هل اعتذرت الزياني لأهل الريف؟

maxresdefault

د. عبدالله الحلوي

هل اعتذرت السيدة خديجة الزياني بالفعل عن وصفها للمحتجين بمدينة الحسيمة ب”الأوباش”؟ أبين في التحليل اللساني التالي أن النص الذي نشرته على صفحتها الفايسبوكية مؤخرا ليس اعتذارا، وأنها حاولت التهرب من منطوق منشورها الأول الذي تضمن قذفا واضحا لكل سكان الريف وليس للمحتجين في الحسيمة فقط. وفي ما يلي بيان تحليلنا وتفصيله:

1ـ منطوق منشور الزياني الأول الذي نشرته في صفحتها الفايسبوكية هو كما يلي:

على حساب ما كنشوف ف الصورة (صورة المحتجين) فالحسن الثاني رحمه الله عندما نعت بالأوباش من كان يقصد .. كان صادقا. الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.”

2ـ يتكون هذا المنشور من جملتين اثنتين: أولاهما تبتدأ بقولها “على حساب” وتنتهي بقولها “”صادقا”. والثانية قولها الفتنة … أيقظها”. مناط فهمنا لكلام الزياني ما ورد في الجملة الأولى لأن الجملة الثانية تعقيب على ما أثبته في الأولى.

3ـ تتكون الجملة الأولى من ملحق مقدّم Fronted Adjunct “على حساب ما كنشوف فالصورة”. وهي تشير بذلك إلى صورة، اعترفت الزياني فيما بعد بأنها مفبركة وعلامات الفبركة واضحة عليها، يبدو فيها بعض المحتجين وهم يحملون علما اسپانيا مكتوبا عليه “اسپانيا” باللغة الإسپانية. ويبدو في يمين الصورة شاب يلف العلم الأمازيغي حول رقبته. فكأنما يريد مُفبرك الصورة أن يوهم أن المحتجين أمازيغ يعلنون الولاء لإسپانيا. ولا يحتاج المرء لكثير من الجهد ليتبيّن من كون الصورة مفبركة، وهذا ما اعترفت به الزياني في منشورها الثاني فقالت بأنها قد حذفتها بعد أن نبهني أصدقاء الى أن الصورة مفبركة وغير حقيقية”.

4ـ والجزء الرئيس من جملة الزياني هو قولها: “فالحسن الثاني رحمه الله عندما نعت بالأوباش من كان يقصد .. كان صادقا”. يتكون هذا الجزء من مبتدإ بسابقة فائية لوسم قِدم العِلم بالمُبتدإ به ( أي “الحسن الثاني”، فهو معلوم عند القارئ)، متبوعٍ بملحق زمني مُدمج وهو “عندما نعت بالأوباش من كان يقصد”، متبوعٍ بخبر جُمليٍّ هو “كان صادقا”. والخبر الجملي يعود على المبتدإ “الحسن الثاني”.

5ـ وإذا ركزنا على الملحق الزمني “عندما نعت بالأوباش من كان يقصد” نجد أنه يتضمن فعل “نعت” فاعله عائد على المبتدإ الحسن الثاني” ومفعوله “من كان يقصد”، مسبوقاً بمركب حرفي “بالأوباش” هو الوصف الذي تقصد أن الحسن الثاني وصف به “من كان يقصد”. فيكون المعنى: “عندما نعت الحسن الثاني هؤلاء الذين كان يقصدهم بالأوباش”.

6ـ مناط فهمنا لكلام الزياني إذن أنها وصفت معنى كلام الحسن الثاني بالصدق: “عندما نعت الحسن الثاني هؤلاء الذين كان يقصدهم بالأوباش فقد كان صادقا”. فمن هم هؤلاء الذين “قصدهم الحسن الثاني عندما وصفهم ب”الأوباش”؟ لا نحتاج لإعمال أي جهد في فهم منطوق الحسن الثاني، فقد كان كلامه واضحا لا التباس فيه ولا غموض. وفي ما يلي اقتباس لصريح كلامه:

الأوباش: الناظور، الحسيمة، تطوان … القصر الكبير. الأوباش: العاطلين، لي عايشين بالتهريب، وبالسرقة”.

7ـ بما أن الزياني أثبتت الصدق لكلام الحسن الثاني بِحقِّ “من كان يقصدهم” فهي تؤمن أيضا بأن أهل الناظور والحسيمة وتطوان والقصر الكبير قوم أوباش، عاطلون، يعتاشون على التهريب والسرقة. وهذا كلام فيه تعيير غليظ (أوباش) وحكم جائر مُعمّم (السرقة، التهريب) وطعن معمّم في كرامة شعب (العاطلون …).

8ـ لم يرد في “اعتذار” السيدة خديجة الزياني أي اعتذار عن هذا تعييرها الغليظ وحكمها الجائر المعمم وطعنها المعمم في كرامة شعب.

نتيجة: خديجة الزياني ظالمة ولم تعتذر عن ظلمها. وظلمها وعدم اعتذارها عليه هو “الفتنة النائمة” التي لُعِن موقظها.

شاهد أيضاً

سيدي وساي: تأويلات ممكنة لتاريخ مشهد ساحلي مشهور (الجزء الخامس والأخير)

– الضروف العامة لقيام ثورة بوحلايس أول ملاحظة نريد تسجيلها فيما يتعلق بثروة بوحلايس، انها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *