محمد حمادة الأنصاري – المغرب
“أمينة بن الشيخ” اسم لامع في المشهد الثقافي والإعلامي الأمازيغي المغربي فهي امرأة مناضلة وجمعوية وصحفية وشخصية نسائية وهبت حياتها لخدمة القضايا العادلة للشعب الأمازيغي أينما وجد، ورغم العراقيل والصعوبات والحواجز فإن ذلك لم يثنى أمينة المرأة والإنسانة المكافحة كما يسميها بعض النشطاء الأمازيغ من مواصلة مشوارها النضالي في سبيل تحقيق الكرامة والعدالة والمساواة حتى يتمتع أحرار شمال إفريقيا والصحراء الكبرى فى أزواد وايير بكافة حقوقهم وينعموا بالأمن والاستقرار وعيش حياة كريمة.
إلى جانب ما تقدم فالأستاذة “أمينة بن الشيخ” تدير أكبر مؤسسة إعلامية أمازيغية بالمغرب “العالم الأمازيغي” رفقة زوجها منذ سنة 2001م كما أنها رئيسة التجمع العالمي الأمازيغي المكلفة بالمغرب وعينت عضوة بلجنتي التعليم والإعلام التابعتين للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وهي عقيلة المناضل والناشط الأمازيغي المعروف “رشيد راخا” رئيس التجمع العالمي الأمازيغي .
وقد زارت صحيفة “الحدث الأزوادي” الإلكترونية الأستاذة أمينة بن الشيخ فى مكتبها بالرباط واجرت معها الحوار التالي ..
* نرحب بالأستاذة أمينة ضيفة على صحيفة “الحدث الأزوادي” الالكترونية
– وأنا بدوري أشكركم على هذه الاستضافة وأحيى من خلالكم كل الطاقم المشرف على الصحيفة وأنقل تحية تقدير واحترام للشعب الأزوادي الصامد في أزواد وايير واؤكد دعم ومساندة أمازيغ المغرب لشعب توماست التي يناضل من أجلها من أجل تحقيق الكرامة والحرية فوق أرضه.
* بداية من هي أمينة بن الشيخ الإنسانة والصحفية والمناضلة الأمازيغية الكبيرة؟
– أولا يصعب علي الإجابة عن هذا السؤال ولكن أنا من مواليد مدينة تافراوت إحدى القرى الأمازيغية بالجنوب المغربي وهي منطقة جبلية هناك كبرت وترعرعت ثم التحقت بمدينة الرباط لمتابعة الدراسة في المدارس المغربية التي أنهيتها بالحصول على شهادة الإجازة في الحقوق شعبة القانون الخاص ومن ثم انطلقت مسيرتي النضالية من أجل القضية الأمازيغية الذي تزامن مع دخولي الجامعة المغربية ولكن دائما كان عندي سؤال رافقني طيلة مساري الدراسي حول من أكون بحكم انتمائي الأمازيغي وتواجدي في مؤسسات غالبية تلميذاتها يتحدثن بالغة العربية مما ولد لدي نوع من الانعزالية عن بقية صديقاتي في صفوف الدراسة لأنني أصبحت متيقنة أن وضعي داخل المؤسسة أصبح مفروضا علي قهرا .
وهذا السؤال ظل يطرح ويكبر إلى حين ولجت النضال داخل الحركة الامازيغية حيث انخرطت في منظمة تماينوت الأمازيغية التي كان لي الشرف الكبير أن أساهم في تحقيق عدة برامج وأهداف كانت مسطرة ومن بينها تغيير اسمها السابق من الجمعية المغربية للثقافة والفنون الشعبية الى الاسم الحالي وقمنا بإنشاء عدة فروع بكافة مناطق المغرب.
وسنة 1999 أعلنت انسحابي من المنظمة ورغم ذلك كنت اتابع مسيرتي النضالية من داخل الحركة الأمازيغية وفي 2000م تعرفت على زوجي رشيد راخا ومن ثم جاءت فكرة تأسيس جريدة العالم الأمازيغي وبدأت النضال بشكل جديد.
* كيف كانت بداياتك الأولى مع النضال داخل الحركة الأمازيغية؟
– أعتقد أننى كنت مستعدة لهذا النضال الغير مكتسب وأعتبره فطريا بحكم انتمائي إلى مجتمع يعتمد على الذات وتربيت في قرية لا تتوفر على المواصلات ولاترفيه قد يدفع الإنسان إلى حياة البذخ بالإضافة إلى التاريخ الوطني والنضالي لوالدي داخل الحركة الوطنية المغربية في مقاومة الاستعمار الفرنسي ودوره الكبير ومساهمته في بناء المؤسسة التى كنت أدرس فيها حيث كنت أسمع يوميا شهادات وكلمات الثناء في حق الأب شجعتني ومنحتني الافتخار والاعتزاز بأصلي وهويتي وهذا ما ولّد عندي شخصية متميزة وخلقت لدي اعتقادا جديد بأنه لا خيار في الحياة إلا السير على نهج من سبقونا لرسم معالم النضال بشكل كبير .
* ماهي قراءتك لوضعية المرأة في شمال افريقيا؟
– التاريخ القديم الذى درسناه يتحدث عن تاريخ مشرف للمرأة الأمازيغية وما حققته من مكتسبات وحاليا نصاب بالصدمة من خلال تراجع هذه الانجازات وما تحظى به من مكانة عند ايمازيغن وهنا أرجع المسألة لدخول بعض الأيديولوجيات لشمال إفريقيا منها الاسلام الذي فسر بشكل غير صحيح حيث مورست على المرأة ضغوطات ونوع من الوصاية وهناك بعض الأنظمة السياسية التي تريد لها أن تفقد مكانتها فى خدمة قضايا الأمة لأن العنصر النسوي معروف عنها الصرامة والجدية عند تحملها لمسؤوليات ومهام دفاعا عن الإنسانية وهذه الميزة هي التي جعلت الأنظمة المستبدة تتمرد وتفرض عليها السيطرة مقارنة مع الدول المتقدمة والعصرية التي تمنحها المكانة والاستقلال المادي والمعنوي في كافة مراحل النضال في حياتها اليومية .
وحقيقة ان ما حققته المرأة الامازيغية بشمال افريقيا من مكتسبات لم يأت من فراغ أو مجانية وقد حان الوقت لكي ينتفضن ضد هذا النوع من السيطرة والوصاية .
* أنت شخصية نسائية بارزة داخل التجمع العالمي الأمازيغي هل سيمكنك ذلك من تنفيذ كل البرامج والأفكار وخصوصا ما يتعلق بالمرأة؟
– سياستنا في التجمع العالمي لا تعتمد على شخصنة البرامج والأفكار فالمنظمة تتكون من مجموعة من الأعضاء يقومون بأدوار ومهام لا نفرق فيها بين الرجل والمرأة وانا بطبعي لم أفكر يوما أن يقتصر دوري على ما هو مرتبط بالمرأة كما هو الشأن بالنسبة لبعض الحركات النسائية الأمازيغية وأسخّر كل وقتي للنضال والدفاع عن الإنسان الأمازيغي رجلا أو امرأة انسجاما مع القيم والمبادئ المتعارف عليها عند الامازيغ وهذا لايمنع أننا داخل التجمع العالمي الأمازيغي نقدم برامج لتوعية المرأة واستشارات قانونية تخدم الأمازيغية فى عموميتها .
* الدستور المغربي اقر برسمية اللغة الأمازيغية في غياب قانون تنظيمي يحدد مهام وآليات تنفيذها .. ما هي الخطوات التي ستقدمون عليها لإخراج القانون إلى حيز الوجود؟
– لابد أن نعترف ولأول مرة في دولة ما يتم الاعتراف باللغة الامازيغية رسمية في الدستور وما علينا إلا أن نثمن ونشيد بهذا المجهود الذى يعود فيه الفضل إلى مناضلي ومناضلات الحركات الامازيغية المغربية حيث مكننا من فرض أمر كنا نعتبره بالأمس من المستحيلات فأصبح اليوم حقيقة، فنحن في التجمع العالمي الأمازيغي وجريدة العالمي الأمازيغي موازاة مع الحراك الذى يعرفه المشهد الأمازيغي قمنا بخطوات تمثلت في حملة مليون توقيع لإخراج هذه القوانين إلى أرض الواقع كما عقدنا ندوة بمراكش بمشاركة أساتذة وباحثين ومحامين ومتخصصين في الشأن ولدينا رؤية مشتركة في هذا الاطار
وانا شخصيا اقترح في ظل التشتت الذى يعانى منه الجسم الأمازيغي إحداث لجنة ملكية استشارية تتكلف بفتح نقاش عام بين كافة المكونات الأمازيغية ووضع تصور متفق عليه لإخراج القانون للوجود لأن في الأخير الأمازيغ ولغتهم هم الضحية الأولى في هذه العملية .
* يرى الكثير من الأمازيغ ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ولد ميتا ولم يقدم للإنسان الأمازيغي ما كان ينتظره .. ما تعليقك؟
انا لا اتفق على أن المعهد ولد ميتا ولا اظن ذلك ولكن أجهض بعد ولادته الاولى حيث تم حبك مؤامرات له، ولكن بدون الدخول في الجزئيات فأرى أن هذه المؤسسة الاستشارية منذ إحداثها سنة 2001م حققت 75 فى المائة من المنتظر بفضل جهود الاساتذة الباحثين وادارة المعهد التي تؤدي عملها على أحسن ما يرام بتعاون جيد مع مؤسسات أخرى.
والمعهد ليس مؤسسة تنفيذية هذه السلطة المخولة للحكومة التي تتقاعس في تمكين الأمازيغية من حقها في التعليم وباقي مناحي الحياة ومن واجب المناضل الأمازيغي أن يمارس سياسة الضغط على مؤسسات الدولة ويحملها المسؤولية على هذا الحيف والتقصير بدل التوجه إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية .
* فيما لو أن الحكومة لا تقوم بدورها وتصر على منع تأسيس أحزاب سياسية امازيغية، كيف ستواجهون مثل هذه الممارسات التي تخالف الدستور المغربي والمواثيق الدولية؟
– لابد من التذكير أن هناك سياسة ممنهجة ومقيتة تنهجها الدولة المغربية خصوصا مع ظهور حكومة الإسلاميين وقد ظهر ذلك عقب تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي برئاسة الاستاذ والمحامي احمد الدغرنى رفقة ثلة من المناضلين الأمازيغ ورغم قيام الحزب بكافة الاجراءات القانونية المعترف بها إلا ان الجهات المختصة مارست محاولات بائسة لإقباره من خلال اصدار قرار بحل ومنع الحزب من مزاولة انشطته ومهامه في خرق سافر للدستور المغربي ولقانون الحريات العامة والمواثيق الدولية
لكن السؤال الذى سيبقى بدون جواب هل الأمازيغ حقا قادرون على تشكيل أحزاب سياسية تساير تطلعات وانتظارات الشعب الأمازيغي فتجربة الحزب الديمقراطي لم تبشر بالخير حيث تنازل بعض اعضائه عن التمسك وقرروا مغادرته وتركه يعيش ازمة داخل المحاكم المغربية في وقت كان عليهم التضامن والوحدة مع قيادة الحزب للخروج من المأزق.
* كصحفية ومديرة جريدة العالم الأمازيغي كيف تنظرين لحال الصحافة المغربية وخصوصا الاعلام الأمازيغي في ظل حكومة بنكيران؟
– هناك تجارب اعلامية سابقة في المشهد الإعلامي الأمازيغي لكنها فشلت في غياب المساعدة والدعم والتجربة الوحيدة التي بقيت صامدة رغم وجود مشاكل مادية ونحن لسنا متفائلين او متشائمين بما يخبئه المستقبل وفى ظل حكومة الإسلامي بنكيران أصبح الاعلام المغربي يمارس عليه نوع من المحسوبية والتهميش والاقصاء وخاصة بكل ما هو متعلق بالأمازيغ ولغتهم وثقافتهم وهناك اكاذيب وتشويش يروجها الاعلام التابع لحزب العدالة والتنمية من خلال جريدة التجديد ضد المناضلين الامازيغ ويتحين الفرص لنشر مقالات تخالف الواقع، واعتقد ان دور الحكومة يكمن في انشاء معاهد ومؤسسات اعلامية قادرة على خدمة المشهد الإعلامي الأمازيغي ببلادنا وتوفير موارد مالية وبشرية لا صلاح ورش مستمر سنظل نقاوم وندافع عنه العداء والكره الممارس ضدنا من جهات معينة واستخفافها بالعنصر الإعلامي الذى لا يحظى باي قيمة او احترام في الاعلام الرسمي وسنواصل المعركة لا ثبات الحق المشروع وتعزيز مكانة الاعلام الأمازيغي كبقية المؤسسات الاخرى في ظل ما تروجه الحكومة بانها حققت قفزة نوعية لصالح الاعلام الأمازيغي .
* ألا تفكرون داخل التجمع العالمي الأمازيغي بإيفاد لجنة للاطلاع على أوضاع اللاجئين الطوارق فى دول المهجر؟
– قبل تأسيس التجمع العالمي الأمازيغي كنا نشاطر ونتعاطف مع القضية الازوادية وفى إطار مواكبتنا للأزمة الأزوادية نظمنا لقاء بالرباط حضره جل الإخوة الطوارق من النيجر ومالي وناقشنا فيه مجمل المشاكل وانشغالات شعب توماست وجاء لقاء اكادير الذى دعا شباب الطوارق المشاركين فيه إلى ضرورة تأسيس كيانات او هيئات مدافعة عن الطوارق في الصحراء الكبرى ونحن نتابع بشكل يومي اخر التطورات بمنطقة الساحل والصحراء من خلال التغطية الاعلامية لجريدة العالم الأمازيغي .
ومن الجانب السياسي فاعتقد ان الحزب الديمقراطي الأمازيغي موكول مهمة المرافعة امام المحافل الاقليمية والدولية لا يصال معاناة واستغاثة الطوارق إلى المجتمع الدولي في ظل ما يعانيه من معاناة وقهر وتهجير من طرف انظمة مستبدة وطاغية بالمنطقة .
أما بخصوص زيارة مخيمات اللاجئين فالمؤتمر الاخير للتجمع العالمي الأمازيغي انتخب السيد “حاما ا غ محمود” رئيسا عن منطقة أزواد الذى يرجع إليه الأمر في هذا الجانب من خلال التنسيق والتواصل مع أجهزة المنظمة وسنكون سعداء لو أتيحت لنا الفرصة للالتقاء بهم مباشرة والتضامن معهم على ارض المعركة ولا بد من التذكير ان التجمع العالمي الأمازيغي قد سبق له ان قام بخطوة جريئة اسفرت عن ارسال مساعدات انسانية لإخواننا الطوارق فى مخيمات اللاجئين والقضية الازوادية حاضرة في كل برامج وانشغالات المنظمة العالمية الامازيغية وسنبذل قصارى جهدنا في هذه الشأن .
* في سطور أربعة شخصيات أمازيغية؟
*الامير عبد الكريم الخطابي؟
– مدرسة في التاريخ .
* الشاعرة والمناضلة الامازيغية مليكة مزان؟
– اختلف معها كثيرا
* الاستاذ والمحامي احمد الدغرنى؟
– صديق اصبح يبتعد شيئا فشيئا .
* الزعيم والسياسي المحجوبي احرضان؟
– لا علاقة لي به .
* كلمة اخيرة؟
– مرة اخرى اشكر صحيفة “الحدث الأزوادي” الالكترونية وأوجه نداء إلى كافة الامازيغ في العالم من أجل الوحدة والتضامن والتآزر من أجل استكمال الأهداف والبرامج النضالية اقتداءا برموز وشخصيات أمازيغية كبيرة أبلت البلاء الحسن في خدمة القضية وعاشت أزواد وشعب توماست والنصر قادم ان شاء الله.
نقلا عن الحدث الأزوادي