عبد الله الحلوي
انطلاقا من سنة 2016، اقترحت فكرة مفادها أن أزمة تجار القرب (البقالة) في مغرب اليوم ناتجة عن عاملين اثنين: أولهما غزو الفضاءات الكبرى لمجال التجارة بالتقسيط، وثانيها تهريب الپيجيدي لشركة بيم التابعة للمنظمة الدولية التابعة لفتح الله كولن زعيم الحركة التي قيل بأنها قادت الانقلاب ضد أردوڭان.
بينت من خلال من خلال عرض مفصل قدمته أمام تجار القرب في المغرب والجمعيات الممثلة لهم كانت قد نظمته إحدى الجمعيات المحلية في مدينة مراكش ــ بينت أن تجارة القرب هي في طريقها إلى أزمة كبرى سميها ب”الزلزال”. كما بينت أن السبب الأعمق لهذا الزلزال القادم أن النموذج التجاري الذي تنبني عليها تجارة القرب فقد تنافسيته بشكل تام في ظل مد الفضاءات الكبرى وفضاءات “الهارد ديسكاونت” التي استعارتها بيم من بعض الشركات الألمانية.
اقترحت أيضا أن الحل لتفادي هذا الزلزال هو تضامن البقالة من أجل التأسيس لنموذج بديل ينبني على استدخال فكرة الابتكار في تقليص المصاريف، وتحسين جودة المنتوجات (بتطوير شراكات مع الصانعين والممولين)، وتطوير نماذج تسويقية مبتكرة.
اقترحت أيضا أن نموذج القرب الجديد ينبغي أن ينبني على فكرة الجمع بين نموذج التعاونية ونموذج “ستارت آپ”.
لم أكتف باقتراحات نظرية، بل مولت من مالي الخاص أربعة أوراش في إطار جمعيات مدنية جمعت تجار القرب بمدينتي إيمي ن تانوت و آيت أورير، واستقدمت خبراء ليساعدوا بقالة المدينتين على تحويل هذا النموذج التجاري إلى حقيقة ملموسة.
لكن حدث بالضبط ما كنت أتوقعه: وهو أن الجهات التي تخاف من هذا النموذج التجاري الجديد سخرت أعوانها وخدامها لإبعاد التجار عن هذا المشروع الذي كان سيعطي مثالا جيدا عن نموذج كان سيجنب تجارة القرب المصير الكئيب الذي وصلته الآن .
أزمة البقال ليست أزمة “ضرائب” بل أزمة نموذج اقتصادي في طريقه إلى الانقراض بسبب عدم قدرته على منافسة أخطبوط الفضاءات الكبرى، المحلية منها والوافدة.
لأن الرميد لا يفكر إلا في مصلحة دكانه السياسي، وأخنوش لا يفكر إلى في نجاح مشاريعه، فإنهما لن يستطيعا رؤية المشكلة الحقيقية لإيبقّالن.
إن قوة الرؤية وقيمتها النظرية رهينة دائما بقدرتها التنبؤية:
ذبحت فكرة النموذج التجاري الجديد لتجارة القرب التي اقترحناها على إبقالن ففضلوا أن يبقوا خارج التاريخ بسبب فهمهم الخاطئ لأزمتهم ومشكلتهم الجوهرية. لكن تحقق ما تنبأنا به وهو تحول تجارة القرب إلى بؤرة زلزالية ها هي ذي قد بدأت تترجم إلى أزمة سياسية حادة.
وذُبحت فكرة الحزب الأمازيغي التي كنا قد دعونا فيها للانطلاق من تحقيق أسباب ما سميناه ب”الجاذبية السياسية”، فلم يُسمع كلامنا، وحوربنا بمستوى غريب من العنف. ولكن تحقق ما تنبأنا به هو إفشال المخزن لهذا المشروع بسبب عدم توفر هذا المشروع على مقتضيات “الجاذبية السياسية”.
إن قوة الرؤية وقيمتها النظرية رهينة دائما بقدرتها التنبؤية..