لـ: JULIAN OLLER ترجمة: حميد كعواس
مصدر الترجمة:
Julian OLLER, “Los aviones de Abd-el-Krim” Aeroplano. Revista de Historia Aeronáutica. Año 2005. Nº 23. pp. 12-19
الزعيم الريفي عبد الكريم الخطابي الذي هزم الجيش الاسباني بين 1921 و 1926
منذ أن بدأ الجيش الاسباني عملياته العسكرية في شهر أكتوبر من عام 1921 لاسترجاع الأراضي المفقودة بعد كارثة أنوال. أدركت القوات الريفية أهمية الطيران العسكري الاسباني، سواء في تزويد مواقع الأسبان أو في قصف العدو بالقنابل و بنيران الأسلحة الرشاشة، الأمر الذي انعكس عليه أثار كبيرة على الوضع العسكري في المنطقة؛ فمن ناحية، شكل وجود الطائرات ومحاولاتها البطولية في تزويد المواقع العسكرية القريبة، أداة مذهلة وفعالة لرفع معنويات القوات الاسبانية. ومن ناحية أخرى فقد كان القصف التكتيكي لتركزات القوات ومواقع المدفعية الريفية، بمستوى عال من الكفاءة، بل وأكثر من هذا، كانت الهجمات فوق القرى والمداشر المتمردة وتدمير منازلها وإحراق محاصيلها، تنزل ثقيلة كالحجر على معنويات الثوار. الذين بدءوا يرسخون في عقولهم شيئا فشيئاـ فكرة الخضوع لسلطة الحماية الاسبانية. لدرجة أن زعيم الثوار عبد الكريم الخطابي في مذكراته المنشورة سنة 1927، بعد استسلامه للقوات الفرنسية،صرح:”إن الضرورة العسكرية كانت تقتضي بأن يكون لدي بعض الطائرات تحلق فوق الخطوط الاسبانية، أعزز بها نفوذي وأؤثر بواسطتها على قبائلي حين يرون أني مسلح تسليحا حديثا، وأبعث بواسطتها الخوف في قلوب الإسبان، حين يرون مذهولين طائرة ريفية تحلق فوق العرائش وتطوان ومليلية، و أن خصمهم ليس أقل منهم عددا وعدة[1] .”
ولبلوغ هذا الهدف، أعطيت أوامر جد صارمة للثوار بالاستيلاء على الطائرات الاسبانية سليمة، والتي قد تضطر للهبوط الاضطراري على التراب الريفي بسبب أي عطب قد يصيبها، ومنع طاقمها من إضرام النيران فيها لمنع وقوعها في يد العدو. القيادة الاسبانية كانت على بينة من هذه الاهتمامات الريفية, وتحسبا لذلك، أمرت بتدمير هذه الطائرات بكل الوسائل المتاحة, وهكذا حدث مع الطائرة (De Havilland DH-9A) التي كان يقودها الكابتن سيزار هيراييث (César Herráiz)، الذي وجد نفسه مجبرا على الهبوط بالقرب من رأس كيلاطيس، بمحاذاة خليج الحسيمة، في 13أغسطس من عام 1923، عندما كان يحلق من غرناطة باتجاه مليلية، قبل أن يجبر على الهبوط و يؤسر من طرف الثوار الريفيون. في اليوم التالي، خرج سربين من الطائرات في مهمة استطلاعية وحددوا موقع الطائرة، التي كانت على ما يبدو تعاني فقط من أضرار لحقت بالهيكل السفلي، و من جانبهم حاول الثوار إخفاءها عن طريق تغطيتها بأغصان الأشجار والحشائش. وبعد التخلي عن أية محاولة لاستعادة الطائرة، تم إصدار أمر في 21من أغسطس، يقضي بقصفها بغية تدميرها [2]. وبالفعل تمت المهمة بنجاح، ولكن لم يكن ممكنا الحصول على النتائج المرجوة منها كاملة، لان الريفيون كانوا، على الأقل، قادرين على إنقاذ، جسم الطائرة والمحرك ونقلهما إلى منزل في الحسيمة حيث تركوه هناك في انتظار إمكانية إصلاحه، التي لم تتم أبدا. في الحالات الأخرى التي اضطر فيها الطيارون الإسبان الهبوط على تراب العدو، تمكنوا من تدمير طائراتهم قبل أن يتم أسرهم.
صورة مأخوذة من طائرة استطلاع اسبانية، حيث تظهر في أسفل الصورة الطائرة DeHavillandDH-9A التي كان يقودها الكابتن سيزار هيراييز César Herráiz، بعد الاستيلاء عليها من طرف الريفيين، و تمويهها بتغطيتها بالأغصان حتى لا يتم اكتشافها (صورة IHCA).
ولكن، وبغض النظر عن محاولات الريفيين الاستيلاء على طائرات العدو الاسباني. فان عبد الكريم الخطابي حاول أيضا اقتناءها من السوق الدولية للسلاح. و بطبيعة الحال، ليس من خلال القنوات الرسمية، ولكن عن طريق سلسلة من العمليات الخفية والتي نادرا ما تحقق النتائج المرجوة منها.
بدأت الأحداث في عام 1921، عندما قام باول دهي (Paul Dhé)، الذي نال رتبة عقيد (Coronel) في الجيش الفرنسي والذي كان، عام 1920، مديرا عاما لخدمة الطيران، بتأسيس شركة للنقل الجوي أطلق عليها:”نقابة الشبكة الجوية العابرة لإفريقيا” (Syndicat du Reseau Aérien Transafricain) التي تعرف اختصارا ب: “سرات” (S.R.A.T.)، كانت هذه الشركة تهدف إلى إنشاء شبكة من الخطوط التي تربط الجزائر العاصمة مع المدن الداخلية. وبالتالي اشترى من الفرنسي نونجيسر Nungesser (الذي قام بصفقة مربحة لشراء و بيع فائض السلاح الجوي) عشرة طائرات استطلاع قديمة من طراز “دوراند” (Dorand A.R.2)، التي كان يستعملها قدامى المحاربين في الحرب العالمية الأولى وبالتالي لم تكن في حالة جيدة. تم استخدام بعض منها كمصدر لقطع الغيار في حين تمكن من التحليق بسبعة منها. و في 22أبريل1922تم القيام برحلة افتتاح أول خط لشركة “سرات” (S.R.A.T.) الرابط بين الجزائر العاصمة وبسكرة.
كان مصير هذا الخط الجديد لشركة “سرات” (S.R.A.T.) هو الفشل، على الرغم من أن باول دهي (Paul Dhé) فعل كل ما باستطاعته للحفاظ عليه وإنقاذه، ففي سنة 1923، اقتنى أربع طائرات جديدة من طراز “فارمان” (Farman 70)، التي يمكن اعتبارها بمثابة الطائرات الفعلية المتخصصة في النقل الجوي، ولكن لم يستطع مقاومة المنافسة القوية من طرف “الشركة العامة لمؤسسات الملاحة الجوية” (Compagnie Générale d’Entreprises Aéronautiques)، للمؤسسة العريقة لاتيكوير (Latécoère)، التي كانت تعتبر شمال إفريقيا بمثابة مجالها الخاص، ولم تقبل تعاون شركة “سرات” (S.R.A.T)، في الخطوط الرابطة بين البيضاء-دكار، أليكانتي-وهران، و مرسيليا-الجزائر، ومنحها فقط إمكانية إقامة الخط الجوي الرابط بين الجزائر العاصمة-فكيك-كولومب-بشار، ذو الأرباح القليلة والمشكوك فيها[3].
ستضطر شركة “سرات” (S.R.A.T)، إلى وقف عملياتها، في 1يوليوز عام 1923، بسبب نقص الموارد المالية الضرورية، وبالتالي ستسعى إلى تصفية أصولها. من بينها، الطائرات الأربعة الجديدة من طراز “فارمان” (Farman 70)، التي سيتم اقتناءها من طرف منافسها، لاتيكوير (Latécoère)، ودمجها في خطوطهم، لكن الطائرات المتبقية ،الستة القديمة، من طراز “دوراند” (Dorand A.R.2)، ستبقى مخزنة في مستودع للطائرات بالمطار الجزائري حسين داي. هناك، كانت المحاولات الحثيثة لمدراء شركة “سرات”(S.R.A.T)، لتصفية أقصى حد من أصول الشركة قبل الإعلان عن إفلاس لا مفر منه، وتزامن كل هذا مع مطامح عبد الكريم الخطابي لشراء الطائرات بأي وسيلة ممكنة.
نتيجة لذلك، وكما يمكن الاستدلال عليه من خلال تصريحات رئيس مدرج هبوط مؤسسة لاتيكوير (Latécoère) بالجزائر، السيد بوفيسM. Boves، التى أدلى بها لدى مدير مؤسسة لاتيكوير بالمغرب السيد جوسيف رويغ (Joseph Roig)، وللصحفي الاسباني فيكتور رويز ألبينيث (Víctor RuizAlbéniz)، المعروف باسمه المستعار “الطبيب الرومي”، ففي21 و22 من شتنبر 1923 شوهد أحد أكبر مدراء شركة “سرات” (S.R.A.T) في المطار الجزائري حسين داي (الذي لم يكن باول دهي) برفقة اثنين من المغاربة اللذين فحصا بعناية طائرات دوراند (Dorand A.R.2) المخزنة هناك، ووفقا لتصريحات بوفيس (M. Boves)، فان أربعة طائرات فقط كانت صالحة للاستعمال والبقية كانت عديمة الفائدة تماما. المغربيين اللذين قال عنهما بوفيس (M. Boves)، :”كان مظهرهما يوحي بأنهما من السكان الأصليين لمدينة تطوان وكانا يجيدان التحدث بالفرنسية بشكل سليم”، ركبا الطائرات، واختبرا ضوابط القيادة وتفحصا توتر الكابلات، ثم غادرا المكان. في اليوم التالي، عمل مستخدمو شركة سرات (S.R.A.T)، على ضبط واحدة من تلك الطائرات وإعدادها لرحلة طويلة [4]. في الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 24 ديسمبر 1923، أقلع أحد الطيارين من شركة (S.R.A.T)، يدعى بيرييل [5] (Periel)، بالطائرة إلى وجهة مجهولة. هذا الطيار سيموت بعد ذلك في أحد الحوادث الجوية[6] .
الصحافي الإسباني فيكتور رويز ألبينيث (Víctor Ruíz Albéniz)، الذي لعب دورا رائدا في مجال الأبحاث على طائرات عبد الكريم الخطابي.
الطائرة “دوراند” (Dorand AR2) التي تم تكييفها كوسيلة للنقل المدني، مماثلة لتلك المستخدمة من طرف شركة سرات (S.R.A.T.) في الخط الرابط بين الجزائر العاصمة وبسكرة.
لم يكن صعبا ربط العلاقة بين كل هذه الوقائع ، لذلك، تم تنبيه مدراء مؤسسة لاتيكوير(Latécoère) ، الذين أصبحوا يهددون علاقاتهم التي كانت دائما صعبة وحساسة مع الحكومة الإسبانية، وبالتالي، تهديد استغلال خطهم الرابط بين تولوز-الدار البيضاء الذي كان في حاجة لتدعيمه بمحطات جوية وسيطة ببرشلونة و اليكانتي وملقة. وهكذا أمر العقيد كاسي Cassé، مدير الطيران المدني الفرنسي، بأن تبقى الطائرات الأخرى لشركة سرات (S.R.A.T.)، محتجزة في مطار حسين داي، في الوقت الذي تسرب فيه إلى علم السلطات الاسبانية معلومات تفيد بوجود احتمال بأن يكون عبد الكريم قد توصل بإحدى الطائرات[7] .
خلال شهر يناير عام 1924، قامت أسراب الطائرات، المتوجهة إلى مليلية، برحلات استطلاعية متكررة فوق أحواض واد النكور وواد غيس وقرى آيت قامرا في محاولة للتحقق من تقارير استخباراتية تفيد بأن هناك تحركات لإنشاء مطار بالقرب من الحسيمة. ولم يلاحظ أي شيء خلال الرحلات الأولى، ولكن في 25 و26 من يناير تم الحصول على صور جوية للأراضي التي يفترض أن تستخدم كمطار [8].
وفي الوقت نفسه، حاول عبد الكريم الخطابي تنظيم خدمة الطيران. لقد كان يتوفر على طائرة واحدة. وكان يسعى إلى الحصول على المزيد. إحتاج في بداية الأمر إلى التعاقد مع الطيارين، وهكذا التجأ لمجموعة من المغامرين. واحد منهم اسمه م.ج. عباد (M.J. Abad)، من أصل اسباني، كان يقدم نفسه في باريس ومدن مختلفة في شمال أفريقيا “كرئيس للطيران ومفوض في حكومة جمهورية الريف،” قام بربط اتصالات مع طيارين فرنسيين وعرض عليهم التعاقد مع خدمة طيران عبد الكريم الخطابي. من جانبه، ذكر الصحفي الإسباني فيكتور رويز ألبينيث (Víctor Ruiz Albéniz)، في أبحاثه التي أجريت على مستوى كل شمال أفريقيا، أن الطيار الإيطالي الأرجنتيني كارلوس جريكو(Carlos Greco)، الذي شارك، خلال 1921 و1922، في مهرجانات للطيران بمختلف المدن الإسبانية مستخدما طائرة من طراز “CaudronGIII”، كان قد ربط الاتصال في أشبيلية بوكلاء عبد الكريم الخطابي و كنتيجة لهذا التعاقد تم تعيينه قائدا للقوات الجوية الريفية[9] .
كانت مهمات الاستطلاع التي قام بها الطيران العسكري الإسباني تحاول تحديد موقع المطارات الريفية المحتملة و استمرت خلال الأشهر الأولى من عام 1924. وتبين أن الثوار كانوا قد قاموا بأعمالردم وتسوية الأراضي في أماكن مختلفة وأنشئوا بذلك مساحات ملائمة لاستخدامها كمطارات، ولكن لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون هذه الأدلة التي تمت معاينتها تعني استخدام تلك الأراضي على هذا النحو. أخيرا، في منتصف شهر أبريل، أثناء رحلة استطلاع قامت بها طائرة من طراز “بريستول”(Bristol) يقودها الكابتن خوسيه كاريو دوران (José CarrilloDurán)، التي كان على متنها أيضا ،كمراقب، الملازم أنخيل أردونيا لوبيز (Angel Orduña López) اكتشف، في المناطق القريبة من قرية إزمورن، بقبيلة بقيوة ، بعض الحظائر الغريبة ذات أحجام كبيرة والتي ربما يمكن استخدامها كمستودعات للطائرات. وبعد شهر، ذكرت أجهزة الاستخبارات العسكرية أنها حصلت على تقارير من مقربين لها تفيد بأن طائرة كانت قد وصلت إلى الحسيمةوكانت جاهزة للاستخدام [10].
صورة ل كارلوس جريكو (Carlos Greco) التقطت له في مايوركا في عام 1921، خلال أحد المهرجانات التي شارك فيها مع طائرته Caudron G-III (صورة خوسيه فيلا).
القائد خوسيه كاريو دوران (José CarrilloDurán)، رئيس المجموعة الثالثة (دي هافيلاند-رولز) للقوات الجوية الإفريقية (صورة IHCA).
بدأت واحدة من هذه الرحلات الاستطلاعية في فجر يوم 21 مارس، عام 1924. وتم تكليف طائرتين من طراز “بريستول” (Bristol) بتنفيذ هذه المهمة؛ بريستول رقم 21، كان يقودها الملازم مانويل مارتينيز ميرينو (Manuel Martínez Merino) وتحمل ،كمراقب، الملازم أرماندو فلوريس سوليس (Armando FloresSolís)، وبريستول رقم 40، يقودها الفارس فرانسيسكو كوتيرييو يانو (Francisco Coterillo Llano)، تحت تصرف مراقبه ورئيس الفريق القائد لويس رويدا ليديسما (Luís Rueda Ledesma). عندما وصلوا إلى الميدان المفترض بمنطقة إزمورن تمكنوا من ملاحظة ،إضافة إلى الحظائر، المذكورة آنفاً، وجود طائرة حاول (الريفيون) تمويهها بتغطيتها بأغصان الأشجار. تم التقاط الصور قبل أن يعودوا إلى قاعدة تويمة. وجاء في جزء عمليات ذلك اليوم، ما يلي: “إن بريستول رقم 21 ورقم 40 استطلعتا الحسيمة ومدرج الهبوط المفترض ب إزمورن والتقطتا الصور لما يبدو أنه طائرة، يفترض أن تكون من طراز بريجيت (Breguet). والتي تم اكتشافها من قبل بريستول رقم 21. الصور حددت موقعها على تل مغطى من الحشائش تقام فيه حفريات، في مكان يسمى إزمورن بقبيلة بقيوة، الذي يبعد بأكثر من 100 كيلومتر من جبهتنا. وقد تمت معاينة الأعمال التي كشفت عن الغرض من التنقيب في هذا الميدان[11] .”
صورة تم التقاطها من طرف الملازم فلوريس سوليس من طائرة بريستول رقم 21، خلال الرحلة الاستطلاعية التي أجريت في 21 مارس 1924، وهو ما يمكن ملاحظته في إزمورن، طائرة الريفيين Dorand A.R.2.
طائرة بريستول رقم 21، يقودها الملازم مارتينيا مورينو (Martínea Merino) وتحمل على متنها كمراقب، الملازم فلوريس سوليس (Flores Solís)، التي اكتشفت طائرة عبد الكريم الخطابي في رحلة استطلاعية في 21 مارس 1924، في منطقة إزمورن.
في اليوم التالي، 22 مارس[12] ، تم تنفيذ عملية قصف كبيرة فوق المنطقة. شاركت فيها 23 طائرة من المجموعات رقم3 (دي هافيلاند-رولز) ورقم 4 (بريستول) التي ألقت 540 قنبلة على قرية إزمورن. ورد الريفيون على هذا القصف الكبير بإطلاق النيران على الطائرات الاسبانية بالبنادق ونيران الأسلحة الرشاشة وحتى القصف المدفعي. الأمر الذي تسبب في إصابة الملازم الطيار خوان انطونيو أنسالدوبيخاراندو بجرح بليغ على مستوى ساقه، ومن دون التخلي عن قيادة طائرته “دي هافيلاند” (De Havilland DH-4) أمر طاقمه، الملازم المراقب أنخيل أردونيا ، بأن ينهي المهمة، وقام بالتحليق عدة مرات فوق الهدف لإلقاء كل حمولتها من القنابل. بعد انتهاء القصف عاد إلى الخطوط الخاصة بهم للهبوط، بعد 40 دقيقة، بجانب مخيم تفرسيت، حيث تم تضميد جراحه قبل نقله إلى مليلية عن طريق الجو على متن طائرة الإسعاف بريجيت (Breguet). سيكافئ الملازم أنسالدو بمنحه وسام الصليب الاكبر ل سان فرناندو، بينما تلقي مراقبه، الملازم أنخيل أوردونيا، الميدالية العسكرية جزاء على هذا العمل[13] .
الملازم خوان انطونيو أنسالدو الذي تمت مكافئته لدوره في قصف وتدمير منطقة ازمورن 22 مارس 1924 (الصورة IHCA).
استمر قصف منطقة إزمورن في ال 24 مارس، وكذلك التحقق من أن الريفيين حاولوا محاكاة وجود طائرة بقطعة قماش كبيرة، كانت على ما يبدو، تغطي فخا تم بناءه بالعصي والأقمشة تحاكي صورة ظلية لطائرة. قام رئيس فريق المجموعة “دي هافيلاند” (De Havilland) ، القائد خوسيه كاريو (Jose Carrillo)، ومراقبه، الملازم انخيل أردونيا (Angel Orduña)، بالتحليق قريبا من الهدف وعلى الرغم من كثافة النيران ضدهم، فقد تمكنوا من التحقق من أن، تحت القماش الكبيرة لم يكن هناك أي طائرة، وهي الملاحظة التي تم التحقق منها ب الصور المناسبة. وبفقدان هدفها الرئيسي، قصفت أسراب الطائرات الأهداف الثانوية في سوق اثنين النكور وفي أجدير. وجاء في جزء عمليات ذلك اليوم، ما يلي :”كان هناك قصف كبير بالمدافع والبنادق والرشاشات من طرف العدو عند وصول الأسراب. الطائرة التي تم قصفها بالأمس تم إخفاءها خلال الليل، وحلت محلها قطعة قماش يحاكي شكلها الخاص تماما. وقد تم استطلاع جميع أنحاء الجبهة دون جديد يذكر [14].”
تواصلت رحلات الاستطلاع والقصف بكثرة فوق قرى قبائل بني ورياغل وبقيوة، في منطقة الحسيمة، للتحقق من صحة التقارير التي وردت إلى أجهزة المخابرات المتعلقة بتدمير الطائرة الريفية. وقد تم التحقق من أنه لم يتبقى سوى بقايا أجنحة طائرة محطمة في منطقة إزمورن [15].
وهكذا يكون عبد الكريم الخطابي، ومع الطائرات الثلاثة التي تم حجزها في الجزائر العاصمة من قبل السلطات الفرنسية، قد أضاع كل ما عمل على جلبه إلى التراب الريفي بجهد جهيد، مع العلم أنه، لايزال يأمل في أن يتمكن من الحصول على طائرات أخرى، لذلك كان الطيران العسكري الاسباني قد أرسل إلى مطار تويمة سرب من الطائرات المقاتلة، التي كانت على استعداد لإسقاط أي طائرة ريفيةقد تحاول الإقلاع من التراب الريفي، ونظرا لصعوبة وارتفاع كلفة امتلاك الطيارين والميكانيكيين، كان عليه التفكير بجدية في وضعه وإمكانياته الحقيقية لاستخدام الطائرات، واعتبارا من ذلك التاريخ، لم ترد أخبار عن أية محاولة لبناء الطيران الريفي.
صورة الطائرة الحربية “دوراند” (Dorand A.R.2) كتلك التي كانت بحوزة عبد الكريم الخطابي
رسم تخطيطي للطائرة “دوراند” (Dorand A.R.1)
الهوامش:
[1] Roger-Mathieu, Memoires d’Abd-el-Krim, Paris, 1927, p.114.
[2] Gomá Orduña, José, Historia de la Aeronáutica Española, Vol. II, Madrid 1951, p.286.
[3] Lagarde, Dominique, Aviateurs d’Empire, Chanac, 1993, p. 35.
[4] Gomá Orduña, José, Historia de la Aeronáutica Española, Vol. II, Madrid 1951, p.360.
[5] Massimi, Beppo de, Vent debout, Plon, Paris 1949, p. 339.
[6] Vachet, Paul, Avant les Jets, Paris 1964, p.84.
[7] Massimi, ob. cit., p. 206.
[8] Vachet, ob. cit., p. 87.
[9] Massimi, ob. cit., p. 336.
[10] Gomá Orduña, ob. cit., p. 361.
[11] Gomá Orduña, ob. cit., p. 360.
[12] Gomá Orduña, ob. cit., p. 361.
[13] Acedo Colunga, Felipe; El alma de la aviación militar española; Madrid, 1928; p. 66.
[14] Gomá Orduña; ob. cit., p. 363.
[15] Gomá Orduña; ob. cit., p. 365.