بقلم: عبدو إفغر
عمر خالق نموذج شعب مضطهد، السلطة والتصور القومي كوابح للتحرر
“يمكن أن نخطئ وتصححون ويمكن أن نغفل وتضيفون ”
أولا من الناحية المنهجية دون إصدار أحكام مسبقة لزاما أن نذكر بأن القانون الجنائي المغربي في تعاطيه مع الأفعال الإجرامية يأخذ بمبدأ أساسي ألا وهو إقليمية النص الجنائي، معناه أن أي شخص سواء كان مغربيا أو لم يكون كذلك عندما يرتكب فعلا إجراميا أو أفعالا إجرامية فإنه يعاقب بالقانون الجنائي المغربي دون النظر لجنسية الجاني ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليه قانونيا وفق التكييف القضائي باعتبار القضاء هو من يكيف الجرائم التي صدرت عن الجناة وليس المؤازر، فما هو متداول، يقال بأن مثلا لجنة المتابعة سنة 2016 يجب عليه أن تقوم بتكييف الجريمة فهدا التوجه أولا لم يكون على صواب، فالقضاء هو من له سلطة تقديرية استنادا لمحاضر الضابطة القضائية التي يأخذ بها على سبيل الاستئناس وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، والموقف الثاني المتداول فيما يخص نقاش وضع الثقة في القضاء من عدمه لا يمكن أن يقف أمام النيابة العامة من ممارسة الدعوى الجنائية كدعوى عمومية لأن من بين صلاحيات النيابة العامة تتراوح ما بين إقامة الدعوى العمومية في الإطار الجنائي وصولا لاختصاصات مدنية معناه أن المسطرة الجنائية تجاوزت المستوى التقليدي المتمثل في إقامة الدعوى العمومية لوحدها وتحريكها، أضف إلى ذلك أن من بين الاختصاصات التي تقوم به النيابة العامة وفقا لمقتضيات المواد “2,3,40,49” هي تحريك الدعوى العمومية ومراقبتها، لكن لا يجب أن يتولد الاعتقاد الخاطئ ويجروا بنا إلى تساؤلات غير مقبولة قانونيا، ألا وهي أن النيابة العامة هي من تحتكر لوحدها ممارسة الدعوى العمومية، هدا الاعتقاد خاطئ لا أساس له من الناحية القانونية، والسؤال السليم هو من حقه تحريك الدعوى العمومية إلى جانب النيابة العامة ؟ هدا السؤال سنجيب عنه باختصار شديد:
1:المتضرر في الجريمة .
2:قضاة الأحكام .
3:بعض الإدارات العمومية .
4:غرفة الجنايات بمحكمة النقض .
إذن هدا النقاش هو توجه القضاء المغربي ،لكن لا يهم أن تطرح أسئلة لا أساس لها قانونيا ولا قضائيا، المهم هو أن نناقش ونحن مسايرين ومتتبعين للمساطر التي بها تتم معالجة الأفعال الإجرامية التي تقوم به بعض الجناة في حق بعض المواطنين الأسوياء …
عمر خالق نموذج لتضحية شعب مضطهد في جميع المستويات جاحد من ينكر أنه ضحى بما يملك من أجل أن نحيا حياة جديدة في وطننا ،وطن أمازيغي تسود فيه العدالة الاجتماعية والسياسية والمجالية دون تمييز وتمايز بين جميع الشرائح الاجتماعية…
هدا المستوى هو إجراء قانوني تؤطره المسطرة الجنائية كقانون إجرائي ونصوص جنائية هي من تجرم الأفعال التي تقوم به بعض الجناة أو ما يصطلح عليه في علم الإجرام أناس غير أسوياء، أما المستوى الثاني من النقاش كما هو متداول هو التدويل السياسي والحقوقي والقانوني كجدل بين النخب المثقفة، لكن يجب أن تكون لدينا دراسة لأبعاد كل هده المستوى لكي لا نساهم في إنتاج الأزمة فيما يخص نتائج أي مستوى من مستويات هدا النقاش :
أولا، من الناحية القانونية:المسطرة هنا سهلة وواضحة تتمحور حول أحكام الإدانة وفق التكييف القضائي ،-الزجر، الردع – لأن مهمة الدولة هي الحفاظ على الأمن العام ومعاقبة الجناة وفق ما تمليه القوانين الجنائية وتوجه القضاء يختلف من محكمة لأخرى، لكن المشرع أعطى الحق للطرف المضرور والمطالب بالحق المدني الطعن في حكم المحكمة والابتدائية والطعن في قرار محكمة الاستئناف إلى أن نصل إلى محكمة النقض باعتبارها محكمة قانون ولم تكون محكمة موضوع، معناه أنها لا تبث في القضايا لكن مهمتها تطلع على الأحكام والجريمة التي ارتكبت، هل تتوافق مع الحكم أم لا وبالتالي أنداك تصدر قراره النهائي.
ثانيا، المستوى السياسي من أجل إحراج الدولة لأنها لم تقوم بمهمتها في الحفاظ على الأمن العام وحماية حق الحياة باعتباره حق مقدس تضمنه جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، هدا التوجه سليم هو نفسه لكن الإشكال يكمن في أن هدا التوجه سيؤدي لا محالة لتدخل أطراف أخرى ستفرض على المغرب كدولة بناء جامعات للقاطنين في الأقاليم المتنازع عليه هدا النقاش يزكيه القانون المغربي فيما يخص اللامركزية الإدارية، كقانون يحاول تقريب الإدارة من المواطن لكن هدا التصور يزكي الطرح النقيض للدولة مما جعلها أمام المحك يصعب تحقيقه لأن أي محاولة للقيام بذلك سيشكل لها تهديدا على مستوى الاستقرار لأن جميع الجهات ستطالب بالاستقلال الإداري للجهات وهدا المطلب قانوني، لكن المستوى السياسي سيضعنا نحن أيضا في نقاش المساءلة من الناحية التاريخية لأننا سنساهم بوعي أو بدونه في المساهمة في إرساء لمعالم القومية العربية فوق أرض أمازيغية لأن نقاش الجهوية الموسعة، والجهوية المتقدمة سيؤسس لسحب شرعية القيمة والإنجاز للمركزية الإدارية وهدا سينتج أزمة للسلطة أولا وللشعب الأمازيغي تانيا، لأن جميع الجهات ستتوفر على جميع أسس بناء جهتها وفق ما هو مسطرة في برامج سياسية للحركات التي تخوض الصراع من أجل تقرير مصيرها فوق مجالها آنذاك سيتحول النقاش لمستوى أخر ألا وهو أن في أي لحظة ستطالب هده الجهات بحكمها الذاتي لأن الإدارة المركزية التي توفر جميع الحقوق للفرد لن تعود لها أية قيمة ،وهدا التوجه يزكي تصور الطالبة الصحراويين فيما يخص تكوين وإنشاء دولة عربية فوق أرض أمازيغية مما سيشكل بؤر للتوتر بين الأمازيغ القاطنيين في الأقاليم المتنازع عليه والقاطنين في تلك الأقاليم الحاملين لموقف “القومية العربية”.
هذا التوجه سينتج لا محالة صراع أو بالأحرى حرب أهلية بين الأمازيغ الذي يتحدثون بها لسانيا ومغتلي الشهيد عمر خالق، هذا النقاش شئنا أم أبينا سيشكل إحراجا للدولة وفي نفس الوقت سيشكل إحراج للحركة الأمازيغية لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نلتزم الصمت وإخواننا الأمازيغ في الأقاليم المتنازع عليه يعانون الاضطهاد لأن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الدفاع عن حق تقرير المصير قائم على المستوى الحقوقي، وبالتالي فهده المقاربة ستضع الدولة أمام المحك لأن تقرير المصير هو إفراز موضوعي للسيادة والسيادة في حاجة للاعتراف، والاعتراف حقوقيا موجود وقائم أصلا، وبذلك شئنا أم أبينا سننتج بهذا المستوى من الصراع الذي خضناه دولة والدولة في القانون الدولي الخاص تفرض جنسيتها على مواطنيها، هذه المفارقة ستطرح إشكالات ستجرؤ بالأمازيغ القاطنين في الصحراء إلى توجهيين. يأما أن يتقبلوا بأنهم لاجئين أو أن يتقبلوا بأن تفرض عليهم جنسية الدولة التي ستسود آنذاك، وبالتالي هدا المستوى من النقاش ستكون لها على المدى البعيد نتائج لا يمكن لأي كان أن يعطي لها حلول إلا إذ قام برفع هدا المستوى لمرحلة الحسم العسكري، وهذا المستوى من النقاش سيؤدي بنا جدلا لنقاس أخر هو إفراز للثنائية، وبالتالي النقاش الذي سيطرح من جديد هو تحالف المخزن مع الأمازيغ من أجل ردع القاطنين في الأقاليم الجنوبية، لأن الطرف المضرور هم نحن أولا في جميع المستويات وبالتالي أننا تحولنا من الحديث عن النقيض باعتباره بنية تاريخية استعمارية إلى التحالف معه من أجل حماية أشقائنا من بطش من يسعى لترسيخ جذور القومية العربية فوق أرض أمازيغية، أكيد، كموقف تاريخي أنثربولوجي، وبالتالي هدا المستوى يتطلب منا الاستعداد لخوض الصراع في مستويات أخرى لأن موقعنا الاجتماعي سيحتم علينا أن نتحالف مع السلطة من أجل ردع من يقتل ويغتال أبناء جلدتنا.
ثالثا، فالمستوى الحقوقي يستلزم من الناحية المنهجية أن نشير لمستويين، الأول مرتبط بوجودنا وانخراطنا في إحدى المنظمات الدولية غير الحكومية ووجود أعضاء فيها يترافعون على القضية الأمازيغية، وهذا المستوى من النقاش يتطلب أولا بناء مستوى اقتصادي وسياسي من أجل تشكيل قوة ضاغطة لها في هدين المستويين، والمستوى الثاني هو الانخراط في منظمة دولية حكومية لكن في كلتا الحالتين يجب خوض الصراع وبناء ذات قادرة على استيعاب القانوني الدولي من أجل تجاوز بعض الإشكاليات التي من خلالها سيتم عرقلة سيرها بشكلها العادي، انسجاما مع ما هو مسطر في القانون الدولي، لكي لا يتم رفضه والوقوف ضدها من أجل ألا تستكمل أركانها القانونية.
وبالتالي فالعدو سيعيد للواجهة مسألة الوصاية السياسية على الصحراء و خاصة الأقاليم التي انسحبت منها موريتانيا بفعل معاهدة سلام بينها و بين جبهة البوليساريو سنة 1979. و هنا سيصطدم المخزن بمسالة السيادة الكاملة التي حسمت عسكريا بفعل الجدار الأمني، و بالتالي فأي تدويل أو تسييس لقضية الشهيد عمر خالق و إخراجها من جذور الهوية أساس نحو التوظيف الوطني الإقليمي و الدولي يجعلها مجرد آلية لتحويل المخزن المساهمة بشكل مباشر وغير مباشر باستشهاد عمر خالق لمجرد حكم بين طرفي نزاع حول الشرعية بالإقليم الجنوبي والذي يراد فرزه باعتباره نزاع بين أمازيغ الصحراء و ممثلي جبهة البوليساريو بالداخل، و منه إظهار الدولة إنها الضامن للأمن بالساحل و الصحراء و التي تعيش تخلخلت أمنية من السودان حاليا حتى موريتانيا عبر ليبيا و مصر و مالي تشاد حتى العراق و سوريا مرتع القاعدة و داعش و خلاياهم بالصحراء و بالتالي أهدى للمخزن ورقة ضغط دولية تخرجها من مسألة السيادة الكاملة و تقديمها كضامن لتعاطش عبر مخاوف أمنية عكس تحولها لدولة ديمقراطية تنصف مواطنيها و تحصن سيادتها بعدتها لجوزها التاريخية.
ختاما فكل تسييس يتوجب إن يكون من مجال الشهيد، فالشهيد هاجر مجاله بحثا عن علم جراء غبن و حكرة أرغمته على الخروج للدراسة و البحث عن أمل في الحياة لكن القرار السياسي للدولة المخزنية حسك في تهميش المنطقة و أبناء المقاومين الحقيقيين ليعيشوا غربة مزدوجة داخل وطنهم الأم.
*مناضل الحركة الثقافية الامازيغية موقع أمكناس