منتدى المعمار الدولي 2021: الحفاظ على التراث ترسيخ للهوية

تنظم المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمدينة مراكش (ENAM) بالشراكة مع جهة مراكش آسفي، منتدى المعمار الدولي في دورته السادسة، والتي ستكون عن بعد، لتدارس موضوع التراث والاستدامة “التوفيرFrugalité”، وذلك ابتداءمن منتصف شهر فبراير إلى غاية شهر أكتوبر من سنة 2021.

وخصصت نسخة المنتدى لهذه السنة لموضوع العمارة المقتصدة، وكيفية تطوير آليات البناء من خلال البحث في جذور التراث المغربي الغني بروافده الثقافية الأمازيغية والإفريقية والمتوسطية ..، ومزاوجتها بالتنوعات العالمية الإبداعية المعاصرة المستجدة، وفق برنامج يضم لقاءات وفعاليات تعليمية وعلمية وفنية وثقافية.

وتم تنظيم هذه الدورة لتعزيز المكتسبات المغربية في هذا المجال، ولخلق فضاء تبادل تجارب العمارة الاقتصادية، وتثمين التراث المعماري والتعدد الثقافي المغربي، وكذا تشارك الأفكار حول مواضيع المدينة والفضاء القروي.

ونسقت فاطمة الزهراء أوفارة أستاذة التعليم العالي تخصص علم الاجتماع الحضاري بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، وعضوة في اللجنة العلمية لملتقى المعمار في دورته السادسة، مجموعة من الندوات حول التراث المعماري التي ستبدأ فعالياتها يوم 17 فبراير، وستلامس مجموعة من الجوانب المهمة من التراث المعماري الوطني، وستبرز دوره في الكشف عن صفحات مفقودة من تاريخه الحضاري المحفوظ في ذاكرة الصخور، وأشكال حضوره بالجامعة المغربية، وربطه بالتراث العالمي، وستعرف هذه الجلسات العلمية مشاركات وازنة لمختصين في علم العمارة والأركيولوجية التاريخية، منهم الأستاذة مينة المغاري ومحمد وسيط.

وجدير بالذكر أن الأستاذة أوفارة تشتغل على تخصص جديد في المغرب يعمل على إبراز الجانب الاجتماعي في العمارة والتراث المادي، ويكشف على علاقة وطيدة بين مرافق العمارة التقليدية ومبادئ وتوجهات المجتمع، وأساسيات حياتهم اليومية، وتجعل الأجيال المقبلة أكثر ارتباطا بالهوية والتاريخ المغربي، كما أن كل المداخلات العلمية مقتطفة من الأعمال الأكاديمية التي اشتغل عليها الأساتذة في أطارحهم الجامعية، بالإضافة إلى دمج الطلبة في هذه الجلسات العلمية، وستصبح مواد الندوات متاحة للعموم ابتداء من اليوم الأول من فصل الربيع 21 مارس، عن بعد نظرا للظرفية الصحية العالمية، كما سيخصص أسبوع للقاء الخبراء لنقاش موضوع “التراث والاستدامة”.

وتضمن منتدى المعمار لهذه السنة مجموعة من الأنشطة العلمية الوازنة، تحت إشراف عبد الغني الطيبي مدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمدينة مراكش، وعضو في اللجنة العلمية، أهمها تنظيم دورات دولية للتعليم المستمر، ورحلات دراسية للخبراء في مجال العمارة والأركيولوجية إلىمواقع مختلفة من جنوب المغرب، والتي ستكون حكرا على المختصين نظرا للظرفية الصحية القائمة، بهدف تثمين المعارف والمعرفة المحلية والتعريف بهذه المواقع على المستوى العالمي، وجعلها قبلة للسياح وجعلها رافعة للاقتصاد المغربي.

وصرح مدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية لجريدة “العالم الأمازيغي” أنه يعمل جاهدا على إعداد تكوينات في اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة حضارية للمغرب، ويتوجب على الباحث في تاريخ وتراث شمال إفريقيا أن يكون على دراية بأساسيات هذه اللغة الثقافية بامتياز، للتعرف على النقوش والمخلفات المعمارية ومعانيها وما تخفيه رموزها من تاريخ الحضارة المغربية العريقة واستثمارها، وذلك إلى جانب اللغتين الأساسيتين الفرنسية والعربية اللتين يتلقى بهما الطلاب مادتهم العلمية، واللغة الإنجليزية التي تختص فيما هو تقني ومواد تأهيل العمارة المقتصدة (مثل مرفق الحمامات والاقتصاد في مادة الخشب والمحروقات…).

وحدد مدير المدرسة هدف المنتدى في تعميم علم التراث على عامة الشعب، والتعريف بأهميته الحضارية والاجتماعية، لتجنب هدم المعالم الأثرية دون وعي نتيجة جهل التراث وطبقاته التي تعد أساس بناء هوية المجتمع المغربي، في المقابل أكد على ضرورة وضع نص قانوني يجرم كل فعل يفقد التراث قيمته التاريخية مثل الترميم دون تكوين، وإضافة مواد أو زخارف أو تصاميم تخالف القاعدة التراثية، أو دمج مرافق أخرى ضمن المواقع الأثرية.

سيخصص المنتدى ورشات ودروس تقنية تهم كيفية ترميم التراث بأساليب علمية، والاشتغال على الخشب والحجر لتعلم بناء التراث وترميمه وإبقائه حيا، والبحث في أساسيات الحرف التقليدية، وإضفاء حلة جديدة على التراث دون هدمه، وتأهيل التراث بنفس التقنيات القديمة، وتمكين السكن العتيق من كل أساسيات السكن الحديث مع الحفاظ على جوهره التاريخي، وسيشرف على هذه الدورات التكوينية مجموعة من المهندسين المعماريين الإيطاليين والمغاربة والذين يدرسون بنفس المدرسة.

وتعمل المدرسة جاهدة على حفظ استمرارية التراث وتماسك طابعه الثقافي الاجتماعي، الذي يرسخ الهوية لدى كل شرائح المجتمع المغربي، ويذكره بجذوره التاريخية العريقة، وتثبت لديه مبادئ التضامن والإخاء، والقيم الحضارية والتعددية الثقافية وتقبل الاختلاف، وتحول دون جعله مبتور الانتماء، وعرضة لكل أشكال التطرف والتعصب الإيديولوجي والديني.

وتجدر الإشارة إلى أن المدرسة تدرس اختصاص الهندسة المعمارية المتعارف عليها وطنيا، وتلقن الطلاب نفس مواد المعهد الوطني للتراث بمدينة الرباط، مع  استقاء التجارب العالمية وإعطاء قيمة مضافةلكل ما هو تاريخي للمضي قدما بالهندسة المعمارية، والعمل على ثمين العمارة المقتصدة في إطار التوجه نحو “التراث والاستدامة”، وتحسينها دون المساس بجوهرها التاريخي والاجتماعي والثقافي.

نادية بودرة

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *