رغم المناشدات والنداءات المتكررة لوقف إطلاق النار في العالم، من بينها المناشدة التي أطلقها الأمين العام أنطونيو غوتيريش، تتواصل في ليبيا الأعمال العدائية بلا هوادة، مما يعيق إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية ويشكل تحديات أمام قيام العاملين الإنسانيين بمهماتهم المنقذة للحياة. حسب ما أوردته “أنباء الأمم المتحدة”.
وأفاد الشركاء الإنسانيون بفرض ما مجموعه 851 من القيود على حركة العاملين الإنسانيين والمواد الإنسانية إلى ليبيا وداخلها في آذار/مارس 2020.
جاء ذلك في بيان مشترك أعدته كل من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق اللاجئين، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للهجرة.
ودعت المنظمات في البيان إلى ضرورة تحقيق هدنة إنسانية لحماية الأرواح وتمكين السلطات الليبية وشركائها من حشد الطاقات لوقف انتشار جائحة كوفيد-19، وقالت المنظمات: “لا يجب على المجتمع الدولي أن يغضّ الطرف عن الصراع في ليبيا وآثاره الكارثية على المدنيين من بينهم المهاجرون واللاجئون، في جميع أنحاء البلاد”.
كارثة صحية ترافق الصراع
حتى تاريخ 13 أيّار/مايو، تم توثيق 64 حالة إصابة بكوفيد-19 في ليبيا، بينها ثلاث وفيات في مناطق مختلفة من البلاد. وتحذر المنظمات الإنسانية من خطر تفشي المرض مما يشكل ضغطا مضافا على النظام الصحي في ليبيا الذي يعاني أصلا من الإجهاد، ويمثل خطرا على حياة الأشخاص الأكثر ضعفا.
لا يجب على المجتمع الدولي أن يغضّ الطرف عن الصراع في ليبيا وآثاره الكارثية على المدنيين من بينهم المهاجرون واللاجئون — المنظمات الإنسانية
وتتفاقم المشكلات مع استهداف المستشفيات والمراكز الصحية. فقد وثّقت الأمم المتحدة خلال العام الماضي 113 حالة من الانتهاكات الصارخة، من بينها قتل وتشويه الأطفال والهجمات على المدارس وعلى المرافق الصحية مما أدّى إلى حدوث اضطرابات في نظام ليبيا الصحي المتهالك.
ومنذ بداية العام، تسبب 15 هجوما على الأقل في إلحاق أضرار بالمرافق الصحية وسيارات الإسعاف وأصاب عاملين صحيين بجراح. وقال البيان: “هذه الهجمات هي انتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي وتزداد فظاعتها خلال جائحة كوفيد-19”.
اللاجئون والمهاجرون
نزح منذ بداية الصراع في ليبيا قبل تسعة أعوام نحو 400 ألف شخص. نصفهم تقريبا نزح خلال العام الماضي فقط، منذ بداية الهجوم على العاصمة طرابلس.
وأفاد البيان بأن الوضع بالنسبة للكثير من المهاجرين واللاجئين مثير للقلق. فمنذ بداية هذا العام، تم اعتراض قوارب في عرض البحر وإعادة أكثر من 3،200 شخص إلى ليبيا.
وقال البيان: “ينتهي الأمر بالكثير منهم في واحد من مراكز الاحتجاز الرسمية الأحد عشر الموجودة في ليبيا. ويتم اصطحاب قسم منهم إلى مرافق أو مراكز احتجاز غير رسمية لا يمكن للمجتمع الإنساني الوصول إليها”.
وقد شددت الأمم المتحدة أكثر من مرة على أن ليبيا ليست ملاذا آمنا وأن الناس الذين يتم إنقاذهم في البحر لا يجب أن يعودوا إلى الاحتجاز التعسفي.
الغذاء والماء
وتطرق البيان إلى الأمن الغذائي في ليبيا الذي يتعرّض للخطر بسبب انتشار فيروس كورونا. وتُظهر آخر التقديرات أن معظم المدن تواجه نقصا في المواد الغذائية الأساسية وارتفاعا في الأسعار. ويؤثر التوافر المحدود للسلع والأسعار المرتفعة في السوق على الخطط ويؤدي إلى اضطرابات في سلسلة التوريد.
نشعر بالقلق إزاء استهداف محطات المياه عن قصد أو بشكل عشوائي. هذا يؤثر على الآلاف من النساء والأطفال — المنظمات الإنسانية
ودعت المنظمات الإنسانية إلى ضرورة دعم الأمن الغذائي داخل البلاد حتى لا تتفاقم الأزمة الصحية وتتحول إلى أزمة غذائية. وحثّت جميع أطراف الصراع على حماية محطات المياه. وقال البيان: “إننا نشعر بالقلق إزاء استهداف محطات المياه عن قصد أو بشكل عشوائي. هذا يؤثر على الآلاف من النساء والأطفال ويعيق جهود تحقيق أدنى متطلبات الوقاية من المرض مثل غسل اليدين”.
ورغم التحديات الجسيمة، تواصل الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيون الوصول إلى أكثر الفئات ضعفا في ليبيا. ودعت المنظمات إلى مواصلة تقديم التمويل بشكل عاجل لتمكين الخدمات الأساسية مثل خدمة النقل الجوي للمساعدات الإنسانية التي توفرها الأمم المتحدة للاستمرار في تلبية الاحتياجات الطارئة.
وطلبت المنظمات من المانحين الاستمرار في “دعمهم السخي” والوقوف مع الشعب الليبي في سعيه إلى السلام في هذه اللحظة التي تشتد فيها الحاجة لذلك.