بوتفليقة يسابق المعارضة لصياغة دستور جديد للجزائر

تخفي السرعة التي أعادت بها السلطة بعث مشروع تعديل الدستور، سباقا غير معلن مع المعارضة، التي انخرطت بدورها في ما سمته “مشروع الانتقال الديمقراطي”، الذي التف حوله أبرز الأحزاب التمثيلية والشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي.

وينتظر أن تشرع رئاسة الجمهورية في إرسال نسخ من التقرير الذي أعدته لجنة عزوز كردون حول أرضية الدستور المقبل بحر هذا الأسبوع، إلى الأحزاب والشخصيات السياسية، تمهيدا لبدء المشاورات التي يشرف عليها رئيس الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، المكلف من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وفي مقابل ذلك، قطعت المعارضة المنضوية تحت لواء “التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي” أشواطا كبيرة في مشروعها الرامي إلى عقد ندوة وطنية، تتمخض عنها أرضية حول “الدستور التوافقي”، ينتظر أن ترفعها إلى السلطة بعد ذلك، وفق ما رشح من قيادات التنسيقية، التي أعلنت كما هو معلوم رفضها المشاركة في المشاورات المرتقبة.

وقد شكلت هذه السرعة في إطلاق ورشة تعديل الدستور مفاجأة للمتتبعين بالنظر إلى التجارب السابقة للسلطة، القائمة على عامل ربح الوقت، غير أن العارفين بخبايا السرايا، قرؤوا في هذه السياسية، استراتيجية جديدة، الهدف منها محاولة إبراز جديتها للمعارضة في مشروع “الدستور التوافقي”، الذي وعد به الرئيس بوتفليقة في كلمته التي أعقبت أداءه اليمين الدستورية، حتى تفرغ مشروع المعارضة من محتواه.

وفي هذا الصدد، يرى رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أن قرار السلطة بإعادة بعث مشروع تعديل الدستور بهذه السرعة، إنما “يؤشر على اقتناعها بأن شيئا ما غير معهود بدأ يتشكل في الساحة السياسية، يتمثل في تقارب غير مسبوق للمعارضة، يمكن أن يشكل خطرا عليها”.

وبرأي الرجل الأول في “حمس”، فإن السلطة تخشى أن تصل المعارضة إلى أرضية توافق بشأن الكيفية التي تسير بها المرحلة الانتقالية، وهو ما يضعها في حرج كبير أمام الرأي العام، ولذلك نجدها تسعى بكل ما أوتيت من قوة من أجل إظهار جديتها في الذهاب بعيدا في مشروعها الإصلاحي المتعثر، يقول مقري.

أما القيادي بحركة النهضة، محمد حديبي، فيرى أن السلطة وقفت على حقيقة وزنها الشعبي من خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتبين لها أن قاعدتها ليست واسعة بالشكل الذي كانت تعتقد، ولذلك سارعت إلى بعث مشروع تعديل الدستور الذي كان من المفترض أن يرى النور قبل انقضاء عام 2013.

واعتبر النائب السابق لـ “النهضة” خطوة السلطة بمثابة ردة الفعل إزاء توحد المعارضة والتقائها على موقف واحد بشأن خارطة الطريق التي يتعين على قطار البلاد أن يسير عليها، ولعل في الرسالة التي انطلقت من قاعة حرشة حسان دليل على ذلك، يقول محمد حديبي، الذي قدر بأن تلك الرسالة شكلت “حرجا كبيرا للسلطة ليس فقط أمام الرأي العام المحلي، بل أمام الرأي العام الدولي”.

من جهته، يعتقد القيادي والنائب عن جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أن نوايا السلطة من خلال سرعتها في بعث تعديل الدستور واضحة، وهي إقامة الحجة على المعارضة، وإرسال إشارة للجزائريين بأنها شرعت في تنفيذ الوعود التي أطلقها ممثلو الرئيس بوتفليقة في الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل المنصرم.

وقرأ بن خلاف في تعيين أويحيى للقيام بالمشاورات مع الطبقة السياسية “سوء نية من قبل السلطة”، كونها تعلم أن رئيس الديوان برئاسة الجمهورية، مرفوض من قبل المعارضة، فضلا عن كونه لا يباشر مشروعا إلا وأوصله إلى طريق مسدود، سيما عندما يتعلق الأمر بقضايا من هذا القبيل، على حد تعبير القيادي في جبهة العدالة والتنمية. 

 

 

نقلا عن جريدة الشروق الجزائرية

اقرأ أيضا

الاتحاد الأوروبي يرد على الصحفي هشام عبود بشأن اختطافه في إسبانيا

تلقى الصحفي الجزائري هشام عبود ردًا على رسالته التي وجهها إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *