كشف تقرير”هيومن رايتس ووتش”، الصادر أمس الأربعاء، عن تراجع حقوق الإنسان في المغرب خلال السنة الماضية.
وقال “التقرير العالمي 2020” لـلمنظمة، إن السلطات المغربية واصلت “استهدافها الانتقائي للمنتقدين، ومقاضاتهم، وسجنهم، ومضايقتهم، وفرض العديد من القوانين القمعية، لا سيما المتعلقة بالحريات الفردية”. بينما لا يزال هناك “بعض المجال لانتقاد الحكومة في المغرب – شريطة تفادي أي انتقادات لاذعة للملكية وغيرها من “الخطوط الحمراء”.
حرية التجمع، وعنف الشرطة، ونظام العدالة الجنائية
أشارت المنظمة إلى أن محكمة الاستئناف في الدار البيضاء ليدت في 6 أبريل الماضي الأحكام الابتدائية ضد قادة “الحراك” بالمغرب، الذين حُكم عليهم في يونيو 2018 بالسجن لمدد تصل إلى 20 عاما، استنادا إلى حد كبير إلى تصريحات قالوا إنها صدرت عنهم تحت تعذيب الشرطة.
وأشارت إلى أن الحراك، وهو حركة احتجاج تُطالب بتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الريف منذ 2016، نظّم عدة احتجاجات جماهيرية وسلمية إلى حد كبير، إلى أن أدت حملة أمنية في مايو 2017 إلى اعتقال أكثر من 450 ناشطا، من بينهم حوالي 50 من قادته الذين خضعوا لمُحاكمة جماعية في الدار البيضاء دامت أكثر من عام.
وأضافت “منذ تأكيد الأحكام، احتُجِز قادة الحراك في سجون مختلفة في المغرب. أضرب العديد منهم عن الطعام احتجاجا على ما أسموه بالمحاكمات السياسية”.
وقالت إن “قانون المسطرة الجنائية” يمنح المدعى عليه الحق في الاتصال بمحام بعد 24 ساعة من الحراسة النظرية، أو بحدّ أقصى 36 ساعة. لكن ليس للمحتجزين الحق في حضور محام أثناء استجوابهم من قبل الشرطة أو أثناء توقيع محاضر تصريحاتهم للشرطة.
حرية تكوين الجمعيات
ذكرت المنظمة الحقوقية الدولية، أن أيّدت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء أيدت في 16 ابريل الماضي حل جمعية “جذور”، وهي جمعية ثقافية، بعد أربعة أشهر من صدور حكم المحكمة الابتدائية. صدر الحكم بعد أن قدّم عامل الدار البيضاء طلبا إلى محكمة لحل الجمعية لأنها نظّمت “نشاطا تضمن حوارات تخللتها إساءات واضحة للمؤسسات”. كان أساس هذه الشكوى هو أن جذور قدّمت مقرها في الدار البيضاء، في غشت 2018، لتسجيل حلقة من برنامج حواري على “يوتيوب” والذي انتقد خلاله الضيوف خطابات الملك محمد السادس وسياساته.
وأشارت إلى أن السلطات أعاقت بشكل متكرر الأنشطة التي تنظمها الفروع المحلية لـ”الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” عبر منعها دخول الأماكن التي ستقام فيها الأنشطة. في خمس مناسبات على الأقل في 2019، بما في ذلك في أزرو، وتيزنيت، وبنسليمان، منعت السلطات الدخول إلى مراكز اجتماعية وغيرها من قاعات الاجتماعات حيث كانت ستُجرى أنشطة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
وذكرت أن السلطات رفضت إجراء المعاملات الإدارية لـ62 من الفروع المحلية الـ99 للجمعية، مما أعاق قدرتها على إجراء معاملات مثل استئجار القاعات، أو فتح حسابات مصرفية جديدة.
حرية التعبير
ألغى “قانون الصحافة والنشر”، الذي اعتمده البرلمان في يوليو 2016، عقوبة السجن بسبب جرائم تتعلق بالتعبير. لكن في نفس الوقت، يُحافظ القانون الجنائي على عقوبة السجن لمجموعة من جرائم التعبير السلمي، بما في ذلك “المس” بالإسلام والنظام الملكي، و”التحريض ضد الوحدة الترابية” للمغرب، في إشارة إلى ادعائها السيادة على الصحراء الغربية.
وذكر التقرير أن محكمة الرباط أدانت في 30 سبتمبر الماضي، الصحفية هاجر الريسوني (28 عاما)، وحكمت عليها بالسجن لمدة عام بتهمتي الإجهاض والجنس خارج الزواج بعد أن اعتقلتها الشرطة في 31 غشت. “كشف وكيل الملك للعلن عن تفاصيل شخصية عن صحتها الجنسية والإنجابية، ورفض القاضي منحها السراح المؤقت في انتظار المحاكمة”.
“حكمت المحكمة كذلك على رفعت الأمين، خطيب الريسوني، بالسجن لمدة عام، وتلقى الطبيب المتهم بتنفيذ إجهاض الريسوني المزعوم حكما بالسجن لمدة عامين، بينما صدرت بحقّ مساعد طبي ومساعدة إدارية أحكاما مع وقف التنفيذ لمشاركتهما في العملية المزعومة”. يورد ذات التقرير. وزاد “جميعهم أنكروا الاتهامات الموجهة إليهم. أُفرِج عن الريسوني والأمين والطبيب في 16 أكتوبر الأول بعد حصولهم على عفو ملكي.
واضافت أن محكمة استئناف أيدت يوم 06 أبريل الماضي، الحكم بالسجن ثلاث سنوات ضد الصحفي حميد المهداوي، لعدم تبليغه عن تهديد أمني. استند الحكم إلى مكالمة هاتفية تلقاها في مايو 2017، من رجل قال إنه يُخطط لإشعال نزاع مسلح في المغرب. لم تقبل المحكمة دفاع الصحفي بأنه استنتج أن تصريحات المتصل، الذي لم يكن يعرفه، مجرد ثرثرة لا تستدعي تنبيه السلطات. “للسلطات رصيد طويل في استهداف المهداوي، وهو صحفي مستقل ومُنتقد للحكومة”. وفق ذات التقرير.
وذكرت كذلك في تقريرها أن حكمت محكمة الاستئناف في تطوان حكمت على سفيان النكاد (29 عاما) بالسجن لمدة عام بتهمة “التحريض على العصيان”، بعد أن نشر تعليقات على فيسبوك تشجع الناس على التظاهر احتجاجا على مقتل حياة بلقاسم – وهي طالبة مغربية ذات 20 عاما تم قتلها من طرف البحرية الملكية في سبتمبرل 2018، أثناء إطلاق النار على قارب يبدو أنه كان يعبر مضيق جبل طارق لنقل مهاجرين سرا إلى أوروبا.
اللاجئون
ذكر التقرير أن الحكومة لم تُصادق بعد على مسودة أول قانون في المغرب بشأن الحق في اللجوء. حتى يونيو 2019، منحت وزارة الشؤون الخارجية بطاقات لاجئين (أو بدأت العملية الإدارية لمنح تلق البطاقات)، إلى جانب تصاريح إقامة خاصة وتصاريح عمل، لـ803 أشخاص، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، والذين اعترفت بهم “مفوّضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين” (المفوّضية). جميع اللاجئين الـ6,424 الذين اعترفت بهم المفوّضية منذ 2007 يحصلون على خدمات التعليم والصحة العامة، ومعظمهم يحملون تصاريح إقامة وتصاريح عمل، وفقا لممثلة المفوّضية في المغرب.
حقوق النساء والفتيات
تُميّز “مدوّنة الأسرة” ضد المرأة فيما يتعلق بالميراث وإجراءات الحصول على الطلاق. تحُدد المدوّنة السن الأدنى للزواج في 18عاما، لكنها تسمح للقضاة بمنح “إذن خاص” لتزويج الفتيات القاصرات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عاما، بناء على طلب أسرهن. في 2018، مُنِح 40 ألف “إذن خاص”، أي قرابة 20 بالمئة من الزيجات المسجلة في المغرب في نفس العام، فيما وصفه وزير العدل آنذاك بظاهرة “تتصاعد بشكل مثير للقلق”.
يجرم قانون محاربة العنف ضد النساء بعض أشكال العنف الأسري ويضع تدابير وقائية، لكنه لا يُحدّد واجبات الشرطة والنيابة العامة وقضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء.
وقال التقرير إن المغرب يُجرم الإجهاض، “مما يعرّض للخطر حقوق المرأة – بما في ذلك الحق في الحياة، والصحة، والتحرر من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، والحق في الخصوصية. وفقا لـ “الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري” هناك ما بين 600 و800 عملية إجهاض سري تحدث يوميا في المغرب، يُجري ثلثيها أطباء مرخّصون.
العاملات المنزليات
يُقدم قانون دخل حيز التنفيذ في 2018 حماية للعاملات المنزليات، بما في ذلك عقود عمل إلزامية، وأيام عطلة إلزامية، وسن أدنى للعمل، وحد أدنى للأجور، وعدد أقصى مضمون لساعات العمل. يفرض القانون أيضا غرامات على أصحاب العمل الذين ينتهكونه، وأحكام بالسجن على من عاودوا المخالفة. مع ذلك، لم تشارك الحكومة في أي جهود تواصل ملحوظة للتأكد من أن عامة الناس، بمن فيهم العاملات المنزليات وأصحاب العمل، على دراية بوجود هذا القانون.
الحق في الحياة الخاصة، والتوجه الجنسي، والهوية الجندرية
في تقرير صدر في يونيو/ ، ذكر مكتب الوكيل العام للمملكة أن 7,721 بالغا حوكموا بسبب علاقات جنسية رضائية خارج الزواج خلال 2018. يشمل هذا الرقم 3,048 شخصا اتُهموا بـ”الخيانة الزوجية”، و170 بممارسات جنسية مثلية، والباقي بممارسة الجنس بين أشخاص غير متزوجين.
في المغرب، يُعاقَب على ممارسة الجنس بالتراضي بين البالغين غير المتزوجين بالسجن لمدة تصل إلى سنة. تنص المادة 489 من القانون الجنائي على عقوبة بالسجن بين ستة أشهر وثلاث سنوات لمن يرتكب “أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه”.