نظم منتدى سوس العالية، يوم الأحد 11 ماي 2025، بمدينة الدار البيضاء، ملتقاه العلمي والثقافي تحت شعار:
“المقاربة الترابية للتنمية المجالية بالمغرب: حالة إقليم تارودانت، الواقع والمأمول“.
وشهد اللقاء، الذي احتضنته إحدى قاعات الأفراح الخاصة بالعاصمة الاقتصادية، حضورا مكثفا ضم أعضاء المنتدى من داخل المغرب وخارجه، إلى جانب برلمانيين، وممثلي ساكنة سوس في المجالس المنتخبة، وفعاليات مدنية وإعلامية.
اتسمت أشغال الملتقى بتنظيم محكم، حيث نفذت جميع فقراته كما تم التخطيط لها، بدءا من الجلسة الافتتاحية وصولا إلى الندوة العلمية التي شكلت محوره الأساسي.
وقد عرفت الندوة العلمية مشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين والمتدخلين الذين سلطوا الضوء على الواقع التنموي المتأزم بإقليم تارودانت، الذي يعد من أكبر الأقاليم المغربية من حيث عدد الجماعات الترابية (89 جماعة، أغلبها قروية وجبلية).
وأجمع المتدخلون على أن هذا العدد الكبير من الجماعات، ضمن مجال ترابي واحد، يكرّس التهميش ويصعب التخطيط المجالي والتنمية المحلية، مما يجعل الإقليم حالة استثنائية تعيق تنفيذ السياسات العمومية بفعالية.
ركزت المداخلات بشكل خاص على الوضع الكارثي في دائرة تارودانت الشمالية، التي تعاني من هشاشة اجتماعية واقتصادية عميقة، وبنية تحتية متدهورة، وبعد المرافق والخدمات العمومية عن السكان، خاصة في مجالي الصحة والتعليم.
وقد فاقم زلزال الحوز الأخير من هذه الأوضاع، كاشفا عن واقع اجتماعي واقتصادي بالغ الصعوبة.
في ختام الندوة، أصدر منتدى سوس العالية مجموعة من التوصيات والمقترحات العملية، أبرزها:
- إعادة النظر في التقسيم الإداري لإقليم تارودانت، من خلال تقسيمه إلى أربعة أقاليم كخيار مثالي، أو ثلاثة كخيار واقعي، أو على الأقل إحداث إقليم جديد كحد أدنى؛
- إقرار تمييز إيجابي لجماعات تارودانت الشمالية، قصد معالجة العجز التنموي وتقليص الفوارق المجالية؛
- تحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية، عبر تطوير البنية التحتية، وفك العزلة، وتعزيز قطاعات الصحة، التعليم، التشغيل، والفلاحة.
وشدد المنتدى على أن إحداث إقليم إداري جديد بإحدى بلديات تارودانت الشمالية لا يجب أن يختزل في إنشاء عمالة جديدة فقط، بل يجب أن يكون رافعة للتنمية وعدالة مجالية، من خلال تقريب الخدمات العمومية وتتبع وتوزيع المشاريع التنموية بإنصاف.
كما جدد منتدى سوس العالية التزامه الكامل بمواصلة الترافع من أجل هذا المطلب المشروع، عبر مخاطبة الجهات الرسمية والانفتاح على كافة المبادرات السياسية والمدنية الداعمة، مؤكدا تمسكه بمبادئ الحياد والاستقلالية.
ليختتم الملتقى بتلاوة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، قبل أن يقام حفل غداء على شرف المشاركين، تلاه حفل فني من التراث المحلي، مزج بين الشعر والموسيقى، في تعبير إبداعي عن تطلعات ساكنة سوس العالية ورسائلها النضالية.