هذا المصاب الجلل هو خسارة لقطاع العدل بأكمله ولمهنة المحاماة في كافة أرجاء الوطن

وأنا أشارك اليوم في مؤتمر مراكش الدولي للعدالة، تلقيت بعميق التأثر وبالغ الأسى والحسرة، النبأ المحزن لوفاة المشمول بعفو الله ورضاه، زميلنا الأستاذ محمد الحسين الملكي، المحامي بهيئة الرباط على إثر أزمة قلبية ألمت به يوم الإثنين 2 أبريل 2018 .

وبهذه المناسبة الأليمة أعرب لأسرة الفقيد المهنية، ولكل أقاربه وذويه، وأصدقائه ومحبيه عن أحر تعازينا وخالص عبارات مواساتنا مقدرين فداحة الرزء في رحيل أحد رجالات سوس ومنطقة الأخصاص بإقليم سيدي افني المخلصين، الذين نذروا حياتهم لخدمة الثقافة الأمازيغية وحقوق الإنسان بكل تفان وإخلاص ونكران ذات.

إن هذا المصاب الجلل هو خسارة لقطاع العدل بأكمله ولمهنة المحاماة في كافة أرجاء الوطن، لكون المهنة فقدت برحيل الأستاذ الملكي أحد أعمدتها وفقهائها المتمكنين وأحد مراجعها الثابتة في مساطر الكد والسعاية وتنظيم العلاقات المالية بين الزوجين في المغرب و دراسة أراضي الجماعات السلالية والقوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية دراسة قانونية وتقنية دقيقة، حيث كانت للفقيد معرفة موسوعية تميزت بغزارة الإنتاج الفكري والحس التواصلي.

كما خسرت بلادنا مناضلا جمعويا كان من أوائل المناضلين من أجل الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، وكان فاعلا مدنيا نشيطا ضمن جمعية الأخصاص للتنمية، وكان حقوقيا ذا تجربة جمعوية واسعة جامعة للأداء المهني الملتزم وللعطاء المدني الغني، الذي ميزه من بين أقرانه كمحامي عضوي ملتصق بالأرض وبهموم الإنسان المغربي.

وكان رحمه الله ذا قلب واسع ومبادئ وطنية راسخة، يعتبر قدوة في حضوره ووزنه وثقله. ولا أزال أذكر – ونحن نحتفل اليوم بالذكرى العشرين لتأسيس جمعية باني لدعم المؤسسات الصحية بتيزنيت – التي كان لها الفضل في تشييد مركز لتصفية الدم بتيزنيت بمستشفى الحسن الأول، بجانب مشاريع تنموية أخرى، ولن أنسى حضوره الوازن بجانبنا في سنة 1998، ونحن نؤسس لجمعية باني لدعم المؤسسات الصحية بتيزنيت، حيث تنقل رحمه الله بأريحية وبسعة صدر من الرباط إلى تيزنيت، وأبى إلا أن يتراءس الجمع العام التأسيسي للجمعية ويساهم بفكره وعطاءه في أشغال اللجنة التحضيرية دعما منه لقيم التضامن والتآزر والتطوع والسخاء الأخلاقي.

وإننا إذ نستحضر بهذه المناسبة المحزنة، هذا الرصيد المهني والإنساني، وما كان يتميز به الفقيد، من حنكة مهنية وخصال إنسانية عالية. نحيي فيه، رحمه الله، وفاءه للمثل العليا، ووطنيته وسمو أخلاقه. ونرجو من العلي القدير أن يوفي الفقيد الكبير أحسن الجزاء، على ما أسدى لوطنه من خدمات جليلة، وأن يتقبله في عداد الصالحين من عباده، ويشمله بمغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنانه.

وإذ نشاطر، أقارب الفقيد، أحزانهم في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، نسأل الله عز وجل أن يلهم أسرته المهنية وأقرباءه وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عبد اللطيف أعمو
* مستشار برلماني

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *