نص تقرير التمييز العنصري المقدم من التجمع العالمي الأمازيغي للمفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان

عقدت السيدة أمينة ابن الشيخ رئيسة التجمع العالمي الأمازيغي بالمغرب والسيد رشيد الراخا الرئيس الدولي لذات المنظمة لقاء صباح يوم الأربعاء 28 ماي 2014 مع المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، السيدة نافي بيلاي، في العاصمة المغربية الرباط، وقد سلم التجمع العالمي الأمازيغي للسيدة نافي بيلاي عددا من الملفات تهم التمييز العنصري ضد الأمازيغ في المغرب والمعتقلين السياسيين الأمازيغ بسجن تولال في مكناس، وإبادة أمازيغ المزاب بالجزائر من قبل ميليشيات مدعومة من نظام الجزائر.

وقد توصلنا في أمدال بريس بالنص الكامل لأحد تقارير التجمع العالمي الأمازيغي والمتعلق بالتمييز العنصري ضد الأمازيغ والأمازيغية في المغرب ننشر نصه الكامل:

الرباط في 28 مايو 2014 الموافق ل15 ماي 2964

التجمع العالمي الأمازيغي

سعادة السيدة نافي بيلاي – المفوضة السامية لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة

الموضوع: تقرير حول وضعية حقوق الإنسان والمواطن(ة)، والمجموعات والسكان الأصليين الأمازيغ في المملكة المغربية.

سعادة المفوضة السامية،

نتشرف بالترحيب بكمفي منطقتنا تامازغا (شمال إفريقيا)، ونود أن نغتنم فرصة وجودكم فى المغرب لنثير انتباهكم إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المواطنين والسكان الأصليين (الأمازيغ)، ونطلب منكم التفضل بمعالجة هذه القضية مع الحكومة والسلطات المغربية.

لقد فتح قدوم الملك الجديد محمد السادس في العام 1999، آمالا كبيرة عندما اتخذ مبادرة إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، المُستلهَمة من تجربة بلدكم الأصلي جنوب إفريقيا، وذلك لمعالجة الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان خلال سنوات الرصاص، إبّان حكم الدكتاتور الراحل الحسن الثانى.

لقد مكنت الهيئة بعض الضحايا من التعبير عن آرائهم ومعاناتهم جراء هذه الأحداث، وقدمت لهم تعويضات مادية هزيلة، لكنها لم تجرؤ أبدا على إثارة الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبت في حق السكان الأمازيغ فى منطقة الريف خلال سنوات 1958 و1959، ناهيك عن سكوتها وعدم كشفها عن العديد من الاغتيالات السياسية المرتكبة ضد أعضاء جيش التحرير وعلى رأسهم قائد جيش التحرير بمنطقة الريف عباس المساعدي، أو تلك التي طالت الباحثين الأمازيغ من أمثال اللغوي بوجمعة الهباز… ولا يزال المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم في مأمن من الملاحقة القضائية إلى يومنا هذا.

وعلى عكس ما حدث في جنوب إفريقيا، حيث تمكن السكان الأصليون من الوصول إلى السلطة كوسيلة لتحقيق المصالحة الوطنية، – وعدا أولئك الذين عملوا على تزوير أنسابهم والذين يظهرون نوعا من الاستخفاف تجاه السكان الأصليين- حُرم المواطنون الأمازيغ، الذين يشكلون غالبية السكان بالمغرب والذين ضموا في صفوفهم أكبر عدد من ضحايا سنوات الرصاص، من الوصول إلى مراكز السلطة وحكم عليهم بالعيش في الهوامش والاستقرار في المناطق الهامشية والجبلية، محرومون من الحق في إنشاء تشكيلات سياسية أصلية، كما وقع مع الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي (PDAM) الذي تم حظره من قبل الدولة المغربية، في الوقت الذي تسمح فيه بتأسيس عشرات الأحزاب السياسية على أسس إيديولوجية عربية إسلامية.

سعادة المفوضة السامية،

ورغم ما تم إقراره في الدستور المغربي ليوم 1 يوليوز 2011 بعد حراك شباب 20 فبراير، من اعتراف نهائي بالهوية الأمازيغية وبالطابع الرسمي للغة الأمازيغية، فإن السلطات المغربية لا تزال للأسف تمارس سياسة فصل عنصري (أبارتايد) مناهضة للأمازيغ، والتي زادت حدّة مع صعود حزب إسلامي إلى السلطة ممثلا في حزب العدالة والتنمية(PJD).

وتتضح سياسة التمييز المؤسساتي هذه من خلال الوقائع التالية:

  • تضمنت بطاقات التعريف الوطنية الجديدة الخاصة بالمواطنين الأمازيغ، والمكتوبة حصرا باللغتين العربية والفرنسية، حرف “ز” أو “أزا” بـ”Tifinagh” التي تعد أول كتابة أبجدية افريقية، بحيث لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، لكنها تظهر بمجرد اخضاعها لضوء كثيف.
  • تُمنح للمواطنين الذين يعتقدون أن أصولهم من المملكة العربية السعودية ومن سلالة دينية معروفة باسم ” “الشرفاء”، الحائزين على أصول شرق أوسطية عربية، بطاقات بها تعليمات موجهة للسلطات من أجل تيسير وتسهيل الإجراءات والخدمات الإدارية أمامهم، وذلك على حساب باقي المواطنين العاديين!
  • وحتى داخل القصر الملكي نفسه، فإن أي شخص يعمل على إظهار أمازيغيته والتعبير عنها علانية يكون عرضة للتمييز والعزل، كما حدث للسيد حسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم الملك.
  • وقد تم إقصاء وتحييد الأمازيغي د.سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق، خلال التعديل الحكومي الأخير، وذلك بعد اقتراحه تغيير التسمية العنصرية لـ”اتحاد المغرب العربى” باسم “اتحاد المغرب الكبير”.
  • ولا تزال الحكومة المغربية تحتفظ بالسيد أحمد لحليمي على رأس المندوبية السامية للتخطيط، وقد كلفته بمهمة الإشراف على عملية الاحصاء الجديد للسكان خلال شهر شتنبر المقبل، مع العلم أن هناك شكوك تحوم حوله في قضية اختلاس أموال عمومية، كما جاء في تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، كما أنه عمد إلى التزوير في نسبة السكان الأمازيغ، نظرا لانتمائه الإيديولوجي لحزب سياسي عروبي، حيث أقدم على تخفيض عددهم وجعله ضئيلا جدا وصل بالكاد نسبة 28,4 في المائة من السكان خلال إحصاء السكان لعام 2004!
  • كما أن المأذونيات المتعلقة بوسائل النقل من سيارات أجرة وشاحنات وحافلات… وكذا رخص استغلال المناجم المعدنية والثروات البحرية، تخصص غالبا وتكون الأولوية في منحها للمقربين من دوائر السلطة الذين يتقاسمون نفس الأنساب المفترضة الدينية والمشرقية!
  • وللحصول على وظيفة في منصب المسؤولية، فان المرشحين الأمازيغ يخضعون لعملية تحقيق شاملة من طرف الشرطة السياسية، كما كشف عن ذلك وزير التعليم العالي الحالي الدكتور لحسن الداودي.

سعادة المفوضة السامية،

ورغم أننا تمكننا، كمناضلين وأمازيغ ديمقراطيين سلميين، من انتزاع بعض المطالب كإنشاء المعهد الملكى للثقافة الأمازيغية (IRCAM) والقناة التلفزية الأمازيغية (TV8)، إلا أن المعهد تم حرمانه بشكل غير مفهوم، من أعضاء مجلسه الإداري فيما أضحت القناة الأمازيغية غير ذات جدوى في غياب ميزانية كافية ونقص في الموارد البشرية وفي ظل إدارة غير مستقلة.

وبخصوص التزامات الدولة المغربية في أعقاب مطالب شباب حركة عشرين فبراير2011، وكذا الحركة الأمازيغية، وخاصة الاعتراف بالأمازيغية في دستور 01 يوليو 2011، كلغة رسمية لجميع المغاربة، فإن هذا الإقرار بقي حبرا على ورق منذ ما يقرب عن ثلاث سنوات. ورغم مرور كل هذا الوقت فإن المبادئ والمقتضيات الدستورية التي ينبغي أن تترجم على شكل قانون تنظيمي ومراسيم وقرارات ودوريات لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، هذه اللغة الإفريقية الأصلية، إلا أن الحكومة لم تُبدِ أي إرادة سياسية في هذا الاتجاه وظلت تواصل العمل على:

  • منع استعمال الأمازيغية، كتابة وشفهيا، داخل مختلف مؤسسات الدولة المغربية ومنها البرلمان ونذكر في هذا الصدد حالة السيدة النائبة فاطمة شاهو(تاباعمرانت) والسيد النائب عبد اللطيف أوعمو.
  • تغييب اللغة الأمازيغية وأبجديتها في الأوراق النقدية الجديدة وفي بطاقة التعريف الوطنية ورخصة السياقة.
  • انعدام أي تطور في ملف تعليم الأمازيغية، وكبح مسلسل تعميمها في التعليم الأولي والثانوي الذي كان بإمكانه أن يساهم بشكل فعال في محاربة الأمية المستشرية في صفوف الأطفال.
  • عدم إدماج الأمازيغية في برامج محو الأمية لدى الكبار والنساء وفي مجال التكوين.
  • كبح عملية إدماج الأمازيغية في وسائل الإعلام السمعية البصرية والغياب التام لسياسة “التمييز الإيجابي”، علما أن الأمازيغية قد حرمت من التمتع بحقوقها منذ استقلال المغرب، أي لمدة تناهز 58 عاما.
  • استمرار حبس المعتقلين السياسيين الأمازيغ خاصة مصطفى أوسايا وحميد أعضوش، الذين يقبعان بسجن مكناس، في تجاهل تام من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة العدل والحريات وعدم فتح ملفهما القضائي من جديد، وهو الملف الذي طالته خروقات خطيرة متعددة، وذلك خلافا لما يحدث كلما تعلق الأمر بالمعتقلين السياسيين المحسوبين على اليسار المتطرف “العروبي” أو السلفيين “الإسلامويين”.
  • ولا يزال ملف الضحايا الأمازيغ الخمسة (عماد القاضي، جواد بنقدور، جمال السالمي، سمير البوعزاوي، ونبيل جعفر)، الذين أحرقوا في إقليم الحسيمة خلال الاحتجاجات السلمية يوم 20 فبراير 2011، يلفه الغموض ولم تقم الدولة بإجراء أي بحث معمق في الموضوع لتحديد المسؤوليات، وهو ما يدفع ساكنة الريف للخروج كل مرة والتظاهر في الشوارع للمطالبة بتسليط الضوء على هذا الحادث المأساوي والكشف عن المجرمين. كما أن الاغتيالات المشبوهة لكل من كمال حسيني بآيت بوعياش، وكريم شعيب بصفرو، وكمال عماري ومحمد بودروة بآسفي، وفدوى العروي بسوق السبت، وعشرات المعتقلين السياسيين من حركة 20 فبراير، ظلت رهينة كواليس وردهات المحاكم المغربية حيث لا يزال القضاء للأسف يخضع للتعليمات ! (أنظر مقال جريدة “لوموند” الملحق بهذا التقرير).
  • استمرار معاناة أفواج عديدة من الخريجين الأمازيغ ذوي الشواهد العليا، في مختلف التخصصات والمجالات وفي اللغة الأمازيغية، مع البطالة وتعرضهم المستمر للقمع البوليسي أمام البرلمان، وذلك على غرار ما يتعرض له الأساتذة من اعتداءات..
  • استمرار الميز بخصوص دعم الدولة للسينما والفن والصحف والثقافة والكتاب الأمازيغي والجمعيات..
  • منع بعض الأنشطة الجمعوية والتظاهرات كما هو الشأن بالنسبة للوقفة الإحتجاجية التي دعت إليها منظمتنا، التجمع العالمي الأمازيغي، على الحدود المغربية الجزائرية يوم 9 فبراير الماضي، وذلك تضامنا مع المزابيين الجزائريين ومن أجل فتح الحدود، وهذه الوقفة تم منعها رسميا من طرف السلطات المغربية..
  • اعتقال بعض المناضلين الأمازيغ بدون أي مبرر كما هو الشأن بالنسبة لسمير المرابط من مدينة الحسيمة بالموازاة مع وصولكم إلى المغرب..
  • ممارسات عنصرية وقمع غير مألوف في حق الساكنة الأمازيغية كما حدث بآيت بوعياش، وإمزورن، وتنغير، وإميضر، وآيت سكوكو، ومريرت، وايت باها في الجنوب، وتركيست..
  • استمرار نزع الأراضي الجماعية من القبائل الأمازيغية بواسطة ظهائر تعود لعهد الاستعمار. وقد بادرت وزارة الداخلية مؤخرا بالإعلان عن حوار وطني حول موضوع الأراضي الجماعية، وذلك بهدف إصلاح الإطار القانوني وتطوير مساطر تسيير وتدبير هذه الأراضي الجماعية من طرف الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين. وحسب مشروع أرضية الحوار فإن الوزارة ترغب في بلورة إستراتيجية في اتجاه إنعاش وتنمية هذا الموروث الجماعي لفائدة الجماعات السلالية وأعضائها، وكذا تدعيم التنمية البشرية.. لكننا نشك في ما تم الإعلان عنه، إذ من شأن ذلك أن يعقد أكثر عملية تدبير هذه الأراضي وتهديد الانسجام والتضامن داخل الجماعات السلالية، وإلحاق الضرر بمصالح ذوي الحقوق وإجبار الساكنة القروية على الهجرة..
  • إهمال المواقع الأركيولوجية كما هو الشأن بالنسبة لموقع “إنسان سيدي عبد الرحمان” بالدار البيضاء، الذي يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ، والذي تم تحويله إلى مطرح عمومي للنفايات، وكذا الحالة السيئة التي توجد عليها المآثر التاريخية كضريح يوسف بن تاشفين بمراكش..

سعادة المفوضة السامية،

وإذ نشكر عنايتكم الخاصة بالموضوع لأجل مساءلة السلطات المغربية لكي تقوم بتغيير سلوكها وتعمل على الاحترام الفعلي لحقوق الإنسان عامة ومن ضمنها تلك المتعلقة بالمواطنين والجماعات الأمازيغية، نرجو أن تتفضل سعادتكم بقبول فائق التقدير والاحترام..

إمضاء:

رشيد الراخا – رئيس التجمع العالمي الأمازيغي

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *