وفاة “حادة اوعبو” ومحاربة الميز ضد المرأة بالمغرب..

بقلم: احمد الدغرني

توفيت الصحافية الأمازيغيةً حادة اوعبو بالرباط يوم 15ماي 2018 وهي من أقدم النساء الصحفيات التي اشتغلت كصحفية مهنية بالإذاعة الأمازيغية بالرباط، الى جانب الرجال وأضيف اسمها الى قائمة شخصيات أمازيغية توفيت بالمغرب خلال سنوات 2016-2017 مثل محسن فكري، ومحمد شاشا، وعمر ازم، ومحمد منيب، وإبراهيم اخياط، والحسين ملكي…

ومن مواد الحضارة الإنسانية دراسة الوفيات، ومراسيم الدفن Les rites funéraires ، وتوجد لدى كل شعب من البشر مراسيم، يقيمها الأحياء لمن توفي منهم، وكادت مراسيم دفن الأمازيغ، أن تمحى في الوقت الحاضر بسبب مخططات محو الحضارة الأمازيغية. وبعد النهضة الجديدة التي انتشرت في شمال افريقيا في مجالات ثقافية وسياسية، بدأنا نحيي مراسيم الدفن، ونهتم بها كموضوع يتطلب كثيرا من الإنتباه. لأن المنظمات الدينية والأيديولوجية المخزنية، والقومية العربية، تحتكره، وتمارس به الدعاية السياسية، والميز الديني واللغوي…

وتعتبر حادة اوعبو أول امرأة في تاريخ المغرب الحديث، خلال السنوات التي أشرنا اليها، حصلت على شرف إقامة تجمع لبعض الأ مازيغ بفندق La folouk بشاطئ تمارة يوم 8 يونيو 2018.

تميز التجمع بحضور عائلتها، وبتنفيذ مراسيم وبرنامج التأبين، بإلقاء كلمات وشهادات تذكر بأعمال حادة، والخدمات التي أدتها طيلة حياتها كصحفية بالراديو، ومنتجة لأعمال فنية، و بإلقاء قصائد الرثاء بواسطة ثلاثة من شعراء الأمازيغ بالأطلس المتوسط Inchaden، وكانت المراسيم قد أقيمت قبل هذه السيدة للرجال المذكورين أعلاه من طرف الأمازيغ، ولم تحظ بمثلها أية امرأة قبلها حسب علمي.

وكان لابد أن يطرح مشكل الميز الذي تتعرض له المرأة الأمازيغية، وأن تبرز الحاجة الى اعتبار مناسبة حادة اوعبو خطوة متقدمة لمحاربة الميز بين الأمازيغ ذكورا وإناثا، وكذلك محاربة الميز الذي ظهر من جنازة صحافية مغربية، زميلة لحادة اوعبو هي مارية لطيفي ( مديرة سابقة للقناة الثقافية الرابعة)، توفيت معها في نفس اليوم، ودفنتا معا، وتمت تغطية جنازة مارية لطيفي من طرف بعض وسائل الأعلام وتلقت عائلتها تعزية رسمية مهمة، بينما أهملت حادةً وعائلتها، مما يثير التساؤل حول الأسباب؟ ولابد من التأكيد على أننا نتمنى أن تحظى كل الصحافيات والصحافيين بما حظيت به مارية لطيفي وتهنئة لها بما حصلت عليه بعد وفاتها من العناية، وأن يكون يوم وفاتهما معا مناسبة لفتح ملف الميز في معاملة الموتى في مراسيم جنائزهم.

ونذكر المرأتين هنا بهذا الشرف، وكان لابد أيضا من الإشارة الى مراسيم جنائز الأمازيغ ببلادهم قبل دخول العرب الى شمال افريقيا في أواخر القرن السابع الميلادي، وبعد انتشار الإسلام في المنطقة، لتتوسع اليها الثقافة والنضال الأمازيغي الحديث لدى الشباب، علما بأن تجديد مراسيم الدفن لهذا الوقت، بدأ يرسم بعض القواعد مثل حمل العلم الأمازيغي في مسيرات الدفن، ومشاركة المرأة في الحضور داخل المقابر أثناء الدفن، وكتابة لوحات القبور بحروف تيفيناغ، وإقامة تجمعات ولقاءات لإحياء ذكريات الذين أسدوا خدمات للشعب. وأضاف القبائليون Les Kabyles مراسيم أخرى لم تنجز حتى الآن بالمغرب ومنها إقامة ضريح يعتبر مزارا مقدسا لمعتوب لوناس، يحتوي على تمثاله، ووثائق عن سيرته وانتاجاته، يشبه أضرحة الصالحين les marabouts، ووضع تمثال للعالم والمناضل مولود معمري بحديقة دار الثقافة بمدينة تيزي وزو، وإقامة تمثال للملكة دهيا Dihya المعروفة في كتب العرب بالكاهنة (قتلها العرب في القرن السابع بعد الميلاد)، بساحة عمومية في منطقة اوراس Aures، قرب قبر المحارب العربي عقبة بن نافع. ومن المنتظر أن تنجز تماثيل وأضرحة مبنية لرموز الثقافة والنضال الأمازيغي الكثيرين مثل علي أزايكو، وقاضي قدور والهباز، ومبارك اولعربي، وعمر ايزم ، ومحسن فكري وآخرين، كما هو معروف لدى كل شعوب العالم.

الرباط: 10 يونيو 2018

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *