعاني من “الظلم”

يوسف أوباها، أستاذ اللغة الأمازيغية وباحث في اللسانيات، عدّد المشاكل الكثيرة التي يعاني منها أساتذة تدريس اللغة الأمازيغية في مختلف الأكاديميات ونيابة التعليم.

وركز اوباها على ما قال عنه “الظلم الذي يعيشه أساتذة الأمازيغية في مراكز التكوين”، كما تحدث عن “مشكل تصدير الأساتذة”.

كما تحدث أستاذ اللغة الأمازيغية عن غياب الخطة الإستراتيجية الواضحة للتعيينات التي تشرف عليه الوزارة”، مشيرا بدوره إلى “ضبابية وغياب مذكرة واضحة لتدريس الأمازيغية”. مؤكدا في ذات على ضرورة ” تعميم تدريس الأمازيغية افقيا”.

وقال المتحدث، أن هناك :” عدد من المدراء يفرضون على الأساتذة تدريس أقل من الحصة المخصصة للأمازيغية”. وذكر اوباها عددا من “المشاكل والإكراهات” التي يعيشها أستاذ اللغة الأمازيغية، من بينها “المشاكل المرتبطة بالوسط؛ والآباء غير المستعدون لتدريس الأمازيغية. والمشكل الأكبر هو تدريس الأمازيغية كمكون وليس كمادة أساسية”.

وأكد على ضرورة “تدريس اللغة الأمازيغية كمادة أساسية ولها دور في نقطة التلميذ القيمة”، وكذا في “تكوين المفتشين في التواصل بالأمازيغية”. وقال “هناك مفتشون ليس لهم دراية بمذكرات وقانون تدريس الامازيغية ويعرقلون تدريس الأمازيغية”.

عرجي: إكراهات تواجه تدريس الأمازيغية بالجامعات

بدوره، قال محمد عرجي، أستاذ جامعي في شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة فاس-سايس، إن ملف تدريس الأمازيغية في الجامعات المغربية تواجهه تحديات وإكراهات”.

وأوضح أن من بين الصعوبات والإكراهات التي تواجه الأمازيغية في الجامعات:” نقص ونذر في الكتب وفي الحوامل البيداخوجية والموسوعات، ونقص في الموارد البشرية، وكذا التأطير والنقص في الأساتذة المتخصصين”.

وأبرز عرجي الذي قدم لمحة عن تاريخ وسياق تدريس الأمازيغية في الجامعات المغربية، أن “حصار تجربة تدريس الأمازيغية في عدد من المواقع الجامعية، والتمثلات والمواقف السلبية في المحيط اتجاه الأمازيغية، كلها أسباب ترخي بظلالها وتؤثر على ملف تدريس الأمازيغية بالجامعات”.

وزاد المتحدث :” مع الأسف الأمازيغية أصبحت موضوعا للتدريس أكثر منها لغة التدريس”.

وأضاف الأستاذ الجامعي :” أنا الأوان للقطع مع التعاطي السياسوي مع الامازيغية”، والسبيل هو ” التمييز الإيجابي للأمازيغية الذي فرض عليه الحجاب والوصاية، ورد الاعتبار ورمد الهوة وجبر الضرر الذي لحقها لنصف قرن”.

عمري: تدريس الأمازيغية يقوي الشعور بالمواطنة

في معرض مداخلته، أكد سعيد عمري، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين/مكناس، أن تدريس الأمازيغية من شأنه أن يساهم في “الشعور بالمواطنة لدى الناشئة وتقوية الوعي بالذات المغربية والشخصية الوطنية”.

وأضاف عمري في مداخلته، أن تدريس الأمازيغية والاهتمام بها، من شأنه :” تحقيق مجموعة من الغايات التي يمكن أن تفيد المغرب اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا”. وسوف “يساعد في إنقاذ المدرسة العمومية والتصالح مع الذات”.

وأشار الأستاذ المكون بمركز مكناس، إلى الدور الذي يلعبه المركز في دعم وتنمية شخصية الأستاذ”. وقال إن “تدريس الامازيغية في المركز الجهوي بمكناس أقبر السنة الماضية”. وطالب المتحدث بإعادة فتحه” مذكرا بمراسلته وإلحاحه على إعادة فتح المركز  الجهوي”.

ووجه الأستاذ عمري ندائه لجميع الجهات المختصة والمعنية بملف تدريس الامازيغية، من أجل العمل على إعداد فتح المركز للقيام بمهامه.

تفاصيل أكثر حول ندوة “الجمعية الجهوية لمدرسات ومدرسي اللغة الأمازيغية لجهة فاس-مكناس” في العدد القادم من جريدة “العالم الأمازيغي”.

مكناس/ منتصر إثري

شاهد أيضاً

جمعية “سكان جبال العالم” تطالب بتسريع بناء مناطق الأطلس الكبير المتضررة من الزلزال

جددت جمعية “سكان جبال العالم” فرع المغرب، هياكلها خلال الجمع العام العادي الذي نظمته بمدينة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *