أولا هل ستنجح الدولة في ” المساعدة ” على تخصيب البويضة في رحم حزب شكل إلى يومه أحد قلاع ومشاتل خلق كفاءاتها الحزبية والمالية ، وكذا موظفيها ضمن القاعدة الاجتماعية للنظام ؛ من أجل تحسين نسل وميلاد سليم لرئيس البام المقبل ، لأجل استدراك ما فشل فيه سابقوه أو آخرون من أحزاب مماثلة أو معارضة ؟ فالمهمة الموكولة هي التعبير عن خيار الدولة وتطويق المنافسة حول الشرعية الدينية والتاريخية ، وفيما يشبه مهمة خوض صراع كينونة بالوكالة عن الدولة، وقد بلغت مغامرة حزب الاصالة والمعاصرة حد ادعاء تمثيل مؤسسات دستورية عليا والزعم بأنه مهندس العدالة الانتقالية والساهر الأمين ” حكرا ” على تفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة بعلة أن جل قيادييه من سلالة الحركة التقدمية ” الراديكالية ” وقدماء ضحايا سنوات الرصاص ، وفي ذلك قبس من الصحة .
فقد سبق للدولة ان دعمت الاعلام غير الحزبي وساهمت في تأجيج الصراعات الحزبية الداخلية ، وتم إجهاض التناوب التوافقي رغم محدوديته ؛ وتم تجريب خلق يسار بديل لعدة مرات دون جدوى ، بل إن الهدف كان هو خلق ” بارشوك ” ضد هاجس تصاعد المد الأصولي الذي من شأنه اكتساح المشهد الانتخابي ؛ لكن بعد العياء السياسي والتنظيمي الذي أصاب قدرات اليسار بجميع أطيافه ومكوناته، وبعد فشل آخر تجربة مع دينامية نداء المواطنة؛ تأسست ” الحركة لكل الديموقراطيين ” في ظلال حكومة عباس الفاسي، أفضت الى خروج قرار الولادة القيسرية لحزب الأصالة والمعاصرة الذي بالغ عند اعلانه البديل الحداثي القادر على مواجهة المد الاسلامي الانتخابي، لكن حراك عشرين فبراير اضطر الدولة إلى الانصياع إلى توجيهات العقل الأمني للحلفاء الدوليين؛ بإعلان فوز حكومة برئاسة المصباح، تحت ضمانة حزب الكتاب والقبول بإشراف رقابة من داخل الدولة ، ذات صلة ايديولوجية وبيولوجية .
لذا نعيد السؤال اعلاه من جديد ، في صيغة اخرى : هل سيواصل الامين العام الجديد مهمة التوليف بين الأصالة كمظهر للتقليدانية المعصرنة وبين المعاصرة الحافظة للأعراف المرعية ، مادام ما يهم المؤسسة الملكية هو تحصين الاستقرار وضمان استمرارية النظام السياسي بنفس مظاهر التحديث وجوهر التقليد ، وليست الصيغة سوى محاكاة تجربة ” زواج النداء والنهضة ” بتونس تحت رعاية الحلفاء وتوافق قدماء الرفاق والإخوان ؟