ملاحظات حول “مبادرة” السيد بنشماس

د.عبدالله الحلوي

السيد بنشماس يقترح “خارطة طريق” للتعامل مع احتجاجات الريف تتكون من ثمانية عناصر:

1ـ الإعتراف بالملف المطلبي للحراك.

2ـ “المطالبة بإلغاء المظاهر الصارخة للتواجد الأمني المكثف في المنطقة”.

4ـ إعلان الحكومة عن برنامج تنفيذي مجدول لمشروع “الحسيمة منارة المتوسط” 3ـ محاكمات عادلة في أفق عفو ملكي شامل.

5ـ “إطلاق دينامية تأسيس مجلس إقليمي تنسيقي يضم منظمات المجتمع المدني العاملة بالإقليم” لمتابعة إنجاز المشاريع ولاقتراح أخرى.

6ـ إضافة برنامج تكميلي لمشروع “الحسيمة منارة المتوسط” لأن الأخير غير كاف.

7ـ رفع ملتمس إلى الملك (“رفع ملتمس لجلالة الملك لإسباغ عطفه السامي على المنطقة” بتعبير بنشماس) لصياغة نموذج تنموي خاص بالريف يستحضر توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ويستثمر إمكانيات المنطقة.

8ـ يناشد بنشماس أهل الحراك بالعودة إلى وقف الإحتجاجات والعودة إلى بيوتهم بعد أن أوصلوا الرسالة إلى من يعنيه الأمر.

خلاصة ما يقترحه بنشماس إذن هو: ليوقف أهل الريف حراكهم، وبعد ذلك سنطالب الحكومة أن تنفذ مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” بالإضافة مشروع تكميلي لم يفصح عن طبيعته، وسنلتمس من الملك أن يصوغ نموذجا تنمويا خاصا بالريف.

من نقاط ضعف هذه المبادرة في نظري ما يلي:

1ـ أنها لا تقترح الإطلاق الفوري لكل المختطفين الذين تم القبض عليهم باعتراف المسؤولين أنفسهم ل”تهدئة الريف” لا لجرم ارتكبوه. الإختطاف والإعتقال وسيلتان لقمع الإحتجاج وليس للمحاكمة العادلة، وإلا فلتقبل الدولة بمراقبة دولية إن كانت تصر على المحاكمة. لا يمكن أن تطلب من الناس إعطاء “عربون حسن نية” ولا تطلب ذلك من الدولة أيضا.

2ـ أن هذه المبادرة تفترض بأن أهل الحراك يثقون في الدولة ثقة تجعلهم قادرين على تقديم “عربون حسنة نية” بالعودة إلى بيوتهم. هذا غير صحيح. تجربة الريف المؤلمة مع المخزن جعلته دائما متوجسا منه، وزاد قمع الحراك بالإختطاف والإعتقال والغدر السياسي (تحريض الأئمة والبلطجية وصحافة العملاء) من جو عدم الثقة هذا. إعطاء عربون حسن نية يجب أن يكون من الطرفين معا، وأن يبدأ ممن يملك أدوات القمع لا من المقموعين.

3ـ تتكون الهيئة التنسيقية التي يقترح بنشماس تكوينها من “هيئات المجتمع المدني”، ولكن بنشماس نفسه يعلم أن أهل الحراك لا يثقون في الجمعيات التي تتصيد الفرص للحصول على غنائم سياسية، لذلك فهم يؤكدون أن لا حوار مع الدولة إلى من خلال قادة الحراك الذين اختُطفوا واعتُقلوا ل”تهدئة الريف” كما عبر أحد المسؤولين.

4ـ لم يذكر بنشماس ناصر الزفزافي، أيقونة الحراك الريفي، ولو مرة واحدة في كلامه رغم أن صوره وكلامه وذكرياته تحولت إلى حضور مقدس عند أهل الريف. فلا يمكن أن تحاور المحتجين وأنت لا تعطي أية مكانة اعتبارية لرموزهم وأيقونات نضالهم. فلا حوار إلا حول ومن خلال ناصر الزفزافي. لكل هذه الإعتبارات أعتقد أن مبادرة بنشماس دليل آخر على حالة الإرتباك التي يوجد عليها الإقصائيون في تعاملهم مع مستنقع الحسيمة. مستنقع لا مخرج منه إلا بإطلاق المختطفين والتحاور معهم (لا مع غيرهم) من أجل مستقبل أفضل للجميع.

 

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *