في إطار مشروع ” الترافع عبر الفنون المعاصرة لتعزيز الانفتاح الثقافي للشباب ” الممول من قبل مؤسسة فرنسا ومنظمة الهجرة والتنمية والمندرج ضمن برنامج البحر الأبيض المتوسط، من ضفة إلى أخرى ” الذي يهدف لاستثمار إمكانات الفنون المعاصرة في ترسيخ العيش المشترك وتعزيز ثقافة الاختلاف نظمت منظمت تاماينوت فرع أيت ملول بمقرها بمركز المدينة يوم 27 أبريل 2022 ورشة أدبية حول كتابة اليوميات، ورشة عرفت تقديم الخصائص النوعية لجنس اليوميات بوصفه جنسا أدبيا من أجناس الأدب الشخصي، يقوم على التوثيق السردي والجمالي لتجارب الذات ومروياتها، وذلك باستثمار الأتبيوغرافي، الأستاذ محمد أبوض قدم للشباب المشاركين في الورشة نماذج من الأعمال الأدبية التي تنتمي إلى جنس اليوميات بوصفها أعمالا مرجعية أسهمت في استكشاف معالم هذا الجنس الأدبي والاقتراب من سماته ومرتكزاته. كما قدم إضاءات بخصوص المخاض العسير لهذا الجنس الأدبي في الحياة الثقافية والأدبية المغربية، بما هي ثقافة محكومة بنظم أخلاقية لا تسمح بكتابة تنشغل بالذات وتعري هواجسها وخيباتها، ليظل شرط الحرية الشرط الضروري والسماد المطلوب لاستنبات الأدب الشخصي في التربة الأدبية المغربية، ورشة محمد أبوض ورشة حفر في التراث الثقافي العالم وسفر في عوالم التاريخ الإسلامي ومحنة التأسيس لمقولة الفرد ومحنة البحث عن مساحات الحرية خارج دوائر الإجماع وسطوة الصوت الواحد ، الفاعل الثقافي محمد أبوض المنشغل بأسئلة وقضايا التغيير الاجتماعي في المغرب، اعتبر الكتابة الأدبية إحدى الحوامل الأكثر ديموقراطية والأنجع في ترسيخ الحداثة وبناء الإنسان، فبحسبه الأدب الحقيقي هو الأدب الذي لا يتنازل عن رهاناته الجمالية ولا يتنازل في الوقت نفسه عن رهان التغيير الموجه برؤية تعلي من شأن الإنسان وتعلي من شأن السؤال وتسهم في دينامية الفكر النيير المؤسس لقطيعة مع الحجر والوصاية ومع مختلف أشكال استغلال الإنسان وهدر حقوقه وكرامته، أدب اليوميات بهذا المعنى ليس مجرد تسلية وتزجية للوقت، ولكنه أداة قادرة على السمو بالحس المدني للإنسان وتثقيفه الذاتي، واستكشافه للتاريخ من شرفات مغايرة أكثر حميمية في التعبير عن قضايا الفرد والمجتمع على السواء.
شهدت الورشة أيضا نقاشا شبابيا مثمرا حول قضايا الهوية الفردية والحريات في المجتمع المحلي وعن الأدوار التي يمكن أن تضطلع بها الكتابة في مجتمعات شفاهية تعيش أزمنة الاستعراض والاستهلاك المفرط وتعيش في زمن نيوليبرالي. مجتمعات العالم الثالث الممزقة بين التحديث وبين القدامة والتقليد، مجتمعات محافظة لاعتبارات متعددة على كل ما يعوق مسير تقدمها وتخلصها من إسار الخصاص الحضاري الذي يستلزم النقد المزدوج.