ملاحظات  مفتوحة مكتوبة الى المحكمة الدستورية

وجهت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي الى المحكمة الدستورية مذكرة حول القانون الامازيغي المعروض عليها لمراقبة مطابقته للدستور ، هذا نصها:

ملاحظات  مفتوحة مكتوبة

الى المحكمة الدستورية

السيد رئيس المحكمة الدستورية المحترم:

السادة اعضاء هذه المحكمة المحترمين:

ان المكتب الوطني للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي المجتمع في مقر الجمعية بالرباط يوم 31/8/2019 للتداول في شأن احالة السيد رئيس الحكومة مشروع القانون التنظيمي رقم : 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية ، على محكمتكم الموقرة ، للبث في مطابقته للدستور ، وذلك بعد مصادقة البرلمان عليه.

  وانه بعد ملاحظتة وقوع هذه المصادقة على هذا القانون في ما يمكن ان يمس   بروح الدستور، وايضا بصميم الوحدة الوطنية ، فضلا عما يمكن ان يترتب عن ذلك  من مشاكل اجتماعية واقتصادية لا حاجة لبلادنا بها.

وبعد ملاحظته  كذلك ارتكاب السلطة التشريعية لهذه الاخطاء االتي ينبغي تفاديها ، رغم التنبيه اليها  من طرف جمعيات الحركة الامازيغية والمنظمات الحقوقية.

فانه ادراكا منه لمنطوق الفقرة الاخيرة من المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية ، الذي يحدد الاطراف المخول لها الادلاء الى هيأتكم الكريمة بما يبدو لهم من ملاحظات كتابية في شأن القضية المعروضة عليها ، فانه مدرك ايضا انصات محكمتكم الفاضلة لصوت الحق من اي مصدر كان ، ولاسيما ان كان هذا الصوت يثير مسألة وجود خرق سافر للدستور في قانون تنظيمي معروض على انظاركم ، وهي المسألة التي جعلها الدستور في صلب المحكمة الدستورية حسبما ينص على ذلك الفصل 132 من الدستور.

لذلك تتقدم جمعيتنا بكل احترام الى محكمتكم الموقرة بهذه الملاحظات المدلى بها على سبيل الاستيناس ، عساها تكون مقنعة للمحكمة في معاينتها مخالفة القانون التنظيمي السالف الذكر لمقتضيات الدستور ، ما يجعلها تقضي  بعدم المصادقة عليه ، وبعدم اصدار أي أمر بتنفيذه  أو العمل به ، وذلك استناذا الى المعطيات القانونية والواقعية التالية:

أولا : خرق القانون التنظيمي للفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستور:

بمقتضى الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستورالتي تنص على ما يلي : يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية ، وكيفيات ادماجها في مجال التعليم ، وفي مجالات الحياة العامة ذات الاولوية ، وذلك لكي تتمكن مستقبلا بوظيفتها ، بصفتها لغة رسمية  . فان اللغة الامازيغية المقصودة دستوريا بالادماج هي اللغة الامازيغية الواحدة المفردة ، الموصوفة في هذه الفقرة  بصفة : ” اللغة ” ،  وبصيغة : ” المفرد “ ، وذلك تمييزا لها عن اللهجات الامازيغية المختلفة التي عمد الدستور الى تحديدها بوصف : ” التعابير “ وكذا بصيغة “التعدد والكثرة” ،  وذلك في الفقرتين الخامسة والسادسة من نفس الفصل الخامس المذكور، غير ان مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لما قرر في الفقرة الثانية من مادته الاولى على أن : الامازيغية المقصودة بالادماج في هذه المجالات هي  كل التعبيرات اللسانية الامازيغية المتداولة بمختلف مناطق المغرب وكذا المنتوج اللسني والمعجمي الصادر عن المؤسسات والهيئات الخاصة ، يكون قد خالف صراحة مضمون الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستور الانفة الذكر ، وذلك باقراره تفعيل ترسيم اللهجات الامازيغية المتعددة ، عوض تفعيل ترسيم اللغة الامازيغية المعيارية الواحدة.

وحيث ان كان هذا الخطأ يشكل في حد ذاته خرقا سافرا للدستور، فانه يشكل كذلك تهديدا للوحدة الوطنية ، من منطلق ان بلادنا في الوقت الذي تتوخى فيه ان يساهم ادماج اللغة الرسمية الامازيغية الواحدة ،  في تعزيز التلاحم والانصهار الوطني ، على غرار ما تقوم به اللغة الرسمية العربية الواحدة ، وكذا المذهب الرسمي الديني الواحد ، فقد جاء مشروع هذا القانون ليجعل من الامازيغية عاملا للتفرقة والتشتيت والفوضى ، باقراره تفعيل ترسيم كل لهجاتها الكثيرة  ، هذا الاقرار الذي يشكل قنابل موقوتة من شانها أن تهدد مستقبلا وحدتنا الوطنية.

 كما ان هذا المشروع المعيب لم يخالف فحسب ارادة الدستور في ادماج لغة امازيغية مفردة في مجالات الحياة العامة ، أو  يخالف كذلك الهدف الاستراتيحي للدولة من اقرارها لهذه اللغة ، والمتمثل في تقوية الوحدة الوطنية ، بل خالف ايضا حتى الارادة الملكية التي كرست هذا الهدف الوحدوي للدولة من خلال احداثها مؤسسة واحدة للامازيغية ، هي المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ، وذلك بدل احداثها معاهد لهجاتية متعددة في مختلف جهات المملكة ، هذه الارادة الملكية المعبر عنها صراحة في ديباجة ظهير احداث هذا المعهد  بما يلي :

” واقتناعا من دولتنا الشريفة بأن تدوين كتابة الامازيغية سوف يسهل تدريسها وتعلمها وانتشارها ، ويضمن تكافؤ الفرص أمام جميع أطفال بلادنا في اكتساب العلم والمعرفة ، ويساعد على تقوية الوحدة الوطنية.”

 ومن الاكيد حتما ان هذا الخرق القانوني الثابت  والمتعارض مع مبدأ الوحدة اللغوية والوطنية ، سوف يجعل تطبيق مشروع هذا القانون تكتنفه  صعوبات واقعية وعملية كثيرة  ، تنعكس سلبياتها الوخيمة على الحياة المجتمعية وعلى واقعنا الاقتصادي.

ثانيا : خرقه ايضا للفقرة الثالتة من نفس الفصل :

بناء على الفقرة الثالتة من الفصل الخامس من الدستور التي تنص على ما يلي :

” تعد الامازيغية أيضا لغة رسمية للدولة : باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة ، بدون استثناء.”

حيث ان مما يعاب ايضا على مشروع هذا القانون التنظيمي اقتصاره  في مذكرته التقديمية ، على تحديد وظيفة الامازيغية في هدف واحد ووحيد فقط هو :  التواصل، مخالفا في ذلك لاحكام كل فصول الدستور التي لا يوجد فيها أي نص صريح أو ضمني ، يربط الامازيغية بوظيفة  التواصل وحدها.

وحيث انه طالما أن الدستور سكت عن تحديد وظيفة معينة للامازيغية ، فمعنى ذلك انه قصد ان تكون وظيفتها كاملة غير منقوصة ، أي تشمل التواصل ، والتنمية ، وتقوية الوحدة الوطنية ، والمساهمة في تطوير المجتمع ، وتأكيد الخصوصية الهوياتية الوطنية ، وغير ذلك من الوظائف المتعلقة عادة باللغات الرسمية .

 وحيث يكون القانون المعيب والحالة هذه قد  عمل على تقزيم عمل الامازيغية ، وعلى اعاقتها عن القيام  بدورها القانوني  كلغة رسمية ، الشيء الذي يجعله في حالة خرق سافر لمقتضيات الدستور. 

ثالتا : ارتكابه للميز العنصري اللغوي :

هذا ويعاب عليه كذلك انه في الوقت الذي يعتبر فيه تدريس اللغة العربية حقا  وواجبا في آن  واحد ، بالنسبة لعموم المواطنين كيفما كانوا وأينما كانوا ، وذلك باعتبارها لغة رسمية حسب  الفقرة الاولى من الفصل الخامس من الدستور التي تنص على ما يلي : ” تظل العربية اللغة الرسمية للدولة “ ، فان هذا القانون في مادته الثالتة ، اقتصر على جعل تدريس اللغة  الامازيغية  حقا فحسب ، دون أن يجعله واجبا  كذلك.

وحيث لما كان الدستور ينص في نفس الفصل الخامس المذكور على اعتبار العربية والامازيغية  معا  لغتين رسميتين بدون تمييز ، فان مشروع هذا القانون بحرمانه الامازيغية من واجب تدريسها ، يكون قد انتهك صراحة  أحكام تصدير الدستور التي تنص في الفقرة ما قبل الاخيرة على : حظر ومكافحة كل اشكال التمييز بسبب اللغة ، ما يجعله نتيجة ذلك مرتكبا للميز العنصري اللغوي ، وبالتالي معرضا لعدم التصديق.

لهذه الاسباب

استناذ للمبدأ الذي يقضي بأن أسعد الشعوب هي التي تنعم بأفضل القوانين وبأفضل تطبيق لها ، ولما كان شعبنا قد حصل بالاستفتاء العام على قانون دستوري فاضل يضمن للامازيغية حقها في البقاء وفي النماء ، فان جمعيتنا  لتلتمس بكل تواضع من محكمتكم الموقرة ان تصرح بعدم مطابقة مشروع القانون التنظيمي المذكوراعلاه  لأحكام| الدستور ، مع الحكم بوقف تنفيذه  أو العمل به ، مؤكدا انه على استعداد  للحضور لدى محكمتكم الموقرة ان اقتضى أمرها الاستماع اليه ، عملا باحكام المادة 18 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية.

 

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير

امضاء رئيس المكتب الوطني للجمعية

السيد الحسين أيت باحسين

 

 

شاهد أيضاً

جمعية “سكان جبال العالم” تطالب بتسريع بناء مناطق الأطلس الكبير المتضررة من الزلزال

جددت جمعية “سكان جبال العالم” فرع المغرب، هياكلها خلال الجمع العام العادي الذي نظمته بمدينة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *