على خلفية النقاش الدائر حول مباراة تعيين أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص لسانيات أمازيغية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية-وجدة، بتاريخ: 05-05-2023، وحول ما عرفته المباراة من خروقات (فظيعة) في تشكيل لجنتها، قامت جريدة العالم الأمازيغي بتقصي حيثيات إجراء هذه المباراة، وتأكدت بالفعل من صحة ما تم تداوله، من طرف أساتذة من داخل وخارج الكلية، والذين أكدوا على أنه لم يتم الاتصال بأي أستاذ من شعبتي الأمازيغية (بوجدة وسلوان) للإشراف على تلك المباراة.
وأضاف نفس المصدر أن الأساتذة الذين يتولون تدريس الأمازيغية بتلك المؤسسة إما طلبة دكاترة أو أساتذة غير متخصصين، وثمة استهتار واضح ومؤلم في التعامل مع الأمازيغية بهذه المؤسسة.
وفي ما يلي مقال رأي حول الموضوع:
وضعية الأمازيغية بالمدرسة العليا للتربية والتكوين بوجدة:
بعد القتل والتنكيل، ها هم الآن يمثّلون بالجثة..
أعلنت المدرسة العليا للتربية والتكوين، بوجدة، عن مباراة للتعيين في إطار أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص لسانيات أمازيغية، بتاريخ: 05-05-2023، وهي المباراة التي عرفت خروقات فظيعة في تشكيل لجنتها.
واستنادا إلى مصادر موثوقة، فقد ضمت اللجنة المذكورة أستاذة للدراسات العربية، لا تربطها بالأمازيغية صلة، فبالأحرى أن تملك ما يكفي من الزاد العلمي لتقييم ملفات المترشحين وأدائهم في المقابلة الشفوية.
هذا، وقد أعرب العارفون بخبايا الملف عن يقينهم بأن المباراة قد خيطت على مقاس أحد المترشحين، وأنها مجرد تمثيلية هزلية تفرضها المساطر التشريعية الجارية بهذا الخصوص. كما تساءل هؤلاء عن السر وراء عدم إشراك أساتذة شعبة الدراسات الأمازيغية في الإشراف عن المباراة، رغم أن جامعة محمد الأول تتوفر على شعبتين للأمازيغية (بوجدة، والناظور). مثلما تساءلوا، باعتماد القياس، عن إمكانية تكليف أستاذ متخصص في الدراسات العربية عضوا في لجنة تشرف عن مباراة في تخصص الدراسات الفرنسية أو علم الاجتماع أو التاريخ، أو غيرها؟؟؟
حري بالذكر أن المؤسسة المذكورة كانت قد أعلنت، خلال الموسم المنصرم، عن مباراة سابقة (بتاريخ: 15-09-2022)، في تخصص: دراسات أمازيغية، وهي المباراة التي يجهل مصيرها لحدود اللحظة، في دليل واضح على مستوى التبخيس الذي تعامل به الأمازيغية بهذه المؤسسة.
متتبعون ودكاترة في تخصص اللغة الأمازيغية نددوا بهذا التعامل الاحتقاري الصادر عن المؤسسة، كما نددوا بجملة من التصرفات التدبيرية الصادرة عن المسؤولين بها، والتي تضرب عرض الحائط مضامين دستور المملكة، بل وتسيئ حتى إلى الخطوات الحكومية الجارية، منذ مدة، في مجال إدماج الأمازيغية في مختلف المجالات والقطاعات. ومن هذه التصرفات:
- تخصيص منصب واحد لشعبة الدراسات الأمازيغية برسم الموسم المنصرم، رغم أن عدد الطلبة المسجلين بالمؤسسة يفوق المئة وخمسين طالبا، وهو المنصب الذي يجهل مصيره إلى حدود اللحظة؛
- تكليف الطلبة الباحثين (في سلك الدكتوراه) بمهام تدريس طلبة الفوج الأول، عوض اللجوء إلى الأساتذة الباحثين المتخصصين في الأمازيغية؛
- اللجوء إلى أساتذة غير متخصصين، لا يعرفون من الأمازيغية إلا كلمة: إيقاريضن/ المال، وتكليفهم بتدريس مجزوءات لا صلة لها بتخصصاتهم (في إطار مسلسل المقايضات الذي يقضي بتمكينهم من تعويضات عن ساعات التدريس الإضافية)؛
- تخصيص منصب واحد للأمازيغية، برسم الموسم الجاري 2023-2024، رغم أن عدد الطلبة الذين ستستقبلهم المؤسسة، وفق الوثيقة الرسمية الصادرة عن الوزارة، هو 1117 طالبا، ولكم أن تتخيلوا أستاذا واحدا رسميا مكلفا بتدريس ألف طالب؛
- تولي المسؤول الأول بالمؤسسة مهمة تنسيق شعبة الدراسات الأمازيغية، وهو ما دفع المتتبعين إلى طرح سؤال العلاقة بين عدم حماسة المسؤول الأول عن فتح مناصب في تخصص الأمازيغية، وحرصه على البقاء في موقع التنسيق (المؤدى عن مهامه طبعا!)
هذا، وقد طالب الدكاترة المعنيون بمناصب التعيين في مثل هذه المباريات، السيد الوزير بإيفاد لجنة لتقصي الحقائق في هذه الخروقات والاختلالات، والوقوف في وجه الاحتقار السافر الذي تتعرض له الأمازيغية بهذه المؤسسة، أو نقل الشعبة إلى إحدى المؤسسات التكوينية الأخرى التي يظهر مسؤولوها المقدار الملائم من الاحترام تجاه هذا المكون الأساسي من مكونات الهوية الوطنية، كما ناشد هؤلاء مختلف المؤسسات والجمعيات الثقافية الأمازيغية أن تبادر إلى تتبع الملف، بما يلزم من الحزم والالتزام بالثوابت الوطنية.
عبد الله أجلموس
باحث متخصص في اللسانيات الأمازيغية