نَم يا صغيري نَم.. واحلم أنك عبَرت..

بقلم: محمد بوتخريط- هولندا

متشابهون في المهانة والجراح وليلنا جمرُ جراحٍ خافية..

‘لا تخف إن تأخر قلبي عليك..
أنا ما أضعت السبيلَ..
ولكنني في الطريق اليك..
وجدت الطريق طويــــــــــلاَ….’.

حين عقدَ العزم وانطلقَ – كالكثير من أقرانه – في “رحلة” غير اعتيادية وغير محسوبة أو مضمونة العواقب نحو الثغر المحتل هناك… كان لا محالة يشعر بثقل في قلبه وبجوٍّ من الحزن حوله، وهو متجه على عجل ليعبر بحرا سباحة نحو مدينة يرى فيها طوق نجاة.. نحو مدينة قيل عنها أن البلاد أغلقتها من أجل الضغط على إسبانيا لغاية في نفس “بوريطة”!…

عبَر هاربا وكأن لسان حاله يقول أنه عندما يُنتهج التمييز ضدّنا نشعر جميعنا بالإهانة… وأحيانًا بالذلّ أيضًا.. والشعور بالمسّ بالحقوق لا ينبع من عدم إعطائنا ما نستحق فحسب، بل أيضًا من معاملتنا معاملة تختلف عن الآخرين لأنّنا، على ما يبدو، لا نعتبر “مواطنين مغاربة” كالآخرين … فلسنا في نظر المسؤولين في البلد سوى أذلاء حقيرين مذلولين ، وهذا التمييز يمسّ بكرامتنا وبقيمتنا الذاتيّة. والحقّ في المساواة يشكّل جزءًا من الحقّ في الاحترام… والانتقاص من هذا الحقّ قد يؤدّي إلى زعزعة إحساسنا بأنفسنا كأُناس ذوي قيمة…فنقرر أن نرحل..بل وأن نرحل بلا عودة.. أن نحزم أحلامنا ونرحل عن البلد نهائيا وإلى الأبد..

حاول الشباب الصمود والاستقرار في البلاد رغم الظروف الاقتصادية الصعبة ، لكن ظروفا ومؤشرات عديدة تدفعهم إلى التفكير في الهجرة حاملين في حقائبهم أملهم بعيش كريم بات مستحيلا في بلد ينخره فساد الساسة وانتشار البطالة وأشياء أخرى كثيرة أجدى الآن بالسرية…

ما يزيد الجراح نزيفا هو هؤلاء الاطفال الذين يحزمون أحلامهم ويرحلون..فكل عام، يدخل الى إسبانيا آلاف الاطفال، يخاطرون بحياتهم، يتسللون عبر مراكز الحدود والمرافيء ساعين لتحقيق أحلامهم بحياة أفضل..

ثمة مآت الأطفال المهجرين ، وقد فر بعضهم من بيوتهم بسبب النزاعات أو الفقر ؛ أو من العنف العائلي أو من قلة فرص التعليم والعمل ، في حين ترك آخرون بيوتهم أملاً بالعثورعلى حياة أفضل وأكثر أمناً. وثمة عدد كبير جداً منهم يواجهون الخطر، والاحتجاز، والحرمان، والتمييز في رحلاتهم ، سواء في الأماكن التي يقصدونها أو عند عودتهم.

هم أطفال يستشعرون الذُّل قبل غيرهم .. تغدو أحلامهم الصغيرة عصيّة على التحقيق ، و قصّة الذل والمهانة والحط من الكرامة ليست جديدة في البلد فالكثيرعانى ويعاني منها ولو في صمت وخجل احيانا ..

لقد عشنا و ترعرعنا مع كل هذه المظاهر من الذل وألفنا وجودها بيننا في بلد لا يولي لمواطنيه أدنى قيمة .. ولا زلنا نعيشها ونعايشها كل يوم في ما تشهده الادارات و المؤسسات بالبلد من أوضاع مزرية في التسيير والتدبير وفي كل شيء من خلال المشاكل المتراكمة التي يعاني منها المواطن معنويا وماديا، بشكل يثير الاستغراب.. وعلى مرأى ومسمع الجهات الحكومية المختصة !!. وعلى التلفزيون الرسمي يردد رجال ونساء كالببغاوات ” كل شئ في البلد على ما يرام”!!..

من أكبر الافتراءات التي يرددها هؤلاء.. من المخجل والمؤسف فعلا أن يكذب هؤلاء على شعب يعرف علم اليقين أنهم يكذبون… عوَّدهم مرؤوسيهم على الكذب على الشعب ..ليس لديهم سوى الكذب أو الوعود و الوعيد لأنهم متخبطين و مرتبكين وقاصرين ليس لديهم حلول إلا مصالحهم والتكالب على نهب المال العام والهروب نحو الأمام.

أتساءل والكثير من أصدقائي ونحن نشاهد هذه المآسي ، من أي نقطة نبدأ الحديث وعند أي نقطة نقف .. تتزاحم الافكار وعلامات استعجاب واستفهام كثيرة ، نشعر وكأن قلوبنا مخنوقة انفاسها لثقل هذا الهم الذي لم يسبق لنا ان عانيناه، خطر لا نعرف ما نسميه، هجرة جماعية ام انتحار جماعي ..

هجرة غير اعتيادية لآلاف المغاربة حالمين بالهجرة من أجل تغيير أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية ..

فبعدما كان شباب الشمال يهاجرون عبر البحر ليلا وفي سرية تامة، تغيرت الأوضاع الآن وصارت الهجرة في واضحة النهار وأمام أعين الجميع..والظاهر أنها هجرة و خطر مُسيس من جهات ما لطالما حلمت بهذا الحلم ان يصبح حقيقة، ووجدت فيه الارض الخصبة لتمرير مخططاتها…

اطلب من الله ان يلهمهم التراجع عن هذه المخططات التي ستحرق الوطن و تقتل شعبه . وأن لا يجعلوا أطفالنا وشبابنا لقمة سائغة لمن لا يريد لنا ولا للوطن لا خيرا ولا أمنا ولا سلاما …

آه يا وطن ! هل ستغفر لهؤلاء ما تقدم من جرمهم؛ وما تاخر ؟

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *