تحقيق إجماع سياسي حول أخنوش؟ .. يبدو هذا مستعصيا إن لم يكن مستحيلا! سأحاول أن أبين، على الأقل، أن هذا السؤال جدي ومثمر، وبأنه، إذا فهم بشكل جيد، سيشكل مفتاحا أساسيا لفهم أزمة الممارسة السياسية في مغرب اليوم.
جُمْلة ما أَوَدُّ أن أبينه أن لإجماع المواطنين والحركات السياسية على عبد العزيز أخنوش والدفع به إلى رئاسة الحكومة فائدتين اثنتين: أولهما أن شخصيته القيادية التنفيذية ستمكنه على الأرجح، إذا ما سير الحكومة، من تحقيق مطلب “الإقلاع الشامل” للبلد، وأن مشروعه السياسي فيه الكثير مما يرضي معظم التوجهات السياسية الكبرى ببلدنا. تلكم دعوانا. أما دعوتنا فهي لأخنوش نفسه، وفحواها أن عليه أن يلتزم بهذا الإختيار السياسي والخِطابي discursive الإستراتيجي، فيؤكد على التزامه بمطلب “الإقلاع الشامل” ويعمل على توضيح ما يرضي معظم التوجهات السياسية الكبرى في بلدنا في مشروعه.
اعتراضات على الدعوى والدعوة
من الإعتراضات الممكنة (والمشروعة في نظري) على الدعوى التي أدافع عنها في هذا المقال أن “كاتب المقال” (عبد ربه) إنما “يدافع” عن أخنوش لأسباب “عرقية” أو “قومية”. فهو سوسي ابن سوسي، فلربما استبدت بصاحب المقال، وهو سوسي أيضا، “نعرة قبلية” فَوَدَّ أن ينتصر سياسيا لواحد من “قبيلته”، وفي ذلك مظنة التعصب المقيت لجهة من الجهات أو إثنية من الإثنيات.
الرد على هذا الإعتراض أنه لو كان صحيحا لانتصر صاحب المقال أيضا لسعد الدين العثماني (وهو سوسي ابن سوسي أيضا)، أولعبداللطيف وهبي (وهو سوسي ابن سوسي أيضا). ولو كان صحيحا لما كان لصاحب المقال في ما قبل موقف نقدي من أخنوش دفعه دفعا للمشاركة في مقاطعة منتوجات بعض من شركاته ــ وهو موقف راجعه وأدرك خطأه.
يدافع عبد ربه صاحب المقال عن ضرورة تحقيق إجماع نسبي على أخنوش بصفته رئيسا للحكومة القادمة لأسباب موضوعية لا علاقة لها بالإنتماءات “الإثنية” الضيقة التي لا يؤمن بها أصلا.
من الإعتراضات ذات الطابع الپوليميكي التي وجهت لعبدالعزيز أخنوش والتي كان أشاعها النائب البرلماني عبدالله بوانو من حزب العدالة والتنمية (الذي لا يتعاطف مع الملياردير السوسي نظرا للدور الذي لعبه في ما سمي ب”البلوكاج السياسي” والذي أدى إلى إعفاء عبدالإله بنكيران من مهامه كرئيس حكومة وتعويضه بعزالدين العثماني) أن شركة المحروقات التي تعود لملكيته حصدت أرباحا كبيرة تقدر ب 17 مليار درهم بعد تحرير أسعار النفط في المغرب، مما يوحي بأن تحرير أسعار النفط سياسة تهدف إلى الرفع من أرباح شركات المحروقات التي على رأسها أخنوش، مما قد يدل على أن وضعية أخنوش بصفته مليارديرا كبيرا ستدفعه دائما لحماية مصالحه ومصالح شركاته دون مراعاة لمصالح الناس وخصوصا الفقراء منهم.
المشكلة في هذا الإعتراض الپوليميكي أنه اعتراض پوليميكي، وأنه، كجميع الإعتراضات الپوليميكية، محفز بدوافع سياسية أو مصلحية فلا يهمه كثيرا توفر الأدلة أو عدم توفرها. فالأدلة المتوفرة لا تؤكد صحة حصد شركة المحروقات التي في ملكية أخنوش لمبلغ 17 مليار درهم، فالدليل على الدعوى منعدم، بل تؤكد أن أرباح الشركة كانت أقل بكثير، لأن الدليل على نقيض الدعوى قائم. من أمارات عدم وجود الدليل على التهمة أن هذا المبلغ غير مذكور في أي تقرير للمجلس الاعلى للحسابات، ولا في أي تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ولا في أي تقرير لمجلس المنافسة أو لصندوق المقاصة او لوزارة المالية او الشؤون العامة للحكومة او المندوبية السامية للتخطيط. ومن أمارات كذب التهمة أن لحسن الداودي، الذي كان يشغل مهمة وزير مكلف بالشؤون العامة، والذي ينتمي إلى نفس الحزب الذي يتمي إليه عبدالله بوانو صاحب الإشاعة الپوليميكية، خرج على قناة ميدي 1 ليكذب الرقم ويعلن رقم 3 ملايير درهم كأرباح لشركات المحروقات بعد ثلاث سنوات من تحرير بنكيران لاسعار المحروقات. بل إنه أكد أن الرقم الذي أشاعه بوانو نتيجة لخطأ وقع فيه بسبب احتسابه كمية المبيعات مضروبة في الدرهم دون احتساب المصاريف.
من الإعتراضات “السياسية” التي وجهت لاقتحام أخنوش لمجال السياسة أنه “رجل أعمال”، وأن في دخول “رجال الأعمال” لمجال السياسة جمع لقوة المال بنفوذ السلطة السياسية، وهذا لا يستقيم لأن رجال الأعمال لا يلجون إلى عالم السياسة إلا لحماية مصالحهم الإقتصادية والفئوية.
من أوجه ضعف هذا الإعتراض أنه يفترض أن هناك علاقة حتمية وحيدة بين الپروفيل الإقتصادي والپروفيل السياسي لمن يريد أن يجمع بينهما، وهي علاقة “الإستغلال”: كل من يمارس السياسة وهو رجل أعمال، فهو إنما يفعل ذلك فقط لحماية مصالحه الإقتصادية والفئوية. فلماذا لا يُقال مثلا بأن السياسي الذي تمرن في عالم الأعمال على تسيير المقاولات، وتأدية أجور العمال في وقتها، ودفع الضرائب، وتحمل المسؤولية القانونية، هو أقدر من غيره على تسيير الشأن العام بحس المسؤولية؟ ولماذا لا يُقال أيضا بأن الپروفيل الذي حقق نجاحا في مجال الأعمال قادر أيضا أن يحقق نجاحا في إنقاذ الإقتصاد الوطني من الجمود وحتميات الإرتهان للموازنات الإقتصادية الغير منتجة؟ المشكلة في “الإعتراض السياسي” أنه اعتراض سياسي ضيق يفترض حتمية غير مبررة بين الپروفيل الإقتصادي والپروفيل السياسي للفاعل السياسي.
بل إن المتأمل في السياسات الداخلية للبلدان الأخرى سيجد أن ممارسة الأعمال لم تكن أبدا مبررا لحرمان المواطنين من حقهم في ممارسة السياسة واستثمار نجاحهم الشخصي في المساهمة في حل مشاكل الناس الإجتماعية والإقتصادية.
خذ على سبيل المثال رجل الأعمال الأمريكي Michael Boolmerg الذي وصلت ثروته سنة 2009 إلى 16 مليار دولار وحقق أكبر نمو في الثروة في العالم بين سنتي 2008 و 2009، فانتقل من ترتيب 145 إلى 17 في سلم أغنى الأفراد في العالم حسب معطيات فوربز. تقدر ثروته الآن ب 55.5 مليار دولار. لكن هذا لم يمنعه من تقلد مناصب سياسية مثل منصب عمودية نيويورك لدورتين (من 2002 إلى 2009) ولم يمنعه من الترشح للإنتخابات الرئاسية لسنة 2020. فلماذا نحرم مواطنا في بلدنا من تحمل المسؤولية السياسية فقط لأنه ثري؟
من أثرى السياسيين في أمريكاJ.B. Pritizker (أثرى من دونالد ترامپ نفسه) حاكم ولاية إيلونويس الذي انتخب حاكما للولاية في نونبر 2018. لم يحرمه ثراؤه من ممارسة السياسة وممارسة الحكم.
منهم أيضا Andrej Babiš الوزير الأول للحكومة التشيكية الذي كانت تقدر ثروته ب 3.6 مليار دولار (متجاوزا دونالد ترامپ ب 0.5 بليار دولار). ومنهم أيضا رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحرير الذي قدرت ثروته سنة 2018 ب1.8 مليار دولار. هناك بل إن هناك من السياسيين الأثرياء ممن من ربحوا الإنتخابات في الدورة الأولى وخسروها في الدورة الثانية، كما حدث للأوكراني Petro Poroshenko الذي كان يلقب ب”ملك الشيكولوطا” الذي ربح الإنتخابات الرئاسية لسنة 2014 وخسرها سنة 2019 والذي كانت تقدر ثروته سنة 2014 ب 1.3 مليار دولار. فالعمدة في ضبط سلوك السياسيين الأثرياء هي الآلية الديموقراطية. إذا استثمروا نجاحهم في خدمة الناس، سيصوت عليهم الناس مرة أخرى ليواصلوا مشارعهم، وإلا فإنهم سيعاقبونهم بالتصويت ضدهم.
لماذا أخنوش؟
لكن لماذا ندعو إلى ضرورة تحقيق إجماع على الدفع بأخنوش لترأس الحكومة القادمة؟لكن لماذا ندعو إلى ضرورة تحقيق إجماع على الدفع بأخنوش لترأس الحكومة القادمة؟ الجواب: لأن أخنوش يتميز “بقيادية تنفيذية” Executive Leadership وهذا عين ما نحتاجه اليوم. ما معنى هذا الكلام؟
“القيادة التنفيذية” هي قدرة الفرد على قيادة التنظيم بشكل يحقق الأهداف المتوخاة بفعالية والقدرة على التخطيط الإستراتيجي المؤدي إلى تحقيق هاته الأهداف. والمتأمل في الشأن السياسي المغربي سيلاحظ أن الصفة الغائبة في أغلب القادة الذين عرفناهم حتى اليوم هي صفة “القيادة التنفيذية”. فمعظم الشخصيات الكارزمية التي عرفها المغرب كانت تتميز إما بالقدرة على بث روح الإلتزام في الأفراد (الشخصيات الكارزمية ذات الميولات اليسارية) أو بالقدرة على تهييج المشاعر (الشخصيات الكارزمية ذات الميولات الدينية). ولكن لم نعش في تاريخ الحكومات المغربية التي توالت على تسيير الشأن العام ببلدنا شخصية ذات قدرات قيادية تنفيذية كتلك التي للسيد عبدالعزيز أخنوش.
ومرد احتياجنا للقيادة التنفيذية في مغرب اليوم أن المجتمع المغربي، بشقيه السياسي والمدني، كان ولا يزال يعاني من “التخمة الشِّعاراتية غير الفعالة” و”استمرار أزمة التخلف”. أقصد ب”التخمة الشعاراتية غير الفعالة” أننا في المجتمع المغربي نعاني من غياب ثقافة التنفيذ Implementation culture، فنتداول المفاهيم (كمفاهيم التقدم، والحداثة، والعدل، والتشاركية …) أكثر مما نمارسها على مستوى ثقافاتنا المحلية وسياساتنا العمومية. وأقصد ب”استمرار أزمة التخلف” أننا لا نزال نردد نفس الشعارات الأساسية التي رفعناها منذ “الإستقلال”، لكننا نصحو كل صبح على نفس الأزمة، ونستهل كل سنة بإعادة طرح نفس السؤال: لماذا تقدم الغير وتخلفنا نحن؟ مثلنا في ذلك مثل رجل طال به مرض أصابته إعاقة لا يستطيع معها المشي، فعاش جُلَّ حياته مُقعداً لا يمشي على قدميه، يتمنى كل يوم أن يمشي ويركض كبقية الناس، لكنه لا يدرك أن علاج حالته ليس بالتمني والحلم، بل بتطبيق خطة علاجية فعالة مجربة وفعالة لا يعرفها إلى طبيب حاذق.
الخروج من أزمة التخلف التي نعيشها تتطلب قيادة حكومية تنفيذية تتجاوز الثقافة الشعاراتية، وتكسر حتمية التخلف التي وُضِعْنا فيها لزمن غير قليل. والشخصية القيادية التنفيذية لعبد العزيز أخنوش ستمكنه على الأرجح من تحقيق هاته الغاية.
أرى أن أخنوش هو الأنسب لقيادة الحكومة في المرحلة القادمة لأن المجتمع المغربي يمر من فترة حرجة في نمو نسيجه الاقتصادي، وتحولات منظومته التربوية، ودخول مجالات مستحدثة (ولكن حاسمة) في مجال مصالحه الحيوية (كتحديات البيئة، ووضعيات الوباء، ومستجدات السياسة الخارجية)، ولأننا نحتاج لقيادة حكومية تتوفر على خاصية “القيادة التنفيذية” تتولى تدبير هاته الفترة الحرجة بكل تحدياتها.
هناك أمارتان اثنتان على توفر صفة “القيادية التنفيذية” في أداء أخنوش، وهما:
1ـــ أنه رجل أعمال ناجح، وأنه استطاع أن يتعامل مع أخطر المقاطعات الإقتصادية التي هُندست بشكل ذكي لتخريب مشاريعه الإقتصادية بشكل كامل، فعرف كيف يتعامل معها بمرونة إلى أن تجاوزها بنجاح. فمن يستطيع تجاوز مثل هاته الأزمات، سيستطيع أيضا تجاوز الأزمات الإقتصادية بحنكة وأن يحول نقط الضعف في الإقتصاد المحلي إلى عناصر قوة.
2ـــ أنه استطاع ببرنامج ذكي، وهو برنامج 100 يوم / 100 مدينة الذي “أطلقه حزب التجمع الوطني للأحرار بغرض الاستماع إلى آراء واقتراحات ساكنة المدن، خاصة الصغرى والمتوسطة، بخصوص مستقبل وأولويات مدنهم.” ـــ استطاع بواسطة ورشات العواصف الذهنية التي تضمنها هذا البرنامج أن يرصد احتياجات سكان المدن الصغيرة والمتوسطة التي نظمها في خمسة التزامات أساسية وهي:
الإلتزام الأول: “استفادة كل مغربي يبلغ 65 سنة أو أكثر وهو في وضعية هشاشة، من تغطية صحية بالمجان ومدخول مضمون لا يقل عن 1000 درهم في الشهر في أفق سنة 2026، على أن يبدأ الأمر بمبلغ 400 درهم في الشهر”.
الإلتزام الثاني: “تقديم إعانات بمبلغ 300 درهم في الشهر للوالدين عن كل طفل، بشرط استكمال الدراسة،… مع الخضوع للفحوصات المجانية والإجبارية لتتبع الحمل والمواليد الجدد، وغيرها من الإجرءات التي جاء بها البرنامج في هذا الالتزام”.
الإلتزام الثالث: “إصدار بطاقة” رعاية”، لإنهاء معاناة المواطنين مع مصاريف العلاج والحكرة والحاجة، مشيرا إلى أن هذه البطاقة توفر حلولا لكل هذه المشاكل بفضل الوسائل التكنولوجية وتعميم التغطية الصحية.”
الإلتزام الرابع: “خلق مليون منصب شغل… إطلاق برنامج طارئ لتوفير 250 ألف منصب شغل من خلال برامج كبرى وصغرى للأشغال العمومية.”
الإلتزام الخامس: “حسين جودة التعليم ورد الاعتبار لمهنة التدريس،… توفير تكوين جيد ومستمر للأساتذة قبل ولوجهم لمهنة التدريس، وأيضا للذين سبق ويشتغلون في القطاع، على أن يستفيد الجميع من أجرة شهرية تبلغ 7500 درهم”.
وجه روح القيادية التنفيذية في هذه الإلتزامات أنها رصدت احتياجات حقيقية (ولم تردد نفس الشعارات الإنتخابية الفضفاضة التي تعودنا عليها في المجال السياسي المغربي)، وأنها عبرت عن هاته الوعود بأرقام ملموسة (حتى تسهل عملية المحاسبة في ما بعد)، وأنها جاءت نتيجة لدراسة “احتياجات الزبون السياسي” (تماما كما يفعل كل رجل أعمال ناجح في دراسة احتياجات زبنائه قبل أن يبدأ في إنتاج خدماته أو منتجاته)، وأنها نجحت في جلب اهتمام المواطن (بالتثمين أو التشكيك)، وأنها حفزت قلقا حقيقيا عند المنافسين السياسيين (كما يظهر من خلال توالي التعليقات والتصريحات عند زعماء الخصوم السياسيين لأخنوش).
قد لا تكون التزامات أخنوش، حتى وإن تحققت، كافية لتحقيق كل الطموحات السياسية للحركة الأمازيغية، لكن ألا ينبغي الإعتراف أنها تتضمن أكثر من مجرد حد أدنى لتحقيق هذه الطموحات؟ أليس التحدي الأساسي بالنسبة للتيار الكلاسيكي (الثقافي) هو استعادة المسلوب الهوياتي (اللغوي والثقافي) وتعهد أخنوش بتخصيص ميزانية مهمة له خطوة جدية نحو هذا الهدف؟ وأليس التحدي الأساسي بالنسبة للتيار الجديد هو استعادة الثروات الطبيعية والتزام أخنوش بوعود مرقمة قابلة للمساءلة خطوة مهمة نحو توزيع الثروة خصوصا إذا ما تحققت هذه الإلتزامات في إطار سياسة داعمة للمقاولة، مجوِّدة لمنظومة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي، ….؟
هل الإجماع السياسي حول أخنوش ممكن؟
رغم أن أخنوش يتعرض لحملة شرسة تثير حوله تشككات واعتراضات كثيرة تصل إلى افتراض تناقض خطابه بشكل تام مع خطابات الفاعلين السياسيين المعارضين له، أرى أن التأمل في ما يمكن أن يحققه أخنوش اقتصاديا سيكون منسجما مع مطالب التيارات السياسية الكبرى بمغرب اليوم ـــ سيتضح ذلك جليا إذا ما ابتعدنا عن أسلوب الپوليميك السياسي في التعامل مع الخصوم، وإذا ما حاولنا أن نبحث بشكل جيد في مناطق التقاطع بين خطابات الحركات السياسية في المغرب بدل التركيز على نقاط الإختلاف بينها.
سؤال لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا
سأبين إمكانية هذا الإجماع السياسي حول أخنوش بالنبش قليلا في الأسئلة المؤسسة للتيارين الإسلامي والأمازيغي في المغرب المعاصر، وبالتأمل في كيفية تحول هاته الأسئلة، والتساؤل في ما يمكن أن يقدمه أخنوش للإجابة عن الصيغة الأحدث لهاته الأسئلة.
أفترض أن السؤال المؤسس للخطاب الإسلامي المعاصر هو نفس السؤال الذي طرحه الكاتب اللبناني شكيب أرسلان والذي عنون به كتابه الشهير الذي نشر سنة 1930 “لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟ بل إنك لو بحثت في محرك البحث ڭوڭل عن عبارة “تخلفنا وتقدم غيرنا” التي تشكل المضمون الأساسي لسؤال أرسلان، ستجد 1500000 نتيجة، مما يدل على ملحاحية هذا السؤال عند المسلمين ورغبتهم في إيجاد جواب شاف له … ولو في ڭوڭل!
لنبدأ أولا بخطاب الحركة الإسلامية ..
أفترض أن السؤال المؤسس للخطاب الإسلامي المعاصر (خصوصا بصيغته الإخوانية) هو نفس السؤال الذي طرحه شكيب أرسلان وعنون به كتابا له نشر سنة 1930: “لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم ؟” لخص محمد سيد بركة جواب شكيب أرسلان كما يلي: “يرى أرسلان أن أسباب ارتقاء المسلمين في الماضي، إنما ترجع إلى الإسلام، ويبين أنه إذا فحصنا ذلك، وجدنا أن السبب الذي استقام به المسلمون سابقًا، قد أصبح مفقودا بلا نزاع، وإن كان بقي منه شيء، فهو كباقي الوشم في ظاهر اليد.”
ويذكرنا السيد محمد سيد بركة أيضا بأن أرسلان يرد على شبهة “مدنية الإسلام” (يعني بذلك “قدرة المسلمين على التقدم وتأسيس حضارة مدنية”) وذلك بالرد على “على زعم من زعم، أن الإسلام لم يتمكن من تأسيس مدينة خاصة”.فقد ضرب أرسلان أمثلة “على الأمم الأخرى لأجل المقابلة، فذكر اليونان والرومان، قبل النصرانية وبعدها. وهو يرى أن القائلين بأن الإسلام قد كان سبب انحطاط الأمم الدائنة به، لا مفر له من القول بأن النصرانية قد أدَّت إلى انحطاط اليونان، وكذلك كانت روما في عصرها الدولةَ العظمى التي لا يذكر معها دولةٌ، ولم تزل هكذا إلى أن تنصرت لعهد قسطنطين، فبدأت في الانحطاط .. أيعقَل أنْ نقول أيضا: إن تدينها هو سبب تخلفها؟”
بهذا أسس أرسلان للخطاب الإسلامي المعاصر بالتأكيد على فرضيتين اثنتين: أولهما أن الإسلام ليس هو سبب تخلف المسلمين، وأن استرداد ما ضيعه المسلمون من تدينهم هو ما سيعيدون به مدنيتهم المفقودة.
إلا أن إعادة نشر الثقافة الدينية الإسلامية بواسطة الحركات الإسلامية دفعت بعض المفكرين المسلمين إلى التفكير في هذا السؤال بطريقة جديدة: لقد أعدنا نشرنا الإسلام من جديد، وانتشر التدين بشكل واضح في المجتمعات الإسلامية (ما سمي ب”النهضة الإسلامية”)، لكن “المدنية” التي وعدنا بها أرسلان إذا ما استعدنا القيم الإسلامية الضائعة لم تعد بعد، بل ما فتئنا نزداد تخلفا وما فتئ غيرنا يزداد تقدما. فأين المشكل إذن؟
طرح أحد الكتاب المسلمين (اسمه عيسى غيث) هذا السؤال بالشكل التالي:
“فنحن من الناحية الدينية لا نشكو من نقص فلدينا مخزون علمي وكوادر قادرة على التأصيل، ولكننا من الناحية الدنيوية نحتاج لتطور كبير، حيث إننا ما زلنا عالة على غيرنا في شؤون حياتنا، ولو تلفتنا يمنة ويسرة لوجدنا غالب ما نعيش فيه وبه وعليه هو من صنع غيرنا، بدءًا من غذائنا ودوائنا ومرورًا بملابسنا ومراكبنا وليس انتهاء بأسلحتنا التي نحمي فيها ضروراتنا الخمس.”
الجديد في السؤال الذي طرحه عيسى غيث والذي يعبر عن السؤال الذي يسعى المفكرون الإسلاميون (والحركات الإسلامية) للتعامل معه اليوم هو أننا اليوم “لا نشكو من نقص، فلدينا مخزون علمي وكوادر قادرة على التأصيل”. فلم تعد المشكلة اليوم، كما كان الحال في بداية القرن العشرين في أيام أرسلان، هي أن “نعرف الاسلام وقيمه”، فقد نجحت الحركات الإسلامية الدعوية والسياسية كليهما في إعادة نشره بين الشباب ــ المشكلة اليوم هي أننا “ما زلنا عالة على غيرنا في شؤون حياتنا” … فكيف نتقدم بحيث نصبح مستقلين عن غيرنا في أمور حياتنا. هذا هو السر الأعمق في إعجاب جزء كبير من المسلمين بأردوڭان .. فهو الرئيس المسلم الذي يعتقد الكثيرون من المسلمين أنه حقق الإستقلال الإقتصاد المنشود والذي يبرهن بوضوح أن الإسلام ليس مسؤولا عن التخلف الذي يعيشه المسلمون بل هو الدافع نحو التقدم والمدنية التي يتطلعون لها.
هذا يعني أن “أخنوش” لا ينبغي أن يكون عدوا للحركات الإسلامية، بل ينبغي أن يدعموه لأنه إذا نجح في تنفيذ المشروع المجتمعي الشامل الذي جاء لإنزاله على أرض الواقع سيبرهن مرة أخرى أن التخلف ليس حتمية تاريخية مفروضة على العالم الإسلامي، وأن باستطاعة المسلمين أن يكونوا متقدمين ومستقلين وأن لا يعيشوا عالة على غيرهم في أمور حياتهم. نعم، قد لا يستوفي أخنوش شروط الصورة المثالية التي يتخيلها المسلمون لقائدهم (مطبق للشريعة، فاتح، آمر بالمعروف وناه عن المنكر …)، لكن نجاحه في إخراج المغرب من الشعاراتية و”حتمية” التخلف ستزيد في رصيد ثقة الإنسان المسلم في ذاته وفي قدرته على التقدم.
يحتاج إسلاميو المغرب إلى التنازل (على الأقل مؤقتا) عن العديد من مطالبهم وأن يعملوا من أجل إجماع حول أخنوش لأن مشروعه السياسي، إذا نجح، سيكون دليلا ماديا آخر على أن الإسلام ليس عائقا للتنمية والتقدم، وسيمهد الطريق لنجاحات أخرى قد يستفيدون منها سياسيا في المستقبل.
ماذا عن الحركة الأمازيغية؟
من الصعب أن نختزل مطالب هذا السديم السياسي/الثقافي/ الإجتماعي الذي نسميه ب”الحركة الأمازيغية” في كبسولة من المطالب القارة، الجامدة، المحدودة (فمطالبها تتطور دياكرونيا ويُعاد تأويلها سانكرونيا حسب التوجهات الفكرية لمن يرفع هاته المطالب). لكن بالعودة إلى خطابات المؤسسين، سنكتشف أن هناك خطين متمايزين، ولكن متكاملين، من المطالب قد نسمي أولهما بمطلب “إعادة كتابة التاريخ” (وما يستتبعه من المطالب اللغوية والهوياتية والثقافية)، ومطلب “استعادة الثروات المسلوبة” (وما يستلزمه من مطالب بحماية المراعي، والتوزيع العادل للثروات الطبيعية والعدالة المجالية …).
عبر علي صدقي أزايكو عن المطلب الأول بتصريحه الشهيرفي مقال له نشر سنة 1972 بقوله: “إن تاريخنا لم يكتب بعد” ـــ لم يكتب بعد لسبب وجيه وهو :أن الطريقة التي كتب بها غير سليمة، ولأن الظروف التي أحاطت بكتابته ظروف خاصة حتمت كتابته بالشكل الذي هو عليه الآن، ثم لأنه أتانا من الخارج، أي أن تاريخنا الذي نقرأه وندرسه ونتأثر به كتب بأيدٍ أجنبية وبعقلية ليست كعقليتنا، ولأهداف تخالف، بل تناقض ما يراودنا من آمال وأهداف”.
وفي مقال آخر يخرج بنتيجة تطبيقية صارمة وهي أنه “أصبح من الضروري إعادة كتابة تاريخنا، وتحريره من التوجه الذي يلغي بشكل سافر دور الشعب الأمازيغي في صنع تاريخه وثقافته. إنها لأكبر عملية تزوير عرفها تاريخ الإنسانية المعروف”. فالأمر لا يتعلق بمجرد “توجيه إپيستيمولوجي” نعيد به كتابة مبحث علمي اسمه “علم التاريخ” بل بتهمة “التزوير” موجهة إلى طرف ينبغي أن نتحرر من محاولاته لإلغاء “دور الشعب الأمازيغي في صنع تاريخه وثقافته”. كانت هذه هي الأجندة الفكرية تبنتها جمعيات المجتمع المدني التي تعنى بالشأن الأمازيغي (لامريك، تاماينوت، …) بشكل صريح أو ضمني..
إلا أن لحظة الخطاب الملكي في أجدير (17 أكتوبر 2001) أعادت تشكيل الخطاب الأمازيغي التأسيسي بما تضمنته من اعتراف رسمي (يختلف المحللون في تقدير عمقه) ب”الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي”، وبضرورة “النهوض” بالأمازيغية، إذ “لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية”. وبهذا فإن خطاب أجدير تبنى إلى حد ما أطروحات أزايكو حول “تزوير” التاريخ وسماه “تنكرا للثقافة الوطنية” واعتبر الإقرار بذلك نوعا من الإقرارب ب”… بكل مقومات تاريخنا الجماعي، وهويتنا الثقافية الوطنية”. بل إن خطاب أجدير ذهب في ذلك إلى مستوى عملي وذلك بوضع “الخاتم الشريف” على “الظهير الشريف المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”.
إلا أن خطاب أجدير استثمر كل بلاغته الخطابية ليذكر بالحدود السياسية التي يضعها لمشروع “النهوض” بالأمازيغية. أولها أنه نهوض بمكون ثقافي في إطار ثقافة ” تشكلت من روافد متعددة”، وثانيها أنه نهوض في إطار “وحدة أمتنا، الملتحمة بثوابتها المقدسة، المتمثلة في دينها الإسلامي الحنيف السمح”، وثالثها أنه نهوض في إطار “الذوذ عن حوزة الوطن ووحدته، وفي الولاء للعرش، والالتفاف حول الجالس عليه، والتعلق بالملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية”. فلا يتعلق الأمر بثورة ثقافية راديكالية أو تغيير سياسي جذري، بل باعتراف بمكون لغوي ينبغي أن يصبح من الآن فصاعدا “ملك[اً] لكل المغاربة بدون استثناء”. بل إن خطاب أجدير يضع توجيها سياسيا (سيصبح من الآن فصاعدا مختوما بطابع ملكي) مفاده أنه “لا يمكن اتخاذ الأمازيغية مطية لخدمة أغراض سياسية، كيفما كانت طبيعتها”، مانعا بذلك كل ممارسة للسياسة باسم الأمازيغية أو متعلقاتها الهوياتية.
أصبح للأمازيغية إذن معهد ملكي يعنى بشؤونها، وقناة خاصة (قناة الثامنة)، وسنوات بعد ذلك تم الإعتراف باللغة الأمازيغية بكونها “أيضا” لغة رسمية (بغض النظر عن الإنتقادات الموجهة للطريقة التي صيغ بها الدستور، والطريقة التي صيغت بها المادة 5 منه التي تخصت اللغات). وبعد أخذ ورد، يُنشر القانون التنظيمي رقم 16ـــ26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية في الجريدة الرسمية (بغض النظر عن كل الإنتقادات التي وجهت لهذا القانون).
كان لكل هاته التطورات تأثيرات مختلفة على الحركة الأمازيغية قد نجملها في تأثيرين كبيرين ساهما في ظهور اتجاهين أساسيين في “أموسّو”: التأثير الأول هو ظهور توجهات أصبحت تؤمن بفعالية التحالف مع الدولة والإنخراط في مشروعها ل”النهوض” بالأمازيغية، وتوجه طور نبرته الراديكالية باتهام الدولة بمحاولة “الإلتفاف” على المطالب الأمازيغية وبتعطيل مسار النضال الأمازيغي وبإغراق القضية الأمازيغية في شكليات دستورية وقانونية لا علاقة لها بالواقع. ّفتحول النضال تدريجيا من مجرد المطالبة بالحقوق الثقافية واللغوية (“إعادة كتابة التاريخ”) إلى المطالبة بالحق في “أكال” (أي “الأرض”) وما يرتبط بها من ثروات. حتى إن المرحوم الدغرني اعتبر ذات يوم (في مداخلة له كان ألقاها في مدينة آيت أورير الصغيرة) أن “المطالب اللغوية والثقافية” مجرد ميتافيزيقيات لا ينبغي أن تلهي الشباب الأمازيغي عن “فضة إيميضر” و”ذهب سوس” و”أسماك الحسيمة” و”فحم جرادة”. و ساهم الحراك الريفي بشكل كبير في تعميق هذه المطالب وتوسيعها، وتحول الزفزافي ورفاقه إلى “أيقونة” من أيقونات الحركة، باعتبارهما حاملين لمطالب تتعلق ب”الثقافة” و”الحق في الثروات الطبيعية” كليهما.
فلم تعد مطالب الحركة الأمازيغية مجرد مطالب ثقافية بل مطالب سياسية واجتماعية بتعديل راديكالي للدستور بشكل يقيد من سلطة الملكية ويعترف بشكل لا غبار عليه بأمازيغية الدولة ويرفع كل قيود عن الإعتراف برسمية الأمازيغية.
لقد أوصل نجاح الإسلاميين في “إعادة نشر” القيم الإسلامية بين الشباب المسلم ونجاحهم في الوصول فعليا إلى الحكم في مجموعة من البلدان الإسلامية (مصر، تونس، المغرب …) ــ أوصلهم إلى إدراك محدودية السؤال المؤسس للحركات الإسلامية (لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟)، فعوضوه بسؤال أعمق: “لماذا لا نزال عالة على غيرنا رغم أننا “لا نشكو من نقص، [و] لدينا مخزون علمي وكوادر قادرة على التأصيل؟” أما الحركة الأمازيغية فرغم نجاحها النسبي في نشر الوعي الهوياتي في الجزائر والمغرب على الخصوص، فإنها لم تنجح في ممارسة الحكم، وبقيت بسبب ذلك غارقة في مثالياتها النضالية، غير قادرة على طرح السؤال العملي الذي ينبغي أن يطرحه كل من يفكر في الشأن الإجتماعي والسياسي، أي سؤال المشروع المجتمعي الذي ينبغي أن تتبناه.
تتنكر بشكل منهجي لكل ما يتحقق على أرض الواقع كثيرا كان أم قليلا، وزادها تأثرها باليسار أنها ورثت عنه النزعة الإنقسامية. وعدم القدرة على الإلتئام حول مشروع مجتمعي يجيب عن التحديات الأساسية للمجتمعات الشمال إفريقية المعاصرة، كتحدي مجتمع المعرفة والتكنولوجيا، وتحدي التربية والبحث العلمي، وتحدي الايكولوجيا وتدبير الأوبئة.
من الإلتزامات التي ألزم بها أخنوش نفسه في حال فوز حزبه برئاسة الحكومة القادمة، أنه سيحدث صندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتمويل موارده من ميزانية الدولة، وأن هذا التمويل سيصل إلى 1 مليار درهم سنويا ابتداء من سنة 2025 (أي حوالي 0.71% من الميزانية الإجمالية لقطاع التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي 71 مليارا و929 مليونا و454 ألف درهم). إذا كان هذا تحقق هذا، فسيتمكن أخنوش من التعامل مع أكبر مشكلة في صياغة القانون المنظم لمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بصفتها لغة رسمية، وهي مشكلة التمويل. فقد لاحظ صاحب هذا المقال في مكان آخر أن أهم مواد هذا القانون تسند مهمة تحقيق مضامينه ل”الدولة” دون أن تحدد ما المقصود الدولة.
إذا أوفى أخنوش بالتزاماته سيجيب أيضا عن مشكلة توزيع الثروة في مغرب اليوم. فتوزيع الثروة لا يكون بالتوزيع الفعلي للفضة والذهب والفوسفاط بشكل عيني، بل بإتاحة مصادر التمويل للشباب من أجل إنجاز مشاريعهم وبدء مقاولاتهم ودعمها، وتجويد الخدمات مثل التعليم والصحة إلى درجة تنسجم مع قيمة الموارد التي تضع عليها الدولة يدها (المكتب الشريف للفوسفاط، إلخ).
لكن هل سيفي أخنوش بالتزاماته؟
هذا السؤال هو مربط الفرس، وهو مرد الحاجة إلى تعاقد سياسي حول أخنوش. فإذا ثبت بأن الرجل هو بالضبط ما نحتاجه في هذه المرحلة، بما يتوفر عليه من “قيادية تنفيذية” لا غبار عليها، وإذا ثبث بأن جل التيارات السياسية في مغرب اليوم تحتاجه على الأقل مرحليا، فلا بد لهذه التيارات أن تتعاقد معه على الإلتزامات التي ألزم بها نفسه، وأن تصوت لصالحه بشرط الوفاء بهذه الوعود. فنحن محتاجون اليوم ل”المخاطرة” بثقتنا في الرجل بديلا عن الحلول السلبية (المقاطعة، مثلا) التي لم تعط أيه نتيجة في الماضي فكيف تعطي نتيجة في المستقبل.
هذا ما نقترحه على الحركات السياسية الكبرى بالمغرب. أما ما ننصح به أخنوش (إن كنا في موقع النصيحة على أية حال) فهو أن يؤكد على هذه التقاطعات القوية بين المشروع المجتمعي الذي يمثله وأحلام مؤسسي هاته الحركات، وأن يستمر في توضيح التزاماته ووضعها في إطار زماني معلن عنه، وأن يرفع هاته الإلتزامات إلى درجة تعاقد سياسي مع المجتمع ومع الحركات السياسية السائدة كليهما.
ننصحه أيضا بالتعامل مع مخاوف المواطنين من عدم إمكانية تحقق التزاماته بالإستمرار في تطبيق فلسفته العملية التي تعطي الأسبقية للعمل الميداني، ولكن أيضا بالإجابة الواضحة الوافية المباشرة عن تساؤلاتهم.