وفاء مراس: أحلم بفن أمازيغي يصل إلى المهرجانات العالمية كإبداع يحترم لا كزينة غريبة

وفاء مراس: أحلم بفن أمازيغي يصل إلى المهرجانات العالمية كإبداع يحترم لا كزينة غريبةوفاء مراس، إعلامية أمازيغية و فنانة، ليست مجرد اسم يوقع على مسرحية أو ينسب إلى أغنية عابرة، هي حالة فنية نابعة من عمق الريف المغربي، تحمل في تفاصيلها لغة الأرض ووجع النساء وفرحهن الخجول، اختارت أن تجعل من المسرح ساحة للبوح، ومن الأغنية جسرا بين الماضي وما يحاك للمستقبل.

بين الأدوار التي جسدتها، نجد ظلال أمهاتنا وجداتنا، بين ملامحها تنعكس قصص نساء قهرهن الصمت وحررهن الحلم، حين تصعد على الخشبة، تصبح حكاية تسير على قدمين، صوتا للمهمشين، وذاكرة لا تعرف المساومة.

في هذا الحوار مع جريدة “العالم الأمازيغي”، تحكي وفاء عن خطواتها الأولى في زقاق المسرح، عن شجاعة التمثيل في بيئة محافظة، عن عناد الحلم الذي جعلها تتجاوز حدود الريف إلى شاشات عربية وجوائز دولية، دون أن تتنازل عن لغتها الأم وعن هويتها كابنة لهذا الحقل الصغير.

هي هنا، بين سطور هذا الحديث، تهمس لجمهورها بأسرار مشروعها الفني المقبل، وتفتح نافذة على طموحاتها العالمية التي تبدأ من جذر أمازيغي عميق، لا تهزه رياح التغريب ولا وعود الشهرة.

نرحب بك على صفحات جريدة “العالم الأمازيغي”، بداية، كيف تقدمين نفسك لقراء الجريدة؟

شكرا على الاستضافة. أنا وفاء مراس، إعلامية أمازيغية وفنانة، من الريف المغربي، أنتمي لفئة من الفنانين الذين يعتبرون الفن أداة للحفاظ على الهوية والثقافة واللغة، وأحاول من خلال أعمالي أن أعبر عن قضايا الناس، خصوصا النساء، بلغة قريبة منهم ومن ذاكرتهم الجماعية.

كيف كانت بداياتك مع الإعلام والفن؟ وهل كنت تتوقعين الوصول إلى المكانة التي حققتها اليوم؟

بداياتي كانت متواضعة جدا، بدأت من المسرح المحلي بالناظور ومن فرق صغيرة، وكنت أؤمن بقوة الفن وقدرته على التغيير. لم أكن أتوقع أن أصل إلى ما وصلت إليه، لكن كنت أعمل بإخلاص، وما زلت أتعلم وأسعى، فالمسار لم يكن سهلا أبدا.

لكل مسار تحدياته، ما أبرز العقبات التي واجهتك في البدايات؟ وكيف استطعت تجاوزها؟

أكبر التحديات كانت النظرة النمطية للمرأة في المجال الفني، خاصة في بيئة محافظة، إضافة إلى قلة الفرص وضعف الدعم للمشاريع الأمازيغية. واجهت هذه الصعوبات بالصبر والعمل المستمر، وبفضل دعم بعض الأشخاص الذين آمنوا بي وبمشروعي الفني.

كانت أول تجربة مسرحية لك من خلال دور “خدوج” في مسرحية “أرياز ن- وارغ”، ما الذي جعل هذا الدور مميزا وقريبا منك؟

“خدوج” كانت شخصية بسيطة وعميقة في آن واحد، تمثل الكثير من النساء الريفيات اللواتي عشن القمع والصمت. شعرت أنني أروي قصة أمهاتنا وجداتنا، لذلك كان الدور صادقا ومؤثرا بالنسبة لي.

جسدت بعدها دور “ثاميري” في مسرحية “تازيري ثاميري”، وهي قصة حب حزينة في زمن الحرب الأهلية الإسبانية، ما الذي شدك لهذه الشخصية؟

ما شدني في “ثاميري” هو التحدي الإنساني في وسط العنف والتاريخ. أحببت أن أقدم امرأة عاشقة ومتمردة في آن، تواجه الحرب بالحب، وهو تناقض قوي دراميا وفنيا.

في سنة 2007، على ما أعتقد، أصدرت ألبومك الغنائي الأول “Ssend”، كيف استقبل الجمهور هذا العمل؟ وهل واجهت انتقادات أو صعوبات خاصة في بيئة ريفية محافظة؟

العمل استقبل بحفاوة من جمهور آمن أن الأغنية الأمازيغية تستحق التطوير والانفتاح على أنماط جديدة. طبعا، واجهت بعض الانتقادات، خاصة من التيارات المحافظة، لكنني كنت حريصة على احترام الموروث، حتى وأنا أبحث عن أشكال تعبيرية جديدة.

إلى جانب ذلك، نلت جائزة آنا ليندا الدولية عن أغنيتك “Henna”، ماذا تعني لك هذه الجائزة؟

الجائزة كانت تقديرا ليس فقط لعملي، بل أيضا لثقافتنا الأمازيغية كجزء من فسيفساء البحر الأبيض المتوسط. “Henna” كانت رسالة سلام ومحبة، والجائزة أكدت لي أن الفن بلغته الصادقة قادر على الوصول إلى الجميع.

كيف تقيمين وضعية المسرح الأمازيغي اليوم؟ وهل ترين أنه يسير نحو التطور الذي يستحقه؟

المسرح الأمازيغي لا يزال في طور النضال من أجل الاعتراف والدعم المؤسسي، لكنه غني بالإبداع والطاقات. نحتاج فقط إلى مزيد من الاستثمار في التكوين والبنية التحتية، وسنرى نتائج مبهرة.

برأيك، كيف تقدم صورة المرأة الأمازيغية في الدراما والسينما؟ وهل تعتبرينها منصفة أم ما زالت رهينة الصور النمطية؟

للأسف، لا تزال المرأة الأمازيغية غالبا محصورة في صور نمطية، إما كضحية أو كرمز للفلكلور. نحتاج إلى كتابة سيناريوهات أعمق، تظهر تعقيد شخصيات النساء الريفيات، وامتدادهن الثقافي والتاريخي.

ما هي أبرز القضايا الثقافية الأمازيغية التي ترين أنها تحتاج إلى مزيد من الاهتمام في الأعمال الدرامية أو السينمائية؟

الهجرة، الذاكرة الجماعية، نضال المرأة، واللغة، كلها مواضيع بحاجة إلى تسليط الضوء عليها بشكل صادق ومهني. نحتاج أعمالا تحترم ذكاء المشاهد وتغوص في عمق الإنسان الأمازيغي، لا سطحه فقط.

في نظرك، ما الدور الذي يلعبه المسرح في الحفاظ على الذاكرة الثقافية والتاريخية، خاصة في منطقة الريف؟

المسرح هو مرآة المجتمع، وهو في الريف وسيلة لحفظ الحكايات الشفوية، اللغة، وحتى الطقوس. عندما نصعد على الخشبة بلغة الأم، فإننا نعلن أننا ما زلنا هنا، وأن الذاكرة لم تمح بعد.

حدثينا عن تجربتك الأخيرة في مسلسل “أفاذار”: كيف ولدت الفكرة؟ وما الذي يميز هذا العمل عن أعمالك السابقة؟

“أفاذار” كان حلما تأخر كثيرا، لكنه ولد من حاجة لسرد حكايات نساء من الهامش، بلغة صادقة. ما يميزه أنه أول عمل أشارك فيه كممثلة ومساهمة في بناء الرؤية الفنية، وكانت تجربة غنية جدا.

ما هو حلمك كممثلة أمازيغية؟ وهل تطمحين لرؤية أعمالك على منصات دولية؟

طبعا، حلمي أن أرى أعمالنا تعرض في مهرجانات ومنصات عالمية، ليس فقط كمحتوى “غريب”، بل كأعمال فنية كاملة تحترم وتناقش. وأطمح لأدوار قوية ومعقدة، تعبر عن قضايا عالمية بروح محلية.

بعد تجاربك في “سرايا حمدين”، “زودياك”، و”سلمات أبو البنات”، ألا تفكرين في خوض تجربة عالمية؟

أكيد، وأعمل على ذلك. لكنني حريصة على أن تكون التجربة العالمية ليست فقط عبورا شكليا، بل حقيقية، تمثلني وتمثل ثقافتي. العالمية تبدأ من الجذور.

وأخيرا، ما رسالتك لجمهورك وقراء “العالم الأمازيغي”؟ وما أبرز مشاريعك المقبلة، وهل هناك نية لإصدار ألبوم غنائي جديد؟

أقول لجمهوري العزيز ولقراء “العالم الأمازيغي”: شكرا لوفائكم واحتضانكم لمساري الفني، أنتم الدافع الحقيقي للاستمرار والتطور.

أما بخصوص المشاريع، فأنا حاليا منغمسة في مشروعين أعتبرهما امتدادا طبيعيا لاهتمامي بالهوية والإنسان.

الأول هو إشرافي على الإدارة الفنية لمهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي سيقام في لاهاي في سبتمبر المقبل. هذا المهرجان يعنى بقضايا الهوية، الهجرة، الشتات، المرأة، والعدالة الثقافية، وهو فرصة لإبراز أصوات مهمشة وأفلام جريئة من منطقتنا. أن أكون جزءا من هذا المشروع يعني لي الكثير لأنه يفتح نوافذ للحوار ويمنحنا أدوات لكتابة روايتنا بأنفسنا.

أما المشروع الثاني فهو استكمال تصوير الجزء الثاني من مسلسل “أفاذار”، حيث ستشهد شخصية “كنزة” تطورا دراميا مفاجئا ومؤثرا. يمكنني القول بثقة إن هذا الجزء سيحمل بعداً أعمق وأكثر جرأة من سابقه.

وفيما يخص الغناء، فالرغبة حاضرة دائما، لكنني أؤمن أن الموسيقى تحتاج إلى التوقيت المناسب. حين أشعر أن لدي ما أقوله من خلال صوتي، سأعود بألبوم يحمل نضجا مختلفا وطاقة جديدة.

حاورها: خيرالدين الجامعي

وفاء مراس: أحلم بفن أمازيغي يصل إلى المهرجانات العالمية كإبداع يحترم لا كزينة غريبة

اقرأ أيضا

حفيظ بوجداين: الأغنية الأمازيغية ذاكرة وهوية.. وبين نغمة اللحن وسطور القصيدة تنبض الأمازيغية

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتوارى الهويات خلف ضجيج الحداثة، يظل صوت الفن الريفي الأمازيغي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *