في عيد الحب “حمو أونامير” أسطورة حب أمازيغية

كل قصص الحب المشهورة في تاريخ كل الشعوب، بما فيهم الأمازيغ، لديها نهايات مأساوية، وربما لذلك فقط تحكى، ربما لأن ثمة عبر ما..

كان في قديم الزمان ولد يتيم اسمه حمو أوناميريعيش مع أمه التي ربته أحسن تربية وأدخلته إلى الكتاب ليتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن، وعندما أصبح أونامير شابا، أحبه الجميع في القرية وأعجبهم حسنه وبهاؤه

وفي يوم ما استيقظ باكرا كعادته ففوجئ بكفيه مزخرفتين بالحناء، وعندما ذهب إلى الكتاب وبخه الفقيه وأمر بضربه حتى لا يضع حناء في يديه مرة أخرىلكن في اليوم الموالي، وجد أونامير يديه مرة أخرى مزخرفتين بالحناء، فتعرض مجددا لضرب الفقيه، وتكرر ذلك عدة أيام حتى أدرك الفقيه أن أونامير مظلوم فقال له: “لا تنم هذه الليلة حتى تعرف من يضع الحناء في يديكوبالفعل، لم ينم أونامير تلك الليلة، وانتظر طويلا وهو يتظاهر بالنوم، وإذا به في لحظة واحدة، يرى صفا من الحوريات يدخلن من النافذة ويحطن به، ويشرعن في وضع الحناء على يديه، وهو ما بين الدهشة والإنبهار بحسنهن وجمالهن، قبل أن خرجن الواحدة تلو الأخرى ويختفين في الظلام قبل انبلاج الصبح في الصباح ذهب أونامير مندهشا إلى الفقيه، وحكى له كل ما رأى، فقال له هذا الأخير:”هذه المرة خذ معك خيطا وإبرة وخط ملابس الحوريات مع ملابسك، وعندما يرغبن بالانصراف أطلق سراحهن الواحدة تلو الأخرى، حتى يأتي دور الأخيرة منهن، فإن طلبت منك إطلاق سراحها فقل لها بأنك تريد أن تتزوجها وبالفعل كذلك، أحضر أونامير الخيط والإبرة، وتظاهر بالنوم. وعندما جاءت الحوريات قام بخياطة ملابسهن مع ملابسه، وهن لا يكترثن، ولكن لما أردن الانصراف لم يستطعن فتصايحن: “نتوسل إليك يا أونامير أن تطلق سراحنا لنلحق بأهلنا في السماء قبل الصباحليطلقهن أونامير الواحدة تلو الأخرى، واحتفظ بالأخيرة وقال لها:”ستصبحين زوجتي”.  فأجابته الحورية: “دعني أذهب إلى أهلي في السماء، فإنك لن تستطيع الوفاء بوعودك لي”.  فأجابها أونامير: “سأفي بكل وعودي.” فقالت الحورية: “أريد منك منزلا بسبع غرف تغلق بمفتاح واحد، تحتفظ بي فيه فلا يراني أحد أبدا.” ووافق أوناميروشرع في بناء المنزل ذي السبع غرف، الواحدة داخل الأخرى، وأسكن الحورية في الغرفة الأخيرة. وكان يغلق عليها الأبواب السبعة بمفتاح واحد يحتفظ به كي لا يطلع أحد على سره وذات يوم طلبت منه الحورية أن يحضر لها لحم الغزال، فخرج إلى الصيد راكبا حصانه بعد أن خبأ المفتاح وسط التبن، وكانت والدته تسأله دائما عن سر الغرف السبعة فلا يجيبها، فمسعت ديكها ذلك اليوم وهو يصيح: “وجدت شيئا! وجدت شيئا ! فقالت له: “ماذا وجدت يا ديكي العزيز؟”، قال “وجدت مفتاح أونامير الذي يغلق به الغرف السبعة فرحت الأم وأخذت المفتاح وفتحت أبواب الغرف واحدا تلو الآخر، حتى وصلت إلى الغرفة الأخيرة، فوجدت الحورية جالسة تمشط شعرها الأسود الطويل وقد أضاء المكان بجمالها، فبدأت توبخها وشتمها وتقول لها: “ماذا تفعلين هنا؟ اذهبي من حيث أتيت!” ثم أغلقت عليها الأبواب وأرجعت المفتاح إلى مكانه عاد أونامير من الصيد ودخل على الحورية فوجدها تبكي وقد ابتلت الأرض بدموعها، فسألها عن سبب بكائها فقالت: “لم تف بوعدك لي، واطلع غيرك على سرك”. ثم طلبت منه أن يفتح لها النافذة حتى تستنشق بعض الهواء، فتألم لحزنها وفتح لها النافذة، فطارت منها وانطلقت نحو السماء قائلة: “وداعا يا أونامير، إذا أردت أن تراني مرة أخرى فالحق بي في السماء السابعة مرت الأيام وأونامير لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، وذات يوم قرر أن يبحث عن طريقة يتمكن بها من الصعود إلى السماء، فأخذ حصانه وودع والدته وانطلق مسافرا من بلاد إلى أخرى حتى التقى برجل عجوز أخبره بأن الطريقة الوحيدة للوصول إلى السماء السابعة هي أن يحمله النسر العظيم الموجود في الجبل الأخضر وهكذا انطلق أونامير نحو الجبل الأخضر سنوات، حتى وصل إليه، فنادى على النسر العظيم وحكى له قصته، فقال له النسر: “قصتك محزنة جدا، ولكنك وجدتني نسرا عجوزا متعبا، وقد تساقط ريشي، فإن شئت أن أحملك إلى السماء السابعة، فاذبح حصانك وأطعمني من لحمه، حتى تستعيد أجنحتي قدرتها على الطيران والتحليق لم يستطع أونامير أن يذبح صديقه الحصان الذي رافقه في رحلته الطويلة فقال له الحصان: “إذا كنت سأضع حدا لعذابك فاذبحني حتى تلحق بحوريتك في السماء السابعة ذبح أونامبر حصانه وهو يبكي وأطعم النسر منه حتى عادت إليه قوته ونبث ريشه، وادخر سبع قطع من اللحم لكي يطعمه إياها أثناء الرحلة حمل النسر أونامير على ظهره وأمره بألا يتكلم، وانطلق به نحو السماء السابعة، وكلما وصل إلى إحدى السماوات أطعمه أونامير قطعة من اللحم، حتى اقترب من السماء الأخيرة فسقطت قطعة اللحم الأخيرة من يد أونامير، وبدأ النسر يضعف على الطيران، فلم يجد أونامير بدا من أن يقتطع من جسده قطعة لحم، أطعمها للنسر حتى أوصله إلى السماء السابعة جلس أونامير عند ين ماء وهو ينظر إلى الأشجار ذات الأوراق العجيبة والثمار المدهشة، إلى أن شاهد حورية عند النبع فقال لها: “أتوسل إليك أيتها الحورية أن تدليني على مكان وجود حوريتي، أنا حمو أونامير القادم من الأرض.” فقادته الحورية إلى المكان الذي يريد حيث وجد حوريته، وفرح بها فرحا عظيما ونسي كل ما جرى له على الأرض. أطلعت الحورية حمو أونامير على كل ما يوجد في قصرها، إلى أن وصلت إلى حجر موضوع على فوهة صغيرة وقال له:”لا تحرك هذا الحجر أبدا مرت الأيام تلو الأخرى واشتاق أونامير إلى والدته ولم يصبر على فراقها، فرفع الحجر وأطل من الثقب على الأرض فشاهد والدته وحيد،ة وقد أصابها العمى من فرط بكائها عليه، وهي تمسك خروفا وتقول: “لو كان ولدي حمو أونامير حاضرا لذبح لي بيده أضحية العيد.”، فنسي أونامير نصيحة الحورية وصاح قائلا: “ها أنذا يا أمي عائد إليك، فلا تحزني بعد اليوم!”، وألقى بنفسه من الثقب إلى الأرض بدون أن يفكر، فمزقته الرياح وانتثرت قطرات دمه في كل الإتجاهات، وسقطت إحداها على عنق خروف والدته فذبحته، وسقطت أخرى على عيني الأم فعاد إليها بصرها وهكذا انتهت قصة حب أونامير للفتاة الملائكية “تانيرت”.. وكل عيد وأنتم بخير..

اقرأ أيضا

جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تطلق “ميزانية المواطن”

أطلقت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، أمس الجمعة، مبادرة “ميزانية المواطن”، التي تعتبر أداة تهدف إلى تبسيط البيانات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *