من ذاكرتنا الشعبية 2 تورارت نيزرباط.. لعبة الزرابيط.. شعبان يونس الثائب

14212127_1157141991026722_2268715698974888299_n

*

الكاتب: شعبان يونس الثائب

لعبة ازربوط وجمعها ايزرباط من الألعاب الشعبية التي كانت تمارس الى غاية ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ولا زالت في ذاكرة جيل تلك الحقبة، وهي لعبة شغف بها الكثيرون وتفننوا فيها حتى صار لكل شارع او حي من هو متميز فيها ويلعبها بمهارة وفنيات لا تتوفر عند غيره ويعتبر عند اقرانه بطل من ابطالها، كانت لعبة مسلية ممتعه تأخذ الكثير من الوقت ويبلغ فيها التنافس دروته بين أبناء الحي الواحد واحيانا بين الاحياء المتجاورة والقريبة من بعضها.

وكلمة ازربوط او الزربوط كما ينطق في العامية الليبية هي كلمة امازيغية وتستعمل بهذا المعنى في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب اما في المشرق فيسموه الخذروف وهو اسم عربي ويعرف ايضاً بالدوامه، وهو عبارة عن خشب مخروطي اشبه بثمرة الكمثري يبد بشكل دائري عريض من الأعلى، ويتناقص سمكه بالتدرج إلى الأسفل حيث ينتهي بمسمار يرتكز عليه خلال دورانه السريع، بعد أن يكون اللاعب قد لف حوله خيطا غير زلق وضرب به على الأرض بالقوة التي سيحتاجها نوع اللعب المختار في كل جولة ويختلف شكل الزربوط وطريقة صناعته والمواد التي تصنع منه وكذلك طريقة لعبه من بلد الي بلد بل وحتى من مدينة الي مدينة في البلد الواحد، ويري كبار السن عندنا ان اجود أنواع الزرابيط هو الزربوط الليبي من حيت الشكل وجودة المادة الخام المصنوعة منه وهي عادة ما تكون من لوح الزان.

وموسم لعبه في مدينة زوارة هو فصل الصيف الذي يعتبر موسم العطلة المدرسية ووقت الراحة والفراغ كما كان يمارس بصورة اقل في بقية الفصول الغير ممطرة والتي يكون فيها الجو دافئ او معتدل، وأنواع الزرابيط المعروفة في المدينة من حيت الاسم هي الزغدنية والكبوري وزربوط اللوح العادي اما انوع اللعب فهي الناقوري، صيود دوي ( وصل ترفع )، صيود ادي ( وصل دق ) وهناك اللعاب اخرى استعراضية يستعرض فيها اللاعب مهارته وفنياته، و لكل لعبة من هذه الألعاب زربوطها الخاص بها ، وقانونها الذي يحكمها وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل نوع وعن كل لعبه:

تازغدنيت:- تازغدنبت او الزغدنية وهي مصنوعة من لوح الزان منها احجام مختلفه ما بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ولونها مخطط ومتدرج وعادة ما يكون مسمارها مدبب وحاد وقوى لأنها في العادة تستعمل في لعبة الناقوري.

الكبوري:- وهو كبير الحجم ثقيل الوزن مسمار ارتكازه ليس بالمدبب الحاد ولونه في الغالب هو الأصفر ويستعمل في لعبة وصل ترفع ووصل دق وهو من اغلى الأنواع ومن اندرها واجودها.

زربوط اللوح:- وهو مصنوع من الخشب العادي مسمار ارتكازه غير مدبب وله عدة الوان وعادة ما يستعمل في الألعاب الاستعراضية وهو من ارخص الأنواع.
اما أنواع الألعاب فهي الناقوري، وصّل ترفع، وصّل دق، الألعاب الاستعراضية .. وقبل الدخول في تقاصيل كل لعبة نشير الي طريقة بداية اللعب، وهي اما بالقرعة (امناغي) او بطريقة ضرب الزرابيط على الأرض في توقيت واحد ومن يبقى زربوطه أطول فترة وهو في حالة دوران يكون هو البادي باللعب وهكذا بالتسلسل والأخير هو من يضع زربوطه على الأرض ويلعبون عليه الي ان يخطي احد اللاعبين ولا يلف زربوطه فيأخذ مكانه وهكذا اما اهم طرق اللعب فهي:-

الناقوري:- بعد اجراء القرعة يضع الخاسر زربوطه على الأرض في منطقة محدده ويبد بقية اللاعبين يلعبون عليه بالتناوب وذلك بالضرب عليه مباشرة، او برقع الزربوط على راحة اليد ورمية بقوة على الزربوط الذي في الأرض واحيانا ادا كان اللاعب ماهر وفنان يستطيع ان يصيبه مباشرة وبقوة ويسبب له أضرار او ربما يتسبب في كسره في بعض الأحيان، ويستمر اللعب الي ان يخطي احد اللاعبين فيضع زربوطه على الأرض ويلعبون عليه بقية المجموعه.

وصّل ترفع:- بداية هذه اللعبة لا تختلف عن بداية الناقوري ، اما الطريقة مختلفة عنها حيت تبدا بتحديد خطين بينهما مسافة تتحدد حسب الاتفاق بين اللاعبين ويتحكم فيها العمر وهي عادة ما تكون من عشرة امتار فما فوق وتعتبر هذه المسافة بين الخطين هي منطقة اللعب، تبدا اللعبة بلف الزربوط على الأرض ورفعه في راحة اليد ثم يضرب به الزربوط الذي في الأرض لغرض تحريكه من خط البداية في اتجاه خط النهاية، واذا تجاوز الزربوط الذي في الأرض خط النهاية نتيجة ضربه بزربيط اللاعبين يفوز باللعبة من ضربه اخر مرة، وزربوط الخاسر يصبح من حق الفائز ، ولهذا نجد هواة هذه اللعبة يحتفظون بزرابيط احتياطية يستعملونها كبديله في حالة الخسارة، وهكذا يستمر اللعب لساعات بإعادة اللعبة من جديد واحسن الزرابيط لهذه اللعبة هي زربوط الكبوري والزغدنية الكبيرة الحجم.
وصّل دق :- طريقة لعبها هي نفس طريقة لعبة وصّل ترفع ولكن النهاية تختلف عنها ، فبدل من ان اخذ زربوط الخاسر يثم ظربه بمسامير زرابيط جميع اللاعبين عدد من الضربات متفق عليها مسبقا قبل بداية اللعبة، وكثيرا ما ينكسر زربوط الخاسر نتيجة ضرب اللاعبين له.

الألعاب الاستعراضية:- وهي اللعاب يستعرض فيها اللاعب مهارته وفنونه في هذه اللعبة المسلية، ومن ابرز هذه الفنون تسابق اللاعبون فيما بينهم على من يبقى زربوطه يلف أطول فترة ممكنه، وكذلك حذف الزربوط في الهواء بدل الأرض واستقباله على راحة اليد وهو يلف، وحذفه من اليد اليمنى لليد اليسرى والعودة به لليمنى دون ان يتوقف ، وهناك من بقوم بتغييره من باطن اليد الي ظاهرها والعودة به مرة اخر لباطن اليد، ومن المهارات المتميزة لدى البعض مهارة تدويره دون خيط وذلك عن طريق مسكه بين اصبعي السبابة والابهام ولفه بقوة.

كان موسم لعب الزرابيط موسم متميز اشبه بالكرنفال يتنافس فيه الأطفال والشباب في ابراز مهاراتهم وفنونهم التي توارثوها عن ابائهم واجدادهم، ويتنافسون فيه في اختيار الزربوط المتميز وتلوينه وتزيينه بالوان زاهية، وكذلك في اختيار الخيط المتين الجيد ، واختيار الخيط والزربوط أيضا من المهارات التي يتفوق فيها البعض عن غيرهم ، فالزربوط العالي الجودة هو المصنوع من خشب الزان ويكون انحداره من الأعلى الي الأسفل في شكله المخروطي متناسق، والمسامر او السن كما يطلق عليه يجب ان يكون من النوعية الجيدة ويكون ثابت في المركز تماما، لان أي عيب في الانحدار اوفي عدم وجود المسمار في المركز بالضبط يعتبر عيب في الزربوط وبسمي (زربوط كركاشي) أي غير ثابت في دورانه وفترة الدوران قصيرة كما يصعب التحكم فبه، ولهذا يعتبر اختيار الزربوط مهارة لا تقل عن مهارة لعبه.

هذا باختصار ما استطعت تذكره وجمعه عن لعبه الزربوط التي تبقى من الألعاب المسلية والمحببة للنفس التي لم يعد لها أي وجود في شوارع اليوم، ذهبت مع ذهاب ايام الزمن الجميل والبسيط وذهبت معه العديد من الأشياء الجميلة.

____________________
*
الصورة بريشة الفنان عوض عبيده.

 

شاهد أيضاً

ليبيا.. “حراك أمازيغ تينيري” يطالب الدبيبة بدسترة الأمازيغية

طالب “حراك أمازيغ تينيري” بليبيا، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة بدسترة اللغة الأمازيغية. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *