موسم سيدي بوني السنوي: تشبت بأرض الأجداد وتفتيش العابرين لمنطقة “إيزگيغن”

تعرف منطقة “إيزْگِّيغْنْ” الحدودية بجماعة سيدي علي جهة درعة تافيلالت، تنظيم موسم سنوي في الأسبوع الثالث من شهر مارس كل سنة، ويعرف “بموسم سيدي بوني”، نسبة إلي شخصية “بُونِي” التابع للزاوية الناصرية التي تأسست على يد الشيـخ “عمرو بن أحمد الأنصاري” سنة 983 هـجرية.

إنتقل طاقم جريدة “العالم الأمازيغي” لمنطقة “إيزگيغن” الحدودية يومي 19 و 20 مارس 2018، تزامنا مع الدورة 108 من الموسم السنوي “سيدي بوني”، من تنظيم “جمعية سيدي بوني للثقافة والتنمية والتضامن”، لرصد الإحتفال بهذا الموسم، في منطقة حدودية معزولة أمنيا، وحساسة يمنع الدخول إليها لأغراض أمنية، مع مراقبة مشددة للحدود المغربية الجزائرية.

وحسب الرواة فقد استقر “سيدي بوني” في منطقة تازارين، ثم منها إلى منطقة ايزگيغن ـ حمادة كمكم ـ، حيث ظل في المنطقة حتى وفاته، ليصبح قبره لدى أهل المنطقة محترما، يلجئ إليه “ملتمسي بركته” حسب إعتقاداتهم.
وتعود جذور بداية الاحتفال بموسم “سيدي بوني” إلى حدود 1910 ميلادية، ومنذ ذلك الحين ظل عادة سنوية وفرصة لصلة الرحم بين القبيلة، وتدارس قضايا المجتمع البدوي الخباشي، وإيجاد حلول لها بشكل ديمقراطي باعتماد الأعراف “أزرف”، مع اختيار “شَيْخ” في كل دورة، مهمته التحضير للدورة القادمة، والعمل على إنجاحها، ليختتم الموسم بعرض ما تبقى من المواد الغذائية في المزاد العلني، وقرائة الفاتحة آملين في اللقاء السنة المقبلة.

لموسم “سيدي بوني” رمزية قوية عنوانها البارز الارتباط القوي بالأرض، و التشبث الوثيق بتقاليد القبيلة التى لا انفصام لها في مجتمع صحراوي بمختلف روافده؛ وبمناسبة الإحتفال بالموسم كذلك، يجد الرحل فرصة الدخول لمنطقة “إزگيغن”، وزيارة قبور أهاليهم والترحم عليهم، حيث تعتبر الفرصة الوحيدة للدخول للمنطقة بعد طرد ساكنتها من طرف حراس الحدود المغربية سنة 2010، بذريعة محاربة الإرهاب ومراقبة أمن وسلامة الوطن.

في تصريح “أوبوني لحسن” الفاعل الجمعوي والناشط الحقوقي، لجريدة “العالم الأمازيغي”، الذي تناول ما يختزله الموسم وأبعاده المختلفة ـ البعد المؤسساتي ـ البعد الوظيفي ـ البعد الرمزي، إعتبر البعد الرمزي “يشكل هوية الزاوية والطريقة، وفيه تظهر شبكة الطقوس والمعتقدات والرموز، أي مختلف الأنساق الرمزية المؤسّسة للممارسة الصوفية أو المتمفصلة حولها، فثبات الممارسة لا يعني حتما ثبات الدلالة”.

وأضاف المتحدث مجيبا عن مسألة التضيق والتفتيش، التي يتعرض لها الرحل وباقي المواطنين بمنطقة “إزگيغن” المغربية؟، إعتبر ذلك التصرف “مرارة على الرحل، حيث حرمو من حق التنقل و الإستقرار في مناطق انتجاعهم، على الرغم من أن الدستور المغربي والمواثيق الدولية تقر بحق التجول والتنقل والاستقرار بجميع أرجاء البلاد”.

واعتبر الناشط الحقوقي، منع المواطنين المغاربة من الدخول للمنطقة التابعة لأرض المغرب، ليس إلا أمور تتعلق في شموليتها “بالخلافات الحدودية بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر، وضرب سافر لحق الجوار وآمال الشعبين في الإندماج والتكامل في جميع الأصعدة”.

وبخصوص الإجراءات الأمنية المكثفة التي مرِّ منها الوافدون لموسم “سيدي بوني”، يضيف الفاعل الجمعوي، أنه “أثناء عملية العبور مررنا بثلاث نقاط تفتيش متقاربة على التراب المغربي، لا تفصل بينها سوى كيلومترين، إذ كنا نقف من حين لآخر تحت أشعة الشمس مما تسبب في حالات ضربات الشمس في صفوف النساء والأطفال والشيوخ، مع الزامنا ترك بطائق هويتنا في آخر نقطة تفتيش حتى عودتنا من موسم سيدي بوني!، وهذه المسألة مس بكرامتنا وانتهاك جسيم لحرية التنقل والتجول في جميع أرجاء بلادنا الغالية”.

في ما طالبت ساكنة ورحل منطقة “إيزگيغن” المرحلين سنة 2010، من منبر “جريدة العالم الأمازيغي”، السلطات الأمنية المغربية، تسهيل عملية العبور إلى أراضي الأجداد والتمييز بين المهربين والعابرين إلى هذا الموسم والرحل الأبرياء، الذين يعتبرون منطقة “إيزگيغن” الأرض الخصبة التي توفر كلأ لماشيتهم، وحرمانهم لهذه الأرض التي سكنها الرحل إلى حدود سنة 2010، بمثابة مس لكرامتهم، وحرمة قبور اطفالهم وعائلاتهم المنتشرين بمنطقة “إيزگين”.

يشار أن منطقة “إيزگيغن” تابعة لجماعة سيدي علي جهة درعة تافيلالت، وتبعد عن أول نقطة تفتيش لحراس الحدود المغربية بعشرين كيلومتر؛ كما تبعد المنطقة على أول نقطة تفتيش لحراس الحدود الجزائرية بثمانية كيلومترات، وبجانب منطقة “إيزگيغن”، تقع منطقة “الصفصاف” الحدودية، والتي تم طرد جميع الرحل وساكني المنطقة سنة 2010، تاركين بيوتهم ونخيلهم وكذا قبور أهاليهم ورائهم.

أمضال أمازيغ: حميد أيت علي “أفرزيز”

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *