نافع بيرو عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في حوار مع «العالم الأمازيغي»

الرئيس البرزاني سيواصل عمله مع قوات البيشمركة لحين تحقيق أهداف شعب كردستان وتثبيت حق تقرير المصير

أكد نافع بيرو، مسؤول مكتب المنظمات الجماهيرية بالحزب الديمقراطي الكردستاني بسوريا، وعضو مكتبه السياسي أن الكورد والأمازيغ يتشاركان في شكل الاضطهاد الذي تعرضوا له عبر التاريخ، مضيفا في حوار له مع «العالم الأمازيغي» أن الامازيغ والكورد عانوا معا على حد سواء من عقلية «القومية العربية» التي همشت دورهم وارتكبت العديد من المشاريع العنصرية بحقهم.

من جهة أخرى، اعتبر نافع بيرو الاستفتاء الذي جرى تنظيمه في إقليم كورديستان «العراق» يعد «مكسب تاريخي للكورد وثمرة نضال أكثر من مئة عام، وسيكون له الأثر البالغ في تحقيق الاستقلال في المستقبل القريب»، مشيرا إلى أن نتائج الاستفتاء ستكون حافزا لبقية أجزاء كوردستان بالمطالبة بحقوقهم و الاستقلال في أول فرصة تسنح لهم»، وشدّد القيادي الكوردي على أن «تحقيق أي مكسب للكورد وفي أي جزء هو انتصار لبقية الأجزاء الكورديستانية».

ككورد سوريا كيف تابعتم استفتاء إقليم كورديستان؟

لم يتوانى الكورد في كوردستان سوريا عن مناصرة القضية القومية الكوردية منذ اتفاقية سايكس بيكو، ولم تنل الحدود التي رسمتها الاتفاقية من شعورهم القومي، دائما كانوا سباقين في دعم بقية أجزاء كوردستان وثوراتهم ضد الأنظمة الغاصبة بدءا من ثورة الشيخ سعيد بيران وإحسان نوري باشا ومرورا بمشاركتهم في تأسيس جمهورية كوردستان في مهاباد 1946، وكذلك ثورتي أيلول وكولان فيما بعد، ولعل لجوء الكثير من القادة الكورد إلى سوريا بعد انتكاسة ثوراتهم وتأسيس النوادي والجمعيات الثقافية والحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا 1957 فيما بعد، لعب دورا في تنامي شعورهم القومي، وهذا الإحساس العالي بالشعور القومي لدى الكورد في كوردستان سوريا والتزامهم بقضيتهم القومية وإدراكهم حساسية المرحلة والفرصة التاريخية التي ربما لن تعوض، وكونهم على دراية بان جزئي كوردستان الملحقين بالعراق وسوريا يشكلان لبعضهما بعد استراتيجي وجغرافي والفرصة جدا مواتية لتوحيدهما، كل هذا دفعهم إلى مؤازرة الاستفتاء.

وهل يمكن لهذا الاستفتاء أن يؤثر على باقي الأجزاء الكوردية مستقبلا؟

طبعا، تحقيق أي مكسب للكورد وفي أي جزء هو انتصار لبقية الأجزاء، وهذا ما لمسناه من خلال دعمهم اللامحدود ومساندتهم لقرار استفتاء استقلال إقليم كوردستان العراق، ولا يخفى أن نتائج الاستفتاء ستكون حافزا لبقية أجزاء كوردستان بالمطالبة بحقوقهم و الاستقلال في أول فرصة تسنح لهم وهذا ما جعل إيران وتركيا لا يدخران جهدا في معارضته والدعوة إلى إلغاء نتائجه بعد أن فشلا في منع إجراءه، ثم عدا عن كون دعم الاستفتاء واجب قومي على الكورد باختلاف أماكن تواجدهم، هناك خصوصية بالنسبة للكورد وحركتهم السياسية في كوردستان سوريا، فغالبيتهم العظمى تتبنى المشروع القومي الكوردستاني وتعتبر الرئيس مسعود البارزاني حاملا له.

كيف تابعتم كل ما حدث بعد استفتاء استقلال كورديستان من رفض دولي وإقليمي والتدخل العسكري للقوات العراقية في كركوك المتنازع عليها؟

كنا ندرك تماما بان الهجوم على كوردستان آت بعد الانتهاء من القضاء على داعش وما من شك أن ما حدث كان سيحدث وان لم يكن هناك استفتاء، كان الاعتقاد السائد بأن الهجوم سيحدث قبل الاستفتاء، ولكن عاملين اثنين حالا دون ذلك. الأول تواجد بقايا داعش في الحويجة وغرب كركوك وفي بعض المناطق المتنازع عليها والثاني هو أن العراق وإيران وكذلك تركيا كان يراهنون أن كردستان ستوجل الاستفتاء ل عدة أيام على الأقل بعد تعرضها للضغوط الإقليمية و الدولية ولكن حنكة القيادة السياسية وخاصة الرئيس البرزاني وتجربته النضالية كانت لها دور في معرفة نوايا الدول الغاصبة لكوردستان وجعلته مصرا على إجراء الاستفتاء في وقته هذا إلى جانب أن قرار إجراء الاستفتاء من عدمه خرج من يد القيادة السياسية وأصبح القرار للشعب الكردستاني بعد أن تظاهر مئات الآلاف دعما للاستفتاء، أضف إلى ذلك أن جميع الدول التي كانت تدعو إلى تأجيل أو إلغاء الاستفتاء لم تطرح البديل المناسب، وكان الاعتقاد السائد هو أن العراق أو إيران وحتى تركيا سيقتصر رد فعلهم على مقاطعة كوردستان وحصارها اقتصاديا وكان الخيار العسكري مستبعدا لعدم جوازيته وفق الدستور العراقي الفدرالي لكن ما حدث أن التدخل العسكري العراقي الإيراني مباشرة إلى جانب مؤامرة من الداخل الكردستاني قلب موازين القوة مؤقتا لصالح احتلال العراق لكركوك وبقية المناطق الكردستانية خارج الإقليم.

ماذا جرى بالضبط تلك الليلة في كركوك؟

بعد النجاح الذي حققه الاستفتاء ونسبة تأييد الاستقلال التي فاقت 92 بالمائة عملت أجهزة استخبارات الدول الغاصبة لكوردستان على ترتيب خطة للإجهاز على مكتسبات كوردستان وكان لإيران الدور الأكبر في هذه المؤامرة عن طريق الجنرال قاسم سليماني الذي يعتبر الحاكم الفعلي للعراق، وقد استغل هذا الأخير مراسيم عزاء جلال الطالباني ليتقرب من عائلته وشراء ذمم البعض منهم ونجح في ذلك إلى حد بعيد.

الرئيس بارزاني تحدث عن الخيانة هل يمكن لك أن توضح لنا أكثر كيف تم التخطيط لهذه المؤامرة؟

المعروف أن كركوك هي إحدى مناطق نفوذ الاتحاد الوطني الكوردستاني وقسم كبير من بيشمركة الاتحاد تقوم بحماية المدينة، اتفق سليماني مع أل الطلباني، وبعض قادة البيشمركة الذين يتبعونهم بإخلاء مناطق تمركزهم على الجبهة وفتح طريق دخول الحشد الشعبي الإرهابي والحرس الثوري الإيراني إلى المدينة والاستيلاء عليها وأيضا القيام بالالتفاف على الجبهة وضرب قوات البيشمركة من الخلف والذهاب ابعد من ذلك حيث كانت محاولة قطع طريق كركوك اربيل لمهاجمة أي قوة تأتي لإسناد جبهة كركوك ومحاولة السيطرة على أربيل في حال نجحت خطتهم وفق ما رسموا لها، كل هذا مقابل تحقيق مصالح مادية وامتيازات شخصية لهذه الزمرة التي استغلت مواقعها وارتكبت الخيانة، ولعل كشف خيوط المؤامرة في اللحظات الأخيرة دفعت قيادة البيشمركة إلى إحباط الجزء الأكبر من المخطط والانسحاب من بقية محاور كركوك لاستدراك الموقف.

وكيف تنظرون لموقف أمريكا ودول التحالف إزاء ما جرى في كركوك؟

موقف دول التحالف و أمريكا منذ البداية لم يكن بالضد من الاستفتاء هي أبدت تحفظها على التوقيت وكانت تطلب تأجيله إلى وقت أخر وليس إلغائه وكانت الحجة توحيد الجهود لمحاربة داعش وحتى عندما وافق الكرد على القبول بالتأجيل إلى أجل مسمى بشرط أن يتم تحديد موعد جديد للاستفتاء وبرعاية دولية، لم يطرح الأمريكان أي بديل مناسب و المتتبع لمسار الموقف الأمريكي اتجاه الاستفتاء يرى بان واشنطن عملت من اليوم الأول على تأييده وان لم يكن بصورة مباشرة وكان الموقف ذاته لبقية دول التحالف وبعض دول الخليج ورغم ضبابية الموقف الأمريكي في بداية اجتياح الحشد الشعبي الإرهابي لكردستان بدعم مباشر من إيران، لكن بعد شهر من الاستفتاء بدء الموقف الأمريكي يتغير ويدعو إلى إيقاف الهجمات العسكرية على كردستان ويطلب الحوار بين اربيل وبغداد، وكذلك وضعه بعض فصائل الحشد الشعبي وقادته في قائمة الإرهاب، كل ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه سابقا، ونتوقع أن تقوم أمريكا ودول التحالف قريبا باستدراك خطأها عندما غضت الطرف عن قيام إيران بهاجمة كركوك وشنكال وبقية مناطق كوردستان المتنازع عليها لتنفيذ مخططها الرامي بربط غرب إيران بطريق بري عبر هذه الأراضي بسوريا ولبنان لاستكمال مشروعها التوسعي.

كيف تقرؤون استقالة الرئيس البارزاني من رئاسة الإقليم؟

ليس هناك شيء اسمه استقالة فولاية الرئيس البارزاني انتهت نهاية الشهر المنصرم وقد دعا قبل عدة أشهر وحدد موعدا لانتخابات الرئاسة والبرلمان وكان الرئيس البرزاني قد أكد منذ سنتين وفي عدة مناسبات انه لن يتولى منصب الرئاسة من جديد بعد انتهاء ولايته وهذا ما حدث، الرئيس البرزاني سيواصل عمله مع قوات البيشمركة لحين تحقيق أهداف شعب كردستان وتثبيت حق تقرير المصير وفق نتائج الاستفتاء الذي جرى في 25 شتنبر 2017 وصوت عليه 92.7 % لصالح الاستقلال .

لكن ألا يشكل قرار البارزاني وفي هذا الوقت بالذات خطرا على الإقليم وخصوصيته؟

نعتقد أن قرار الرئيس البرزاني الأخير لن يؤثر سلبا على الأوضاع في كوردستان بحكم كونه رئيس اكبر حزب وهو من يقود البيشمركة وسيبقى المرجعية في اتخاذ أي قرار يخص مستقبل كردستان، باختصار هو انتقل من موقع الرئاسة إلى موقع الزعامة.

كيف تنظر لمستقبل الإقليم في ظل كل هذه المتغيرات التي تحدتنا عليها؟

رغم أن إقليم كوردستان فقد الكثير من امتيازاته بعد الاستفتاء إلا أن ما حدث لم يكن بعيدا كثيرا عن التوقعات والاستفتاء يعد مكسب تاريخي للكورد وثمرة نضال أكثر من مئة عام وسيكون له الأثر البالغ في تحقيق الاستقلال في المستقبل القريب، خاصة أن ما يجري ألان هي بداية لمرحلة صراع على المصالح وسيكون العراق وكوردستان في قلب الحدث، نعلم جيدا أن إزالة حدود رسمتها اتفاقيات أعقبت حرب عالمية راح ضحيتها الملايين يحتاج إلى حدث لا يقل عنه في الأهمية، ونعتقد أن ما يجري الآن (وما ستعمل عليه لاحقا الدول ذات الشأن) سيُمهدُ لحدثٍ تكون نتائجه تشكيل خارطة جديدة تنصف الكورد وتعيد رسم الحدود من جديد .

هل لما جرى في الإقليم تأثيرا على مجريات الأحداث على الأرض في المناطق الكوردية بسوريا؟

بالطبع ما جرى في كوردستان العراق سيلقي بظلاله ليس فقط على كوردستان سوريا وإنما أيضا على بقية أجزاء وكوردستان، وكوردستان سوريا تعتبر ذو أهمية سياسية وامتدادا جغرافيا لكوردستان العراق، كما أنه بالتأكيد أي حل القضية الكوردية في أي جزء سيكون ذو تأثير مباشر على الجزء الأخر.

كيف تنظر لمستقبل الفيدرالية؟ وما تعليقكم على تلميحات النظام السوري بمنح حكم ذاتي للكورد؟

لم يعد هناك أي احتمال لإعادة سوريا إلى ما قبل عام 2011 ونعتقد أن توزيع مناطق النفوذ لن يطول بعد الانتهاء من داعش، وعندها سيتضح شكل الدولة السورية والذي سيكون بعيدا عن الشكل المركزي السابق. وبخصوص بشار الأسد وموافقته على منح الحكم الذاتي للكورد نحن على يقين تام بأنه لم يعد لبشار الأسد قرار في سوريا وهو ينتظر ما يملى عليه من قبل الدول التي ساندته في قتل السوريين، ونظرا لعدم إمكانية العودة إلى شكل النظام السابق بعد أن تم قتل مئات الآلف وتشريد وتهجير نصف سكان سوريا وانقسام المجتمع السوري واتخذ هذا الانقسام بعدا طائفيا لم يعد ممكنا تجاوز تبعاته، من هذا المنطلق نعتقد أن الحل الأمثل و الأنسب لسوريا المستقبل، هي الصيغة الفيدرالية وان يكون للكورد إقليما فيدراليا ضمن الدولة الاتحادية.

ماذا تعرفون عن القضية الأمازيغية وما هو أوجه التشابه بينها وبين قضيتكم الكوردية؟

نملك معلومات لا بأس بها بخصوص قضية الأمازيغ ولغتهم وثقافتهم و موطنهم في شمال أفريقيا، والذي لم يذكر التاريخ أن أي قوم سبقهم إليه، يتشارك الكورد والامازيغ في شكل الاضطهاد الذي تعرضوا له عبر التاريخ ودور الفتوحات الإسلامية التي استغلها العرب في صهر بقية القوميات في بوتقة القومية العربية متخذين من الإسلام ذريعة للقضاء على ثقافة بقية القوميات التي تم السيطرة على أوطانهم واستغلال عامل الدين للتوسع وبناء الأمجاد.

وعانى الامازيغ والكورد على حد سواء من هذه العقلية التي همشت دورهم وارتكبت العديد من المشاريع العنصرية بحقهم، وككورد نحي عاليا نضال الشعب الأمازيغي في نيل حقوقه المشروعة ونؤكد دعمنا ومساندتنا له، ونتطلع إلى تطوير علاقتنا مع شعب عريق كالشعب الامازيغي، كما نثمن مواقفهم فيما يخص مساندتهم لقضيتنا الكوردية وموقفهم الرسمي من استفتاء استقلال كوردستان.

حاوره: منتصر إثري

شاهد أيضاً

الإحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة يُبرز المكتسبات التي حققها الشعب الأمازيغي في العُقود الأخيرة

منذ سنوات وانا اتابع قدر الامكان نضال الشعب الامازيغي عموما، وفي المغرب خصوصا، نتيجة العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *