المروك لديهم إجماع على أن الإلتزام بالحجر الصحي واجب وطني. ولكنه إجماع مزيف ومنافق. و هذا يدخل ضمن صميم الشخصية المروكية. لتحليل هذه الشخصية لابد من الإنفتاح على العلوم الإنسانية. وخاصة علم النفس الإجتماعي والتاريخ…
قد لا أكون متخصصا في هذا المجال. ولكن من باب كوني ملاحظ يحاول تفسير هذه الظاهرة انطلاقا من غيرتنا على هذا الوطن. فهذا السلوك الذي يتميز بالتناقض لا يمكن أن نفصله عن السياقات التاريخية المتعددة التي مر بها المجتمع المروكي. فمنذ جلاء القوات الفرنسية دخل المروك في سلسلة من الأكاذيب التي لا تنتهي. فكم من طريق هي موضوع دراسة ونقاش منذ الاستقلال. كم من صرف صحي قيد الدراسة منذ عقود كم من مدرسة موجودة على الورق وفي الواقع لا وجود لها. كم من مرة صدم المروك. كم من مترشح صعد القبة بالكذب والنفاق. والمشكلة أن من صوت عليه يعلم أنه منافق. ولكن لا بديل للمواطن عن ذلك المسؤول الفاسد. والمعضلة أن المسؤول هو الآخر لا بديل له عن ذلك المواطن الفاسد الذي يقبل بيع صوته وارادته الحرة بثمن بخس.
كلنا رأينا كيف كان بنكيران ينتقد حفل الولاء قبل أن يصبح رئيس الوزراء. ورأينا كيف برر وجود هذا الحفل دون أن يخجل من نفسه بعد أن أصبح في منصبه . لانه بكل بساطة يعتبر النفاق سياسة. كما رأينا داعية وقيادي في جماعة دينية يختلي بمرشدة معه في نفس التنظيم في ضرب صارخ لكل ما يدرسون ويدعون إليه في ندواتهم. دون أن ننسى كيف أن وزراء وقيادات ظلت تدعو إلى الاشتراكية وتشتم الرأسمالية تحولت إلى مجموعة من الإقطاعيين فلننظر إلى اغلب قيادات الاتحاد الاشتراكي مع بعض الاستثناءات القليلة. أليست الحركة الشعبية هي من يدعي تمثيل القبيلة والعالم القروي؟ فلننظر إلى القلاع الانتخابية لهذا الحزب وخاصة في الاطلس المتوسط، انها تعرف أسوأ ظروف العيش على مستوى المملكة.
دون أن ننسى من استفادوا من أراضي الدولة التي هي في الأصل أراضي انتزعت بالقوة زمن الاحتلال من ملاكها الاصليين. ولم ترجع إلى أهلها زمن الاستقلال. كيف يمكننا أن نطلب من مواطن كبر في هذا الجو من النفاق والكذب أن يلتزم بالحجر الصحي. ماذا فعل اعلامنا لإنشاء هذا المواطن غير الرقص وتشجيع التفاهة . المواطنة لا تبنى بالأوامر بل هي بناء مستمر للإنسان.
مترشح كاذب اعلام تافه مسؤول منافق . تعليم نظري يفتقد للجانب العملي حتى الاب يطلب من ابنه أن يكون متخلقا دون أن يكون قدوة له. عندما تسقط القدوة ينهار كل شيء. ولكن من له المصلحة في سقوط القدوة؟
سقوط قدوة الاستاذ والمرأة المربية في البيت والمسؤول النزييه… طبعا الفساد والريع هو المستفيد من هذه الأمور كلها . لا تبنى الأمم دون ثقة متبادلة بين الشعب والمؤسسات وهذه الثقة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال سلوك عملي لكل مسؤول حتى يكون قدوة للمواطن . كما أن تطبيق القانون يجب أن يكون شموليا أفقيا وعموديا دون أي ميز. يجب أن نسقط دولة الهاتف لبناء دولة المواطنة الحقة .
مادام لدينا مواطن يستطيع التملص من أداء ثمن مخالفة مرورية بالهاتف، فنحن بعيدون عن دولة المواطنة بسنوات ضوئية. بناء الأمم يحتاج إلى همم عالية وشجاعة في اتخاد قرارات مصيرية ونزاهة في تدبير المالية العامة وتوزيع عادل للثروة وتكافؤ الفرص. اين نحن من كل ذلك.