* الحدث
كما كان منتظرا، انطلقت مساء الجمعة 13 بأمستردام و السبت الموافق ل 14 يناير بمدينة لاهاي الهولندية، النسخة 12 من فعاليات الاحتفال السنوي الخاص بقدوم السنة الامازيغية الجديدة 2973 ، بالمقر الجديد للمعلمة الثقافية AMARE التي شيدت حديثا بمدينة لاهاي ، تظاهرة ثقافية عقدت مؤسسة MJG للشباب تنظيمها سنويا بكل من مدينتي أمستردام ولاهاي، تسعى من خلالها ترسيخ قيم ومبادئ التسامح والتعايش المجتمعي بين الثقافات انطلاقا من شعار “الوحدة في التنوع” أملا في استنهاض المكونات الثقافية الأمازيغية التي تستحضر تاريخ وحضارة شعب امازيغن ورقيه الثقافي المتميز عبر التاريخ وكذلك تقديم قيمة مضافة من خلال هذا الرافد الثقافي للاجيال الجديدة خصوصا الشباب.
* الحضور /التنظيم
توافد يوم السبت المنصرم أكثر من 2000 شخص، من مختلف الفئات العمرية والأجيال والجنسيات على قصر الثقافة، حضور متميز تجاوز انتظارات الجهة المنظمة ، وسط اجواء ممطرة شتوية اعطت للمناسبة نكهة خاصة تذكرنا ب احتفلات يناير داخل البلدات والمداشر الامازيغية في العقود الماضية، كلهم لبوا نداء مؤسسة MJG وشركاؤها من اجل الحضور لإنجاح التظاهرة الثقافية المتميزة التي اصبحت ضمن التظاهرات الثقافية السنوية الكبرى امازيغن هولندا، وصارت تقدم عملا ثقافيا احترافيا ترقى وتستجيب لمعايير ومتطلبات البرمجة الثقافية على قاعات ومسارح هولندا الكبرى، تراكما وانجازا قل نظيره في المشهد الثقافي وسط امازيغن هولندا.
*الاهداف
وتهدف التظاهرة الثقافية حسب رئيس المؤسسة المنظمة الى : “.. التعريف بالثقافة الأمازيغية فى هولندا، و إعطاء مكانها الحقيقى إلى جانبى الثقافات المتواجدة فى هذا البلد المعروف بالمجتمع المتعدد الثقافات، ويشكل فيه امازيغن نسبة مهمة على مستوى الديناميكية الثقافية، ذات المتحدث الفاعل الثقافي مصطفى بربوش يؤكد على ان التظاهرة الثقافية مناسبة لابراز عناصر اخرى من المكونات الثقافية لهوية لفئة الشباب الأمازيغي الذين ولدوا وترعرعوا في هذا البلد ويعانون من أزمة ” استلاب الهوية الأم”.
إذ ثمة اهتمام كبير في السنوات الاخيرة بالثقافة الأمازيغية، الأمر الذي يتطلب تكثيف الجهود من اجل العمل المشترك مع كل الفاعلين والمتدخلين في الحقل الثقافي على المستوى الوطني كي تكون سنة 2974 سنة وطنية بالأراضي المنخفضة.
احتفاء وتكريم
كما دأبت الجهة المنظمة ككل سنة الى تكريم والاحتفاء بالفنانين والمبدعين الامازيغيين، من مختلف الفئات العمرية والجهات التاريخية، اختارت النسخة الحالية الاحتفاء بالفنان الأمازيغي والمبدع القادم من عمق بلاد الريف، الصوت الشجي وصاحب الكلمات والالحان المعبرة عن المجتمع الامازيغي بالريف الايقونة ميمون رفروع، فنان كل الأجيال سواء داخل الريف او خارجه. ويسعى هذا التكريم حسب الجهة المنظمة الى “.. الاعتراف بالمنتوج الفني الموسيقي لهذا الفنان العصامي الريفي الكي صمد وابدع وانتج وقدم للموسيقى والاغنية الامازيغية الريفية الكثير على امتداد اكثر من ثلاث عقود كانت الاغنية الجادة والهادفة تحارب وتقصى بشكل مستمر على الساحة الثقافية، وبالتالي فتكريم الفنان المبدع ميمون رفروع في هاته الدورة بالذات، هو في الجوهر هو تكريم لجيل الرواد من فناني مرحلة بداية ثمانينيات القرن الماضي التي عرفت صحوة ثقافية مازالت تبصم على المشهد الثقافي الى يومنا هذا، وهو ايضا بالمناسبة رسالة للجميع إلى إعادة الاعتبار لهؤلاء المبدعين لما قدموه للفن والاغنية الأمازيغية بشكل خاص يقول ذ. مصطفى بربوش رئيس مؤسسة صوت الشباب بهولندا والمنسق العام للتظاهرة الثقافية. من جانبه نوه الفنان ميمون رفروع بهذا التكريم وكعادته، بكل عفوية مذكرا ان الاحتفاء به هو احتفاء بكل المبدعين الريفيين و الأمازيغيين اينما وجدوا وأشاد بالتنظيم والانضباط المحكم والاحترافي للدورة 12 لهاته السنة متمنيا أن تكون الدورة المقبلة نقلة أخرى للمشهد الثقافي الأمازيغي الدياسبورا.
* البرنامج.
افتتح البرنامج العام للتظاهرة الثقافية لهاته السنة من خلال تقديم روايتي الأنثروبولوجي الأمريكي ستيفنس كارلتون كون ” لحم الثور البري” و “الريفي” بحضور المترجم والباحث الريفي المخضرم الاستاذ عبد المجيد عزوزي ، مناسبة قدم فيها ذات الباحث قرائته الروايتين وسط حضور المهتمين بالاعمال الابداعية والتاريخية التي تهم منطقة الريف والمتعلقة بقضايا الذاكرة والتاريخ ، ذ عزوزي قدم عرضا شيقا حول ابطال الروايتين والمجال الجغرافي التي شهدت أحداثها من خلال ما عايشه الأنثروبولوجي الأمريكي ستيفنس كون ابان تواجده بالريف مابعد سنة 1926 إلى أواخر ثلاثينيات القرن الماضي. مؤسسة MJG كانت الداعم الرئيسي لاخراج هذا المنتوج الابداعي للوجود عبر توفير كل امكانيات الطبع والترجمة، وفي الأخير نوه المشاركين والمنظمين بالدور الجبار الذي يقوم به الاستاذ عبد المجيد عزوزي في مجال الترجمة ونكرانه للذات في كل ما يتعلق ب التعاون المشترك والاستشارة والمساعدة ودعم الباحثين الشباب داخل وخارج الريف فيما يخص قضايا الذاكرة والتاريخ.
* معرض الكتاب الأمازيغي.
معرض هاته السنة ، افتتح بتوقيع روايتي الأنثروبولوجي الأمريكي ستيفنس كارلتون كون “لحم الثور البري و الريفي” من طرف المترجم عبد المجيد عزوزي مناسبة ايضا للتعرف على آخر الإصدارات الثقافية والتاريخية حول الأمازيغية ومنطقة الريف. وعرف اقبالا متميزا من طرف الشباب والامهات وكذا فئات عمرية أخرى.
* ورشة إزران.
“ازران” الابداع الشعري الأصيل الذي خلدت من خلالها المراة الامازيغية الريفية في اقصى مداشر وبلدات الريف العميق عبر التاريخ ، ملاحم ومناسبات عظيمة وارتقت من خلالها الى التأريخ للحياة اليومية للأهالي لعقود من الزمن، هذا الإبداع الذي ما فتئ يصمد أمام تحولات المجتمعات الامازيغية، ما زال يجذب العديد من المهتمين والباحثين وكذا الجمهور الثقافي بشكل عام، مناسبة ايضا لتنظيم ورشة خاصة عرفت اقبالا متميزا من الشباب والشابات من الجيل الثالث بالخصوص والأمهات والجدات.
الطبخ الامازيغي.
* حضور الطبخ الأمازيغي لهاته السنة كان استثنائيا، الحضور من جنسيات مختلفة، هولنديين، اتراك، سورينام، افارقة، بلجيكيين، نوهوا واشادوا بالذوق الرفيع الذي قدمته خلال هاته الدورة مجموعة من النساء الامازيغيات من خلال أطباق وحلويات استحضرت مكونات وخصوصيات هذا الطبخ المتعدد والمتنوع.
*منصة الموسيقى.
كما كان منتظرا، عرف الحفل اقبالا استثنائيا، الفين شخص من مختلف الاجيال والجنسيات قدموا من مختلف الدول الاوروبية، بلجيكا المانيا اسبانيا وفرنسا، وسط أجواء تغمرها الاخوة والتضامن والانضباط المسؤول، مؤسسة MJG الراعي الرسمي للدورة 12 أشادت في كلمة افتتاحية بالحضور خصوصا الأمهات والجدات والقادمين من خارج هولندا، والأمل كل الأمل على أن تكون السنة الامازيغية الجديدة لهاته السنة مناسبة لتجديد اواصل التضامن والتآخي لكل إمازيغن الدياسبورا وأن يحققوا حقوقهم ، وان تكون سنة 2973 فاتحة خير على الجميع، كما نوهت بالعمل المشترك والدعم اللامشروط الذي قدمه مسؤولي قصر الثقافة بلاهاي AMARE وكل الشركاء والفاعلين الثقافيين على مستوى هولندا. مناسبة ايضا لاستحضار تراكم 12سنة من العمل الجاد لخدمة العمل الثقافي الأمازيغي بهولندا من خلال مقاربة تشاركية مع اطياف المجتمع المدني الثقافي الاحترافي.
مباشرة اعتلى المنصة الفنان الأمازيغي الريفي الايقونة ميمون رفروع ، القادم من الريف،. بعد غياب طويل على الساحة الثقافية بالدياسبورا، وسط زغاريد الأمهات والفتيات وترحيب الحاضرين.
ميمون ايقونة الاغنية الامازيغية بالريف خلال فترة الثمانينيات ولاحقا، قدم اجمل اغانيه الابداعية وسط تفاعل وإنشاد جماعي للجمهور وزغاريد النساء الامازيغيات في جو بانورامي يذكرنا بزمن مضى كانت فيه الموسيق الأمازيغية الريفية صوت القلوب. من جانبه تفاعل الجمهور الحاضر بشكل خاص مذكرا الجميع بما يعانيه الريف اليوم من خلال شعارات بصمت المرحلة الراهنة مطالبين باطلاق سراح المعتقلين السياسيين والاستجابة لمطالبهم.
الفنان الريفي عبد القادر أرياف وكعادته كان حاضرا ومتميزا، اختيارات ابداعية ذكرت الحاضرين بالحان الرواد مع ملائمة عصرية، جعلت الشباب الحاضر يثور رقصا وإنشادا جماعيا، بطبعه المرح والبشوس استطاع من خلال الدقيقة الاولى تحريك وجدان هاته الفئة التي لا تعرف عن الأمازيغية بالريف الا الاسم في الغالب.
أرياف في الختام وعد الجمهور بالجديد خلال الاشهر المقبلة منوها بالمنظمين والحاضرين ومذكرا بضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
الفنانة نجاة اعتابو، القادمة من عمق بلاد الاطلس، الصوت الأمازيغي الخاص، الفنانة وايقونة الاطلس، كانت في الموعد، وسط ترحيب خاص، قدمت خلال الحفل غالبية اغانيها بالامازيغية “تاشلحيت” وسط تجاوب الجمهور، وزغاريد النساء الحاضرات من أجيال مختلفة، مشاركة متميزة ذكرت الحاضرين بتعدد الإبداع الامازيغي وما يؤكد خصوصية الجهات الامازيغية وتنوع وتعدد الابداع فيها. في الختام أشادت المنظمين والحضور مع تمنياتها امازيغن عبر العالم سنة امازيغية سعيدة.
*الرهان والتحدي.
في الختام وقبل اسدال الستار على التظاهرة الثقافية قدم منسق المهرجان مصطفى بربوش الشكر للجميع منوها بالحضور المتميز والمشاركين والشركاء والمتطوعين وكل من ساهم من قريب او بعيد على انجاح هاته التظاهر الثقافية، ووعد بالمضي قدما من اجل تقديم المزيد من البرامج الثقافية مستقبلا تهم الثقافة الامازيغية. وهو بالنسبة له تحدي ورهان يعتبر دينا على عاتقنا كمؤسسة.